عرض مشاركة مفردة
  #30  
قديم 27-02-2004, 12:54 PM
الصورة الرمزية لـ الوافـــــي
الوافـــــي الوافـــــي غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 24,409
إفتراضي

وقد جاء في صحيح مسلم من حديث حذيفة بن أسيل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا بلغت النطفة ثِنتين وأربعين ليلة أرسل إليها الملك فيأمره الله -جل وعلا- بتصويرها، ثم يقول: أي ربي، أذكر أم أنثى؟ فيأمر الله ما شاء ويكتب الملَك، ثم يقول: أي ربي، شقي أم سعيد؟ فيقول الله أو يأمر الله بما شاء ثم يكتب المَلَك ، ثم يقول: أي ربي، رزقه؟ فيقول الله ما شاء ثم يكتب الملك ) .
فهذا يدل على أن التصوير سابق لتمام هذه المدة، وأن التصوير يكون بعد ثنتين وأربعين ليلة، وقد قال -جل وعلا- : ( فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ {8}سورة الإنفطار وهذا التصوير معناه التخطيط، فإن هناك ثلاثة ألفاظ ، ألفاظ التكوين: تكوين المخلوق وهي التصوير، والخلق، والبَرْء: ( هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ {24}‏سورة الحشر .
فالمصور معناه: الذي يجعل الشيء على هيئة صورة مخططة، الخالق أو خلق الشيء … خلق الجنين: أن يجعل لها مقاديرها من الأطراف والأعضاء ونحو ذلك، والبرء: أن تتم وتكون تامة، يعني: أن يبرأ ما سبق وهذا في الجنين واضح، فإن الجنين يصور -أولاً- قبل أن تخلق له الأعضاء.
فلو رُئي الجنين … بعض الأجنة إذا سقط في تسعين يوماً أو في أكثر من ثمانين يوماً ونُظر إليه إذا أسقطته الأم ونظر إليه وُجد أنه كلوحة عليها خطوط، يعني: العين مرسومة رسمًا ( ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ {14}سورة المؤمنون.
وتجد أنه كالتخطيط في شيء شفاف، وهذا لم تتكون الأعضاء، وإنما هذا التصوير، وهذا كما جاء في حديث حذيفة يفعله الملك بأمر الله -جل جلاله.
والملائكة موكلون بما يريد الله -جل وعلا- منهم كما قال -سبحانه-: قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ {11}‏ سورة السجدة ، فالملائكة موكلون بما شاء الله -جل وعلا- أن يفعلوه ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ {6}سورة التحريم .
نستفيد -أيضاً- من هذا أن في هذه المدة يكتب: هل هو ذكر أم أنثى؟ كما جاء في حديث حذيفة الذي ذكرت لك في مسلم أنه بعد الثنتين والأربعين ليلة يسأل الملَك فيقول: ( أي ربي، ذكر أم أنثى؟ فيقول الله -جل وعلا- أو يأمر الله -جل وعلا- بما شاء فيكتب الملك ) .
قال طائفة من المحققين من أهل العلم: إنه بذلك يعني بعد الثنتين والأربعين يخرج علم نوع الجنين من كونه ذكرا أو أنثى عن اختصاص الله -جل وعلا- به؛ لأن الله -جل وعلا- اختص بخمسة من علم الغيب اختص بخمسة لا يعلمها إلا الله، ومنها: أنه -جل وعلا- ( إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ {34}‏سورة لقمان .
وما في الأرحام كثيرة … ما في الأرحام يشمل: مَن في الرحم، ويشمل ما في الرحم ( اللّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ {8} سورة الرعد ، وهذا العلم الشمولي بتطور الجنين في بطن أمه لحظة بلحظة لا أحد يعلمها إلا الله -جل جلاله-.
أما العلم بكون الجنين ذكرا أو أنثى فهذا من اختصاص علم الله -جل وعلا- قبل الثنتين والأربعين ليلة، فإذا أعْلَم الملَك بذلك دل الحديث على خروجه عن العلم الذي لا يعلمه إلا الله -جل وعلا.
ولهذا في بعض الأعصر المتقدمة كان بعض أهل التجريب كما ذكر ذلك ابن العربي في تفسيره "أحكام القرآن" بعض أهل التجريب كان ينظر إلى رحم المرأة … ينظر إلى المرأة الحامل، ويقول: في بطنها ذكر أم أنثى، يعني: إذا عظم بطنها.
وذكر العلماء: أن هذا ليس فيه ادعاء علم الغيب؛ لأن الاختصاص فيما قبل ذلك، منهم من يقيِّد الاختصاص بما قبل نفخ الروح، فيهم وهو الصحيح أن يقيد الاختصاص بما قبل الثنتين وأربعين ليلة كما دل عليه الحديث الصحيح الذي ذكرت لك .
وفى الزمن هذا يعرف -أيضاً- هل هو ذكر أم أنثى بالوسائل الحديثة وليس في هذا ادعاء علم الغيب؛ لأنهم لا يعلمون قطعاً ولا يستطيعون أن يعلموه إلا بعد هذه المدة التي ذكرنا، وأما قبلها فإنها من اختصاص علم الله -جل وعلا- مع أنهم لا يعلمونها إلا بعد أن تنفصل أو تتميز آلة الذكر من الأنثى، يعني: فرج الذكر من فرج الأنثى وهذا يكون بعد مدة .

.. يتبع ..
__________________


للتواصل .. ( alwafi_248@hotmail.com )

{ موضوعات أدرجها الوافـــــي }