عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 19-09-2006, 06:55 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي لا حياء مع الخيانة

لا حياء مع الخيانة :

عندما كان يُسرق حمار فلاح في صعيد مصر ، كان صاحب الحمار يتوارى عن الأنظار لأسابيع حتى يستعيد حماره ، وإن لم يستطع يبقى مكسور الخاطر طيلة حياته ، وإذا قيل له إذهب للشرطة واشتكي ، كان يحس بإهانة كبيرة إضافية .. فالمفروض أن تكون مسئولية الحفاظ على أملاكه منوطة به لا بالشرطة ، هذه أعراف من يستحي ..

وعندما كان يسقط سيف المقاتل من يده ، فإن المبارز له ، يتوقف عن القتال طالبا من خصمه أن يلتقط سيفه .. هذا موقف النبلاء ..

أتأمل أحيانا برجال أو ( أشباه رجال ) يجلسون أمام الكاميرات ، ليتشدقوا بقوانين و أعراف كونوها على هامش احتلال العراق .. ويتكلمون كسادة ـ أو هكذا يظنون ـ بأنه لا صلح و لا نريد للاحتلال أن يخرج ، ويضعون قائمة طويلة من المطالب و كأنهم هم من صنع هذا الوضع المخزي ـ وهي تهمة وحدها كافية لإدانتهم ـ من وفيق السامرائي لمعممين فرس ينطقون بالعربية .

لكن هكذا هي سنة الطفيليات والحشرات المزعجة ، فإذا ما غفي المرء ، تتسلل إليه بعوضة لتلسعه ، أو إذا ما انشغل في معالجة جرح نازف ، استغلت ذبابة انشغاله لتدوي فوق جسمه ممثلة دور الصقر ..

ومن يتتبع تاريخ هؤلاء يجدها صفة ملصقة دائمة عندهم منذ الأزل ، فعندما انشغل الجيش العثماني بمحاصرة ( فيينا ) ، هاجم الفرس العراق و احتلوه ، وعندما عاد العراقيون من الكويت ، استغل أعوان الفرس وعملاء الغرب في كردستان ليعيثوا في الأرض فسادا .. وأطلقوا على خياناتهم أسماء مهمة لا تليق بأفعالهم المشينة ..

لقد رأيت العراق في آذار/ مارس 1991 ، وكان مهدما بفعل حقد المعتدين ، إذ لم يتركوا جسرا أو بناية من جنوبه الى شماله ، وعدت في ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه ، لأجد أن العراق استعاد عافيته ووقف من جديد ، رغم تحالف القوى الخارجية و المعادية من كل أصنافها ، واليوم مضى أكثر من أربعين شهرا على الاحتلال ، والوضع كل يوم الى سوء .. سرقات منظمة من المحتلين و أعوانهم .. سيول من دماء الأبرياء .. ظلام دامس .. تلوث .. تعاطي مخدرات .. فساد في كل شيء ، ومع ذلك يتواقح هؤلاء السفلة و يسمون ذلك انتصارا و تحريرا ..

عندما يسقط الحياء من نفوس الرجال ، فإن خيانتهم ستكون لها في أعرافهم أسماء مبررة .. صدق من قال إن كنت لا تستحي فاصنع ما شئت .. لكن قليلين الحياء لا دولة لهم و لا طول بقاء ..
__________________
ابن حوران