الموضوع: مأساة النجاح
عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 24-08-2007, 01:04 AM
عاشق القمر عاشق القمر غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2005
المشاركات: 1,761
Lightbulb مأساة النجاح

مأساة النجاح

عبد الله بن سُليمان العُتَيِّق

الإنسان مولودٌ راغباً في تحقيق كلِّ ما يريده ، و ساعياً في تحسين حياته ، و هذه جِبِلَّةٍ من الجِبِلاَّت التي غرزها الله في النفس البشرية .
و هي ممتعةٌ مُؤْنِسَةٌ إذا كانت مُتَمَشِّيةً على قواعد النجاح و أصولِه ، و في خِلاف ذا لا يكون له أيَّةُ متعةٍ و أُنْسٍ .
لكن هل هو مأساةٌ و حسرة ؟!
نعم !!!
لكن كيف ؟ و متى ؟ و لمَ ؟
أما عن كيفَ ؟
فالجواب :
إن الإنسان إذا كان سالِكاً دروب الطُموح ، طارقاً أبواب الفلاح و النجاح يعتوِرُه الفشل في حينٍ من أحايينه ، و يؤذيه البذلُ من نفسه في أزمنته ، فإذا جاءه ذلك كان مُحطماً له ، مدمراً لهمته ، و هذا لا يأتي إلا الأنفسَ الضِّعاف ؛ التي تجعل الكأس دائماً فارغاً مع امتلاء نصفه .
هذه الحال تجعلُ تحقيق النجاح في كلِّ شيءٍ أمراً مُلِحَّاً لا يتخلله خللٌ أبداً .
و هذه النظرة من النظرات اللاتي تحصرُ الهمَّ ، و تُفَتِّرُ العزمَ ...
فهنا يكون للنجاح مأساة لعدم تحقيق الرغبة في تمام النجاح .

و أما متى ؟
فالجواب :
فذلك حينَ يكون المرءُ دقيقاً في جزئيات عمله و هدفه ، فذاك طموحٌ في كمال صعبٍ لا يُنال ، ففي تلك الحالة عند عدم تحققِ الغاية بإتمام و إكمال و إتقان إن شعرَ بالفشل التام فهي مأساة النجاح .
يذكرُ د. طارق السويدان _ وفقه الله _ أنه قد اشترى حقولَ بترول في أمريكا ، و في أحداث 11 سيبتمبر دُمرتْ و جرى عليها ما جرى ، و أسِفَ على ذلك ، و لكن تمتَّعَ بالنجاح حيث تأهل لتلك الحالة من شراء حقول .
فلو اعتبرَ ذلك النجاح الكبير مع الخلل و الفشل الذي فيه مأساةً لكن داخلاً في موضوعنا .
فهنا ظرفية المأساة الناجاحية ، فتنبَّه .

و أما عن لمَ ؟
فقد مرَّ الجواب عنها في أعطاف الكلام الآنف .
بعد هذا كلِّه إن مأساة النجاح إنما هي جائِيَةٌ من صنيع الرجل نفسِه ، و ليست من الهدف .
و ربما تكون من آليةِ السعي ؛ و هي من اختيار الرجل .
فحتى نتجنَّب الوقوعَ في مأساة النجاح لنتعلَّم حقيقة النجاح ، و لنعرف لذته ، و لنتفهم حالنا معه .
عندها نعرف مدى ملابسات النجاح : متعةً و مأساةً ...

السبت 23/3/1424هـ
الرياض

__________________
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة *** على النفس من وقع الحسام المهنّد


سأغيب وقد يطول غيابى
فان طال
فتذكّرونى بالخير
وسامحونى على التقصير والذلل
وان عدت فترقبونى فى حلّة جديدة

اخوكم/
عاشق القمر
الرد مع إقتباس