عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 28-01-2007, 11:55 PM
beyaty beyaty غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2007
المشاركات: 134
إفتراضي

ببقاء البعث وحده القوة الجماهيرية ، المقاتلة أعتمادا على كل الناس بلا تمييز ، وبوجودها في السلطة استثناءا من القاعدة ، وهي اسقاط كل نظام وطني او احتواءه تدريجيا ، كان لابد من رد ما للتخلص من هذه القلعة الوطنية والقومية التوحيدية المحاصرة لاجل مواصلة تنفيذ المخطط الصهيوني – الصليبي – الصفوي المتلاقي والمتحد . لذلك راينا ان الغرب والصهيونية وايران ، خصوصا بعد وصول الملا لي كخميني المتعصبين قوميا اكثر من الشاه محمد رضا بهلوي ، الى السلطة تشكل تحالفا ، غير معلن رسميا لكنه معروف على ارض الواقع ، ضد عراق البعث وصدام حسين .لقد قدم البعث ومازال يقدم اروع واعظم صورة للوحدة الوطنية العراقية في داخله وعلى مستوى الدولة حينما كان في الحكم . فالحزب تأسس أصلا في جنوب العراق وكان مؤسسوه الاوائل من الشيعة العرب غالبا ، وحينما استلم البعث السلطة عام 1963 كانت القيادة القطرية ، وهي اعلى سلطة في الحزب في القطر الواحد ، تتألف من الشيعة بكاملها باستثناء المرحوم حمدي عبدالمجيد ، وبعد اشهر انتخبت اسماء اخرى للقيادة منها المرحوم احمد حسن البكر والمرحوم صالح مهدي عماش وغيرهما . وكان اول ثلاثة امناء سر للحزب في العراق ( وهو اعلى موقع قيادي في القطر ) هم من الشيعة ، وهم المرحومين فؤاد الركابي وعلي صالح السعدي والسيد حازم جواد ، تبعهم سنيان هما البكر ثم الشهيد صدام حسين ، وهذا التشكيل حصل نتيجة للانتخابات الحزبية وليس لوجود مؤثر طائفي او اصل اثني .
وكانت رموز الحزب البارزة مؤشرا لمتانة الوحدة الوطنية التي حافظ عليها البعث ، فالدبلوماسي الاول في العراق والاشهر في العالم الثالث والذي يحظى باحترام حتى اعداء العراق في الغرب هو البعثي المسيحي المجاهد طارق عزيز فك الله اسره ، وكان احد ابرز منظري الحزب في العراق ورئيس برلمانه هو الشيعي البعثي د. سعدون حمادي ، وكان من فرسان البعث ورؤساء وزراءه البعثي الشيعي الشهيد محمد حمزة الزبيدي ، وكان نائب الرئيس وعضو مجلس قيادة الثورة هو البعثي الكردي الاصل طه ياسين رمضان فك الله اسره ، وكان اقرب مرافقي الرئيس الشهيد قبل وبعد الثورة هو البعثي الكردي الفيلي المرحوم صباح مرزا ، وهكذا كان البعث وما يزال يمثل العراق أصدق تمثيل بكافة مكوناته دون تمييز الا على اساس الكفاءة والاخلاص للوطن .
لم يكن فينا نحن البعثيون ، وما زلنا ، من يتجرأ او حتى يفكر بالاستفسار عن الخلفية الدينية والطائفية والاثنية للبعثي لانه مواطن عراقي مخلص للعراق والامة العربية وتلك هي الصفة الوحيدة المطلوبة . وبهذه الوحدة الوطنية الراسخة في بنية الحزب حمينا وحدة العراق الوطنية ، فحينما يكون الحزب ممثلا لكل العراقيين بلا أي تمييز يستطيع حماية الوحدة الوطنية ، التي لا تهدد الا حينما يحصل تمييز على أي اساس . وكانت فترة الحرب مع ايران والفترة التي اعقبتها وهي العدوان الثلاثيني والحصار ثم الغزو الاستعماري الامريكي الايراني للعراق ، والتي دامت حوالي ربع قرن ، هي فترات من التحدي الاكثر خطورة والاشد تدميرا لبنية المجتمع ، والذي كان بامكانه ان يفكك قوى عظمى مثل الاتحاد السوفيتي وامريكا بسهولة ، ومع ذلك صمد العراق وتحمل خسارة مليوني انسان ماتوا اثناء الحصار فقط ، وانتصر رغم الخراب والمعاناة لان وحدته الوطنية بقيت مصانة ولم ينجح الاعداء باختراق العراق . لذلك تقرر اختراقه بالغزو الشامل بتعاون امريكي مع عشرات الدول وفي مقدمتها ايران . هذه الاسطورة العراقية في الصمود المذهل لاكثر من ربع قرن من الحروب المفروضة عليه والاستنزاف الشديد ماديا وبشريا ماكان يمكن ان تتبلور وتقف صامدة امام العواصف لولا ان البعث حزب وطني اساسا وفي جوهرة يمثل كل العراقيين ويخدمهم دون استثناء ، ويعبر عن تطلعاتهم ومصالحهم .
