عرض مشاركة مفردة
  #5  
قديم 15-04-2007, 04:02 PM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

تجارب وحدوية أخرى :

لن نتوسع كثيرا في تجارب الوحدة في العالم، فإن كانتا تجربتا بريطانيا وفرنسا نموذجين صالحين لنمو فكرة الوحدة بقيادة القوى الرأسمالية، التي كانت تتنافس في مستعمراتها في العالم، وإن كانت شعوب تلك الدول التي نشدت الوحدة قد وقفت وراءها برضا أو بالقوة التي كانت لصالح القوى الرأسمالية الحاكمة، والتي تخلصت من تفرد الملك وصنعت أشكالا من الحكم تضمن للملك أن يبقى على عرشه باستمرار وهدوء وشعور بالفخر بدولته القوية .. وضمنت بنفس الوقت مصالح القوى الرأسمالية التي كان لها دور إمبريالي في نفس الوقت .. ولم يكن هذا الوضع يتنافى مع ما يرنو إليه عموم أبناء شعوب تلك الدول التي كانت مصالحهم تتناغم مع مصالح الدولة .. فالوحدة كان لها وظيفة إضافة الى كونها ضرورة ..

هذا النموذج كان في معظم دول أوروبا الغربية، والولايات المتحدة فيما بعد، وقد نفرد ملفا خاصا يفصل الحالات بشكل أكبر في عشرة دول كبرى نختارها للحديث عنها فيما بعد ..

ولكن لربط موضوعنا الأصلي (الوحدة العربية) سنمر على نموذجين حديثين في وحدتهما، ومختلفين عن النموذج السابق التي كانت القيادة في تحقيقه للقوى الإمبريالية، فسنختار نموذج وحدة الهند الذي قادته القوى البرجوازية الوطنية، ونختار نموذج الصين الذي انفجر من وضع شعبي للتخلص من الاستعمار، لنضع مقاربات حول النموذج الذي سنتحدث عنه في منطقتنا العربية ..

نموذج الهند :

الهند (جغرافياً وتاريخياً)


الهند، شبه قارة، تبلغ مساحتها 3.287.590كم2 وسكانها حوالي مليار. تعود الأصول الحضارية التي تم التعرف عليها من خلال علماء الآثار الى الألف الثالث قبل الميلاد من خلال آثار وجدت في مدن (موهنجو ـ دارو) في السند، و(هاربا) في البنجاب، والمدينتان اليوم في (باكستان).

في حوالي عام 1500 ق م جاءت قبائل ( هندية ـ آرية) من جنوب روسيا الحالية، وسكنت الهند وكانت مميزة عن الشعوب التي كانت تسكن الهند، بلون بشرتها ولغتها وتنظيمها الاجتماعي، وتقدمها من حيث استعمال الأدوات الزراعية والصناعية، وتمكنت من الاستئثار ببعض أجزاء الهند الشمالية، ومن فرض معتقداتها الدينية التي أصبحت ـ فيما بعد ـ أساسا للديانة الهندوسية.

وفي القرن الرابع قبل الميلاد، نمت حركتان دينيتان كبيرتان، هما: البوذية، والجاينية.. وفي القرن نفسه غزا الفرس الجزء الشمالي الغربي من الهند، وبعد قرن من الزمان أخضع الاسكندر الكبير تلك المناطق لسيطرته..

أما أول إمبراطورية هندية خالصة، فكانت تدعى (موريا) وقد تأسست عام 324 ق م .. وأشهر ملوكها (أسوكا) الذي حكم بين (274ـ 232 ق م) واعتنق البوذية ونذر حياته في التبشير لها وإقامة المعابد والمغاور للنساك، حيث وجد الكثير من الكتابات على الصخور داخل الكهوف ..

