عرض مشاركة مفردة
  #82  
قديم 15-09-2004, 12:37 AM
سيد الصبر سيد الصبر غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
المشاركات: 400
إفتراضي

الصفحة الرئيسية
شبهات وردود









المتعة في اللغة والكتاب والسنة

بقلم: الشيخ عبد الكريم الحائري



• المقدمة




قد ضجت عواصف حملت في طياتها غبار الفتن منذ اربعة عشر قرناً إلى يومنا هذا حول مسألة قد كثر الجدال فيها بشكل تبدلت معه من عنوانها الفرعي إلى أن احتلت مكاناً في صدارة الأصول مع أن واقعها خارج عنه وقد ملئت المكتبات والصحف والمجلات بها حتى إذا تصفحت أسماء المؤلفين أو أسماء الكتب في مكتبات مصر القديمة والأزهر وكذلك مكتبات تركيا بل حتى مكتبات البلاد الأجنبية فضلاً عن البلاد العربية ترى العشرات بل المئات من الرسائل التي كتبت حول هذه المسألة التي لا تعدو عن كونها فكرية وان ارتبطت بالواقع العملي لمن أراد الالتزام بها ألا وهي مسألة متعة الزواج أي الزواج الموقت.

فكما نرى اختلافاً في بقية مسائل الحلال والحرام والنجاسة والطهارة وغيرها من المسائل التي لا يوجب الاختلاف فيها انكاراً لضرورة من ضرورات الإسلام.

فكذلك النكاح الموقت واحد منها إذ كل اختلاف حاصل هو نتيجة الاختلاف في المقدمات والدليل فإذا كان قد ثبت الدليل فهو مبرئ للذمة وها نحن نشرع في بحث المتعة (الزواج الموقت) من الناحية العلمية وما يدل عليه من الكتاب والسنة مراعين في ذلك فهم ادلة القائلين (بالحرمة) ثم تلخيصها ثم النقاش إذا كان له مجال وبعدها الخروج بنتيجة البحث وراعينا في البحث ضوابط المناقشة والاجتهاد في الادلة مهما امكن أخذاً بنظر الاعتبار الضوابط الكلية من الكتاب الكريم مثل قوله تعالى (آلله أذن لكم) وقوله تعالى (ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمن ولقطعنا منه الوتين) وقوله تعالى (ولا تقولوا لما تصف السنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام...) فما يمكن فيه الاجتهاد من فهم الدليل نتبعه وما لم يسمح لنا فيه نتوقف عنه مع ملاحظة أن الله تعالى هو المشرع فقط وان المبلغ عنه هو النبي(ص) بصدق وأمانة. وبالله تعالى نستعين وهو خير معين.



• البحث على ضوء اللغة




جاء في لسان العرب لابن منظور مادة (متع) وقد ذكر الله تعالى المتاع والتمتع والاستمتاع والتمتيع في مواضع من كتابه ومعانيها وإن اختلفت راجعة إلى اصل واحد قال الازهري فأما المتاع في الاصل فكل شيء ينتفع به ويتبلّغ به ويتزود والفناء يأتي عليه في الدنيا ثم قال بعد ذلك فلذلك تمتعه بالعمرة إلى الحج أي انتفاعه وتبلّغه بما انتفع به من حلاقة وطيب وتنظيف وقضاء وطر والمام بأهله (ثم ينشأ بعد ذلك احراماً جديداً) والمتعة التمتع بالمرأة لا تريد ادامتها لنفسك ومتعة التزويج بمكة منه.

وبعد ذلك نقل عن الزجاج كلاماً في حرمة المتعة وانه لا يفهم التحليل من الآية ثم قال نقلاً عن الزجاج فان احتج محتج من الروافض بما يروى عن ابن عباس انه كان يراها حلالاً وإنه كان يقرؤها (فما استمتعتم به منهن إلى اجل مسمى) فالثابت عندنا أن ابن عباس كان يراها حلالاً ثم لما وقف على نهي النبي رجع عن احلالها وقال عطاء سمعت ابن عباس يقول ما كانت المتعة إلا رحمة رحم الله بها أمة محمد(ص) فلو لا نهيه عنها ما احتاج إلى الزنا أحد إلا شقي.

