عرض مشاركة مفردة
  #29  
قديم 17-10-2005, 07:27 PM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

( 2)

هل يستطيع العربي أن يتكيف مع تلك التغيرات العالمية ؟




اذا قلنا أن العربي لم يفطر على الانضباط .. فان تلك السمة لم تعد ملصقة به الى ما لا نهاية مع شخصيته العربية .. وان كانت صفة عدم الانضباط تعود له فانها ستعود اذا تهيأت لها ظروف مناسبة ..

لكن نرى أن ابن الريف أو البادية ، الذي ينتقل الى المدينة ، فان كان لا يلتزم في مكانه الأصلي بالاصطفاف بطابور ليأخذ حاجته أو يسير بمعاملته ، لأنه يعتقد أنه من وجهاء تلك المنطقة أو من أبناءها الذين يجب أن يكون له حظوة معينة في التمييز عن غيره ! . فانه بالمدينة سرعان ما يلتزم بما يسري على غيره .. واذا خرج الى خارج وطنه ، فانه سرعان ما يقوم بما يقوم به أهل البلاد التي انتقل اليها ..

يبقى هنا على قيادات قوى التغيير أن تنظر الى المواطن الذي ، تكتب خطابها من أجله ـ أو هكذا تدعي ـ ، نظرة كشريك وإن كان في موقع أدنى من حيث الدور الذي يقوم به .. ولا تستصغر من شأن أي مجموعة أو شأن أي مواطن حتى ..

ففي البناء العام ، يكون أي إغفال لأي جزء من أجزاء البناء ، سواء كان تحت الأرض ، في مراحل التأسيس ، أو في مرحلة الصبغ و الدهان ، يجب أن يكون من مواصفات جيدة و يرتبط بما حوله بمواد أو عوامل ربط تتفق مع خواصه ..

فان كانت الجماهير بمثابة قاعدة لبناء الدولة ، يجب أن تكون واقفة على أرض ثابتة ، ومسلحة تسليحا جيدا و آخذة حاجتها من الإسمنت و تروى بعد كل إضافة فوقها ليضمن عدم تشققها .. وكما يحسب المهندس موضوع الأثقال و قطر كل عمود عندما يتطلع لبناء من عدة طبقات .. فعلى السياسيين أن يحسبوا قدرة تحمل جماهيرهم للأهداف التي وضعوها بخططهم .

وكما أن تداخل أطراف قضبان الحديد مهم جدا في ربط كل وحدة بالبناء ، فان ربط رأس الحكم و الحلقات الأدنى منه و الأدنى منها ، يجب أن يكون محكما ومنسجما مع طبيعة كل مادة ..

فان كان في حصى القاعدة بعض التراب الذي أدخل من باب الغش للتوفير ، والربح فان هذا التراب سيكون عامل تشقق للقاعدة التي تحمل البناء .. وان كانت بعض بلاطات الأرضية مغشوشة فان الماء سيخترق الأرضية و يتصدع البناء .. وهذا ينسحب على أعمدة البناء و تنفيذ السقوف ، و من بعده تأتي المستلزمات الأخرى كإسالة المياه و الإضاءة و الدهان و قبل كل ذلك طراز البناء و شكله و إضافات الجماليات عليه ..

ونحن إذ ننشد الأصالة ، فلن نستورد شعبا أو طرازا لهذا الشعب ، بل إن المهندس المقتصد هو من يوظف المواد الخام المتوفرة حوله ، توظيفا يتلاءم مع خصائصها .. لا أن يضعها بأوامر لا تتناسب مع إمكانياتها ، فرجل الدين له دوره و الطيار له دوره و المعلم له دوره .. وان أهملنا أي شريحة ، فان دورها يصبح كالأنقاض ( الردم) .. سيشوه البناء .. و لن يكون يوما أي مواطن بلا دور ، فمن يترك مواطنيه بلا دور ، عليه أن يكف عن دور المهندس السياسي في المجتمع ، رحمة بالمجتمع ..
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس