عرض مشاركة مفردة
  #22  
قديم 12-09-2005, 08:36 PM
مُقبل مُقبل غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2005
المشاركات: 461
إفتراضي

مراســـم المــــولد النبــــوي الشريــــف


طُرق الباب ..!
استدرتُ نحوه بعينين أثقلهما النوم .. قلتُ بإعياء :
- مَنْ الطارق ؟!
سمعتُ صوت أخت الزوج تستأذن بالدخول .. نظرتُ إلى الحائط ..
الساعة الثانية عشر والنصف ظهراً ..
ساعتان مضتا منذ أن عُدنا من البحر .. حلّقتْ أفكاري حول ما حدث اليوم ..
طُرق البابُ مرةً أخرى .. أوه تذكرت !!
وثبتُ واقفةً وأدرتُ مفتاح الباب وقلتُ لها بإرهاق :
- تفضلي .. عذراً كنتُ نائمة..
قالت بصوتٍ ينم عن بهجتها الخفية :
- هل .. هل ستذهبين معنا اليوم ؟!!
ترددتُ برهةً ثم ابتسمتُ وأنا أسألها بفضول :
- إلى أين ؟ هل سنتنزه قليلاً مثلاً ؟ أشعر بالضجر !
قالت بمكر :
- لا أعلم .. لا أعلم .. ألم يخبرك زوجك عن ذهابنا اليوم ؟

أحسستُ بانقباض في صدري لا أعرف له سبباً :
- لا يا عزيزتي .. حتى الآن لم يخبرني أحدٌ إلى أين سنذهب ! ألا تعلمين !!!
بعد تردد أجابت :
- لا أعلم .. أقصد .. حسناً أراكِ فيما بعد .. سوف .. حسناً أعتقد أن والدتي تناديني .. بالإذن ..!!!
ما بها؟ لِمَ هي مرتبكة ؟ لا يهم أشعر برغبةٍ في الاستلقاء وأخذ قسطٍ من الراحة بعد القراءة ..
قرأت قليلا .. ثم أعدت وضع كتبي في الدرج الخاص بي .. وفيما أنا أفعل .. دخل الزوج :
- ماذا تفعلين ؟! ألم تنامي بعد ؟!
- سأفعل .. فضلتُ قراءة بعض الكتب .. سآخذ قسطا من الراحة الآن ..
-قراءة بعض الكتب ؟! أي كتبٍ تقصدين ؟!!
نهض من مكانه وشعرتُ بأنه يفضل الإطلاع على الكتب بنفسه .. لم أمانع .. من حقه أن يراها !

فتح الدرج .. أخرج الكتب .. امتقع وجهه وهو يقرأ العناوين بصوتٍ خافت :
الكلم الطيب لابن تيمية ، الأذكار للنووي ، جلاء الأفهام في الصلاة والسلام على خير الأنام لابن القيم ..
الشفا بتعريف حقوق المصطفى للقاضي عيّاض .. فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ...
رسالة لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز في حكم الاحتفال بالمولد ....
صاح بي قائلا وصدره يتأجج غضبا :
- من أين جاءت هذه الكتب ؟!!
- جئتُ بها من منزل عائلتي .. ما بك ؟!!!
اعترض على وجودها معي بإصرار:
- كان يجدر بك استشارتي في قراءة هذه الكتب السخيفة !!!
ألقى نظرةً إلى الكتب مرةً أخرى وأضاف حانقا وهو يُلقي بها أرضا :
- كان بإمكاني أن أختار لك الكتب التي يجب عليك قراءتها والتدبر فيها ..!!

إنه يتضايق كثيرا عندما أبدي اهتماما بالغا بالكتب والمطالعة !!!!
كرر حديثه مرةً أخرى وقال بإصرار:
لا أريد أن أرى هذه الكتب في الحجرة ولا في البيت بأكمله !
أنا سآتي لك بالكتب التي أرغب في قراءتك لها !
ابتسمتُ لهذه الفكرة وأجبت :
- ولكن لا أظن بأننا نفضل نوعية الكتب نفسها .. أليس كذلك ؟!
لم يجد أي تعليق يضيفه على كلامي سوى :
- لن تقرأي هذه الكتب مرة أخرى .. هذا أمر .. لا أريد تكرار الكلام .. تخلصي منها بأسرع وقت ..
فهذه الكتب هي التي تغسل أفكارك .. وتحجر معتقداتك !!!
آه .. لا مجال للمناقشة .. لا أريد الدخول في حلقة مفرغةٍ جديدة .. لن أنازعه ..
قلتُ باستسلام :
- حسنا .. لك ما تريد .. سأحرقها إن أردت !!!
رأيتُ وميضا راقصا في عينيه !!
استيقظتُ على صوت آذان العصر .. ما زالت الكتب في مكانها !!
أخذتها بسرعة .. خبأتها تحت السرير .. في مكان لن يراها فيه !

