عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 03-12-2006, 06:36 AM
ابودجانه المصري ابودجانه المصري غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2006
المشاركات: 111
Thumbs up دعاوى الجهاد بين الخنادق . . . والفنادق

دعاوى الجهاد بين الخنادق . . . والفنادق
يقول الحق جل جلاله:{ وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً }.
ويقول -سبحانه-:{ إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}.
ويقول -صلى الله عليه وسلم-:«لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل امرئ مسلم».
وقال في أعظم مجمع من مجامع الإسلام والمسلمين -في يوم عرفة-: «إن أموالكم وأعراضكم ودماءَكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا».
وقال:«كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه».
وأمر الله بالعدل، ونهى عن الظلم وحرّمه الله على نفسه، وعلى عباده؛ فقال -جلّ من قائل-: «يا عبادي إني حرّمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم بينكم محرّماً فلا تظالموا» . . .
فالمسلم معصوم الدم، معصوم العرض، معصوم المال «كل المسلم على المسلم حرام»؛
فكيف يجوز قتله وبخاصّةٍ إذا كان بغير حق، وإذا كان بريئاً لم يقترف ذنباً ولا جرماً، فكيف إذا كان طفلاً رضيعاً، فكيف إذا كانت امرأة لا تحمل سلاحاً، فكيف إذا كان شيخاً كبيراً فانياً، وكيف إذا كان في ذلك التقتيل ترويع للآمنين، وزعزعة لأمن البلاد، ونشر للفوضى والفساد بين العباد، وتطميع للطامعين من الأعداء في بلاد الإسلام؛ فإذا كانت الوحوش الكاسرة تخشاها مثيلاتها وهي في قوّتها وفي صحتها، بينما تطمع فيها الحشرات إذا جرحت أو وقعت، بل يطمع فيها الذَّرُّ والنمل، فيقتلها ويأكلها، وهي تنظر إليه! فكيف في بلدان آمنة إذا ما زعزع أمنها؟ فإنّه يتطلّع إليها أولئك الطغاة، وأولئك الجبابرة، وأولئك المستعمرون الجدد، الذين يسيل لعابهم على أرض العرب والمسلمين، يسيل لعابهم لسلخهم من دينهم، ولنهب خيرات بلادهم، فيتَّخذونها فرصة، ويبتهلونها مناسبة ليتدخَّلوا في شؤون هذه البلدان.تحقير المسلم، ولا الاستهانة به . . .

إنّ الغلو والتطرف والإرهاب بمعناه المعاصر: لا المعنى الشرعي، وهو ترويع الآمنين؛ إنّ هذا الإرهاب المعاصر لا دين له، ولا هوية، ولا حدود، ولا زمان، ولا مكان، فهو قد بدأ من زمن الصحابة -رضي الله عنهم-، حينما قتل هؤلاء الغلاة التكفيريون الذين -كانوا يُسَمّون في ذلك العصر بالخوارج-؛ لخروجهم على الخليفة الراشد علي -رضي الله عنه-، ولخروجهم على أئمة المسلمين وعامتهم بالسيف، واليوم: يُسَمّون بالتكفيريين؛ لأنهم يكفرون بالجملة، يكفرون الأنظمة والشعوب، يكفرون كلّ موظف في الدولة، ولهذا يستبيحون دماء الجميع، أمّا هؤلاء