عرض مشاركة مفردة
  #6  
قديم 22-08-2006, 06:17 PM
الطاوس الطاوس غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Feb 2006
المشاركات: 1,090
Post

عقيدة أهل السنة والجماعة فى تفسير صفة الاستواء لله سبحانه وتعالى وأدلة ذلك من القرآن.
عقيدتنا أن الله سبحانه وتعالى مستوى على عرشه ، بائن من خلقة (أى منفصل عنهم) ، غير حال بهم (أى غير ملاصق لهم) ، مستوى استواءً يليق بجلاله وكماله ، لا كما يخطر بالبال ، فكل ما دار بخيالك ، فالله بخلاف ذلك ، ليس كمثله شئ وهو السميع البصير.
والدليل قوله تعالى :
1- (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) [طه : 5]
2- (الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا) [الفرقان : 59]
3- (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ) [السجدة :4]
4- (هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) [الحديد : 4]
5- (إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ) [الأعراف : 54]
6- (ِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ) [يونس : 3]
7- (اللّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ) [الرعد :2]
فهذه سبعة مواضع (محكمة) من كتاب الله تثبت أنه سبحانه وتعالى مستوٍ على عرشه كما أخبرنا.
وكما قال ربيعة الخير والإمام مالك رحمهما الله تعالى : "الاستواء معلوم ، والكيف مجهول ، والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة".
ثانياً : بيان مدى صحة الحديث.
هذا الحديث صحيح ، بل فى أعلى درجات الصحة وهذا لما يأتى :-
1- روى هذا الحديث عدد كبير من الصحابة أحصيت منهم سبعة وهم : أبو هريرة ، وجابر بن عبد الله ، وعبد الله بن عمر ، وأبو سعيد الخدرى ، وكعب بن عمر بن عباد (أبو اليسر) ، وأنس بن مالك ، وطارق بن عبد الله المحاربى رضى الله عنهم وعن الصحابة أجمعين.
أى أن الحديث بهذا الجمع يعد - عند المحدثين - من قبيل الحديث المشهور ، فهو دون المتواتر ، وأعلى من الآحاد.
2- الحديث أخرجه الشيخان : البخارى ومسلم فى صحيحيهما الذين هما أصح كتابين بعد كتاب الله ، فالحديث متفق عليه.
3- الحديث أخرجه أصحاب السنن عدا الترمذى بألفاظ متقاربة أو موحدة ولا تعارض بين ألفاظ الحديث البتة.
وهذا جانب من مختصر تخريج الحديث:
أخرجه البخارى رقم (406 ، 409 ، 411 ، 416 ، 753 ، 1213، 6111) ترقيم فتح البارى.
ومسلم برقم (547 ، 3014 وهو الحديث المشار إليه) ترقيم عبد الباقى.
وأبو داود برقم (479 ، 480)
والنسائى برقم (724)
وابن ماجة برقم (763).
وأحمد برقم (4995 ، 4670 ، 4826 ، 4862 ، 4890 ، 5130 ، 5313 ، 5385 ، 5711 ، 6229 ، 6270 ، 10801 ، 11156 ، 11230 ، 11427 ، 11469 ،11470 ، 12398 ، 13477 ، 14061 ، 14215 ، 14836 ، 26679 ، 26680 ، 26681، 27453) ترقيم دار إحياء التراث العربى.
ومالك فى موطئه (456).
والدارمى (1397).
وقد تغاضيت عن ذكر الصحابة فى التخريج للاختصار ، ولاشتهار الحديث.

ثالثاً : بيان التعارض الظاهرى الذى وقع فيه أهل البدع بين نص الحديث ونص القرآن.
وأهل البدع يدعون أن هناك تعارضاً بين ظاهر الآيات القرآنية وبين ظاهر مثل هذه الأحاديث ، فيدعون أن القرآن يثبت صفة الاستواء فى بعض آياته ، وفى آيات أخرى يذكر أنه (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ) [الحديد : 4] ، (يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ) [الفتح : 10] فيدعون أن هناك تعارض ظاهرى فيلجأون إلى (التأويل) والصواب أنه تحريف ، فيعطلون صفة الاستواء ويحرفونها إلى الاستيلاء ، ويدعون أن حجتهم فى هذا قول الأخطل:
قد استوى بشر على العراق *** من غير سيف ودم مهراق

رابعاً : رد الشبهة.
