عرض مشاركة مفردة
  #3  
قديم 03-04-2005, 03:39 AM
مصراوي مصراوي غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2005
المشاركات: 7
إفتراضي

6- فلسفة الكفيل
منذ حوالى 30 سنة أصبحت السعودية هى حلم وهدف الغالبية العظمى من فقراء المسلمين باختلاف مستوياتهم المهنية والتعليمية ، واصبح الجميع يخطط للسفر إليها حيث المال والثروة . وهى بالنسبة لهم مكان مقدس ، حيث يوجد بها أقدس أقداسهم ، وينخدع البسطاء من المسلمين فى العالم بمظهر السعودية الإسلامى التى تظهر به أمام العالم ، المظهر البراق الخادع بفضل تجار الدين من شيوخ وصحفيين ومفكرين وكتاب وإعلاميين ومدرسيين وأساتذة جامعات وعلماء مسعودين ، يمجدون ويدافعون عن السعودية ليل نهار فى الصحف والفضائيات ،وقد تم سعودتهم بالريال والدولار وبدعوات الزيارة للعمرة والحج وزيارة قبر الرسول صلى الله علية وسلم ،وبدعوتهم لمؤتمرات مدفوعة الأجر تحت شعارات الإسلام والتراث .
ومن الطبيعى أن يتكالب المسلمين على السفر إلى أرض الأحلام والإسلام ثم يكتشفوا هناك أن السعودية لا تختلف عن أى مجتمع فى جرائمه بل تزيد نتيجة انغلاق المجتمع ،وأن عليهم أن يدفعوا ثمن غربتهم ، و نظام الكفيل هو جزء من آليات السلطة فى السعودية ، فعمليات التحديث بالمجتمع السعودى أدت إلى ظهور طبقة وسطى جديدة ترجع جذورها إلى عائلات نجد والحجاز التى استثمرت المخصصات المالية التى توزعها الأسرة المالكة على القبائل فى المشروعات التنموية المختلفة ، فدخلت تلك المشروعات كمقاولى أنفار ، والمضاربة على الأراضى ، وكفالة العمالة غير السعودية والمسموح باستيرادها من كافة أنحاء العالم .
والكفيل هو الذى يبحث عن العمالة ويستخرج لها تأشيرة الدخول ، وهو المسئول عن إنجاز العمل المطلوب ، ومسئول عن تصرفات العمالة الشخصية ، فهو ممثل الدولة فى ممارسة الحقوق السيادية على تلك العمالة ، والكفيل قد يكون شخص أو مؤسسة ، ولا يستطيع المكفول التنقل من مدينة إلى أخرى بدون تصريح من الكفيل ، ويمكن قيادة السيارة بورقة من الكفيل ، ولا يستطيع السفر إلى بلدة فى أى وقت لأن الكفيل يسحب منة جواز السفر بمجرد الوصول إلى المملكة ، ولا يستطيع العامل إحضار أسرته ألا بعد موافقة الكفيل ، بمعنى أخر لا يستطيع ممارسة حقوقه الإنسانية ألا بعد موافقة الكفيل ، وعند مغادرة العامل المملكة بصفة نهائية لابد للكفيل أو نائب عنة من توصيله لمحطة المغادرة لتأكد من سفرة وأخذ شهادة من المحطة بالمغادرة . وهذا يحدث مع جميع مستويات العمالة من عامل النظافة حتى أستاذ الجامعة . ونظام الكفيل هو نوع من توزيع السلطة ،بين الأمراء الذين لا تستوعبهم المؤسسة الحاكمة فيسمح لهم بأوضاع مميزة عن بقية رجال الأعمال فى الاستثمار بقطاع الإسكان والاستهلاك وبعض الخدمات ، ويستلزم ذلك كفالة جيوش من العمالة الأجنبية وبالتالى تكون لكل أمير فرصة الأمارة وممارسة السلطة على عمالة ، ويعكس ذلك نوع من التنفيس السياسى ، حيث يمتد هذا التنفيس إلى بقية الأفراد .
وأصبح هذا النظام وسيلة كسب للسعوديين العاديين ، حيث يستورد كل عاطل سعودى عدة عمال ويأخذ منهم ثمن تأشيرة الدخول ،ويشترط عليهم مبلغ معين كل شهر وألا يلغى تأشيرتة أو يضعهم فى السجن ، وينطلق العمال يبحثون عن العمل فى الشوارع لكى يدفعوا للكفيل ، بل أن بعض الكفلاء يبيعون العمال لبعض ،كنوع من النخاسة الحديثة ، وحينما أقول عمال أقصد جميع أنواع العمالة بمستويتها المختلفة.
ونظام الكفيل هو نتاج منطقى لبناء السلطة وآلياتها فى السعودية القائمة على الحكم المطلق القائم ، حيث يسمح النظام بأن يكون رجل الشارع السعودى حاكم على عدد من العمال .فوظيفة الكفيل وظيفة تعوضيه للمواطن السعودى عن المشاركة السياسية ، وهو إحدى نتائج مجتمعات الوفرة ، فالسيد السعودى وأسرته يحتاج لمن يقود له سياراته ومن يحرس منازلة ومن يربى أولاده ومن يطبخ له ومن يزرع له أرضة ومن يدير له مصانعة ، ومن يدافع عنة ، ومن يعلم أولاده ، ومن يترجم له ، ومن ينظف له شوارع ، ومن يبنى له منازلة ، ومن يمهد له الطرق ، ...الخ ، محتاج لكل شىء .
