عرض مشاركة مفردة
  #22  
قديم 09-07-2006, 06:58 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

معنى العلمانية وتعريفها

يكون عدم معرفة معنى الألفاظ والمصطلحات أحيانا ، عائقا كبيرا في إقامة الحوار بين طرفين أو أطراف عدة .. فينقطع النقاش منذ بداياته أو يتحول الى سجال عقيم لا يقرب بين المتحاورين بل يرسخ الفرقة فيما بينهم ..

فمثلا لو طرح لفظ اشتراكية أثناء الحديث ، فسيقفز لذهن المحاور الذي يعتمد الدين كأساس لنشاطه الإيبستمولوجي ، صورة الإشتراكي الماركسي الملحد ، الذي يجب عدم الاقتراب من ناحيته . ولكن لو تعرف المثقف على أن الاشتراكية هي نظام يسعى الى تأمين العمل والسكن والتعليم والصحة ، وهي شكل من أشكال إقرار العدالة الاجتماعية ، عندها لأصغى وابتدأ نقاشه باهتمام ..

لقد ظهر في ربع القرن الماضي موجة من النشاط الديني ، التي يئست من كل ألوان العمل السياسي ، ففضلت العودة الى دين الله ومحاربة كل النشاطات الأخرى التي دونه .. فقامت بذلك بزيادة أزمة الأمة ، ولم تسعى لصلاحها ، فبرزت مدارس ذهنية على هذا الصعيد الديني نما من خلالها النهج التكفيري والنهج المتطرف ، وبات المثقفون حذرين من بعض .. وقد تكون ثقافة اللون الواحد ، هي سبب تصلب مواقف المثقفين تجاه بعضهم البعض ..

وكان للفظ العلمانية ( بفتح العين ) نصيب وافر من التطير لدى سماعها ، حيث تنذر من يسمع بها أن وراء مستخدمها يقبع ملحدا مارقا سفيها لا فائدة من الاستماع اليه .. أو مناقشته ..

ولكثرة ما اصطدمت بهذا النوع من الخلافات ، ورغم ترددي في الكتابة بهذا النوع من الكتابات ، لكن أملى علي واجبي كمثقف أن أفتح هذا الباب ، من أجل إطلاع من حب عليه ، ليكون على بينة من استخدام المصطلح على وجه الدقة .
إن هذا المصطلح قد استورد لبلادنا من بين عدة مصطلحات نشأت في بيئة مختلفة عن بيئتنا ، فلذا كان لا بد من معرفة الظروف التي وجد بها هذا المصطلح ضمن بيئته الحقيقية ..

فقد وجدت بأوروبا كصيغة تنظيمية تستبعد عوامل المشاحنة الدينية بين الطوائف المسيحية والتي كانت ظلالها تسقط على الدولة ..

العلمانية كمصطلح :

ظهرت في منتصف القرن التاسع عشر وتعني دنيويا غير ديني ، ويقابلها بالإنجليزية Secular وبالفرنسية Secularise أو Laique وهي كما ورد في معجم العلوم الاجتماعية نسبة الى العلم ( بفتح العين وتسكين اللام ) .. وهو خلاف الديني أو الكهنوتي ، وهي مفارقة دينية ( مسيحية ) لا وجود لها في الإسلام .. وقد مررنا على ذلك في موضوع الهرمسية .. حيث لا كرسي بابوي عند المسلمين السنة .. ولا سلطة واضحة لرجال الدين على مر العهود الإسلامية ، بعكس ما كان يحصل في أوروبا من تنصيب الملوك والأمراء والقياصرة ..

وفي مناقشات البرلمان الفرنسي للدستور في 27/10/1946 ورد تعريف للعلمانية ، بأنها حياد الدولة تجاه الدين .. فهي ليست عقيدة أو فلسفة تبشر بها الدولة وتدرسها في مواجهة الدين أي دين .. وهذا لا يعني أيضا أن السياسة تعادي الدين أو أن الحاكم ملحد أو أن الدولة العلمانية ملحدة ..

وفي تعريف أوروبي آخر يشير الى أنه ( ممكن التعامل مع الإنسان و إدارته كما تدرس الأشياء والظواهر الأخرى الطبيعية وكما تدرس الظواهر الاجتماعية بعيدا عن تدخل إرادة الكهنوت و الكنيسة ) .. فأطلق على ذلك ( الهيومانتية ) أي التي تعارض الكهنوتية ..والتي أطلق عليها الفلاسفة ( الثيوقراطية ) .. وقابلها بالتضاد ( الديمقراطية ) .. أي تحويل تناقل السلطة بين الناس الى الناس بدلا من نزعات الكهنة ..

اذن نخلص من هذه المقدمة الى أن ( العلمانية في أوروبا جاءت بعد صراع طويل وشديد بين سلطتين الكنيسة و الشعب .. ففكت الاشتباك فيما بينهما ) ..

يتبع
__________________
ابن حوران