قال عطاء فهي التي في سورة النساء فما استمتعتم به منهن إلى كذا وكذا من الاجل على كذا وكذا شيئاً مسمى فان بدا لهما أن يتراضيا بعد الأجل وان تفرقا فهو ليس بنكاح قال الازهري وهذا حديث صحيح وهو الذي يبيّن أن ابن عباس صح له نهي النبي(ص) عن المتعة الشرطية وانه رجع عن احلالها إلى تحريمها.

ويقول بعد كلام له وهي المتعة كان ينتفع بها إلى أمد معلوم وقد كان مباحاً في أول الإسلام ثم حرّم وهو الآن جائز عند الشيعة.

ومتع النهار متوعاً ارتفع وبلغ غاية ارتفاعه قبل الزوال.

وفي التنزيل (وان استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعاً حسناً إلى اجل مسمى) معناه أي يبقيكم بقاءً في عافية إلى وقت وفاتكم.

المتعة الزاد القليل وجمعها متع

قال الازهري وكذلك قوله تعالى: (يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع) أي بلغة يتبلّغ بها لابقاء لها.

وفي تاج العروس مادة متع: ومن المجاز المتعة بالضم (أن تتزوج امرأة تتمتع بها أياماً ثم تخلي سبيلها) وان ذلك بمكة حرسها الله تعالى ثلاثة أيام حين حجوا مع النبي(ص) ثم يخلي سبيلها من غير تزويج ولا طلاق كما في العباب (ملاحظة لعل مقصود من غير تزويج) أي دائم ولا طلاق ولا حاجة إلى الطلاق مع انتهاء الأجل) ونقل كثيراً مما نقله لسان العرب.

وفي القاموس المحيط: متع النهار كمنع متوعاً ارتفع قبل الزوال والمتعة بالضم والكسر للتمتيع كالمتاع وان تتزوج امرأة تتمتع بها أياماً ثم تخلي سبيلها. ونقل مثله بعض ما جاء في الكتابين.

وفي معجم مقاييس اللغة في مادة (متع) الميم والتاء والعين اصل صحيح يدل على منفعة وامتداده مدة في خير.

ثم قال: قال أبو بكر والمتعة ما تمتعت به ونكاح المتعة التي كرهت احسبها من هذا (وفي الجمهرة ونكاح المتعة الذي ذكر احسبها من هذا).

ثم قال وذهب من أهل التحقيق بعضهم إلى أن الأصل في الباب التلذذ والمتاع الانتفاع بما فيه لذة عاجلة وذهب منهم آخر إلى أن الأصل الامتداد والارتفاع.



الخلاصة ما جاء في اللغة وتقييم لبعض الأقوال المنقولة منها

خلاصة ما في لسان العرب:

1) إن مادة متع بمختلف المشتقات راجعة إلى اصل واحد وأخذ فيه الانتفاع والانتهاء والفناء.

2) المتعة التمتع بالمرأة لا تريد ادامتها ومنه متعة التزويج بمكة.

3) نقل عن الزجاج لا دلالة للآية في تحليلها.

4) إن ابن عباس رجع عن حليتها لما وقف على نهي النبي(ص)

5) عن عطا عن ابن عباس قال ما كانت المتعة إلا رحمة رحم الله بها أمة محمد(ص) فلو لا نهيه عنها ما احتاج الزنا أحد إلا شقي (وفسّر بالنادر).

6) وفي آخر كلامه كان ينتفع بها إلى أمد معلوم وقد كان مباحاً في أول الإسلام ثم حرّم وهو الآن جائز عند الشيعة.

