عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 29-09-2004, 03:09 PM
الهادئ الهادئ غير متصل
جهاد النفس الجهاد الأكبر
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2003
الإقامة: بلد الأزهر الشريف
المشاركات: 1,208
إفتراضي

5-أهل الذمة :

الذمة في اللغة تعني العهد والامان والضمان ، وفي الشرع تعني عقداً مؤبداً يتضمن اقرار غير المسلمين على دينهم وتمتعهم بأمان الجماعة الاسلامية وضمانها بشرط بذلهم الجزية وقبولهم احكام دار الاسلام في غير شؤونهم الدينية ، وهذا العقد يوجب لكل طرف حقوقا ويفرض عليه واجبات ، وليست عبارة أهل الذمة عبارة تنقيص أو ذم ، بل هي عبارة توحي بوجوب الرعاية والوفاء تديناً وامتثالاً للشرع ، وان كان بعضهم يتأذى منها فيمكن تغييرها لان الله لم يتعبدنا به وقد غير سيدنا عمر لفظ الجزية الذي ورد في القرآن استجابة لعرب بني تغلب من النصارى الذين أنفوا من الاسم وطلبوا ان يؤخذ باسم الصدقة وان كان مضاعفاً فوافقهم عمر وقال : هؤلاء قوم حمقى رضوا المعنى وابوا الاسم .

* ومما يجب ادراكه عن الذمة ما يلي :

•فكرة عقد الذمة ليست فكرة إسلامية المبتدأ ، وانما هي مما وجده الإسلام شائعاً بين الناس عند بعثة النبي صلى الله عليه وسلم فأكسبه مشروعيته ، واضاف اليه تحصيناً جديداً بان حول الذمة من الذمة العاقد أو المجير الى ذمة الله ورسوله والمؤمنين ، اي ذمة الدولة الإسلامية نفسها وبأن جعل العقد مؤبداً لا يقبل الفسخ حماية للداخلين فيه من غير المسلمين .

•الدولة الإسلامية القائمة اليوم تمثل نوعاً جديداً من انواع السيادة الإسلامية لم يعرض لأحكامها الفقهاء السابقون لانها لم توجد في زمانهم ، وهي السيادة المبنية على اغلبية مسلمة لا على فتح هذه الدول بعد حرب المسلمين لأهلها .
وهذه الأغلبية يشاركها في انشاء الدولة وايجادها اقلية أو اقليات غير مسلمة ، الامر الذي يتطلب اجتهاداً يناسبها في تطبيق الاصول الإسلامية عليها واجراء الاحكام الشرعية فيها ، ولا بأس ان يكون عقد المواطنة بديلاً عن هذا المصطلح .

6- الجزية:

وهي ضريبة سوية على الرؤوس تتمثـل في مقدار زهيـد من المـال يفـرض على الرجـال البالغين القادرين ،على حسب ثرواتهم ،والجزية لم تكن ملازمة لعقد الذمة في كل حال كما يظن بعضهم، بل استضافـت اقوال الفقهـاء في تعليلها وقالوا انها بدل عن اشتراك غير المسلمين في الدفـاع عن دار الإسلام ، لذلك اسقطها الصحابة والتابعون عمن قبل منهم الاشتراك في الدفاع عنها ، فعل ذلك سراقة بن عمرو مع أهل أرمينية سنة 22هـ وحبيـب بن مسلمة الفهـري مع أهل انطاكيـة ، ووقع مثل ذلك مع الجراجمة – وهم أهل مدينة تركية – في عهد عمر رضي الله عنه وابرم الصلح مندوب ابي عبيدة بن الجراح وأقره ابو عبيدة فيمن معه من أصحابه ، وصالح المسلمون أهل النوبة على عهد الصحابي عبدالله بن ابي السرح على غير جزية بل على هدايا تتبادل في كل عام ، وصالحوا أهل قبرص في زمن معاوية على خراج وحياد بين المسلمين والروم .
فغير المسلمين من المواطنين الذين يؤدون واجب الجندية ، ويسهمون في حماية دار الإسلام لا تجب عليهم الجزية . والصغار الوارد في آية التوبة يقصد به خضوعهم لحكم القانون وسلطان الدولة .

