عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 08-06-2005, 04:52 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي قاعدة المردودات المتناقصة

قاعدة المردودات المتناقصة

اذا كان لك على شخص دين ما ، وقمت بمطالبته مرة تلو مرة ، فان حدة مطالبتك ستصل ذروتها في أحد المرات ثم تبدأ تلك الحدة بالتراجع شيئا فشيئا ، فتكون عندها أنت مبادرا للمساومة على أن يقسط عليك المبلغ أو أن تتنازل عن جزء منه نظير أن يعطيك نصف المبلغ بشكل فوري ..

إن هذا النمط من التصاعد في المطالبة والتراجع بها .. يسمى بنظرية المردودات المتناقصة . وهو لا ينطبق على مسألة الديون والمطالبات فحسب ، بل يتعداه أو يكاد الى كل شؤون الحياة . وبالمثل السابق يمكن أن الدائن يلعب بتفاصيل تلك النظرية بشكل معاكس . حيث قد يطلب منه المدين في حالة أن يلمس لديه الصبر والمطاولة ، أن يعطيه بدلا من دينه قطعة من الأرض أو عقارا ما أو أن يصبر عليه بعض الشيء وهنا ، يتفنن الدائن في تحصيل حقوقه بشكل أفضل .

ان الحكومات العربية قد أتقنت اللعب بتلك القاعدة بشكل جيد لحد ما ، فهي وان بدا للبعض أن تلك الحكومات معزولة و مبغوضة ، و سهلة السقوط ، لكن تبين أن القائمين عليها قد استفادوا من قاعدة المردودات المتناقصة بشكل كبير ، معتمدين على أن الهالات المحيطة بنظم الحكم وتدافع عنه هي بجميع الحالات أقوى و أقدر من عموم الشعب الذي تحكمه ..

كيف ؟ ان أعداد تلك الهالات و مستلزمات الحكم التي في يدها هي أكثر عددا و قوة من أي تجمع شعبي .. فتجد حول أي حكم عربي حوالي نصف مليون ممن يعتاشون ، لا بل يحرصون على إرضاء الحكم من أجل الحفاظ أو تحسين مواقعهم ، كما ستجد عدد مثيل لهم ممن يستفيدون من زاوية صلة القربى أو علاقات اقتصادية غير مباشرة مع نظم الحكم .. في حين لا تجد أي حزب وجماهيره مجتمعين يساووا عشر هذا العدد ، بالإضافة الى اضطراب أهدافهم وتحالف السلطات و أتباعها وما يسمى بالدساتير والقوانين ضدهم ..

من هنا تراهن الحكومات باستمرار على تناقص أداء المعارضة ، وتتقي شرور الانقلابات العسكرية ، واسترضاء أعوانها .. وهي بذلك تتساهل في غض النظر عن المفسدين وتدفع بغير المؤهلين للتصدر للحكم !!

وإذا أرادت المعارضة ، أي معارضة أن تمارس دورها بشكل فعال ، وتفوت الفرصة على استفادة الحكومات من قاعدة المردودات المتناقصة فعليها ما يلي :
1ـ ان ترفع شعارات تتلاءم مع إمكانياتها .. و تطور تلك الشعارات مع تطور الإمكانيات .

2 ـ أن لا توسع دائرة الاستعداء لها ، فلا تفتح جبهات ذات طابع أيديولوجي مع فصائل أو فئات تعتقد أنها تشاركها خط المعارضة .

3ـ أن تتقمص دور الحاكم ، وتتصور أن الحكم قد أصبح في يدها .. وتنظر كيف ستدير الحكم .. وكيف ستتعامل مع خصومها ..

4ـ ان رأت المعارضة .. أن هناك فصيلا معارض آخر يختلف معها في وجهة نظر الحكم ، فعليها التعامل معه قبل استلام الحكم وتدرب نفسها على صياغة عقود معه تضمن عدم استعداءه مستقبلا لتنصرف كل القوى لبناء الدولة العربية الحديثة ..

5ـ ان خطاب إثارة الهمم الطيبة وان كان ينفع في بداية و أواسط القرن الماضي ، فإنه لم يعد كذلك .. فعلى المعارضة أن تنشئ حكومات ظل ترقب ما يحصل في نظام الحكم وتحيله الى نفسها لمعالجته .. وتحويله لبرنامج سياسي واضح ..لكي لا تبقى دوامة التصادم في منطقتنا أزلية .

6 ـ يجب أن يحدث حالة تعايش .. أو أن يدفع بهذا الاتجاه ـ على الأقل ـ بين السلطات والمعارضة ، لتطوير صيغ اللعبة السياسية ميدانيا .. وهذا سيؤدي الى اعتراف من كلا الطرفين بضرورة وجود الآخر كمحفز للتطوير والتقدم .. لا كعدو يجب تصفيته وإنهائه !!
__________________
ابن حوران