بعد نحو خمسمائة عام أي بين أعوام (320ـ 500م) قامت إمبراطورية قوية في شمال الهند، هي إمبراطورية (غوبتا)، ويعتبر المؤرخون عصرها هو أبهى عصور الهند وأكثرها إبداعا في مجالات النهضة الأدبية والعلمية والفنية والفلسفية ..

وبعد اندثار تلك الإمبراطورية، تفتت الهند الى ممالك صغيرة وكثيرة، تصارع ملوكها فيما بينهم، فمهدت لدخول الفتوحات العربية الإسلامية. وأنشأ الأتراك مملكة لهم في (دلهي) عام 1206م.. وترسخ نفوذ المسلمين، ثم دخل المغول الذين اعتنقوا الإسلام فيما بعد وأنشئوا إمبراطورية إسلامية كبرى عام1526

أما العهود الأوروبية في التدخل، فقد بدأت منذ وصول (فاسكو دي غاما) عام 1498 الى الهند، فأخذ الأوروبيون يؤسسون لمراكز تجارية لهم هناك، وأخذت الصراعات في أوروبا تنعكس على مناطق نفوذ الرأسماليين الإمبرياليين في الخارج، فأسس الإنجليز (شركة الهند الشرقية) وحذا الفرنسيون حذوهم، فأحس الهنود بتغلغل النفوذ البريطاني، فثاروا عدة ثورات أشهرها ثورة عام 1857، التي قمعها الإنجليز بقوة السلاح، وعينوا حاكما عاما للهند عام 1858 واستمر دور الحاكم حتى نالت الهند استقلالها عام 1947.

العروق والقوميات في الهند :

حدد أحد الباحثين العروق التي ينتمي لها سكان الهند بسبعة عروق هي:
1ـ (التركي ـ الإيراني)
2ـ ( الهندي ـ الآري)
3ـ (السكايثو ـ الرافيديان)
4ـ الهندستاني
5ـ ( المنغولي ـ الرافيدي)
6ـ نمط الهملايا الممنغل
7ـ الدرافيدي *1

وهناك 179 لغة، تنتمي الى 5 أصول منفصلة، و 544 لهجة محلية، ولكن اللغات الرسمية للمخاطبة هي ثلاثة ( هندي و أوردو و الإنجليزي) ..
أما الديانات فيقال أن في الهند أكثر من 100 ديانة، لكن تم التعارف على ذكر الهندوسية لتضم الكثير من الديانات الفرعية، وقد كانت الديانات في الهند تتوزع حسب النسب التالية :
عام 1882 هندوس: 74% مسلمون20% سيخ أقل من 1% وكذلك المسيحيين
عام 1982 هندوس 83% مسلمون11% سيخ2% مسيحيون3%

نظرة حول وحدة الهند

هناك من ينظر الى الوحدة الهندية رغم تعدد الأديان والأعراق، بأن وحدة التاريخ التي صهرت النمط الحضاري لكل الأعراق ليعطي في النهاية شخصية هندية واحدة. وهناك من يعتقد أن الاستعمار البريطاني هو من وحد الهنود، عندما اتحدت كل جهودهم في تشكيل عقائدي واحد (حزب المؤتمر الوطني) حيث ضم كل الأطياف، ووضع هدفه الأول التخلص من الاستعمار .. فحقق ذلك ..ولكن عندما تحقق الاستقلال انصرف الناس الى التفكير بغير ذلك، فتشكلت دولة باكستان والتي تشكل منها فيما بعد دولة أخرى انشقت عنها هي (باكستان الشرقية) أو بنغلاديش ..

لقد تحققت وحدة الهند دون عائلة مالكة كما في بريطانيا وفرنسا وألمانيا، ودون قيادة الفكر الإمبريالي، بل تحققت بتحالف القوى بمختلف قدراتها الاقتصادية واختلافها الأيديولوجي.


هامش
ــــ
الوحدة العربية/ المشكلات والعوائق/ناجي علوش/منشورات المجلس القومي للثقافة العربية/الرباط/المغرب ط1/1991/ ص 22
__________________
ابن حوران