** أهداف العلاقات الدولية في الإسلام :

ان صياغة اهداف العلاقات الدولية يجب ان تتم في ضوء المنهج الإسلامي للعلاقات الخارجية الذي حددته الاحكام الشرعية فلا ينبغي ان تضع الدول اهدافها للعلاقات الخارجية في غيبة من الإسلام ، ويمكن تفصيل اهداف العلاقات العامة في الإسلام على النحو التالي :

أ – اهداف عامة مشتركة :

حماية الدولة :

وهو ما يعرف في واقعنا المعاصر بالأمن القومي ويتطلب سيادة الدولة على أراضيها وحفظها لحدودها الجغرافية وبعدها عن تدخل الدول الأخرى عسكرياً وسياسياً .

رعاية المصالح المتبادلة :

اذ تسعى كل دولة الى توفير موارد ذاتية تغنيها عن الحاجة الى عون خارجي لكن هذا في واقع الحال صعب المنال لذلك تلجأ الدول الى ان تكمل نقصها عبر علاقاتها الخارجية وتبادل المنافع مع الدول الأخرى .

الأمن المشترك :

فالأمن هو احدى الضروريات التي يحتاجها كل نظام سياسي يسعى الى الاستقرار ، واذا كان الأمن الداخلي مسألة خاصة بكل دولة فهناك أمن خارجي مشترك بين دول العالم تحكمه اتفاقيات تضمن عدم اعتداء دولة على اخرى ، وقد تتحالف دول معينة وتتفق عل التصدي على اي عدوان يهدد دولة في الحلف .

السلام العالمي :

ان الخلافات بين الدول تهدد امن العالم لذلك اقتضت المصلحة ان يقوم نظام عالمي لرعاية السالم العالمي ومنع حدوث خلافات بين الدول وتوفير آلية لحل الخلافات بين الدول حفظاً للأمن والسلام العالميين . بيد ان الواقع يشهد انحراف هذا النظام العالمي عن غاياته على ميزان القسط والحق .

ب – أهداف خاصة :

نشر الدعوة الإسلامية :

فالدولة الاسلامية هي دولة دعوة ، تحمل رسالة الاسلام وتبشر بها وتدعو إليها ، وتحمل لواء خلافة الرسول صلى الله عليه وسلم في الدعوة والبلاغ .

حماية الاقليات المسلمة :

يطلق على المجموعات التي تعيش في دولة اخرى غير التي تقيم بها اسم " الاقليات " والقانون الدولي يعرف الاقليات القومية ، ولا ينظر للاقليات الدينية رغماً عن انه حفظ لها حقوقها المتعلقة بشعائرها الشخصية . اما الاسلام فلا تقف العنصرية أو العرقية حاجزاً أمام الانتماء الاوسع له . ومهمة الدولة الاسلامية تقتضي حفظ حقوق الاقليات المسلمة دون النظر الى اصولها العرقية أو العنصرية .

درء الاخطار عن الأمة الاسلامية :

ان الأمة الاسلامية مطالبة بنشر هذا الدين والذود عنه ، وحماية معتنقيه والدفاع عن حرماتهم ، وازالة كل العوائق التي تمنعهم من ان يؤدوا فرائض دينهم بل والتي تحول بين غير المسلمين وقبول الاسلام .

موجهات العلاقات الدولية :

ان السبيل الى تحقيق التوازن في العلاقات الدولية يقتضي تحقيق التوازن بين العقل والوحي ، بين المادة والروح، بين الحقوق والواجبات ، بين الفردية والجماعية بين الالهام والالتزام بين النص والاجتهاد بين الواقع والمثال ، بين الثابت والمتحول ، بين الاتصال بالأصل والاتصال بالعصر ، لذلك فالنظام الاسلامي يتعامل مع الدول الأخرى وفق الوجهات التالية :

1- الايمان بالتعددية الحضارية الثقافية التشريعية والسياسية والاجتماعية (( لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً )) ، (( ولو شاء الله لجعلكم امة واحدة ولكن ليبلوكم فيما آتاكم )) .