قد قال الحافظ ابن كثير: (وهذا البيت تستدل به الجهمية على أن الاستواء على العرش بمعنى الاستيلاء وهذا من تحريف الكلم عن مواضعه، وليس في بيت هذا النصراني حجة ولا دليل على ذلك ولا أراد الله عز وجل باستوائه على عرشه استيلاؤه عليه تعالى الله عن قول الجهمية علواً كبيراً، حيث يقال: استولى على الشيء إذا كان ذلك الشيء عاصياً عليه كاستيلاء بشر على العراق، وعرش الرب لم يكن ممتنعاً عليه نفساً واحدة حتى يقال استولى عليه، وهذا البيت ليس فيه حجة والله أعلم)
قلت : والحديث ليس فيه ثمة ما يشير إلى نفى صفة استواء الرحمن على عرشه ، ولا حاجة لنا لتأويل أو تحريف.
خامساً : نص الحديث يرد الشبهة
فقول النبى صلى الله عليه وسلم : (قبل وجهه) هو من قبيل المجاز اللغوى.
والمجاز اللغوى لمن لا يعرفه هو صرف اللفظ عن المعنى الأصلى الموضوع له إلى معنى آخر لقرينة.
ونمثل لقولنا هذا بقول أحدهم : (شمرت الحرب عن ساعديها) وهو من قبيل المجاز للدلالة على أن الحرب اشتدت ضراوتها. فلا يعقل أن يكون للحرب ساعدين حقيقيتين.
والغرض من المجاز فى نص الحديث (قبل وجهه) هو تنزيه وتكريم جهة القبلة التى يتجه إليها المؤمن فى صلاته.
والقرينة الموجودة فى الحديث هى قوله صلى الله عليه وسلم :(ولا يمينه) فإذا كان الله قبل المصلى فما علاقة جهة اليمين بالأمام ، إلا إذا كان العبرة فى علة مشتركة بينهما وهى التنزيه ، فاليمين من اليمن ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب اليمين فى كل شأنه ، ويدع الشمال لكل مستقذر.
إذن فجهة الأمام واليمين جهتان مكرمتان ، فجهة الأمام هى جهة القبلة التى أمرنا الله أن نصلى إليها.
ويؤكد ما ذهبنا إليه الزيادة التى أوردها نص الحديث من طرق أخرى خارج الصحيحين :-
1- ففى مسند أحمد رقم (4862) قال : (إذا قام أحدكم يصلى فلا يبصقن فى قبلته فإنما يناجى ربه تبارك وتعالى). ونص الحديث واضح ولا يحتاج لتأويل ولا توضيح فالعلة فى الأمر بعدم البصق هى : (فإنما يناجى ربه).
2- ما رواه أبو داود فى سننه رقم (480) من حديث أبى سعيد الخدرى مرفوعاً قل : (والمَلَكُ عن يمينه فلا يتفل عن يمينه) ، إذن العلة فى الأمر بعدم التفل عن اليمين هى : (المَلَكُ عن يمينه).
مناقشة (1) :
ولو لم يكن الأمر هكذا لألزمنا من يدعى هذا القول أن الله سبحانه وتعالى بذاته لا يكون إلا داخل جوف الكعبة. لماذا؟
لأن الكعبة لها جهات أربع والمكان الوحيد الذى يتصور أن ينطبق عليه ظاهر الحديث هو جوف الكعبة ، حتى يكون أمام المصلين الذين هم فى الجهات الأربع ، وهذا محال على الله أن يحيزه حيز أو يحده حد ، كما أنه يتناقض مع استواء الله على عرشه فوق سبع سماوات.
مناقشة (2) :
قوله : (ولا عن يمينه) اليمين هنا يمين نسبى ، فلو كان الفهم فيه كما فهمه أهل البدع لكانت هذه الجملة عبثاً ، وحاشا لله أن ينطق من أوتى جوامع الكلم بكلام عبث. لماذا؟
لأننى عندما أومر ألا أبصق جهة اليمين وأبصق جهة اليسار – كما ورد فى بعض طرق الحديث – فمعناه أنى أبصق جهة يمين من هو على يسارى ، وهنا يقع التناقض فى ظاهر الحديث بعضه مع بعض. وهذا الفهم مردود على صاحبه
سادساً : تفسير العلماء لهذا الحديث
وأخيراً نستعرض بعض أقوال العلماء فى شرحهم لطرق هذا الحديث ، وسنجد تقارباً شديداً لما ذهبنا إليه بحول الله وقوته ، كما أن أقوالهم تدحض كل قول لمبتدع فهم العلماء الربانيون المتبعون فى الدين.
