عرض مشاركة مفردة
  #9  
قديم 08-08-2005, 05:15 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي

[ الأسود واعتداؤه على مكة ]
فلما نزل أبرهة المغمس . بعث رجلا من الحبشة يقال له الأسود بن مقصود على خيل له حتى انتهى إلى مكة ، فساق إليه أموال ( أهل ) تهامة من قريش وغيرهم وأصاب فيها مئتي بعير لعبد المطلب بن هاشم ، وهو يومئذ كبير قريش وسيدها فهمت قريش وكنانة وهذيل . ومن كان بذلك الحرم ( من سائر الناس ) بقتاله . ثم عرفوا أنهم لا طاقة لهم به فتركوا ذلك .

[ حناطة وعبد المطلب ]
وبعث أبرهة - حناطة الحميري إلى مكة ، وقال له سل عن سيد أهل هذا البلد وشريفها ثم قل ( له ) : إن الملك يقول لك : إني لم آت لحربكم إنما جئت لهدم هذا البيت فإن لم تعرضوا دونه بحرب فلا حاجة لي بدمائكم فإن هو لم يرد حربي فأتني به . فلما دخل حناطة مكة سأل عن سيد قريش وشريفها فقيل له عبد المطلب بن هاشم ( بن عبد مناف بن قصي ) فجاءه فقال له ما أمره به أبرهة فقال له عبد المطلب : والله ما نريد حربه وما لنا بذلك من طاقة هذا بيت الله الحرام وبيت خليله إبراهيم عليه السلام - أو كما قال - فإن يمنعه منه فهو بيته وحرمه . وإن يخل بينه وبينه فوالله ما عندنا دفع عنه فقال ( له ) حناطة : فانطلق معي إليه فإنه قد أمرني أن آتيه بك .
[ ذو نفر وأنيس وتوسطهما لعبد المطلب لدى أبرهة ]
فانطلق معه عبد المطلب ، ومعه بعض بنيه حتى أتى العسكر فسأل عن ذي نفر وكان له صديقا ، حتى دخل عليه وهو في محبسه فقال له يا ذا نفر هل عندك من غناء فيما نزل بنا ؟ فقال له ذو نفر : وما غناء رجل أسير بيدي ملك ينتظر أن يقتله غدوا أو عشيا ما عندنا غناء في شيء مما نزل بك إلا أن أنيسا سائس الفيل صديق لي ، وسأرسل إليه فأوصيه بك ، وأعظم عليه حقك ، وأسأله أن يستأذن لك على الملك فتكلمه بما بدا لك . ويشفع لك عنده بخير إن قدر على ذلك فقال حسبي فبعث ذو نفر إلى أنيس فقال له إن عبد المطلب سيد قريش ، وصاحب عير مكة ، يطعم الناس بالسهل والوحوش في رءوس الجبال وقد أصاب له الملك مئتي بعير فاستأذن له عليه . وانفعه عنده بما استطعت ; فقال أفعل .
فكلم أنيس أبرهة فقال له أيها الملك هذا سيد قريش ببابك يستأذن عليك ، وهو صاحب عير مكة ، وهو يطعم الناس في السهل والوحوش في رءوس الجبال فأذن له عليك ، فيكلمك في حاجته ( وأحسن إليه ) قال فأذن له أبرهة .

[ عبد المطلب وحناطة وخويلد بين يدي أبرهة ]
قال وكان عبد المطلب أوسم الناس وأجملهم وأعظمهم فلما رآه أبرهة أجله وأعظمه وأكرمه عن أن يجلسه تحته وكره أن تراه الحبشة يجلس معه على سرير ملكه فنزل أبرهة عن سريره فجلس على بساطه وأجلسه معه عليه إلى جنبه ثم قال لترجمانه قل له حاجتك ؟ فقال له ذلك الترجمان فقال حاجتي أن يرد علي الملك مئتي بعير أصابها لي ، فلما قال له ذلك قال أبرهة لترجمانه قل له قد كنت أعجبتني حين رأيتك ، ثم قد زهدت فيك حين كلمتني ، أتكلمني في مئتي بعير أصبتها لك ، وتترك بيتا هو دينك ودين آبائك قد جئت أهدمه لا تكلمني فيه قال له عبد المطلب : إني أنا رب الإبل وإن للبيت ربا سيمنعه قال ما كان ليمتنع مني ، قال أنت وذاك .
وكان فيما يزعم بعض أهل العلم قد ذهب مع عبد المطلب إلى أبرهة حين بعث إليه حناطة ، يعمر بن نفاثة بن عدي بن الدئل بن بكر بن مناة بن كنانة وهو يومئذ سيد بني بكر وخويلد بن واثلة الهذلي ، وهو يومئذ سيد هذيل ; فعرضوا على أبرهة ثلث أموال تهامة ، على أن يرجع عنهم ولا يهدم البيت فأبى عليهم . والله أعلم أكان ذلك أم لا . فرد أبرهة على عبد المطلب الإبل التي أصاب له .

