عرض مشاركة مفردة
  #7  
قديم 06-02-2006, 09:16 AM
غــيــث غــيــث غير متصل
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: May 2003
الإقامة: الخيمة العربية
المشاركات: 5,289
Arrow

(( 2 ))

حينما قررت الذهاب إلى أفغانستان بعد تشجيع شباب الجهاد لي ، وبعد أن كسبت ثقتهم ونلت الرضا منهم وأنني فعلاً أصلح بأن أتحمل المسؤولية وأنني ثقة يعتمد عليّ في نظرهم ، وأحسست أن في نفسي الجاهزية الكاملة لتقبل التضحية والإقدام على هذه التجربة المجهولة ، فهي أول مرة أخرج فيها خارج السعودية ...

عندها بدأت قصة المضي قدماً نحو خطوات حقيقية من أجل السفر سراً دون علم أحد ، فقررت في بداية الأمر أن أستفتي في جواز الذهاب دون إذن والدي ، لأنه من المستحيل أن يوافقان على ذهابي إلى أفغانستان في هذا السن وإلى تلك البلاد الغير مستقرة والتي تدور فيها رحى الحرب ، بالإضافة إلى حرص والدي على دراستي فما زلت في أول سنة من المرحلة الدراسية الثانوية ...
فذهبت إلى إمام المسجد الذي كان قد حرص عليّ مع شباب المسجد في مقتبل إقدامي على مخالطة شباب الدعوة واستشرته في الأمر ، فتمعّر وجهه وغضب قليلاً وأبصرت في عينيه عدم الرضا ، فباغته بالقول : ما بك يا شيخ هون عليك الأمر ، فقال لي : أنت أتيت تستشيرني كي تأخذ بما أقوله أو فقط تريد مجرد رأي ومشورة ؟ قلت بل أستشيرك وأستفتيك ، فسكت لوهلة وقال : ما زلت في مقتبل العمر يا فلان ودراستك مهمة ووالديك سينزعجان كثيراً ، فقاطعته وقلت له : يا شيخ إخواننا المسلمين يقتلون ووو حتى دمعت عيناي حينها فوجد في داخلي الإصرار ، فقال إذنً أنت أتيت فقط تعطيني الخبر بذهابك ؟ قلت نعم تقديراً لك ، فقلي أأذهب دون إذن والدي ؟؟ سكت قليلاً وقال : اذهب ونسأل الله أن يصبرهما على غيابك وأنا سوف أجلس مع والدك بعد سفرك وأفهمه الأمر بعون الله ... سلمت عليه وضمني بشدة ودعا لي وخرجت فرحاً ...

بالطبع كان سني لا يسمح لي باستخراج جواز من جهة ، ومن جهة أخر لا بد من ورقة خروج رسمية تسمح لي بالخروج بموافقة من والدي لأن سني غير قانوني للسفر لوحدي حتى وإن كان لدي جواز .. على الأقل في تلك الفترة كان النظام هذا قائماً ويطبق بكل جدية ... ومن جهة أخرى فإني بحاجة إلى المال كي أقطع تذكرة الذهاب إلى هناك ومن ثم كي أستطيع أن أصرف على نفسي على الأقل في الطريق وأثناء المواقف الطارئة لا سمح الله ... كيف حلت كل هذه العقبات ؟؟

قال لي بعض الشباب من ذوي الخبرة في هذا الأمر ، والذين يجتهدون في إرسال الشباب إلى أفغانستان ، أن أكتب ورقة لعمدة الحي باسم والدي يكون فحواها أن لا مانع لدي من إخراج جواز سفر لولدي حيث أن ظروف عملي خارج المدينة لا تسمح لي بالمجيء وإنهاء سفر ابني ، لذا أمل التكرم بمساعدة الابن فلان على استخراج جواز سفره حيث أنه يود السفر إلى دولة مجاورة كي يشتري له سيارة من هناك ، وكان الخطاب مفصلاً ، ومن ثم قام أحد الشباب بتوقيعه عن والدي حيث أن العمدة أصلاً لا يعرف توقيع والدي فهو أول خطاب يأتيه منه
...
وذهبت لعمدة الحي وهو طيب جداً ومتساهل ويقدر والدي ويكن له الاحترام بل يسعد بقضاء حاجة له ، فعلى الفور قال لا مانع من ذلك وأبشر وتعال لي بعد صلاة المغرب يكون الخطاب جاهزاً ، ففعلت وأعطاني الورقة ، ومن ثم اتجهت على الفور إلى الجوازات أنا وأحد شباب الجهاد ذوي الاختصاص وله معارف هناك فخلص أوراقي وجميع مستلزمات استخراج السفر ، وقالوا أن نراجعهم الأسبوع القادم ... لم استطع في الحقيقة الانتظار لأسبوع ؟ فاجتهدت شخصياً وذهبت لقريب لي في الجوازات كاد أن يكشف أمري يوم أن طلبت منه تعجيل استخراج الجواز حيث سألني ماذا تريد بالجواز ؟ فقلت له نفس ما قلته للعمدة أني أريد شراء سيارة من أحد الدول المجاورة للسعودية .. ففعل وأنا أرى فيه أنه غير مقتنع وخفت كثيراً أن يخبر والدي غير أنه كأنه فهم الموضوع وسكت عنه ، لماذا لست أدري ولعله توفيق من الله ... واستخرجت الجواز بعدها بيومين فقط ..

