عرض مشاركة مفردة
  #9  
قديم 27-09-2005, 07:32 AM
النسري النسري غير متصل
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الأردن
المشاركات: 2,917
إرسال رسالة عبر ICQ إلى النسري
Talking

نعم إخوتي يقول النبي صلى الله عليه وسلم "ألا إن في أيام دهركم لنفحات ..ألا فتعرضوا لها"
لقد شاءت رحمة الله واصطفاؤه لهذه الأمة أن يعوضها عن قصر أعمارها في الدنيا بأعمال قليلة ذات أجور عظيمة فمثلا دعاء دخول السوق فمن قال حين يدخل السوق "لا إلا الله وحده له شريك له ، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شئ قدير" رفع ألف ألف درجة وكتب له ألف ألف حسنة وحطت عنه ألف ألف خطيئة (ألف ألف تعني مليون)، والسوق هنا بمعنى مكان البيع والشراء يستوي في ذلك سوق الخضر والفاكهة والبقالة ومحل الملابس وغيرها فانظر إلى هذا الثواب الضخم لكلمات بسيطة لا تكلف صاحبها شيئا .

ومن تعويض الله عز وجل أيضا جعل مواسم محددة للطاعات يتضاعف فيها الأجر ( تماما مثل فكرة موسم التخفيضات أو ما يسمى بالأوكازيون في عصرنا الحالي ) مثل يوم الجمعة والعشر الأوائل من ذي الحجة ومنها موسم الخير الذي نحن بصدد استقباله شهر رمضان وبالأخص منه العشر الأواخر وبالأخص منها ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر أي أن عبادة ليلة تفوق عبادة أكثر من ثلاثة وثمانين سنة كاملة فأيِ كرم هذا وأي فضل هذا فلله الحمد والمنة.
لسيدنا عيسى عليه السلام مقولة " كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها " أي أن هذه الدنيا مثل السوق وكل شخص يذهب في السوق بائع لنفسه فمنهم من يبيع نفسه لله فيعتق نفسه ويدخلها الجنة ومنهم من يبيعها للشيطان أو للشهوات فيوبقها في النار والعياذ بالله ، فشهر رمضان كذلك فمن الناس من يخرج منه وقد أعتق نفسه من النار ومنهم من يدخله ويخرج منه كما دخل فيفوته الخير العظيم ولا يدري إن كان سيدرك رمضان الذي يليه فيعوض ما فاته أم لا ، ومنهم من يخرج منه أسوأ مما دخله فيزيد رمضان في سيئاته بدلا من حسناته ، وهناك من هو شر منه ، من يفسد على الصائمين صومهم وعلى العابدين عبادتهم وذلك ببث المسلسلات والأغاني الفاسدة وعمل الخيام الرمضانية التي يرتكب فيها ما يغضب الله فلا يكتفي بما يحصده من سيئات بل يضيف إليها أوزار الذين يضلهم بغير علم .

من فضل رمضان أن النافلة فيه بأجر فريضة فيما سواه والفريضة بسبعين فريضة فتخيل قدر صدقتك في رمضان وتخيل صلاتك في المسجد وتخيل قراءتك للقرآن وتخيل جهادك في سبيل الله بالنفس لمن أتيح له ذلك وبالكلمة وبالمال لمن غيرهم ، تخيل كيف يضاعف الله لك ذلك كله .

إن أفضل إعداد لك قبل رمضان هو أن تحدث توبة ، تتوب لله عز وجل وتستغفره مما تعلم ومما لا تعلم فهذا خير ما يجعلك مهيأُُ للدخول في هذا المعترك وحصد حسناته وتذكر شروط التوبة :

1- الندم.

2- الاستغفار وأفضل الاستغفار "اللهم أنت ربي لا إله ألا أنت خلقتني وأنا عبدك أنا على عهدك ووعدك ما استطعت ، أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت" أو تقول "استغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم ثلاثا" فمن قالها غفرت له ذنوبه وإن تولى من الزحف.

3- العزم عزما أكيدا على عدم العودة إلى الذنب.
4- إن كان الذنب متعلق بحقوق العباد فيجب رد هذا الحق إلا إذا لم يكن ذلك متاحا فتستغفر لصاحب الحق أو تتصدق عنه.

بعد التوبة تكون قد تهيأت لاستقبال الشهر فاستحضر نيتك وحدد هدفك واعتبر هذا الشهر هو شهر تحديد المصير - تماما مثل الشهر الذي يسبق امتحانات الثانوية العامة فهو والله أهم ولكن أكثر الناس لا يعلمون- .

تذكر أن صيامك هو لله عز وجل فاحفظه من الغيبة والنميمة كيلا يبطلان صيامك أو على الأقل يذهبا ببعض الأجر - ولعلك يوم القيامة تكون "في عرض " حسنة واحدة علها تنجيك من النار أو ترفع درجتك في الجنة - تذكر قيام الليل وتذكر أن ركعتان في جوف الله الليل خير من الدنيا وما فيها هذا في غير رمضان فما بالك برمضان فاحرص على التهجد ولو بركعتين في الثلث الأخير من الليل ولا تكتف بصلاة التراويح في المسجد.

اجتهد في قراءة القرآن وليس الاجتهاد بكثرة القراءة وعدد الختمات التي قوم بها خلال الشهر ولكن بتدبر القراءة والتركيز في المعاني واعلم أن قراءة صفحة واحدة بتدبر خير من ختمة كاملة بغير تدبر ( جربت هذا الأمر في رمضان قبل الماضي ففتح الله علي بمعاني وخواطر هائلة ) وإن استطعت أن تضع بجانبك كتابا للتفسير أو لمعاني الكلمات فافعل.
الجهاد في سبيل الله بالمال - فهو ما نستطيع - إخوانك في فلسطين يذبحون ويشردون ولا يجدون ما يأويهم ولا ما يدافعون به عن أنفسهم والنفقة في سبيل الله بسبعمائة ضعف في غير رمضان ، وحيث إن الفريضة في رمضان بسبعين فريضة فيما سواه والجهاد في سبيل الله فرض فالنفقة ستصل إلى 49000 ضعف أي أن الجنيه سيكتب عند الله 49000 جنيه ، فرصة فلا تضيعها. وكذلك الصدقة ومن فطر صائما فله مثل أجره وتذكر عندما يأتي العيد أن الكثير من أطفال المسلمين لا يجدون ما يسترهم فضلا عن أن يشتروا ملابس جديدة للعيد فمن لهم سوانا؟

وأخيرا ، تذكر أخي أن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى (المنبت هو من يحمل دابته فوق ما تستطيع ويرغمها على السير فتكون النتيجة أن تموت الدابة فلا حافظ عليها ولا بلغ غايته) فلا تبالغ في تحميل نفسك فوق ما تستطيع في بداية الشهر فتسقط في منتصفه فيفوتك فضل العشر الأواخر ويفوتك فضل ليلة القدر ولكن تدرج في العبادة حتى تصل إلى ذروتها في العشر الأواخر فإن القلوب تمل كما تمل الأبدان ، ولعل هذا الإفراط في العبادة في بداية الشهر ثم الملل بعد ذلك هو ما يفسر لنا ظاهرة امتلاء المساجد في أوله وفراغها تدريجيا كلما اقتربنا من آخره مع أن العكس هو ما ينبغي أن يحدث.

ها قد جاء موسم الخير...ومن يدري من منا سيدرك رمضان المقبل ومن منا لن يدركه؟
فاحمد الله أن أمهلك لرمضان ولا تضيع الفرصة.
اللهم اجعلنا من عتقاء رمضان وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
__________________