الضحايا من المساكين من نساء وأطفال فعندهم -يبعثون على نيّاتهم، فالتكفيريون يفهمون النصوص فهماً منعكساً، فهماً غالياً، فهماً لا يمت إلى كتاب الله ولا إلى سنّة رسول الله -صلى الله عليه وسلّم-، ولا إلى نهج السلف الصالح من الصحابة والتابعين بِصِلَةٍ، لا يفهمون الشرع فهماً صحيحاً، ولذلك أُتوا من جهلهم، ومن قلّة علمهم، ومن ضعف بصيرتهم، ومن حداثة أسنانهم، ولهذا قال فيهم النبي -صلى الله عليه وسلّم-: «حدثاء الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون بقول خير البريّة»، ولكن بينهم وبينه بُعْدَ المشرق والمغرب، قال فيهم النبي -صلى الله عليه وسلّم-: «الخوارج كلاب أهل النار، إذا مرضوا فلا تعودوهم، وإذا ماتوا فلا تمشوا في جنائزهم، لئن أدركتهم لأقتلنّهم قتل عاد وثمود، لمن قتلهم أجر كذا وكذا عند الله»، ولهذا يجب محاربة هذا الفكر الفاسد، العاطل، الباطل، الكاسد، هذا الفكر القديم الجديد المتجدّد، والذي يُنسب -أحياناً- ظلماً وزوراً إلى السلفيّة، والسلفيّة منه براء؛ فَالسلفيّة: علم، السلفيّة: إخلاص، السلفيّة: صدق، السلفيّة: اتّباع، السلفيّة: رحمة وليست لعنة!! حاشا لله أن ينتمي هؤلاء إلى السلف الصالح، حاشا لله أن ينتمي هؤلاء إلى الصحابة الكرام، الذي تنتمي إليهم المدرسة السلفيّة المباركة -التي على رأسها أئمتها الثلاثة: ابن باز، والألباني، وابن العثيمين، وفتاواهم محفوظة، ومسطورة في التحذير من هذا الفكر، والبراءة من هذه الأفعال الشنيعة -قبل أن تظهر هذه التفجيرات هنا وهناك-؛ لأنهم ينطلقون من عقيدة سلفيّةٍ، وأصولٍ صحيحة، ولولا الإطالة لأتينا بكلامهم الذهبي الذي يكتب بماء العيون وقرأناه عليكم، إنهم كانوا سبباً في نزول الآلاف من الجبال في الجزائر، من الذين كانوا يقتلون، ويشردون، ويسلبون، وينهبون، ويغتصبون العواتق والأبكار، ويقتلون الأطفال، حينما وصلت رسالتهم إليهم؛ نزل الآلاف منهم من الجبال، وألقوا السلاح، وفِعْلُ مشايخنا هذا كان أسوة بفعل ابن عباس العالم الرباني، الحبر ترجمان القرآن، الذي ذهب إلى الخوارج وناظرهم، وأقام عليهم الحجة، وقال لهم: جئتكم من عند أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلّم-، وليس فيكم واحد منهم؛ -لأنه حاشا لله أن يخرج الصحابة، وأن يَسْفَهُوا سَفَهَ هؤلاء-، فناظرهم، فعرضوا عليه الشبه ورد عليها وأفحمهم، فرجع منهم ألفان، والأكثر ظلوا على عُتُوِّهم وعنادهم، فقاتلهم علي واستأصلهم، وهم –أي الخوارج- الذين قتلوا عثمان، وقتلوا علياً، وحاولوا قتل معاوية فلم يفلحوا، وهم الذين لم يعرف عنهم في تاريخ الإسلام إلا أنهم كما قال -عليه الصلاة والسلام-: «يقتلون أهل الإسلام، ويَدَعون أهل الأوثان» هذا دَيدنُهم، وكما قال أحد العلماء: «لا للباطل كسروا، ولا للحقّ نصروا».