قال الحافظ ابن حجر فى فتح البارى شرح صحيح البخارى لحديث رقم (416) : قال " قوله : ( فإن عن يمينه ملكا ) ... وأجاب بعض المتأخرين بأن الصلاة أم الحسنات البدنية فلا دخل لكاتب السيئات فيها , ويشهد له ما رواه ابن أبي شيبة من حديث حذيفة موقوفا في هذا الحديث قال " ولا عن يمينه , فإن عن يمينه كاتب الحسنات " . وفي الطبراني من حديث أبي أمامة في هذا الحديث " فإنه يقوم بين يدي الله وملكه عن يمينه وقرينه عن يساره " ا هـ . فالتفل حينئذ إنما يقع على القرين وهو الشيطان , ولعل ملك اليسار حينئذ يكون بحيث لا يصيبه شيء من ذلك , أو أنه يتحول في الصلاة إلى اليمين . والله أعلم"
وقال الإمام النووى فى شرحه على صحيح مسلم حديث رقم (547) : قال "قوله صلى الله عليه وسلم : ( فلا يبصق قبل وجهه فإن الله قبل وجهه ) أي الجهة التي عظمها . وقيل : فإن قبلة الله . وقيل : ثوابه , ونحو هذا , فلا يقابل هذه الجهة بالبصاق الذي هو الاستخفاف بمن يبزق إليه وإهانته وتحقيره ... وفي الرواية الأخرى : ( إذا كان أحدكم في الصلاة فإنه يناجي ربه , فلا يبزقن بين يديه ولا عن يمينه ; ولكن عن شماله تحت قدمه ) فيه : نهي المصلي عن البصاق بين يديه وعن يمينه , وهذا عام في المسجد وغيره . وقوله صلى الله عليه وسلم : ( وليبزق تحت قدمه وعن يساره ) هذا في غير المسجد أما المصلي في المسجد فلا يبزق إلا في ثوبه لقوله صلى الله عليه وسلم : البزاق في المسجد خطيئة ( فكيف يأذن فيه صلى الله عليه وسلم ؟ وإنما نهى عن البصاق عن اليمين تشريفا لها . وفي رواية البخاري : ( فلا يبصق أمامه ولا عن يمينه فإن عن يمينه ملكا ) . قال القاضي : والنهي عن البزاق عن يمينه هو مع إمكان غيره , فإن تعذر غير اليمين بأن يكون عن يساره مصل , فله البصاق عن يمينه , لكن الأولى تنزيه اليمين عن ذلك ما أمكن."
وقال النووى فى شرح حديث رقم (3014) لمسلم قال : "قال العلماء : تأويل أى الجهة التى عظمها أو الكعبة التى عظمها قبل وجهه".
وفى شرح سنن النسائى للسيوطى حديث رقم (724) : قال : " قال ابن عبد البر هو كلام خرج على التعظيم لشأن للقبلة"
وفى عون المعبود شرح سنن أبى داود حديث رقم (485) قال : " قال الخطابي : تأويله أن القبلة التي أمره الله بالتوجه إليها بالصلاة قبل وجهه فليصنها عن النخامة وفيه إضمار حذف واختصار كقوله تعالى . { وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم } أي حب العجل , وكقوله تعالى { واسأل القرية التي كنا فيها } يريد أهل القرية , ومثله في الكلام كثير . وإنما أضيفت تلك الجهة إلى الله تعالى على سبيل التكرمة كما قالوا : بيت الله وناقته وكعبة الله ونحو ذلك من الكلام , ... ( ولا عن يمينه ) : تعظيما لليمين وزيادة لشرفها"
وفى المنتقى شرح الموطأ حديث رقم (456) : " هذا من إكرام القبلة وتنزيهها . ... وقوله فإن الله تبارك وتعالى قبل وجهه وذلك يحتمل معنيين : أحدهما أن ثوابه وإحسانه وتفضله من قبل وجهه فيجب أن ينزه تلك الجهة عن البصاق , والثاني أن الباري تعالى أمرنا باستقبال القبلة وتعظيمها وتنزيهها ولا سيما في حال الصلاة فإن الله قبل وجهه بمعنى أن ما أمره بتنزيهه وتعظيمه قبل وجهه وأن في تعظيمه تلك الجهة تعظيم الله وطاعته وهذا كما يقال إذا ورد عليك فلان من قبل الإمام فأكرمه فإن الأمير يرد عليك بوروده "
__________________
وأئمة أهل البدع أضر على الأمة من أهل الذنوب، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل الخوارج، ونهى عن قتال الولاة الظلمةابن تيمية
واعلموا أن هذا العلم دين، فانظروا ما تصنعون، وعمن تأخذون، وبمن تقتدون، ومن على دينكم تأمنون؛ فإن أهل البدع كلهم مبطلون، أفّاكون، آثمون. الإمام الاوزاعي
ومن كان محسنًا للظن بهم، وادعى أنه لم يعرف حالهم، عُرِّف حالهم، فإن لم يباينهم، ويظهر لهم الإنكار، وإلا أُلْحق بهم، وجُعل منهم. ابن تيمية