بعد تدمير او شق او تقزيم اواحتواء القوى الوطنية الاخرى بقي البعث هو القوة الوطنية الجماهيرية الام بعد غزو العراق ، وبما انه ممثلا اصيلا للوحدة الوطنية العراقية لذلك كان لابد من تدمير هويته اولا ، واجتثاث مناضليه جسديا ثانيا ، وشرذمة من يتبقى منه ثالثا ، كمقدمات لتقسيم العراق وتقاسمه ، فلا تقسيم للعراق مهما بذلت الجهود الشريرة ما دام هناك اطار توحيدي تعبوي مقاتل ويمتد من شمال العراق الى جنوبه . ان قانون اجتثاث البعث ليس سوى تعبير سياسي عن هذه الحقيقة الستراتيجية الكبيرة ، ولو لم يكن البعث هو رمز وضامن الوحدة الوطنية العراقية لما تجشمت امريكا وبريطانيا وايران وعشرات الدول المتحالفة خوض حرب ضد العراق مع كل ما يعنيه ذلك من خسائر مادية وبشرية هائلة . ليسأل كل عراقي نفسه ولا ندعوه للإجابة بصوت عال بل بصوت خافت ومع نفسه : هل توجد قوة وطنية عراقية غير البعث تغطي تنظيميا القطر العراقي كله الان بعد اكثر من 3 سنوات من الاحتلال ؟ الجواب العملي هو كلا ، اذ توجد عناصر وطنية وشخصيات وطنية وكتل وطنية ولكنها جميعها لا تغطي العراق تنظيميا ، وتوجد في مناطق دون اخرى ، ولا تمثل كل مكوناته تمثيلا جماهيريا كبيرا باستثناء البعث ، الذي مازال اكبر حزب شيعي وطني في العراق ، ومازال اكبر حزب سني وطني في العراق ، ومازال اكبر حزب وطني يمثل كافة اثنيات العراق ، ومازال اكبر حزب مسيحي وطني في العراق . بتمثيله لكافة مكونات المجتمع العراقي وبنجاحه في تحويل الغزو الى هزيمة ضمن البعث تفولذ الوحدة الوطنية العراقية ومنع تحقيق الاحتلال وايران أي اختراق جوهري لهذه الوحدة وبقيت الجماهير العراقية الاصيلة ، شيعية وسنية مسلمة ومسحية كردية وتركمانية وعربية ، موحدة صامدة تتحرك خلف رمزها التوحيدي وممثلها الصادق البعث العربي الاشتراكي .
لقد اوصل تماسك الوحدة الوطنية العراقية ، رغم انهار الدم التي سالت ، وعنف وشمولية المقاومة المسلحة ، وهما مرتبطان بالبعث بالدرجة الاولى ، الاحتلالين الامريكي والايراني الى مأزق خطير وهو الفشل في الاستقرار في العراق وبناء القاعدة الاستعمارية فيه .
من هنا فان شرذمة البعث هوية وتنظيما كانت اول متطلبات نجاح الاحتلال وكان قانون الاجتثاث هو الاعتراف الرسمي الامريكي والايراني بانه من دون تصفية البعث لا يمكن تقسيم وتقاسم العراق والغاء عروبته ودوره كقوة اقليمية عظمى . ولذلك تعرض البعثيون بعد الاحتلال لاشرس حملة تصفيات جسدية ، حيث يقتل عشرات البعثيين يوميا في مختلف انحاء العراق وتضم سجون العراق الاف البعثيين ، وتتساهل سلطات الاحتلال مع العديد من التيارات لكنها لاتتساهل مع البعثيين . وجاء الدليل الأكبر وهو محاولة الاحتلال مساومة الرئيس الشهيد على هوية البعث وتراثه النضالي ، حينما عرض عليه اكثر من مرة ان يعود للسلطة ولكن بعد التخلي عن الهوية الوطنية والقومية للبعث ( خصوصا التوقف عن رفض اسرائيل والتراجع عن تاميم النفط ) ، وحينما رفض اغتيل . وكذلك فان العديد من قادة البعث والدولة الوطنية ، وعلى راسهم المناضلين طه ياسين رمضان فك الله اسره ووزير الدفاع سلطان هاشم فك الله اسره وغيرهما عرض عليهم الاحتلال الامريكي تولي رئاسة الجمهورية مقابل التخلي عن البعث وعن القائد الشهيد والتفريط باستقلال وسيادة العراق ، او تخلي البعث عن هويته الاصلية ، فرفضوا جميعا بإباء عروبي عظيم سيذكره التاريخ بمداد من نور ، رغم ان رفضهم سيكلفهم حياتهم كما كلف القائد الشهيد حياته .
اذن البند الاول السري والعلني في خطة بوش الجديدة القديمة هو شرذمة البعث تنظيميا تمهيدا للقضاء على هويته الوطنية والقومية ، ومن الاكيد ان اغتيال القائد الشهيد كان الخطوة الاولى التمهدية لشرذمته على اساس ان وجود القائد حيا سيردع الضعفاء والمتساقطين ويمنعهم من الاقدام على أي خطوة لشق الحزب ، لذلك فان اغتيال القائد كان مجرد حادلة مهدت الطريق امام الطامحين والطامعين والضعفاء في حصانتهم الوطنية والحزبية لرفع صوت مبحوح غريب على البعث والوطنية العراقية يغني للعملية السياسية والاحتلال الذي يقف ورائها .