هذا هو حالهم على مرّ التاريخ، يوجهون معاركهم الى أرض المسلمين، وإلى مجتمعاتهم، بل ينقلونها إلى الأعراس، وهي لمسلمين يظهرون الفرحة -حتى لو وقعوا في شيء من المعاصي أو المخالفات- فلستَ مسؤولاً عن قتلهم، فلا يجوز قتلهم بحال، بل عليك أن تَعِظَهم، وأن تذكرهم، ولكن ليس هذا هو السبب في جريمتهم، إنّ السبب الرئيسَ في حمل هؤلاء المجرمين القتلة على سفك الدماء البريئة، وترويع الآمنين في هذا البلد الآمن -الذي يضرب به المثل في أمنه- بل يغبطه الصديق، ويحسده العدو على أمنه واستقراره، هذا البلد الذي أصبح ملاذاً للخائفين، فكل خائف يجد ملاذاً له في هذا البلد، يجد كَرَمَ الضيافة، يجد المحبة، يجد النصرة وسعة الصدر، ولكنه -بعد- يجازى جزاء سنمّار، ذلك المهندس العظيم الذي بنى قصراً عظيماً، ثمّ دعى الملك صاحب القصر، وأصعده فوق القصر وقال له -بعد أن أعجبه القصر-: إنّ في هذا القصر لبنة لو نزعت من مكانها انهار القصر كله، فقال له الملك: هل يعرفها غيرك؟ فقال: لا، فأهوى به من سطح القصر إلى الأرض فقتله!

أي جهاد هذا الذي يكون في الفنادق؟!!
الجهاد في الخنادق وليس في الفنادق!
الجهاد في ميادين القتال في مواجهة الأعداء المحتلين المغتصبين بطرق شريفة لا بأساليب خسيسة وحشية.
فالبشاعة في القتل يأباها الإسلام، ولذا نهى النبي -صلى الله عليه وسلّم- عن المثلة، ونهى النبي -صلى الله عليه وسلّم- عن الغدر، وهذا من صور الغدر، يأتي الواحد من هؤلاء الأبطال المزعومين! يلبس حزاماً ناسفاً، وينخرط في جموع الأعراس كأنه واحد منهم، جاءهم يقاسمهم جمعهم، ويشاركهم فرحتهم، وإذا هو عدو لدود قاتل، ووحش كاسر، لا يرقب فيهم إلا ولا ذمة في مسلم ولا ذمي، ولا صغير ولا كبير، ويبدأ بقتل نفسه وهو عين الانتحار، يظن أنه شهيد! وما هو والله بشهيد، بل هو حطب جهنّم؛ لأن الله يقول: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً}.
فكيف إذا قتل طفلا رضيعاً؟!
كيف إذا روّع الآمنين؟!
كيف إذا زعزع بلداً آمنا؟!!
فليست هذه الأفعال الإجرامية من الجهاد في شيء!
وليست من الشهادة في شيء!
إن هذا الفكر -التكفيري- الخطير ينبغي أن نحذره، وأن نحذِّر منه، وإذا ابتليتَ بواحد من هؤلاء فينبغي أن ترجع إلى العلماء، ليجلسوا معه ويناظروه، ويقيموا الحجة عليه، وعليك أن تتقي الله يا مسلم يا عبدالله فيمن يدخل بيتك، ومن تؤجره؛ فإن هؤلاء القتلة ما عاشوا في عراء ولا سكنوا الخلاء، إنهم سكنوا بيوتاً واستأجروها، ولهذا ينبغي أن تكون يا صاحب البيت أيها المؤجر يقظاً حذراً، فتراقب -وهذا واجب عليك-، لا أقول: لك أن تتجسس، وإنما تكون ذكياً فطناً، فتعرف من يدخل ويخرج، وماذا يحمل، وما هي مقاصده، وان تسأله عن اسمه، هل تعرف هويته وانتماءه؛ لتعينَه إن كان خيّراً طيِّباً، صالحاً، فأمّا إن كان غادراً، أو خبيثاً ، أو عدوّاً مندساً، فالواجب أن تحذره، وتحذِّر منه، لِتكون سبباً في إطفاء فتنة قد تقع، ومنع كارثة قد تحدث، فلهذا قال -عليه الصلاة والسلام- : «لعن الله من آوى محدثاً» [رواه مسلم].
والتستر على المجرم جريمة يعاقب عليها الشرع، وكذا القوانين.
وقال -صلى الله عليه وسلّم-: «المدينة حرم من عير إلى ثور، من أحدث فيها أو أوى محدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين».