الموضوع: جسد بلا روح
عرض مشاركة مفردة
  #68  
قديم 06-04-2004, 09:07 AM
أطياف الأمل أطياف الأمل غير متصل
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2000
الإقامة: على نفحات الأمل
المشاركات: 3,246
إفتراضي

قد دنى وقت الرحيل


أيام كثيرة مضت.. وأنا أنتظر رسالة من نواف.. أي رسالة.. أي كلمة تطمنني عليه.. كنت قد أخبرته أن يرسل لي رسالة فارغة في حال انشغاله.. فلم لم يرسل لي؟؟ أكاد أموت من الخوف عليه.. أين هو يا ترى؟؟ أي أرض تقله؟ وأي سماء تظله؟
أرسلت له أكثر من عشرة رسائل.. كان يقرأها.. وأعلم أنه كان يقرأها.. ولكنه لم يكن يجيب.. كل يوم أفتح بريدي على أمل أن أرى منه شيء.. كل يوم تتعالى دقات قلبي وأنا أفتح بريدي... تتعالى وتقفز علها ترى منه شيئا فتطير فرحة.. ولكن واحسرتاه عليها.. فكل يوم أفتحه.. تقابل بالصدود.. كل يوم تصفع.. كل يوم تخنق.. فتقف عن الحركة..وتموت.. كل يوم تذبل البسمة على شفاهي.. لإازداد ذبولا وشحوبا..
أين أنت؟؟ أين أنت؟؟ كل يوم تصرخ بدومعي بهذين السؤالين.. أين أنت؟
كدت أجن.. ماذا أفعل؟ هل أسألأ عنه في المستشفيات والشرطه؟ هل أبحث عن رقم هاتفه وأتصل فأسأل عليه؟ رغم أن ذلك مناف تماما لمبادئي إلا أن لا شيء أمامي لأفعل.. ولا شيء.. أجل لن أتكلم معه.. ولن أخبره أني المتصله.. ولكن فقط لأطمئن عليه..
وهكذا قررت أن أبحث عن رقم هاتفه..وبالفعل وجدته.. إلا أني قلت في نفسي:
- سأنتظر ثلاثة أيام.. إن لم يرسل لي شيئا.. سأفعل هذا الأمر.. ولكم أكره فعله..
وبعد ثلاثة أيام.. أي في اليوم الذي حددته لنفسي.. كنت في بيت أمي... جالسة مع أمي وأحمد.. سارحة بفكري في عالم آخر..فقد كنت معهم بالجسد..وإنما الروح.. فهي معه.. أحمد يقفز يمنة ويسرى.. يضحك ويقلد هذا وذاك..
وأمي تضحك عليه.. فلقد كان أحمد أشبه بالمهرج الصغير..
هتف أحمد بمرح وهو يقفز: ويسجل الكابتن ماجد هدفه الذهبي في شباك مرمى فريق السعادة.. فيفوز فريق المجد..
أخذ غطاء الطاوله ووضعه على كتفه فقال مقلدا مشجات فريق الكرة: مرحى مرحى فريق المجد..
رغم كوني لست في مزاج يسمح للضحك.. إلا أني ضحكت وبعمق لمنظره..
وبينما احمد يقص علينا أحداث حلقة اليوم من البطل ماجد.. صرخ مرة واحدة: نـــــورة..
وركض للباب.. التفتنا أنا وأمي فوجدانها بالفعل.. نورة أختي..
نهضت أمي بسرعة ونهضت أنا خلفها.. كضنا إلى نورة.. انتزعت أمي أحمد من بين أحضانها أو بمعنى أصح من على رقبتها وحضنت نورة بقوة إليها.. قالت لها عاتبة: هكذا يا نورة؟ شهر ونصف أيتها الظالمة ولا تزوريني؟؟
مسحت نورة دموع فرحتها من على وجنتيها وقالت: أماه.. ليس بيدي.. لم يستطع فهد أخذ إجازة سوى اليوم.. أعذريني يا أمي..
استللت نورة من بين أحضان أمي قائلة:أرجوك أماه دوري أنا..
ضممت نورة بقوة وكذلك هي ولمثتها قائلة: ويحك يا نورة.. هل هنا عليك؟؟
- بالطبع لا ي روز..ولكن فهد..
وقطع حديثها دخول فهد فقال: فهد فهد فهد.. بالطبع هي تخبركم أني أنا المذنب..
صاحت أمي: ابني فهد.. تعال إلي أضمك أيها الفيلسوف..
ضمته أمي إليها وقبلته..قال لها: كيف حالك يا خالتي؟
- لا تسألني عن حالي فأنا بأفضل وأسعد حال..
- الحمدلله دوما إن شاء الله..
قالت أمي: تفضلوا للداخل.. فمن فرحتي بكم وقفت بكم عند الباب..
قلت لفهد معاتبه: وأنا يا فهد؟؟ ألا يسلم المرء على أخته ويقبلها؟
اقترب مني قبلني على جبيني وقال: بالطبع يفعل وخصوصا لو كان لديه أغلى وأرق أخت بالعالم..
احمر وجهي فقلت له: بالطبع كعادتك تغلبني بحلو حديثي وتهدم حصون دفاعي..
ضحك وقال: أهم شي أني أستطيع أن أدك حصونك المنيعه.. وقتها أكون بأفضل حال..
دخلنا وجلسنا في الصالة..
قال فهد لأمي: خالتي.. لا تصدقي نورة.. أنا ومنذ أول يوم أقول لنورة..دعينا نزورهم..دعينا نذهب.. وهي تقول لا أريد..هنا أفضل.. هنا أنا معك وحدنا.. لا أحد يزعجنا.. هنا أحبك كما أريد
قاطعته نورة قائلة: أنا قلت هذا؟؟
ضحك فهد فأخذت نورة الوسادة وضربته بها.. وقالت: حتى لاتتعلم الكذب..
التفتت إلى أمي وقالت: لا تصدقيه يا أمي.. ما حدث كان العكس..حتى أسأليه..
قالت أمي لفهد ضاحكة: أصحيح ما تقوله زوجتك يا فهد؟؟
- آه أجل صحيح..
أجاب وهو يهز رأسه بالنفي..
تدخلت أنا منقذة الوضع حينما رأيت نورة بدأت تغضب بجد.. وقلت:أعلم أن فهد يمزح ونورة لم تقل هذا.. ولكن كل شيء غير مهم.. المهم أنكم هنا معنا..
أردفت أمي: أجل يا بنيتي..صدقتي.. وأخيرا أنرتم بيتي؟
قالت نورة: النور نورك يا (ست الحبايب)..
غمز فهد بعينه لنوره وقال: نورة.. أنا أغار إن قلت لغيري كلام من هذا النوع.. الغزل لي أنا فقط.. كما قلبي وروحي وعقلي لك أنت فقط..
احمرت وجنتا نورة فقالت لفهد:كفى يا فهد.. أنت تخجلني..
التفت فهد حوله ثم تابع قائلا: لا أحد غريب هنا لنخجل.. أمي وأختي.. دعيني أقول مافي قلبي..
نهضت من مكاني إلى حيث فهد.. أغلقت فمه بيدي وقلت: حتى تتعلم كيف تسكت..
ضحكنا جميعا بعمق.. ومر وقت طويل ونحن نتجاذب أطراف الحديث والضحك..
أتى أحمد وجلس على حجر نورة وقال: هيا هيا تكلمي..
- ماذا أقول؟
- أخبريني ماذا فعلتم هناك؟؟ ومن رأيتم؟
ضحكت نورة وقالت: فعلنا أشياء كثيرة ورأينا أناس كثر..
سكت يفكر ثم قال: هل رأيتم الفأر الكبير؟
- لا لم نره..
- إذا هل رأيتم الكابتن ماجد؟
- ولا هو لم نره..
- امم هل رأيتم أبطال الديجيتال؟
- ولا هم لم أراهم.. أرأيتهم أنت يا فهد؟؟
- لا لم أرهم.. ولكن أخبرني مدير أعمالهم أنهم كانوا في جوله سياحيه
أجاب فهد ساخرا..
قال أحمد: ولم تري عدس ولا بندق ولا أي من هؤلاء؟
- لا ياحبيبي لم أرهم..
نهض من على حجرها وقال: إذا لم تستمتعا..ولكن أخبريني.. ماذا أحضرتي لي؟
- الكثير الكثير من الهدايا..
- حقا؟ هيا اذهبي واحضريهم..
قالت أمي: عيب يا ولد.. أختك للتو وصلت.. اصمت..
- دعيه يا أمي.. فكم أشتاق إليه..
- أسمعت يا أمي؟؟ قالت دعيه.. فلتتحمل هي أسالتي..
ضحكت أمي وقالت:تحملي أخيك يا نورة.. وسأذهب أنا لأتصل على أخويك فأخبرهم أنكم هنا..
وما أن أتمت أمي جملتها حتى بان فيصل.. نزل من غرفته..وما أن رأى فهد ونورة حتى أقبل بسرعة وسلم عليها.. وسبحان الصدف.. في نفس الوقت دخل يوسف البيت..على غي عادته في هذا الوقت.. وشاركنا الجلسة..
قالت أمي: الآن أنا سعيدة.. أبناي كلهم حولي..
قال يوسف: لا حرمنا الله منك يا أم فيصل يا نورنا كلنا..
لم يزد أحد على كلامه فقال معاتبا: أمّنوا على كلامي هيا بسرعه..
ضحكنا جميعا وقلنا: آمين
كان فهد على يمينها ونورة على شمالها وفيصل واقفا قريبا منها ويوسف أيضا وحتى أنا.. رغم أن عاصفة من الحزن اجتاحتني.. نظر إليّ فيصل.. ابتسمت له وأشحت بوجهي بسرعه.. أحسست أنه يجب أن أنقذ نفسي من هذا الموقف..فانا أكيدة أن فيصل سيسألني مابي.. ويجعل أمي ونورة ينتبهان أن هنالك خطب بي.. لا.. لن أعكر فرحتهم لأجلي أنا..
قلت مستأذنه مصطنعة المرح: ولأجل هذا الاجتماع الرائع سأذهب وأعد أفضل عصير ليمون قد تتذوقونه في حياتكم..
ضحك يوسف وقال: لا أرجوك.. أخاف أن أموت.. سأذهب أنا الآن..
وقال فهد: يوسف انفذ بجلدك قبل أن تجبرك روز على شرب العصير بأكمله..أنا لا أستطيع الفرار..فمحامي روز ممسكا بتلابيب ثيابي..
تدخلت نورة وقالت: اسكتوا جميعا لا تقولوا هذا عن أختي.. أفهمتم؟؟
- يا حبيبتي يا أختي..
رد فهد: أرأيت يا فهد؟ تكلم المحامي..
قال يوسف: دعوني أذهب الآن قبل أن تقوم المعركة..
قلت له: اذهب فوجودنا بودونك أفضل أيها المزعج..
- لن أرد عليك فأنا أكبر منك..
استدار خارجا إلى أن أمي قالت: يوسف..هل ستخرج؟؟
أجابها: أجل يا أمي..
- للتو أتيت..فل تذهب؟
- أتيت أحضر بعض الأغراض وأبدل ملابسي.. أصحابي بانتظاري..ومن ثم لست وحدك اليوم..نورة وروز هنا..
- حسنا يا بني لا تتأخر..
- بأمرك يا أمي.. إلى اللقاء جميعا..
خرج يوسف واتجهت أنا إلى المطبخ.. ظل الجميع يتكلمون ويضحكون إلى أن فيصل غمز لنوره لتقترب.. اقتربت منه فهمس في اذنها:
- نورة.. روز متضايقة.. اذهبي وانظري مابها..
- وما أدراك أنت؟؟ هاهي كانت هنا تضحك ولا بها شيء..
- نوره.. اذهبي ولا تناقشيني... وهل هناك من هو أعلم بالروح من الروح؟
- أفحمتني.. حسنا سأذهب الآن..
- ولا تنسي أن تردي لي خبر.. أنا بانتظارك..
ذهبت إلى المطبخ أعد العصير..فلحقتني نورة..
دخلت خلفي المطبخ.. نظرت إليها وابتسمت.. نظرت إلي مطولا ولم تتكلم فقلت لها: مابك يا نورة؟
أجابت: تسأليني أنا؟ اسألي نفسك..أنت ما بك؟
- أنا؟ لا شيء.. أنا بأفضل حال..
- روز.. لا تكذبي علي.. أنت كتاب مفتوح أمامي.. هيا.. أخبريني بما عندك..
استندت على طاولة المطبخ..تنهدت بقوة فترقرقت دموعي في عيني..
