عرض مشاركة مفردة
  #33  
قديم 08-03-2007, 04:47 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

محضر استقبال الرئيس صدام حسين للآنسة (أبريل كلاسبي) سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية في العراق.

التاريخ: 25/7/1990الموافق 3محرم1411هـ// الساعة الواحدة من بعد ظهر يوم الأربعاء.

حضر اللقاء: طارق عزيز وزير الخارجية، حامد يوسف حمادي سكرتير رئيس الجمهورية، محسن خليل السكرتير الصحفي والإعلامي، المقدم عبد حمود مرافق الرئيس صدام حسين.

بعد تبادل عبارات الترحيب الودية قال الرئيس صدام حسين:
أنا طلبتك اليوم، لأتحدث معك حديثا سياسيا واسعا هو عبارة عن رسالة للرئيس الأمريكي بوش.
وأضاف: تعرفون أن علاقاتنا كانت مقطوعة مع الولايات المتحدة الى عام 1984، وتعرفون الظروف والأسباب التي أدت الى قطع العلاقة، وقد بينا لكم أن قرار إعادة العلاقة مع الولايات المتحدة كان قد أتخذ في الواقع عام 1980، وربما خلال الشهرين اللذين سبقا قيام الحرب بيننا وبين إيران.

ولكن عندما قامت الحرب، مع ملابساتها المعروفة، ولأننا حريصون على أن نتصرف بالقضايا الكبيرة بما لا يجعل المقابل يفسر الأمور إلا في إطارها الصحيح، أجلنا إعادة العلاقة على أمل أن تنتهي الحرب.

ولأن الحرب استمرت طويلا.. وتأكيدا لمبادئنا التي تقول أننا جهة غير منحازة، كان لا بد أن نعيد العلاقات مع الولايات المتحدة .. فجاء التوقيت لإعادتها في عام 1984.

ومن الطبيعي أن نقول، أن الولايات المتحدة ليست مثل انجلترا مثلا، من حيث قدم علاقاتها مع دول الشرق الأوسط العربية ومنها العراق، وإذا أضفنا هذا، أنه لأن العلاقات بين البلدين كانت مقطوعة طيلة المدة بين أعوام 1967ـ1984 لا بد أن نقول أنه سيصعب على الولايات المتحدة أن تفهم الكثير من الأمور في العراق كما ينبغي. وكان مؤملا، بالعلاقة الجديدة التي استؤنفت، أن نعاون بعضنا لكي يفهم كل منا الآخر، لأننا نحن أيضا كنا وما زلنا، نجهل الكثير من الخلفيات والأمور التي يستند إليها القرار الأمريكي.

تعاملنا مع بعضنا أثناء الحرب، وأجرينا الحوار على المستويات التي أتاحتها الفرص، لأن تجري العلاقة والحوار فيما بيننا، وكان أهم مستوى في إجراء الحوار هو مستوى وزير الخارجية. وكنا نأمل أن تزداد مساحة الفهم المشترك، وأن تتسع فرص وإمكانات التعاون بما يعود بالمصلحة على الشعبين العراقي والأمريكي، بل وعلى الأمة العربية كما كنا نأمل، وكلما وجدت الأطراف المعنية أن هذا ممكنا.

غير أن العلاقة، وهي حديثة عهد، تعرضت الى بعض المنغصات وهي في خط سيرها على الطريق.
أهم ضربة تعرضت لها العلاقات كانت في عام 1986(بعد سنتين من إعادة العلاقات)، فيما سمي بقضية(إيران ـ غيت) وصادف في ذلك العام، احتلال الفاو من قبل إيران.
ومن الطبيعي أن نقول أن كل علاقة، تستطيع مع قدمها وتشابك المصالح أن تغطي ارتكاب الأخطاء التي تحصل فيها، ولكن عندما تكون المصالح في هذه العلاقة صغيرة الحجم، ولم تتسع بعد، وعندما تكون العلاقة ليست بما يكفي، لتوجه أطرافها، لكي تتفهم بعضها البعض، لا بد أن يترك كل خطأ في طريقها، نوعا من الأثر، هو بحجم الخطأ وربما في بعض الأحيان أكبر من حجمه، ولكن في كل الأحوال لا يكون الأثر أقل من حجم الخطأ.

مع ذلك، قبلنا الاعتذار الذي قدمه الرئيس الأمريكي (حول إيران ـ غيت) عن طريق مبعوثه إلينا. واعتبرنا ذلك يكفي عن الماضي إلا إذا ارتبطت به خطوات لاحقة، تذكر بأن الخطأ الماضي ليس مجرد خطأ عابرا.

استمرت علاقاتنا هكذا، وبدأت الهواجس تزداد بعد أن حررنا الفاو، فاختلط الإعلام بالسياسة، وبدأت هواجسنا تظهر على السطح من جديد، وبدأت علامة الاستفهام ترتسم متسائلة ماذا تريد الولايات المتحدة عندما تكون غير مرتاحة لنتائج القتال التي حررنا بها أرضنا؟

كان واضحا لدينا بما لا يقبل الشك، أن هنالك أوساطا في الولايات المتحدة، ولا نقول الرئيس الأمريكي، لأنه ليس لدينا ما هو ملموس على هذا، ولكن هناك أوساطا في الولايات المتحدة يرتبط بعضها بأوساط جمع المعلومات والمخابرات أو الاستخبارات، وبعض الأوساط في الخارجية، ولا أستطيع أن أقول وزير الخارجية.. أقول بدا لنا أن هذه الأوساط غير مرتاحة لتحرير أراضينا. وبعض الأوساط مما ذكرنا تجمع معلومات تحت عنوان (من الذي سيخلف صدام حسين) ؟ ثم بدأت تجري الاتصالات مع دول الخليج، على أساس تخويف هذه الدول من العراق، وتعلن الرغبة أو توحي بها، لكي لا تقدم دول الخليج، أية معاونة اقتصادية للعراق، وقد لمسنا بما لا يقبل الشك تأثير هذه النشاطات.
وأضاف الرئيس صدام حسين .. خرج العراق من الحرب وهو مدين للآخرين بحدود (40) مليار دولار، عدا المساعدات التي قُدِمت للعراق، والتي ما زالت مسجلة عليه كديون من قِبل بعض الدول العربية، مع أنهم يعرفون وأنتم تعرفون بأنه لولا العراق، لما بقيت هذه المبالغ وغيرها عند أصحابها ولأصبح مستقبل المنطقة على غير ما هو عليه.

أنتم وغيركم نظمتم مشروع (مارشال) لكل حلفائكم بعد الحرب وكنتم خلال الحرب تقدمون مساعدات سخية لهم، هذه كلها كانت تقدم من دافعي الضرائب الأمريكان.
ثم بدأنا نواجَه بسياسة خفض أسعار النفط، ثم بدأت أمريكا التي تتحدث عن الديمقراطية تضيق ذرعا بالرأي المقابل، بدأت الحملة الإعلامية، تُشَن على صدام حسين من مركز الإعلام الأمريكي الرسمي، وفي ظن الولايات المتحدة أن حال العراق مثل الحال في بولونيا أو رومانيا أو تشيكوسلوفاكيا.

انزعجنا من الحملة، ولكن لم ننزعج كثيرا، على أمل أن نترك فرصة كافية، عددا من الأشهر، ليعاين صاحب القرار الأمريكي بنفسه وليلمس، هل ترك الإعلام أثرا ما في حياة العراقيين ما كان يُراد أن يتركه من أثر أم أن الأمر مختلف؟
كان أملنا، أنه بعد هذه الفرصة الطويلة، سيصبح بمقدور المسئولين الأمريكيين أن يتخذوا قرارات أكثر صوابا في العلاقة مع العراق.
من المسلم به أن العلاقة، حتى وهي ترتقي الى أي مستوى من مستويات الصداقة، لا تفترض التطابق.. بل وأن الأمريكان يرون أنه حتى داخل القيادة الواحدة لا يفترض أن يكون هنالك تطابق في الآراء.
ولكن عندما تُخفض أسعار البترول بشكل مخطط ومتعمد وبدون سبب تجاري أو اقتصادي، فهذه حرب أخرى على العراق، لأن الحرب تقتل البشر بعد أن تسيح دمهم، والحرب الاقتصادية تقتل إنسانية البشر بعد أن تسلبها فرصتها في الحياة الكريمة.

ونحن كما تعلمون، أعطينا أنهارا من الدم في حرب استمرت ثماني سنوات، ولم نتنازل عن إنسانيتنا، أي حق العراق في أن يعيش بكرامة، وعليه، لا نقبل على الإطلاق (وإذا كنا لا نقبل هذا بدرجة معينة قبل الحرب، فالآن لا نقبله بدرجة مضاعفة) أن يخل أحد بكرامة العراقيين أو بحقهم في العيش حياة سعيدة ومرفهة ومزدهرة.

