عرض مشاركة مفردة
  #78  
قديم 07-09-2004, 05:00 AM
سيد الصبر سيد الصبر غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
المشاركات: 400
إفتراضي

( 521 )
وشرائطها وأحكامها، وعندئذ يتجلّى الحقّ بأجلى مظاهره، ولا يبقى شكّ في أنّ نكاح المتعة، لا يفترق عن النكاح الدائم في الماهية والحقيقة وإن كانا يفترقان في بعض الأحكام، نظير نكاح الاماء، الذي ندب إليه الوحي، بقوله: (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِناتِ فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِنات...).(1) فنكاح الإماء لا يفترق عن نكاح الحرائر جوهراً وحقيقة، وإن افترقا في بعض الأحكام الشرعية.

ولو انّ الكاتب أمعن في أحكام المتعة التي تقدم الحديث عنها في صدر الرسالة، لأذعن بأنّ بين نكاح المتعة والسفاح فرقاً شاسعاً فانّ متعة النكاح من المسائل الفقهية الفرعية التي اختلفت أنظار الفقهاء في استمرار حلّيتها لا أصلها كسائر المسائل الفقهية المختلف فيها، فعندئذ يطرح هذا السؤال وهو: ما هذا الصخب الذي أُثير حول هذه المسألة، وما هو السبب لرشق السهام في حلبة القائلين بالحلية؟ أو ليس من الأفضل أن نمرّ على هذه المسألة كسائر المسائل الفقهية من دون تفسيق وتكفير، ومع الأسف الشديد صارت المسألة من المسائل التي تُشهّر بها طائفة من المسلمين ويُطعن عليها لقولهم بحليّتها، وليس القول بحليتها من خصائص تلك الطائفة فحسب، بل سبقهم إليه لفيف من الصحابة والتابعين في عصر تضاربت فيه الأقوال، وقد تقدّمت أسماؤهم.

وأظن ـ و ظن الألمعي صواب ـ انّ وراء هذا الهياج والضوضاء، خلفيات سياسية تتلخص في تبرير عمل الخليفة الثاني الذي قام بتحريم متعة النكاح كمتعة الحج، فحرّم ما أحله اللّه تبارك و تعالى.


ــــــــــــــــــــــــــــ

1 . النساء:25.


--------------------------------------------------------------------------------

( 522 )
ولما كان هذا الأمر ثقيلاً في ميزان العدل، راح رجال من هنا و هناك بنحت شبهات حول الحلية ليسهل تعاطي الحرمة التي فرضها الخليفة على مثل هذا النكاح.

هب انّهم بررّوا عمل الخليفة وموقفه حيال هذه المسألة فبماذا يبررّون العديد من المواقف التي اتّخذها الخليفة قبال النص؟! مثلاً: حكم على الطلاق ثلاثاً في مجلس واحد بلا تخلّل العدة والرجوع، بأنّها تُحسبُ تطليقات ثلاث خلافاً لنصّ الكتاب والسنّة، وقد وقف الخليفة على مضاعفات عمله بعد ما بلغ السيلُ الزبى.

والفقيه الموضوعي يجعل الكتاب والسنّة قدوة لفتياه من دون أن يتّخذ موقفاً مسبقاً في مسألة حتّى يسهل له الوصول إلى الحق.





--------------------------------------------------------------------------------

( 523 )
الشبهة السادسة

المتمتع يقصد السفح لا الإحصان

إنّ المتمتّع في النكاح المؤقت لا يقصد الإحصان دون المسافحة، بل يكون قصده مسافحة، فإن كان هناك نوع ما من إحصان نفسه ومنعها من التنقّل في دِمنِ الزنا، فإنّه لا يكون فيه شيء ما من إحصان المرأة التي تؤجر نفسها كل طائفة من الزمن لرجل فتكون كما قيل:


كرة حُذِفْت بصوالجة * فتلقّفها رجل رجـل(1)

يلاحظ عليه: أنّه من أين وقف على أنّ الإحصان في النكاح المؤقّت يختص بالرجل دون المرأة، فإنّا إذا افترضنا كون العقد شرعياً، فكل واحد من الطرفين يُحصن نفسه من هذا الطريق، وإلاّ فلا محيص عن التنقل في دمن الزنا. والذي يصون الفتى والفتاة عن البغي أحد الأُمور الثلاثة:

1. النكاح الدائم، 2. النكاح المؤقّت بالشروط الماضية، 3. كبت الشهوة الجنسية.

فالأوّل ربّما يكون غير ميسور خصوصاً للطالب والطالبة اللّذين يعيشان بِمِنَح ورواتب مختصرة يجريها عليهما الوالدان أو الحكومة، و الثالث أي كبت الشهوة الجنسية أمر شاق لا يتحمّله إلاّ الأمثل فالأمثل من الشباب، والمثلى من النساء، وهم قليلون، فلم يبق إلاّ الطريق الثاني، فيُحصنان نفسهما عن التنقّل في


ــــــــــــــــــــــــــــ

1 . تفسير المنار: 5/13.


--------------------------------------------------------------------------------

( 524 )
بيوت الدعارة.

إنّ الدين الإسلامي هو الدين الخاتم، ونبيّه خاتم الأنبياء، وكتابه خاتم الكتب، وشريعته خاتمة الشرائع، فلابدّ أن يضع لكل مشكلة اجتماعية حلولاً شرعية، يصون بها كرامة المؤمن والمؤمنة، وما المشكلة الجنسية عند الرجل والمرأة إلاّ إحدى هذه النواحي التي لا يمكن للدين الإسلامي أن يهملها، وعندئذ يطرح هذا السؤال نفسه:

ماذا يفعل هؤلاء الطلبة والطالبات الذين لا يستطيعون القيام بالنكاح الدائم، وتمنعهم كرامتهم ودينهم عن التنقّل في بيوت الدعارة والفساد، والحياة المادية بجمالها تؤجّج نار الشهوة في نفوسهم؟ فمن المستحيل عادة أن يصون نفسه أحد إلاّ من عصمه اللّه، فلم يبق طريق إلاّ زواج المتعة، الذي يشكّل الحل الأنجح لتلافي الوقوع في الزنا، وتبقى كلمة الإمام علي بن أبي طالب ترنّ في الآذان محذّرة من تفاقم هذا الأمر عند إهمال العلاج الذي وصفه المشرّع الحكيم له، حيث قال ـ عليه السَّلام ـ : «لولا نهي عمر عن المتعة لما زنى إلاّ شقي أو شقيّة».

وأمّا تشبيه المتعة بما جاء في الشعر فهو يعرب عن جهل الشاعر ومن استشهد به بحقيقة نكاح المتعة وحدودها، فإنّ ما جاء فيه هي المتعة الدورية التي ينسبها الرجل(1) إلى الشيعة، وهم براء من هذا الإفك، إذ يجب على المتمتّع بها بعد انتهاء المدّة الاعتداد على ما ذكرنا، فكيف يمكن أن تؤجّر نفسها كل طائفة من الزمن لرجل؟! سبحان اللّه ما أجرأهم على الكذب على الشيعة والفرية عليهم، وما مضمون الشعر إلاّ إطاحة بالوحي والتشريع الإلهي، وقد اتّفقت كلمة المحدّثين والمفسّـرين على التشريع، وأنّه لو كان هناك نهي أو نسخ فإنّما هو بعد التشريع والعمل.


ــــــــــــــــــــــــــــ

1 . لاحظ كتابه: السنّة والشيعة: 65ـ66.
__________________
السلفيالمحتار سابقا السندباد