عرض مشاركة مفردة
  #77  
قديم 07-09-2004, 04:59 AM
سيد الصبر سيد الصبر غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
المشاركات: 400
إفتراضي

515 )
الشبهة الثالثة

لو كانت زوجة

فلماذا لا ينفق عليها ولا ترث؟

إنّ المرأة المتمتع بها ليست أمة كما هو واضح ولا زوجة لعدم ترتّب آثار عقد النكاح الصحيح عليها كالنفقة والإرث والطلاق وقد استدلّ به غير واحد من المانعين ونقلها الرازي في تفسيره عنهم فقال:

وهذه المرأة لا شكّ انّها ليست مملوكة ولا زوجة، ويدلّ عليه أنّها لو كانت زوجة لحصل التوارث بينهما لقوله تعالى: (وَلَكُمْ نِصْف ما تَرك أَزواجكُم) بالاتفاق لا توارث بينهما، وثانياً لثبت النسب لقوله عليه الصلاة والسلام: «الولد للفراش وللعاهر الحجر» وبالاتفاق لا يثبت، ثالثاً ولوجبت العدة عليها لقوله تعالى: (وَالّذينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزوَاجاً يَتَرَبَّصْن بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعةَ أَشْهُر وَعَشْراً).(1)

يلاحظ عليه: بأنّ المستدلّ خلط آثار الشيء بمقوماته، فالذي يضرّ هو فقدان المقوماتلا بعض الآثار، فانّ النكاح رابطة وعلقة بين الزوجين، كما أنّ


ــــــــــــــــــــــــــــ

1 . البقرة:234.


--------------------------------------------------------------------------------

( 516 )
البيع رابطة بين المالين، فالذي يجب وجوده هو ما جاء في التعريف من وجود الزوجين، أو وجود المالين، وأمّا ما وراء ذلك فإنّما هي آثار ربّما تترتّب ، وربّما تتخلّف، فقد ذكر من آثار النكاح: النفقة، والإرث، والطلاق. وزعم أنّ فقدان واحد منها يوجب فقدان حقيقة النكاح، ولكنّ الأمر ليس كذلك، بشهادة الموارد التالية التي تفقد الآثار ولا تَفقد حقيقة النكاح:

1. الزوجة الناشزة لا تجب نفقتها مع أنّها زوجة.

2. الزوجة الصغيرة زوجة ولا تجب نفقتها.

3. الزوجة القاتلة لا ترث الزوج مع أنّها زوجة.

4. الزوجة المسلمة زوجة ولا ترث زوجها الكافر عند أهل السنّة.

5. الزوجة المجنونة وغيرها من ذوي العاهات تفارق بلا طلاق قال الخرقي في متن المغني: «وأي الزوجين وجد بصاحبه جنوناً أو جذاماً أو برصاً أو كانت المرأة رتقاء أو قرناء أو عفلاء أو فتقاء أو الرجل مجنوناً فلمن وجد ذلك منهما بصاحبه الخيار في فسخ النكاح» (1) أي تبين بلا طلاق.

إلى غير ذلك من الموارد التي يبين فيها الزوجان بلا طلاق ممّا ذكره الفقهاء في مجوّزات الفسخ.

6. الزوجة التي باهلها الزوج تبين بلا طلاق.

وأمّا الاعتداد فقد مرّ انّها تعتدّ بعد انقضاء الأجل وعند موت الزوج.

ولا أدري من أين يقول إنّها لا تثبت النسب، إذ لا فرق بين النكاحين في


ــــــــــــــــــــــــــــ

1 . المغني: 7/ 109 تصحيح محمد خليل، ولاحظ الخلاف للطوسي: 2/396 فصل في العيوب المجوّزة للفسخ المسألة 124.


--------------------------------------------------------------------------------

( 517 )
موارد ثبوت النسب.

وقال السدّي ـ أحد التابعين ـ في تعريفه نكاح المتعة: الرجل ينكح المرأة بشرط إلى أجل مسمّى ويشهد شاهدان، وينكح بإذن وليّها، وإذا انقضت المدّة فليس له عليها سبيل، وهي منه بريئة وعليها أن تستبرئ ما في رحمها، وليس بينهما ميراث.(1)

و كان على الباحث أن يدرس مقوّمات الموضوع ويميّزها عن آثارها، وعلى ذلك فالمتمتّع بها داخلة في قوله: (إلاّ على أزواجهم) بلا إشكال. و يترتّب على عقدها آثار خاصة وإن كان يفقد بعض آثار النكاح الدائم.


ــــــــــــــــــــــــــــ

1 . تفسير الطبري : 5/9.