- ونعقب على ذلك في نقاط:

1) إن اللغوي عليه أن يذكر موارد استعمال اللفظ ويتتبع مواردها ويبيّن الحقيقة من المجاز منها مع ذكر الشواهد وفعل ذلك فذكر أن من موارد الاستعمال أن المتعة تستعمل في التزويج ومنه الذي كان بمكة ومنه نعرف صحة تسمية المتعة بالزواج حسب نصه المنقول.

2) إن اللغوي إذا رأى اختلافاً في الدلالة عليه أن يذكر ذلك بموارد أما النزاع الطويل واهتمامه بنقل الخلاف فهذا ليس من دأب اللغوي بل لادخل له بذلك ومنه نعرف أن المسألة دخلت في العقائد اكثر من دخولها في الفروع حتى يبيّن النكير فيها على القول الثاني.

3) كيف يقبل من الزجاج عدم دلالة الآية دون رد مع دلالتها لغة وهذا من الوظيفة اللغوية حيث اصل الدلالة موجود. نعم له أن يستدل بوجود قرائن على دلالتها على غير ذلك فكان عليه بعنوانه اللغوي أن يشير إلى توضيح القرائن لا الاختلاف الفقهي.

4) لم يستند الروافض على زعمه إلى التحليل بقول ابن عباس بل ذلك موجود في الصحاح فكيف غفل وهل كتب الصحاح للروافض فما حمله على ذلك الجهل أم ماذا؟

5) ألم تر كيف حصل التناقض بين نهي النبي ورجوع ابن عباس إليه وبين كونها رحمة رحم الله بها أمة محمد(ص).

6) كيف يتلائم التحريم مع قوله (فلو لا نهيه ما زنى إلا شقي) فمن الذي نهى فهل نهى النبي عنها كما يظهر من كلامه فهل رفع النبي هذه الرحمة ولماذا يريد أن يوقع الأمة في الزنا حيث لو كانت موجودة ما زنا إلا القليل النادر من الناس.

- خلاصة التاج:

1) من المجاز المتعة بالضم (أن تتزوج المرأة تتمتع بها أياماً ثم تخلي سبيلها وكان ذلك بمكة ثلاثة أيام حين الحج).

2) قال ثم يخلي سبيلها من غير تزويج ولا طلاق.

3) وقريب منه ما في القاموس المحيط.

4) في معجم مقاييس اللغة: والمتعة ما تمتعت به ونكاح المتعة من هذا.

ونعقب على ذلك:

ما المراد من المجازية وقوله كان ذلك بمكة فهل كان عملهم مجازاً أم ماذا!! وكيف يجمع بين قوله (أن يتزوج المرأة) مع قوله (من غير تزويج ولا طلاق) نعم يمكن توجيهه ذلك من غير تزويج دائم وحينئذ يطلق عليها اسم التزويج غير الدائم وقوله (من غير طلاق) إذ لا حاجة للطلاق وإذا فعلها الأصحاب فلا يمكن الاعابة عليهم بشيء من هذه الكلمات.



• البحث على ضوء الكتاب الكريم والتفاسير




تفسير القرطبي:

قال القرطبي في تفسيره في سورة النساء آية 24 قال: الثامنة: قوله تعالى (فما استمتعتم به منهن فآتوهن اجورهن فريضة) الاستمتاع التلذذ. والاجور المهور، وسميّ المهر أجراً لأنه اجر الاستمتاع وهنا نص على أن المهر يسمى أجراً...

التاسعة: واختلف العلماء في معنى الآية فقال الحسن ومجاهد وغيرهما المعنى فما استمتعتم وتلذذتم بالجماع من النساء بالنكاح الصحيح فآتوهن أجورهن أي مهورهن إلى أن يقول: قال ابن خُوَيزِ منداد: ولا يجوز أن تحمل الآية على جواز المتعة. لأن رسول الله(ص) نهى عن نكاح المتعة وحرمه ثم استدل على ذلك.