2- العمل على تنمية آفاق التواصل الحضاري ومن ذلك الافادة من الحضارة الغربية في المنهج العلمي في الكونيات والنظم الادارية المتقدمة وتجديد الاحساس بقيمة الوقت وقيمة العدل في ظل مناخ كريم والدعوة الى قيام شراكة انسانية صحيحة وقيمة – التبادل العادل للمصالح – والسعي الجاد لخفض اصوات الغلاة من الطرفين .

3- الدعوة الى تأسيس فقه الاقليات المسلمة في مجتمع غير المسلمين على قاعدة (( لا تكليف الا بمقدور )) اي على قدر الوسع والطاقة بما يحقق للمسلمين الحفاظ على هويتهم دون الكفاء وتفاعلهم دون الذوبان .

4- التركيز على المنظومة في علاقة الاسلام مع الغرب والقائمة على وحدة الاصل الانساني ومنطلق التكريم الالهي للانسان (( ولقد كرمنا بن آدم )) ، واحياء مبدأ التعارف (( لتعارفوا )) ، وتعميق الاخوة الانسانية ، (( واشهد ان العباد كلهم اخوة )) ، والتعامل بالبر والعدل مع المسالمين (( ان تبروهم وتقسطوا اليهم )) . والمجادلة بالتي هي أحسن .

5- العمل على ايجاد القواسم المشتركة والاعلاء من شأن الانساق المتفقة فالحضارات تتقاسم اقداراً من القيم مثل العدل والمساواة والحرية .. الخ واهل الحكمة من كل ملة يستحقون الشكر والعرفان .

6- عدم تصنيف الآخر على انه كتلة واحدة بل يتعامل معه على اساس انه دائرة واسعة الارجاء ، متعددة المنافذ ، يمكن مخاطبتها بموضوعية لرعاية المصالح والمنافع المتبادلة دون حيف أو ظلم لتحقيق الامن والسلام العالميين .

7- تأكيد الالتزام الواضح بالحرية وحقوق الانسان ومشروعية الخلاف الفكري والتعدد الديني والثقافي والتبادل السلمي للسلطة والدفاع عنها بوصفها من مبادىء الاسلام ، ونبذ العنف في العمل السياسي .

8- الدعوة الى احياء مبدأ التساكن الحضاري واستكمال التوازن المفقود في الحضارة الغربية بالاساس الاخلاقي عبر قدوة ومصداقية يتطابق فيها المثال والواقع ويكون بدلالة الحال ابلغ من دلالة المقال .

9- الدعوة الى مخاطبة الرأي العام الغربي من منطلق انشائي تجاه مآسي المسلمين – باعلام قوي – والافادة من ذلك في دفع عجلة الحوار والتفاهم .

10- تشجيع فكرة المواطنة للجاليات الاسلامية في الغرب مع رعاية مستلزماتها .

11- يتعين على الاقلية المسلمة ان تراعي المواثيق لدار العهد التزاماً بالقوانين وانظباطاً بأحكامها (( واوفوا بالعهد ان العهد كان مسئولاً )) .

12- العمل على الاسهام في علاج مشكلات المجتمع الغربي وافرازات الحضارة .. من انحلال اسري وتفكك اجتماعي وانهيار اخلاقي وانحراف جنسي وصراع عرقي واختلال بيئي ، والعمل على ابراز تلك الاسهامات .

13- العمل على ان تأخذ الدول الاسلامية مكانها في المجموعة الدولية بحيث تعد دولة مؤثرة في سير الاحداث السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية الدولية وتصحيح الاختلالات في مسيرة المنظمات الدولية التي اضطربت فيها المعايير وتأكيد الثبات على الخصوصية الثقافية والهوية الحضارية لامتنا مع الفاعلية الايجابية التي تلتمس النافع من اي وعاء .

14- رفض الاستعلاء الثقافي والقول بتمركزية الحضارية الكونية عبر فرض المناهج على امتنا والعمل على تأسيس قواعد الاصلاح وفق منظومتنا القيمية دون استجابة لضغط الوافد .


تم بحمد الله