أيقظته .. قام كالملدوغ وهو ينظر إلى الساعة !! ما باله؟!
هل خاف أن تفوته صلاة العصر في المسجد ؟!
مستحيل !!! لم أسأله ...
قال لي وعيناه ما تزالان مغمضتين :
- هيا بسرعة .. استعدي سنذهب بعد نصف ساعة .. لا تعتذري عن الذهاب .. لا أريد اعتراضات !
بسرعة سأذهب إلى أمي لأستحثها على الاستعداد بسرعة .. أمامك متسع من الوقت ..
تزيني بأفضل أفضل الملابس !!!
ثم .. خرج ...
ماذا يقصد ؟ لم يخبرني أحدٌ بأن هناك وليمةً أو حفلة زفاف !!!
عاد ...
- هل أنت جاهزة ؟
`- تقريبا ! ولكن أريد أن أصلي العصر أولا .. انتظر ..
قال وكأنه قد تذكر شيئا مهما ...
- آه .. نسيتُ أن أصلي !! هيا سأصلي أمامك .. تراجعي إلى الخلف ..
قلتُ في نفسي : ( أين الصلاة في المسجد ؟ لماذا لا تلبي داعي الله إلى المسجد ... واحسرتاه !!!! )

التفت إليّ قبل أن يكبر وقال :
- هيا .. اجهري بنية الصلاة .. وبصوت مسموع .. كي أسمعك .. رددي خلفي .. نويتُ أن أصلي لله تعالى أربع ركعات لصلاة العصر إماما .. ثم سكتَ .. رفعت حاجبي استغرابا .. وذهلتُ ! التفت مرة أخرى إليّ وقال :
ما بالك ؟! ألم تستمعي إلى قولي ؟!
قلت مذهولة : بلى !! ولكن الجهر بالنية والتلفظ بها :
قاطعني بغضب :
- سنة !! وليس بدعة كما تعتقدين .. هيا رددي ما قلته .. ألا تسمعين ؟!
- ولكني نويتها في قلبي مثلما نويتُ الوضوء الذي قبلها وهذا يكفي !...
ضرب كفيه ببعضهما في نفاد صبر وقال :
- وماذا بعد ؟!! قلتُ لك تلفظي والآن أمامي .. أريد أن أسمع ..
تبا لكم من وهابيين .. كل مستقيمٍ تجعلونه أعوجا !! هيا انطقي بها ..
نطقتُ بها مكرهة ! فتظاهرتُ بالصلاة معه .. وقد كنت أصلي بمفردي ..
آهٍ .. لقد شككتُ حتى في صلاتي .. وهي ما أشعر فيها بالراحة والسعادة !!!
أنهينا الصلاة .. وعند التسليم لاحظتُ كفيه يتحركان يمنة ويسرة .. ما باله ؟
لماذا يحركها مع التسليمة ؟ أردتُ السؤال فامتنعتُ .. لا أريد المزيد من الجدل ..
تظاهرتُ بالتسليم معه حتى لا يقيم غضبه الدنيا .. فأنا لم أعد أحتمل .. كفاني ..

قلتُ :
-ألن تخبرني إلى مكان ذهابنا ؟
- ستعرفين فيما بعد .. لا نريد التأخر ..بقيتْ لنا عشر دقائق فقط.. أين ملابسي؟
-جاهزة .. ولكن أرجوك أخبرني .. إلى أين ؟ لا أعرف لماذا أنا غير مطمئنة ..!
تمالك نفسه وأراد الخروج فأوقفته:
-انتظر أرجوك .. أخبرني أولا .. إلى أين ؟! إلى أين ؟!
أجاب وهو يبتعد خارجا من الغرفة :
-سنذهب إلى مكان يقام فيه مولد نبوي .. هل اطمأننتِ ؟
أوقفته مرة أخرى .. نظرتُ إليه بتشكك ووجل:
-مولد نبوي ؟! ماذا تعني بذلك ؟!!
- لن أخبركِ سترين بنفسك .. ستسعدين بحضوره .. والآن هيا حتى أغلق الحجرة .. تقدمي ..

أغلق الحجرة .. هرول هابطا قبلي إلى الدور السفلي ..
فكرتُ في كلماته مليا .. ماذا يقصد ؟
هبطتُ السلالم ببطء شديد ! هل لهذه المناسبة ارتباط بمعتقدات الصوفية ؟!!
لماذا لا يريد إخباري ؟ هناك شيء ما أجهله !!
قابلتُ أمه في البهو .. إنها بكامل زينتها .. وكذلك أخته !!
نظراتها شاردة .. لا تريد أن تلتقي بنظراتي المرتابة !! لماذا ؟!
قالت الأم لابنتها بلطف وهي تتأملها :
- إنك جميلة يا ابنتي بهذا الثوب .. هل أخذتِ معك كل الكتب المطلوبة ؟
أجابت ابنتها وقد أشرق وجهها بابتسامة تنم عن فرحها بحضور هذه المناسبة :
- نعم يا أمي .. كل شيء جاهز .. كتاب دلائل الخيرات .. والبردة ..
وكتاب الغزالي .. ومجالس العرائس .. وكذلك أخذت معي .. الدفوف ..
والمزامير .. لا تخافي .. لم أنسَ شيئا أمي !!
قلت في نفسي:
- عجبا .. عمّ تتحدثان ؟! كتبهم الدينية مع دفوف ومزامير ؟! ما هذا التناقض ؟!!!



وللقصة تتمة بإذن الله
الرد مع إقتباس