ثم قال القرطبي وقال الجمهور المراد نكاح المتعة الذي كان في صدر الإسلام وقرأ ابن عباس وأبيّ وابن جبير (فما استمتعتم به منهن إلى اجل مسمى فآتوا أجورهن) ثم نهى عنها النبي(ص) وقال سعيد بن المسيّب نسختها آية الميراث إذ كانت المتعة لا ميراث فيها وقالت عائشة والقاسم بن محمد تحريمها ونسخها في القرآن وذلك في قوله تعالى (والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فانهم غير ملومين) وليست المتعة نكاحاً ولا ملك يمين وعن ابن مسعود قال المتعة منسوخة نسخها الطلاق والعدة والميراث وروى عطا عن ابن عباس قال ما كانت المتعة إلا رحمة من الله تعالى رحم به عباده ولولا نهي عمر لما زنى إلا شقي.

ثم قال القرطبي العاشرة: واختلف العلماء كم مرة ابيحت ونسخت ففي صحيح مسلم ساق الرواية إلى أن قال: ثم حرّمها بعد ثلاث. وقال ابن العربي وأما متعة النساء.. إلى أن يقول لان النسخ طرأ عليها مرتين ثم استقرت بعد ذلك.

وقال غيره ممن جمع طرق الأحاديث فيها: إنها تقتضي التحليل والتحريم سبع مرات فروى ابن أبي عمرة إنها كانت في صدر الإسلام وروى سلمة بن الاكوع إنها كانت في عام اوطاس ومن رواية عليّ تحريمها يوم خيبر ومن رواية الربيع بن سبرة ابحاتها يوم الفتح.

ثم ذكر الموارد التي كان فيها التحليل والتحريم وقال في آخر كلامه ويحتمل انه لما كانت عادة النبي(ص) تكرير مثل هذا في مغازيه وفي المواضع الجامعة ذكر تحريمها في حجة الوداع لاجتماع الناس حتى يسمعه من لم يكن سمعه فأكد ذلك حتى لا تبقى شبهة لاحد يدعي تحليلها ولأن أهل مكة كانوا يستعملونها كثيراً.

ثم قال القرطبي الحادية عشرة روى الليث بن سعد بن بكير بن الأشجّ عن عمار مولى الشريد قال سألت بن عباس عن المتعة أسفاح هي أم نكاح؟ قال: لا سفاح ولا نكاح. قلت: فما هي؟ قال: كما قال الله تعالى، قلت هل عليها عدة قال نعم حيضة قلت يتوارثان قال لا قال أبو عمر لم يختلف العلماء من السلف والخلف أن المتعة نكاح إلى اجل لا ميراث فيه والفرقة عند انقضاء الأجل من غير طلاق وقال ابن عطية (وكانت المتعة أن يتزوج الرجل المرأة بشاهدين وإذن الولي إلى اجل مسمى وعلى أن لا ميراث بينهما ويعطيهما ما اتفقا عليه وإذا انقضت المدة فليس عليها سبيل ويستبرء رحمها لأن الولد لاحق فيه بلا شك فان لم تحمل حلت لغيره وفي كتاب النحاس في هذا خطأ وأن الولد لاحق فيه بلا شك فإن لم تحمل حلت لغيره وفي كتاب النحاس في هذا خطأ وأن الولد لا يلحق في نكاح المتعة. قال القرطبي قلت هذا هو المفهوم من عبارة النحاس فانه قال وإنما المتعة أن يقول لها اتزوجك يوماً أو ما أشبه ذلك على انه لا عدة عليك ولا ميراث بيننا ولا طلاق ولا شاهد يشهد على ذلك وهذا هو الزنى بعينه ولم يبح قط في الإسلام ولذلك قال عمر لا اوتى برجل تزوج متعة إلا غيبته تحت الحجارة.

انتهى ما نقلناه عن القرطبي.



__________________
السلفيالمحتار سابقا السندباد