ضربت نورة بيدها على صدرها واقتربت مني بسرعة: روز.. تكلمي ما بك؟ هل حصل لك أمر ما؟
هززت رأسي بالنفي فعادت تسأل: روز ويحك أجيـبـيني.. أنت تخيفيني هكذا..
- بم أجيبك؟ ماذا أقول لك يا نورة!!
- أي شيء.. بل كل شيء..
- لا أدري ما بي يا نورة..
- أهو عبد العزيز؟
نظرت إليها بعينين ملئتان بدمع غير جار منهما.. فقالت: هو أليس كذلك؟
أومأت برأسي مجيبة.. فأردفت: مابه عبد العزيز؟ هل هو بخير؟
- أتمنى ذلك..
- روز تكلمي.. هل حصل لعبد العزيز شيء؟؟
- لا أدري يا نورة.. أقسم لك أني لا أدري..
- وكيف لا تدرين؟؟
- لا أدري لأنه منذ فترة طويلة لم يرسل لي شيئا..
ضحكت نورة وقالت: ويحك خفت أن مكروها أصابه.. ليس بالغريب عليه الغياب.. ألم تعتادي على غيابه؟ منذ عرفته وهو يغيب.. فما المختلف هنا؟
- لا أدري يا نورة.. المختلف أن الفترة طويلة جدا.. تعدت أي غياب سابق له.. لم يرسل لي يا نورة منذ شهر ونص الآن!! أكاد أجن يا نورة والله أكاد أجن..
- لم لا ترسلين له؟؟
- وهل قصرت؟؟ أرسلت له الكثير من الرسائل.. ولكنه لم يجيبني بأي شيء..حتى أني في آخر رسالة رجوته وسألته أن يجيبني بدافع الشفقة والعطف.. إن لم يكن بدافع الحب والشوق..
- ألهذه الدرجة يا روز؟؟
- أجل يا نورة.. بل وأكثر.. آه يا ويح فؤادي..
- لا تخافي يا أختي.. هو بخير إن شاء الله.. هيا دعينا نذهب لغرفتك ونرى بريدك..متأكده أنك سترين منه رسالة.. هيا تعالي..
- ولكن يا نورة..
قاطعتني قائلة: تعالي ودعي الكلام عنك..هيا..
مسكتني من يدي وجرتني معها إلى الأعلى.. دخلنا غرفتي.. جلست على سريري وهي شغلت الجهاز.. ودخلت إلى الشبكه.. قالت لي: هيا تعالي.. وإلا سأفتحه أنا..
بحزن وإطراق قلت: افتحيه أنت.. سأموت هذه المرة إن لم أجد شيئا..نفذ صبري يا نورة..
- كما تريدين ولكني سأفتحه لأثبت لك أنك مخطئة.. وأنه أرسل لك ليخبرك بأنه يحبك.. يحبك كما لم يحب أحد.. بل و يفتقدك.. وسترين..
- آه يا نورة.. لا آمل سوى أن يطمئنني عليه.. فقط لا أطمع بشيء آخر..
- إن شاء الله ستجدين ما يثلج صدرك يا أختي..
فتحت نورة بريدي.. وعندما رأيت أنها تتصفحه..أخفضت بصري ونكست رأسي.. وضعت يدي على أذني و أغمضت عيني بقوة.. لا أريد أن أسمع لا أريد..
صرخت نورة وأتتني تهزني: روز قومي.. هنالك رسالة منه.. قومي..
فتحت عيناي ونظرت إليها ذاهلة.. عادت وقالت: انهضي أيتها الغبية وأقرأي الايميل.. هيا..
- نورة أتمزحين معي؟؟؟
- بالطبع لا يا روز..انهضي يا قلبي وأقرأي الايميل..
قفزت فرحة ووجهي متوردا سعيدا.. عادت إليه حياته التي سلبت منه..
اتجهت إلى الكرسي بسرعه..جلست ووقفت هي بجانبي.. أخذت يدها ووضعتها على قلبي الهائج بدقاته وضرباته وقلت: أتشعرين بنبضاتي؟؟
ابتسمت وقالت: أجل.. وأعرف كيف تكون..فكذلك هي عندما أرى فهد...هيا يا عزيزتي..أريحي نفسك وأريحيني معك..
- أجل.. سأفعل..
وبيد مرتعشه أمسكت الفارة.. وفتحت الرسالة......


يتبع...
الرد مع إقتباس