الكويت والأمارات، كانا وجه هذه السياسة التي تريد أن توصل الى ما يذل العراق وتسلبه فرصة الحياة السعيدة، وأنتم تعرفون أن علاقتنا كانت جيدة مع الأمارات والكويت. نضيف الى هذا، أن دولة الكويت، ونحن مشغولون بالحرب كانت تتوسع على حساب أراضينا.

قد تقولون أن هذا في حكم الدعاية، لكننا نقول، بإمكانكم أن تعودوا الى وثيقة واحدة، والتي تسمى (خط الدوريات) وهو الخط الذي اعتمدته الجامعة العربية، لتجعل أية قوة عسكرية في عام 1961 بعيدة عن هذا الخط، أي على الحافة القريبة منه.
عاينوا وقفوا في الحافة الأخرى التي هي باتجاه الكويت، وانظروا .. أكانت توجد عليها مخافر شرطة أو مزارع أو منشآت نفطية والى عمق بعيد من هذا الخط، أي خط الدوريات؟

إن كل هذه المرافق والمنشآت، استحدثت بتخطيط مقصود لفرض الأمر الواقع على العراق. ومن الطبيعي، أن نقول، أنه خلال هذه المدة كانت حكومة الكويت مستقرة، بينما الحكومة في العراق تتغير.. وحتى بعد عام 1968 والى عشر سنوات بعدها كنا نحن مشغولين بأمور كثيرة.. مرة في الشمال، وأخرى في حرب 1973، وغيرها من الانشغالات، ثم جاءت بعد ذلك الحرب مع إيران التي مضى عليها الآن عشر سنوات.

ويضيف الرئيس صدام حسين: في تقديرنا يجب أن تفهم الولايات المتحدة بأن المرفهين المتمكنين اقتصاديا، يستطيعون أن يتفاهموا معها على ما هو مشروع من المصالح المشتركة، فيما لا يستطيع ذلك من يجوع أو تسلب فرصته في حياة سعيدة.
نحن لا نقبل التهديد من أحد، لذلك لا نستخدم التهديد.. لكن نقول بوضوح، نأمل أن لا تتوهم الولايات المتحدة كثيرا، وأن يكون سعيها لكسب الأصدقاء، وليس إضافة أرقام جديدة الى الأعداء.
أنا اطلعت على التصريحات الأمريكية التي تتحدث عن الأصدقاء في المنطقة.. وأقول، من حق كل جهة أن تختار أصدقاءها في المنطقة.. ومن حق كل جهة في العالم أن تختار أصدقاءها.. نحن لا نعترض على هذا.. ولكن أنتم تعرفون، أنكم لستم الذين حميتم أصدقاءكم في خلال الحرب مع إيران.. وأنا أجزم لو أن الإيرانيين اندلعوا في المنطقة، لما استطاعت الجيوش الأمريكية أن تصدهم وتوقفهم إلا باستخدام القنابل النووية.
هذه ليست نظرة استصغار لكم، وإنما مرتبطة بطبيعة الجغرافيا وبطبيعة المجتمع الأمريكي، التي تجعله لا يستطيع أن يتحمل في معركة واحدة عشرة آلاف قتيل.
وأنتم تعرفون أن إيران وافقت على وقف إطلاق النار، ليس بسبب ضرب أمريكا منصة صغيرة من منصات تحميل النفط بعد تحرير الفاو.. فهل هذه هي مكافأة العراق على دوره في استقرار المنطقة وحمايتها من طوفان لم نكن نعرف على أي شاطئ كان سيضعها؟
ماذا يعني قول أمريكا الآن أننا ملتزمون بحماية أصدقائنا بصورة فردية وجماعية؟ إنه يعني بوضوح، انحيازا واضحا ليس الى جانب الجهة الفلانية من دون الجهة الفلانية الأخرى، وإنما انحياز واضح ضد العراق في هذه المرحلة.

هذا الموقف فيه تشجيع واضح للكويت والأمارات، ومع التصريحات الأخرى والمناورات، لكي لا تحترم دولتا الأمارات والكويت حقوق العراق.

يتبع
__________________
ابن حوران