و نتيجة سلوكيات وقيم مجتمعات الوفرة نجد أن السعوديين لا يهتموا باكتساب مهارات تكنولوجية متقدمة ويكتفون بدور السيد الذى يملك الوفرة المالية فيشترى بها كل شىء من تكنولوجيات متقدمة حتى المهارات البشرية ، والدولة أيضا تلعب دور السيد والكفيل بين الدول الإسلامية ، وتنسى أنه إذا كان ممكن شراء الخبرات فأنة لا يمكن شراء الولاء .
ويعتبر نظام الكفيل أيضا أحد نتائج توظيف الدين فى الحكم الذى يمثل أحد آليات السلطة فى السعودية ، فالخطاب الدينى للمؤسسات الدينية السعودية يدعو المواطن السعودى إلى النهى عن المنكر والأمر بالمعروف والدعوة إلى الإسلام كمساهمة منه فى سياسة المملكة ، وأن الإسلام لا يوجد بصورته الصحيحة ألا فى السعودية وعلى ذلك فالدولة لها دور فى نشر الإسلام السعودى على مستوى الدول ، والمواطن السعودى أيضا له دور فى تصحيح إسلام مواطنين تلك الدول فيمارس دورة بين العمالة التى يستوردها .
بعد ذلك لنا أن نتصور صور الاستغلال التى تحدث للعمالة الأجنبية تحت نظام الكفيل فى المملكة ، فهناك شعار شائع " سيارة وهندى لكل سعودى "ويمكن الهندى يكون مصرى أو فلبينى أو مالاذى أوأندونيسى ..الخ ، و يعتبر نظام الكفيل ترجمة مباشرة لعنصرية النفط القائمة على التمايز بين البشر على أساس الثروة ، فهناك كفيل من البلد الغنية بالبترول ومكفولين من الدول الفقيرة الغير منتجة للبترول ، مع ملاحظة أن سلوكيات الكفيل المستغلة لا تمتد إلى الجنسيات الأوروبية والأمريكية من العمالة ، لإحساس السعودى بحماية الدولة نفسها لهم ، ، ولتأكده أن استمرارية دوره ككفيل مستمد من حماية الدول الأجنبية .
7- الأعلام عند الكفيل
ومعظم المطبوعات الإعلامية هناك تحاول دائما أن تبين أن بلادها وحكوماتها هى النموذج الأمثل والصحيح للدين وبقية المسلمين كفره ، فكل الموبقات والفساد والكفر والفقر فى فى البلاد الأخرى أما بلادهم فهى جنة الله فى الأرض ، وقد تابعت جريدة الشرق الأوسط لمدة سنين عديدة وهى جريدة بتمويل سعودى مكتوب على غلافها جريدة كل العرب ولكن على غلافها الخلفى كانت تنشر لمدة سنين طويلة تحت عنوان لا تقرا هذا الخبر تنشر فيه جرائم مميزة وغالبا بل جميعها جرائم مصرية ، وفى النادر ما تنشر جريمة فى إحدى الدول العربية طبعا لا يمكن ان تكون دولة خليجية وطبعا لا يمكن أن تكون ايضا السعودية ، التى تحدث فيها كل يوم الجرائم بشناعة يشيب لها الشعر لكن كله فى الكتمان ، داخل المجتمع المقفول ، حيث تحاول السعودية دائما فى أجهزة أعلامها فى الداخل والخارج ، ألا تنشر جرائمها نهائيا وتحاول أن تظهر البراءة ، وأنها البلاد الفاضلة المسلمة الوحيدة فى العالم التى لا تخرج منها العيب ، ولكن أخبار الجرائم تتبادل همسا بين الناس .
المهم أننى اكتشفت أنى عشت فى اكبر سجن فى العالم ، سجن من الأفكار الدينية البالية ، والسجان هيئة تسمى هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ، سجن شبابيكه وأبوابه من الذهب ، وداخل السجن أفخر المفروشات والمأكولات والمشروبات ، سجن معماره إسلامى فيه لمحه هندية وأصحاب السجن يعيشون فيه ليالى مثل ليالى ألف ليلة ، وهم أيضا فى سجن اكبر اسمه الحماية الأميريكية ، أما من يخالف قواعد اللعب داخل السجن فعقابه شديد باسم الشريعة ، وهناك متحدث رسمى للسجن ليس له اسم ولكنه دائما مصدر مسئول ، والصورة الإعلامية للسجن أمام العالم الخارجى تكاد توصف السجن بأنه جنه الله فى الأرض فالسعودية لها سياسة مزدوجة ، اصولية فى الداخل ، وتظهر نفسها للعالم فى الخارج على أنها علمانية . لكن العولمة وثورة الاتصالات الآن وخاصة بعد احداث 11 سيتمبر فضحت السعودية التى تحاول نشر مذهبها الوهابى المتعنت والمتطرف بدولارات البترول فى المنطقة ، والآن تدفع السعودية الثمن ، واصبحت تحصد ما زرعته فى المنطقة من افكار الغلو والتطرف فى الدين.

منقول من مقال د/ احمد صالح

في انتظار تعليقاتكم المصراوي