--------------------------------------------------------------------------------

( 518 )
الشبهة الرابعة

لو كانت جائزة

لما أمرَ بنكاح الإماء والاستعفاف

لو كان نكاح المتعة زواجاً صحيحاً ونكاحاً مطابقاً للأُصول فلماذا أمر اللّه تعالى بالاستعفاف، وقال: (وَلْيَسْتَعْفِف الَّذينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً حَتّى يُغنيهم اللّه مِنْ فَضْلِهِ)(1) لأنّ أعباء الاستمتاع وتكاليفه سهلة ميسورة فلا حاجة إذن إلى الأمر بالاستعفاف، وهذا دليل على أنّه ليس للمسلم إلاّ طريق واحد وهو النكاح أو الاستعفاف؟

يلاحظ عليه: أنّ الكاتب خلط بين النساء المتعفّفات، والمبتذلات في النوادي والفنادق وبيوت الدعارة، وقد عرفت أنّ كثيراً من النساء لعلوّ طبعهنّ لا يخضعن للمتعة وإن كانت حلالاً، إذ ليس كل حلال مرغوباً عند الكل، ولأجل ذلك تصل النوبة إلى الاستعفاف وربما لا يجد الشاب نكاحاً مؤقتاً ولا دائماً.

***

لو كانت المتعة جائزة لما وصلت النوبة إلى نكاح الإماء مع أنّه سبحانه قيّد


ــــــــــــــــــــــــــــ

1 . النور:33


--------------------------------------------------------------------------------

( 519 )
نكاحهن بعدم الاستطاعة على نكاح الحرائر دائماً أو منقطعاً حسب الفرض و قال: (ومَنْ لَم ْيَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أن يَنْكِحَ المُحْصَناتِ المُؤمِناتِ فَمِنْ ما مَلَكَتْ أيْمانُكُم مِنْ فَتَياتِكُمُ المُؤمِنات )(1) لأنّ في نكاح المتعة مندوحة عن ذلك كلّه، لو كان جائزاً.

يقول الأُستاذ مصطفى الرافعي: فلو كانت المتعة جائزة على الإطلاق لما كانت ثمة حاجة ـ كما يقول المانعون ـ إلى نكاح الأمة.(2)

يلاحظ عليه: أنّ هذه الشبهة نظير ما سبق من الشبهة والجواب عن الجميع واحد، ومصدرهما الذهنيّة الخاطئة بالنسبة إلى المتعة، وتصور انّ المرأة المتمتع بها لا تختلف عن النساء المبتذلات اللاتي يعرضن أنفسهن في النوادي والفنادق و بيوت الدعارة، فانّ الالتذاذ بهن يُغني عن نكاح الإماء وما أكثرها في تلك البيوت.

ولكن المتمتع بهنّ ـ يا أُستاذ ـ حرائر عفاف لا صلة بينهن و بين المتواجدات في دمن الفحشاء.

إنّ إغناء نكاح المتعة عن نكاح الإماء، رجم بالغيب، إذ ليس بالوفرة التي يتخيّلها الكاتب حتّى يُستغنى بها عن نكاح الإماء، فانّ كثيراً من النساء الثيّبات تأبى نفوسهنّ عن العقد المنقطع ، فضلاً عن الأبكار، فليس للشارع إلاّ فتح طريق ثالث ـ وراء النكاح الدائم والمنقطع ـ و هو نكاح الإماء عند عدم الطول و خوف العنت.


ــــــــــــــــــــــــــــ

1 . النساء:25 .

2 . إسلامنا في التوفيق بين السنّة والشيعة:152، في فصل زواج المتعة.


--------------------------------------------------------------------------------

( 520 )
الشبهة الخامسة

اندراج المتعة ضمن السفاح

وقد بلغ تجرّؤ بعض الكتّاب من المعاصرين إلى حدّ ألحقه بالسفاح و قال: ولطالما نهى القرآن عن السفاح، و حرّمه تحريماً قاطعاً، وحاسماً بالنسبة إلى الرجال والنساء على السواء ودعا إلى النكاح المشروع الدائم ورغّب فيه.(1)

يلاحظ عليه: أنّ المسلمين عامة أصفقوا على أنّ نبي الإسلام أحلّ المتعة في فترة سواء أكانت في فتح خيبر، أم فتح مكة، أم غيرهما، ولو افترضنا انّ المتعة داخلة تحت السفاح، يكون معنى ذلك انّ الشريعة الإسلامية أمرت بالزنا والسفاح، ونزل الوحي السماوي على تشريعه، ولا أظن مسلماً على أديم الأرض يتفوّه بذلك، فانّ معناه انّ اللّه ورسوله أمر بالفحشاء مع(إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُون).(2)

والمسلم المؤمن بالحسن والقبح والعارف بمقاصد الشريعة لا يخطر بباله انّه سبحانه جوّز الزنا للمسلمين في فترة من الزمن وأمر بالقبح مكان الأمر بالحُسْن، كلّ ذلك يفرض علينا أن ندرس المتعة من جديد حتّى نقف على حدودها


ــــــــــــــــــــــــــــ

1 . الدكتور الدريني في تقديمه:31.

2 . الأعراف:28.


--------------------------------------------------------------------------------
__________________
السلفيالمحتار سابقا السندباد