اتصلت على صاحبي وقلت له الجواز جاهزاً وقد عجلت بأمره عن طريق معرفة لي فرحب بالأمر وقال خير ما صنعت ، بقيت ورقة الخروج والمال ، فسألت صاحبي عن ورقة الخروج ، قال لا تهتم عندنا عمدة في أحد الأحياء يعرفنا جيداً وهو كبير في السن ومتساهل يعطي خطاب خروج ومن ثم يصدق من الجوازات وينتهي الأمر ، وفعلاً عملنا الورقة بهذه الصورة وصدقناها من الجوازات ومركز شرطة الحي الذي فيه العمدة نفسه احتياطاً .... وأصبح كل شيء جاهز ..
سألته أنا لا أملك المال ؟ فقال لي صاحبي لا تهتم كل شيء موجود والخير كثير ولله الحمد وأهل الخير دفعوا لك تجهيز غازياً شريطة أن لا تقل فترة ذهابك أقل من نصف سنة ؟؟ قلت إن شاء الله ، ولم أكن في الحقيقة أعلم الظروف هناك أو ما هي طبيعة الأوضاع أو أي معلومات كثيرة عن الواقع ..

المهم ذهبنا إلى السفارة الباكستانية في الرياض كي نستخرج فيزة إلى إسلام آباد وكانت سهلة في ذلك الوقت وحصلنا على الفيزة فعلاً ، ومن ثم قطعنا تذكرة الذهاب والعودة على الخطوط السعودية بمبلغ زهيد جداً ، حيث كان توجيه سمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز يحفظه الله في تلك الفترة أن من يريد الذهاب إلى هناك يدفع نصف قيمة التذكرة فقط ، أي كانت مخفضة بأمر من النائب الثاني إلى الخطوط السعودية وكان في المطار توفر جميع التسهيلات دون مضايقة أبداً ...

بعد يومين وفي يوم الخميس بالتحديد توجهت إلى مطار الملك خالد بالرياض طبعاً أنا وبعض الأصحاب وفي الطريق أعطاني صاحبي تجهيزاً مادياً يزيد على أربعة آلاف ريال أكد لي أنها ستكفيني وزيادة في فترتي التي سوف أقضيها ، وكنت حينها في الحقيقة خائفاً بعض الشيء فدولة لا أعرفها لا أدري كم وكيف سأحتاج لها ؟؟؟

ركبت الطائرة وكان معي في الطائرة بعض الشباب المتوجهين إلى أفغانستان منهم الذين من الشمال ومنهم من المنطقة الشرقية ووو ولكن جميعنا حذرين من بعض خشية أن يكون أحدهم كما تم توجيهنا مدسوس من المباحث أو أحد الدول وهكذا ..

حتى وصلت إلى إسلام آباد وحطت بنا الطائرة هناك .. وكان الأخوة قد أخبروني أن تم من يعرفني ووصلت إليه كنيتي وهو بمجرد أن أخرج من المطار سيعرفني على الفور إذا قلت له أنني أبو فلان ،(( وكنت قبيل مجيئي إلى أفغانستان قد اجتمعت مع شيخ شباب الجهاد وأوصاني بوصايا عديدة منها الصبر والسمع والطاعة للمدربين والقادة وأن أركز في التدريب جيداً وأن لا أعود إلا وقد أتقنت فنون القتال وو أمور ووصايا كثيرة في الدين ، ومن ثم كتب لي ورقة لقائد الشباب من الخليج العربي في أفغانستان بكنيته لم أعرفه في الحقيقة وقال لي أول ما تصل إلى هناك أسئل عن القائد فلان وأعطه الورقة وهو سيفهم الأمر وسيقوم بأمرك))....

عندما نزلت في المطار ومن ثم بدأت رحلتي ماذا حدث ؟؟ هذا ما سوف يكون في الحلقة القادمة من ذكرياتي ...... فكونوا معي والله يرعاكم .
__________________