[ عبد المطلب في الكعبة يستنصر بالله على رد أبرهة ]
فلما انصرفوا عنه انصرف عبد المطلب إلى قريش ، فأخبرهم الخبر ، وأمرهم بالخروج من مكة ، والتحرز في شعف الجبال والشعاب تخوفا عليهم من معرة الجيش ثم قام عبد المطلب ، فأخذ بحلقة باب الكعبة ، وقام معه نفر من قريش يدعون الله ويستنصرونه على أبرهة وجنده فقال عبد المطلب وهو آخذ بحلقة باب الكعبة :
لا هم إن العبد يمنع رحله فامنع حلالك
لا يغلبن صليبهم ومحالهم غدوا محالك
( زاد الواقدي )
إن كنت تاركهم وقبلتنا فأمر ما بدا لك
قال ابن هشام : هذا ما صح له منها .

( شعر لعكرمة في الدعاء على الأسود بن مقصود )
قال ابن إسحاق : وقال عكرمة بن عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي .
لا هم أخز الأسود بن مقصود الآخذ الهجمة فيها التقليد
بين حراء وثبير فالبيد يحبسها وهي أولات التطريد
فضمها إلى طماطم سود أخفره يا رب وأنت محمود
قال ابن هشام : هذا ما صح له منها ، والطماطم الأعلاج قال ابن إسحاق ثم أرسل عبد المطلب حلقة باب الكعبة ، وانطلق هو ومن معه من قريش إلى شعف الجبال فتحرزوا فيها ينتظرون ما أبرهة فاعل بمكة إذا دخلها .

[ دخول أبرهة مكة وما وقع له ولفيله وشعر نفيل في ذلك ]
فلما أصبح أبرهة تهيأ لدخول مكة ، وهيأ فيله وعبى جيشه وكان اسم الفيل محمودا وأبرهة مجمع لهدم البيت ، ثم الانصراف إلى اليمن فلما وجهوا الفيل إلى مكة ، أقبل نفيل بن حبيب ( الخثعمي ) حتى قام إلى جنب الفيل ثم أخذ بأذنه . فقال ابرك محمود أو ارجع راشدا من حيث جئت ، فإنك في بلد الله الحرام ثم أرسل أذنه
فبرك الفيل وخرج نفيل بن حبيب يشتد حتى أصعد في الجبل وضربوا الفيل ليقوم فأبى ، فضربوا ( في ) رأسه بالطبرزين ليقوم فأبى فأدخلوا محاجن لهم في مراقه فبزغوه بها ليقوم فأبى ، فوجهوه راجعا إلى اليمن ، فقام يهرول ووجهوه إلى الشام ففعل مثل ذلك ووجهوه إلى المشرق ففعل مثل ذلك ووجهوه إلى مكة فبرك فأرسل الله تعالى عليهم طيرا من البحر أمثال الخطاطيف والبلسان مع كل طائر منها ثلاثة أحجار يحملها : حجر في منقاره وحجران في رجليه أمثال الحمص والعدس لا تصيب منهم أحدا إلا هلك وليس كلهم أصابت .
وخرجوا هاربين يبتدرون الطريق الذي منه جاءوا ، ويسألون عن نفيل بن حبيب ليدلهم على الطريق إلى اليمن ، فقال نفيل حين رأى ما أنزل الله بهم من نقمته أين المفر والإله الطالب والأشرم المغلوب ليس الغالب قال ابن هشام : قوله " ليس الغالب " عن غير ابن إسحاق . قال ابن إسحاق : وقال نفيل أيضا :
ألا حييت عنا يا ردينا نعمناكم مع الإصباح عينا
( أتانا قابس منكم عشاء فلم يقدر لقابسكم لدينا )
ردينة لو رأيت - ولا تريه لدى جنب المحصب ما رأينا
إذا لعذرتني وحمدت أمري ولم تأسي على ما فات بينا
حمدت الله إذ أبصرت طيرا وخفت حجارة تلقى علينا
وكل القوم يسأل عن نفيل كأن علي للحبشان دينا
فخرجوا يتساقطون بكل طريق ويهلكون بكل مهلك على كل منهل وأصيب أبرهة في جسده وخرجوا به معهم تسقط ( أنامله ) أنملة أنملة كلما سقطت أنملة أتبعتها منه مدة تمث قيحا ودما ، حتى قدموا به صنعاء وهو مثل فرخ الطائر فما مات حتى انصدع صدره عن قلبه فيما يزعمون .
قال ابن إسحاق : حدثني يعقوب بن عتبة أنه حدث أن أول ما رئيت الحصبة والجدري بأرض العرب ذلك العام وأنه أول ما رئي بها مرائر الشجر الحرمل والحنظل والعشر ذلك العام .