عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 04-07-2001, 09:43 AM
الوائلي الوائلي غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2001
المشاركات: 183
Post هي لم تنطفىء وإنما نحن الذين انطفأنا

هي لم تنطفىء وإنما نحن الذين انطفأنا
بالأمس القريب ، رأيتم ورأينا ، وسمعتم وسمعنا ، بل رأت الدنيا بأجمعها ، وشاهد الكون بملكوته .
والله يشهد والكواكب والثرى …. وكفى بهم شهداء يوم الدين

نعم . لقد رأينا انتفاضة شعب ، وثورة أمة ، امتدت من مشرق الأرض إلى مغربها ، لم تكن انتفاضة فلسطين ، ولا عمليات كتائب القسَّام فحسب ، فالأمة كلها قد ثارت ، والشعوب كلها انتفضت وغارت .
لقد شعرت بالفخر وأنا أنظر إلى اتحاد أمة ، على اختلاف مشاربها ولغاتها وثقافاتها ، لقد كانت وقفة مشرفة لشعوب غيبت طويلا عن أرض الواقع وتحديد المصير .
قاطعنا وهذا جهدنا ، تبرأنا وهذا وسعنا ، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها ، أعددنا ما نستطيعه والله تعالى يقول :{ وأعدوا لهم ما استطعتم }
ثم زاد فرحنا ، وتعالت هتافاتنا ، وارتسمت البسمة على شفاهنا ونحن نرى آثار حربنا ، وثمار مقاطعتنا .
إي وأيم الله لقد طربت أسماعنا لأخبار خسائر الشركات اليهودية والأمريكية ، ولا أخفيكم سرا ، لقد بت أياما وليالي وأنا أرى بين عيني جموع الخنازير من يهود وهم يخرجون من فلسطين أذلة وهم صاغرون .
أحسست في أعماق نفسي أننا سننتصر هذه المرة ، لا أردي لماذا؟ لكنَّ هذا الشعور تملك نفسي ، واستولى على تفكيري .
ربما لأن الثورة ثورة شعوب ، والكلمة كلمة أمة ، بعيدا عن أكاذيب الساسة ووعودهم العرقوبية .
لقد حدثني أحدهم وأنا في حالة من النشوة والسرور فقال :[ لا تفرح كثيرا فإنما هي فورة بيبسي ]
أرعدت وأزبدت ، وقمت وقعدت ، هددت وتوعدت : [ اسمع يا هذا : إن كلامك هذا سيمنعك من دخول المسجد الأقصى معي عندما نطرد اليهود ]
ضحك ضحكة سخرية واستهتار ، قلت له بلسان الواثق :[ اسمع يا صاحبي ، هذه المرة الوضع مختلف ، وأنت يحق لك أن تقول ما تقول ، فأنت غير مطلع على الانترنت ، هناك بركان ثائر في كل مكان ، في كل منتدى ، وفي كل موقع ، الغضب عام ، والمقاطعة باقية ، وسترى بأم عينك النتيجة ]

مضت الأيام تلو الأيام وأنا أترقب ، والليالي تلو الليالي وأنا أنتظر وكأن في قلبي جمرة تضطرم .
لكن سرعان ما خفت ذلك النور ، وأُطفىء ذلك السراج ، وتوقف الركب .

سرعان ما ذهب الضياء وحل محله الظلام ، وتلاشت البسمة وحل محلها الحزن والألم .

وإذا ما قرأناه وسمعناه كلام في كلام ، وإذا بالثورة حبر على ورق .

أيقنت بعدها أن الكلام سهل ، لكن الفعل والتطبيق لا يقدر عليه غلا القلة من الرجال .

قابلت صاحبي بعد مدة ، وقفت واجما أمامه ، أطرقت رأسي نحو الأرض ، شهق بضحكة عالية قطعت نياط قلبي وكادت أن تقضي علي ، أسبلت دموعي وأرخيت لها العنان ، قال بصوت كأنه زلزلة جبل ، أو رعد في سحابة :[ ألم أقل لك : فورة بيبسي ؟]

رفعت رأسي ، حاولت النظر إليه لكن الدمع ابى علي ذلك ، حاولت الحديث لكن أحسست بالاختناق ، حاولت الهرب لكن رجليَّ لم تحملني ، سقطت على الأرض .

بكيت …. بكيت … ثم بكيت .. أخرجت ما في نفسي من بكاء السنين .

انثنى عليَّ صاحبي ، تأسف مني واعتذر :[ أنا لم أقصد ، أنا أمزح ، أنا …. ]

وكأن هذا الصوت رغم حنوه ….. غضب السماء على الغلام قد انهمر

كان حديثة كرماح تطعن في فؤادي .. دفعته ووقفت .. كفكفت دموعي .. ورفعت رأسي .. صرخت صرخة سمعها هو وسمعتها الدنيا .. خالطتها نبرة من بكاء :

هي لم تمت

هي لم تمت

هلم تنطفىء

وإنما نحن الذين انطفأنا
__________________
لا تسقني ماء الحياة بذلةٍ
بل فاسقني بالعز كأس الحنظلِ .