عرض مشاركة مفردة
  #17  
قديم 07-06-2002, 07:03 PM
صالح عبد الرحمن صالح عبد الرحمن غير متصل
عضوية غير مفعلة
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2001
المشاركات: 192
إفتراضي

الخلافة هي حكم شرعي مستنبط من الأدلة الشرعية، فهي الشكل الذي جاء به الاسلام لنظام الحكم ، وأما الخلافات التي حصلت بين المسلمين فكانت على شخص الحاكم لا على نظام الحكم ، أي على من يكون الخليفة لا على وجود الخليفة ولا على شكل الخلافة . فالخلافة التي يجب أن يعمل لها المسلمون هي الخلافة التي بينتها الأدلة الشرعية أي المأخوذة من كتاب الله تعالى، ومن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومما أجمع عليه صحابته رضوان الله عليهم ، ومن القياس ، لأن هذه الأدلة الأربعة هي الأدلة التي قام الدليل القاطع على حجيتها.

أما كيفية تنصيب الخليفة فإن الخليفة لا يكون خليفة إلا إذا بايعته الأمة بالرضى والاختيار، "والنصوص صريحة في الكتاب والسنة بان طريقة نصب الخليفة هي البيعة. وقد فهم ذلك جميع الصحابة وساروا عليه. فابو بكر بويع بيعة خاصة في السقيفة وبيعة عامة في المسجد ثم بايعه من لم يبايع في المسجد ممن يعتد ببيعته كعلي بن ابي طالب رضي الله عنه، وعمر بويع بيعة من المسلمين، وعثمان بويع بيعة من المسلمين، وعلي بويع بيعة من المسلمين. فالبيعة هي الطريقة الوحيدة لنصب خليفة للمسلمين .
أما التفصيلات العملية لاجراء هذه البيعة ، فإنها ظاهرة في نصب الخلفاء الأربعة الذين جاءوا عقب وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم مباشرة وهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضوان الله عليهم، وقد سكت عنها جميع الصحابة واقروها مع انها مما ينكر لو كانت مخالفة للشرع ، لأنها تتعلق بأهم شيء يتوقف عليه كيان المسلمين ، وبقاء الحكم بالاسلام. ومن تتبع ما يحصل في نصب هؤلاء الخلفاء نجد أن بعض المسلمين قد تنافسوا في سقيفة بني ساعدة وكان المرشحون سعد وأبو عبيدة وعمر وأبو بكر ليس غير، وبنتيجة المناقشة بويع أبو بكر. ثم في اليوم الثاني دعي المسلمون إلى المسجد فبايعوه، وبهذه البيعة الأخيرة صار خليفة للمسلمين . وحين أحس أبو بكر بأن مرضه مرض موت دعا المسلمين يستشيرهم فيمن يكون خليفة للمسلمين . وكان الرأي في هذه الاستشارات يدور حول علي وعمر ليس غير، ومكث مدة ثلاثة أشهر في هذه الاستشارات . ولما أتمها وعرف أكثر رأي المسلمين أعلن لهم أن عمر هو الخليفة بعده، وعقب وفاته مباشرة حضر المسلمون إلى المسجد وبايعوا عمر بالخلافة ، فصار بهذه البيعة خليفة للمسلمين وليس بالاستشارات ولا باعلان أبي بكر . وحين طعن عمر طلب منه المسلمون أن يستخلف فأبى ، فألحّوا عليه فجعلها في ستة ، ثم بعد وفاته أناب المرشحون أحدهم وهو عبد الرحمن بن عوف فرجع لرأي المسلمين واستشارهم ، ثم أعلن بيعة عثمان ، فقام المسلمون فبايعوا عثمان فصار خليفة ببيعة المسلمين لا باستخلاف عمر ولا باعلان عبد الرحمن . ثم قتل عثمان ، فبايع جمهرة المسلمين في المدينة والكوفة علي بن أبي طالب فصار خليفة للمسلمين ببيعة المسلمين .
ومن ذلك يتبين أن التفصيلات العملية لاجراء البيعة للخلافة هي أن يتناقش المسلمون فيمن يصلح للخلافة، حتى إذا استقر الرأي على أشخاص ، عُرضوا على المسلمين، فمن اختاروه منهم طلب منهم أن يبايعوه كما طلب من باقي المرشحين أن يبايعوه ".

أما بالنسيبة لاختلاف المذاهب، فللخليفة وحده حق تبني الأحكام الشرعية ، والقواعد المشهورة في ذلك هي : ( أمر الامام يرفع الخلاف )، ( امر الامام نافذ) ( للسلطان أن يحدث من الأقضية بقدر ما يحدث من مشكلات ). وهذا مما هو متفق عليه بين فقهاء المسلمين وعمل بمقتضاه الصحابة رضوان الله عليهم، فسيدنا عمر تبنى أحكاما شرعية تخالف ما كان عليه الحال في خلافة أبي بكر كما في موضوع الطلاق وتبعه جميع المسلمين في تبنيه، وقد رفض سيدنا علي التقيد بما تبناه سيدنا أبو بكر وسيدنا عمر كشرط لبيعته خليفة للمسلمين بعد وفاة سيدنا عمر، في حين قبل سيدنا عثمان هذا الشرط ، ولم ينكر أحد من الصحابة على سيدنا علي رفضه هذا الشرط، كما لم ينكر أحد على سيدنا عثمان قبوله للشرط.
وعليه فللخليفة أن يتبنى أحكاما شرعية تصبح قوانين يجب على جميع المسلمين تطبيقها والعمل بمقتضاها. فلا يوجد أدنى مشكلة في تعدد المذاهب أو في اختلاف المجتهدين في الأحكام الشرعية المستنبطة من أدلتها الشرعية، كما لا يوجد أية مشكلة في أي الأحكام الشرعية يتبناها الخليفة ما دامت احكاما شرعية مستنبطة باجتهاد صحيح .