عرض مشاركة مفردة
  #30  
قديم 18-10-2005, 08:11 PM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

هل العربي يتحين الفرص للانقضاض على دولته ؟



الدولة في ذهن العربي تمثل طرفا آخرا في الغالب ، و نادرا ما تكون ما تمثل الإرادة الكلية للشعب .. وهذا يرجع لمفهوم الدولة عندنا كعرب ، والذي يكون باستمرار مشوبا بضبابية و عدم وضوح و اهتزاز في أكثر من منحى أو معنى :

لغويا : الدولة لفظ آت من الجذر(دال) ، وتداول ، ودواليك ، و (تلك الأيام نداولها بين الناس ) وكلها دلائل تفهم من يستمع لها بعدم الثبات ، بعكس تلك التي في ألفاظ غير عربية فمثلا تعني كلمة STATE المأخوذة من STATUS تعني الجبل ، أو الصخرة الصلبة ..

جغرافيا : ليس هناك ذاكرة ثابتة عند العرب ، ولا اتفاق على حدود الدولة القوية التي ينشدونها ، ففي حين نعتبر امرؤ القيس و النابغة الذبياني و جميل صدقي الزهاوي ، و أحمد شوقي وأبو القاسم الشابي ، وسليمان العيسى ، أبطال مسرحية من فصل واحد ومكان واحد ، هو مكان التراث و الحضارة الموحدة للأمة ..

نجد هناك مساحات لاعتبار الكويت و قطر والأردن ، كل منها أمة ، فيسمى مجلس النواب و الأعيان عندهم ب ( مجلس الأمة ) .. أي أمة ؟ هل هي الأمة التي تتطابق مع الأمة التي في الذاكرة الحضارية و التراثية ، أم الأمة التي تتقاطع معها ، وتعتبر من يطالب بمجد الأمة التراثية و الحضارية ، ارهابيا و متدخلا في شؤون الأمة ( القزمة ) في الواقع السياسي الراهن ؟

كما سنجد أناسا لا يرغبون في استخدام مصطلح الأمة العربية ، بل يتوقون لمصطلح الأمة الاسلامية ، بما فيه من تعقيدات كثيرة ..

اجتماعيا : يكاد كل أبناء الوطن العربي ، يتفقون على مسألة واحدة ، وهي بالطبع تصب باتجاه عدم الارتياح الذي يكنه المواطنون للدولة .. وهي اقترانها بأسماء أسر .. فالفراعنة و الكنعانيون و السومريون .. والأمويون و العباسيون وحتى تصل الى السعوديين وغيرهم ..

فيقف المواطن حائرا ، يبحث عن علاقته و مصلحته القوية في الدفاع عن تلك الأسر ، وغالبا لم ولن يجدها .. فاذا لم تحكم الدولة ( الأسرة) قبضتها على جموع المواطنين ، فانهم بمجرد أن يكون هناك فرصة للإنقضاض على الدولة ونهبها ، فانهم لا يتوانون ..

ان تفسير التهرب من الضرائب ، والبحث المستمر عن الواسطة التي تعفي أحد المواطنين من واجباته نحو الدولة ، كالإعفاء من الجمرك أو قبول أحد الطلبة ذوي المعدلات المتدنية في الجامعة بدلا من طالب متفوق ، أو أكثر أحقية ضمن لوائح القبول الموضوعة ، و غيره من مئات بل آلاف الأمثلة ، كلها تصب في مسألة أن الدولة ليس لها وظيفة تاريخية أو حتى ضرورة تاريخية واضحة المعالم ، ليس لدى المواطنين فحسب ، بل حتى لدى القائمين عليها ..

لقد لفت انتباهي في أحد الأقطار العربية ، حيث توضع على الطرق رادارات لمحاسبة من يتجاوز السرعة ، حيث تقف (دورية شرطة ) وتخالفه .. ففي الغالب يقوم المواطنون بتحذير بعضهم البعض بواسطة الأضوية العالية ، فالقادم من جهة الدورية يحذر من يقابله من السواق لكي يخفف السرعة ، حتى لا يقع في المخالفة .. وهذا ربما يكون طبيعيا ، لتحالف أبناء البلد ـ دون أن يعرفوا بعض أثناء التحذير ـ ضد الدولة ..

لكن الذي أثار استغرابي ، أن من كان يحذر المركبة التي كنت فيها ، هو ضابط شرطة لم يزل في ملابسه الرسمية ، ولكن دوامه قد انتهى ..

ان هذه الأجواء المفعمة بكره فكرة الدولة ، تجعل المواطن في القرن الحادي والعشرين ، هو نفسه المواطن في القرن الثالث الميلادي ، فعندما أيقن الأعراب الذين كانوا مع ( زنوبيا ) ملكة (تدمر) أنها فشلت في حصارها لروما ، وأنها لا بد من أن تخسر الحرب .. قاموا بسرقة الجيش الذي كانوا فيه ينضوون ..
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس