عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 23-03-2006, 11:16 AM
adelsalafi adelsalafi غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2006
المشاركات: 600
Arrow

ويفهم بعض الناس من التيسير أنَّه المداهنة فيسلكون طرق المداهنة ويفهم من الحكمة التي أمر الله بها يفهم منها أنَّها هي المداهنة والطرق السياسية التي تقتل الإسلام فلا هذا ولا ذاك .

ويفهم بعض الناس من حثِّ الرسول r والسلف الصالح على التمسك بالكتاب والسنة والتحذير من البدع وأهلها أنَّها الشدة والغلظة المطلقة والجفاء وسلوك كل طرق التنفير والتشويه للدعوة السلفية ,وهذا أظنُّ أنَّه جرى منه شيء كثير في كلِّ بلاد الإسلام وفي

الجزائر نفسها .

وقد جربتم نتائج هاذين المنهجين :

( منهج التمييع والمداهنات والدفاع عن الباطل بطرق شيطانية )

و ( منهج التشدُّد الذي أوَّل ما يفتك بالسَّلفية وأهلها )

فقد تظاهر أُناس بالغيرة فكان عملهم سلاحاً يفتك بالدَّعوة السَّلفية وبأهلها ويغرس بينهم العداوة والبغضاء وهذه الأعمال ونتائجها يجب الحذر منها والتحذير منها والدعوة إلى الله تبارك وتعالى بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن قال تعالى :

) وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ( (فصلت:35)

فمن تعلَّم منَّا وعرف منهج السَّلف فعليه أن يسلك طريق القرآن والسنة وطريق السلف الصالح في الرفق واللِّين والتيسير المشروع الذي طبقه رسول الله r وصحابته الكرام وسلفنا الصالح وفي نفس الوقت يُحاذِر أن يَدْخُل في المجاملات والمداهنات أو يُدْخِلْ النَّاس أو يَزُّجّ بالدعوة السلفية في -مثل ما يقال- أنفاق مسدودة ويغلق أبواب الدَّعوة السلفية في وجوه الناس بتنفيره وتشويهه لهذه الدَّعوة فلا هذا ولا ذاك : لا غلو ولا شدة ,ولا تميُّع ولا تفريط ولا مداهنات .

ومن لم يتعلم من الآن فعليه أن يتعلَّم ويَفْهَم كتاب الله تعالى وسنَّة رسول الله r ويحفظ ما يستطيع من نصوص الكتاب والسنة لأنَّها هي رصيده في الدَّعوة إلى الله ويفهمها ويُبلِّغها على وجوهها الصَّحيحة فإنَّك بالجهل تُحرِّف النُّصوص من حيث لا تدري وتُنْـزِلها في غير منازلها .

فلهذا حذَّر العلماء من تعاطي الجُهَّال للدَّعوة إلى الله تعالى والمناظرات من الجهلاء فإنَّ هذه آثارها سيئة وتضرُّ بالدعوة السلفية وأهلها ولهذا قال الله تبارك وتعالى ) قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ( (يوسف:108)

أي أنا وأتباعي ندعوا إلى الله على بصيرة على علم وعلى حكمة فإذا كان الدَّاعي جاهلا بأصول الإسلام وبفهم النصوص من الكتاب و السنة ومنهج السَّلف وشرف الدَّعوة إلى الله فهذا يضرُّ بالدعوة أكثر ممَّا ينفعها ,إلاَّ اللَّهم جزئيات يعرفها ويستيقن معرفتها ويتأكَّد من صِحَّة فهمه من العلماء عند ذلك يدعو من هو دونه ومن يحتاج إلى هذه الدَّعوة في حدود علمه وليحذر القول على الله بغير علمٍ .

قال تعالى : ) قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ( (لأعراف:33)

فالقول على الله بدون علم من أعظم الذنوب بل جعله بعض العلماء كابن القيم-رحمه الله- أنَّه أشدُّ من الكفر . لأنَّ القول على الله بلا علم يدخل فيه الكفر والشرك والبدع والضلالات والإفساد في الأرض.

فلا يجوز لمسلم أن يقول في دعوة أو فتوى أو تدريس أو غيره أن يقول على الله ما لا يعلم ,حتى لو كان عالما لا يجوز أن يقول في شيء بغير علم ,ولهذا كان السَّلف العلماء العظماء من الصحابة والتابعين وأئمة الهدى إذا سُئِل عن شيء لا يعلمه يقول : " لا أدري" , " لا أعلم " وكانوا يتواصون فيما بينهم أن يعلموا تلاميذهم : " لا أدري " .

وقال أحدهم : ( لو شئت أن أملأ ألواحي من قول مالك " لا أدري " لفعلت ) (!) .

فينبغي على العالم وعلى طالب العلم المتمكن إذا كان يُدَرِّسُ أن يتورع في دينه في سلوكه وفي مسائل العلم : في العقيدة أو المنهج أو العمليات عليه أن يتورع ويُعلِّم و يُرَبِّي مَنْ تحتَ يده على هذا الورع وهذا الخوف من الله تبارك وتعالى لا سيما في أبواب الدِّين فإنَّها -إذا قال بغير علم- من القول على الله بغير علم .

وفيه من الذمِّ والوعيد الشديد ما نصَّ عليه الكتاب والسنة :

قال تعالى : ) وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ ( (النحل:116)

ونصوص الوعيد كقوله r : ( من كذب عليَّ متعمدًّا فليتبوأ مقعده من النار) .

فإيَّانا والكذب في كلِّ أمر من الأمور ,علينا بالصدق ,علينا بالإخلاص علينا بمراقبة الله تبارك وتعالى في كلِّ شؤوننا .

وفي هذا العصر ساد الكذب وسادت الإشاعات الكاذبة ,فعلينا ونحن أهل السنَّة أن نتمسك بالحقِّ وأن نتمسك بالصِّدق وأن نَعَضَّ على ذلك بالنواجذ ( فإنَّ الصِّدق-كما قال r- يهدي إلى البرِّ وإنَّ البرَّ يهدي إلى الجنَّة ولا يزال الرجل يَصْدُقُ ويتحرَّى الصِّدْقَ حتى يُكتَبَ عند الله صدِّيقاً ,وإنَّ الكذب يهدي إلى الفجور وإنَّ الفجور يهدي إلى النار ولا يزال الرجل يكذب و يتحرَّى الكذب حتى يكتب عند الله كذَّابًا ) .

فتلك المنزلة الرفيعة -المنزلة الصديقية -ينالها العبد المؤمن المُخْلِص بصدقه وتحرِّيهِ للصِّدق وتلك المرتبة والدَرَكة الرديئة ( وهي أن يكتب عند الله كذَّاباً ويقاد إلى النار والعياذ بالله) هذه من عواقب الكذب الوخيمة .

فعلى المسلم السلفي الصادق أن يتحرَّى الصدق وأن يتجنب الكذب ويحذره ويحذر منه ويُربِّي على الصِّدق ,يُربِّي نفسه وأسرته وتلاميذَه ومن تحت يده يربِّيهم على هذه الأخلاق العالية (الصدق, الصبر ,الحلم والأخلاق التي أحبَّها الله تعالى والتي قال فيها رسول الله r : ( بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) .

وكان رسول الله r ينهى عن سفساف الأخلاق ورديء الأخلاق ومن شرِّها هذا الكذب .

فتعلموا -أيها الإخوة- العلوم الشرعية ومنها أنواع الكتب وأصنافها التي أشرت إليها فإنَّها تساعدكم على فهم كتاب الله وسنة رسول الله r .

أسأل الله تبارك وتعالى أن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح وأن يوفقنا إلى الدعوة إلى الله تبارك وتعالى بالحجة والبرهان والبصيرة الحكمة والعلم والصبر إنَّ ربَّنا لسميع الدعاء .

وأوجه شكري لهذه الجماعة التي قامت بتنظيم هذا الملتقى المبارك ونسَّقت له ودعت إليه العلماء من هنا وهناك وهذا عمل جليل -إن شاء الله- فيه خير كثير وقد يدخل إن شاء الله في باب :

( من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه إلى يوم القيامة ) وهذا الملتقى -إن شاء الله- فيه دعوة العلماء ليُوَجِّهُوا الناسَ ويدعوهم إلى الخير وهم السبب في ذلك والدَّال على الخير كفاعله .

أسأل الله تعالى أن يزيدهم من العلم والهدى والتُّقى ما يرفعهم عند الله درجات إنَّ ربَّنا لسميع الدعاء .

كان هذا اللقاء مع الإخوة السلفيين من جامعة سطيف بالجزائر القائمين على ملتقى علوم الشريعة الثاني وذلك ظهر يوم الخميس الموافق لـ : 26/3/1426هـ .

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .