عرض مشاركة مفردة
  #24  
قديم 02-04-2007, 05:35 PM
أبو إيهاب أبو إيهاب غير متصل
مشرف
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2004
المشاركات: 1,234
إفتراضي

مقتطفات من الرابط المذكور فى تعليقى الأول "رأى عن مفهوم البدعة"


وهناك المزيد


بسم الله الرحمن الرحيم



بحث عن ما هى البدعة ؟؟؟ ( 2 )


من خلال ما سبق أن وضحناه فى الحلقتين السابقتين.. تبين لنا.. أنه ليس لكل إنسان الحق فى الكلام عن البدعة وإلقاء التهم جزافا على الغير واتهامهم بالابتداع والفسق بل والكفر فى بعض الأحيان..
ووضحنا عدة موازين نقيس من خلالها الصواب والخطأ تكون كمنافذ نطلّ بها على هذا البحث حتى يسهل علينا إدراك مافيه من المعانى الدقيقة التى قد تغيب عن أذهان الكثير..
وهانحن فى هذه المرة نبين شيئا جديدا فى بحثنا وإن كان قديما فى بيانه..


تقسيم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-للمحدَث إلى حسن وسئ


اعلم أن السنة التى تقابل البدعة تطلق على ما اندرج تحت النصوص والأصول الشرعية من إجماع وقياس , أو اندرج تحت مصلحة ملائمة ولو لم يسبق من الرسول -صلى الله عليه وسلم- به أمر أو فعل, بشرط: ألا تصادم المصلحة نصّا أو أصلا شرعيا , ولا يترتب على العمل مفسدة.
وقد تطرّف البعض وجعل كل محدَث ( وهو الأمر المبتَدَأ على غير مثال سابق) من أعمال الخير والطاعات لم يكن فى عهده -صلى الله عليه وسلم- ولا فى القرون الثلاثة الأولى أنه بدعة ضلالة, وأنكروا على الفقهاء تقسيمهم للبدعة إلى مقبولة ومردودة , أو إلى حسنة وسيئة, مستدلّين على إنكارهم للتقسيم بحديث جابر -رضى الله تعالى عنه- فيما رواه مسلم أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-قال فى خطبة له شرّ الأمور محدثاتها, وكل محدثة بدعة, وكل بدعة ضلالة).

وبما رواه أبو داود والترمذى من حديث العرباض بن سارية- رضى الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد خطب فقال فى خطبتهإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة , وكل بدعة ضلالة).

وقد تناسى هؤلاء المنكرون للتقسيم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو الذى قسّم المحدث إلى مقبول ومردود فيما رواه مسلم عن جرير-رضى الله تعالى عنه- ورواه ابن ماجه عن أبى جحيفة-رضى الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم- قال من سنّ فى الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده إلى يوم القيامة من غير أن ينقص من أجورهم شئ, ومن سنّ فى الإسلام سنّة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده إلى يوم القيامة من غير أن ينقص من أوزارهم شئ).

ففى هذا الحديث تقسيم صريح للمحدثات المخترعة من غير مثال سابق إلى صحيح مقبول وفاسد مردود.
_ وهذا الحديث فيه دليل على جواز ابتداء الخير فى أى عصر ودون قصر على أهل قرن بعينه من قرون الاسلام ,فعلى هذا يعتبر قصر الحديث على محدثات الصحابة والتابعين تقييد للحديث بدون دليل.
وقد قبل الناس وعلى رأسهم العلماء ما جدّ بعد القرون الثلاثة من تشكيل آيات القرآن ونقط حروفه وتنظيم الأجزاء والأرباع والسجدات ووضع العلامات على كل عشر آيات وعد سور القرآن وترقيم آياته, وبيان المكى والمدنى فى رأس كل سورة , ووضع العلامات التى تبيّن الوقف الجائز والممنوع , وبعض أحكام التجويد كالإدغام والتنوين ونحوها من سائرالاصطلاحات التى وضعت فى المصاحف , وكذلك قبل الناس تدوين علوم اللغة وأصول الفقه وأصول الدين وسائر العلوم.
فكل هذه أمور وقعت بعد عهده -صلى الله عليه وسلم- على طول القرون بعد مرورو القرون الثلاثة الأولى ولم يجعلها أحد من العلماء محدثة من محدثات بدع الضلالة.
ومحال أن يتناقض رسول الله-صلى الله عليه وسلم- فيجعل المحدث بدعة ضلالة دائما , ثم يجعله مرة أخرى يدور بين حسن وقبيح.

والمخرج من تعارض الحديثين فى ظاهرهما هو معرفة أن لكل حديث منهما محمَل.

ونستشهد بما سبق أن ذكرناه من كلام الإمام ابن حجر نقلا عن الطيبى: إن الأحاديث إذا ثبتت وجب ضم بعضها إلى بعض فإنها فى حكم الواحد ,فبحمل مطلقها على مقيّدها يحصل العمل بجميع ما فى مضمونها.
ووضع الضوابط والجمع بين ما يوهم الاختلاف فى معناه هو مهمة العلماء الذين يعون ما يقولون,
ولقد بيّن الإمام الشافعى الضابط الذى يميز كل قسم عن الآخر
فجعل السئ ما خالف النصوص والأصول, والحسن مالم يعارض شيئا من ذلك.
وبهذا البيان يتضح أن تقسيم البدعة والمحدَث إلى حسن وسئ هو تقسيم لهما بالإطلاق اللغوى لا الشرعى.
فالمتوهمون أن التقسيم كان للبدعة الشرعية هو من باب إدارة معركة فى الهواء. بتخيل معركة بين فريقين فى البدعة الشرعية, رغم أن الاتفاق تام على عدم تقسيمها كما أن الاتفاق تام على تقسيم البدعة اللغوية, ويكفى أن يكون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو البادئ بالتقسيم والقائل فيه: (من سنّ سُنّةً حسنة ومن سن سنة سيئة).

فالتهويش بالعموم والكلية الواردين فى حديث( كل محدَثة بدعة وكل بدعة ضلالة)
هو من باب تضليل الناس بأن الحديث وارد فى البدعة على إطلاقها من غير فرق لصرف نظرهم عن استعمالها فى الحديث بالاستعمال الشرعى الذى يطلق شرعاً على ما يصادم أصول التشريع.
ومن سمّى المقبول من البدعة اللغوية سنة حسنة فبرسول الله -صلى الله عليه وسلم- اقتدى فى التسمية.

ولقد حاول البعض التخلص مما ضمنه حديث ( من سن سنة حسنة ومن سن سنة سيئة) من تقسيم البدعة إلى مقبولة ومردودة , أو إلى سيئة وحسنة, ففسّر الحديث بما لا ينطبق على ألفاظه, فزعم أن المراد من الحديث من أحيا سنّة مهجورة , بينما ألفاظ الحديث واضحة فى الحثّ على إنشاء سنن الخير, وكذلك هناك أحاديث تحثّ على إحياء السنن المهجورة وهناك فرق كبير بين إنشاء السنن وإحيائها.
وزعم بعضهم بأن الحثّ على إحداث وابتداء سنن الخير خاص بزمن الخلفاء الراشدين والقرون الثلاثة الأولى , لكن الحديث واضح وصريح فى تحبيذ ابتداء سنن الخير دون قصر على أهل قرن بعينه ,فقصر المحدَث على محدث الخلفاء الراشدين تقييد للحديث بدون دليل .


وخلاصة القول :-


أنه ليس العبرة فى عدم قبول المحدَث هو عدم سبق فعله ,وإنما العبرة فى ردّه هو أن يصادم نصا أو أصلا من أصول الشريعة ,وقواعد الاستنباط ,وبهذه المعارضة يكون ليس من شرعه -صلى الله عليه وسلم- وعلى خلاف منهج تشريعه ,وهذا هو بدعة الضلالة التى قد أصبحت حقيقة شرعية فيما يصادم النصوص والأصول وهى مذمومة كلها بحسب نا استعملت فيه شرعا.
ومن حمل كلمة بدعة الضلالة الواردة فى حديث (كل بدعة ضلالة) والكلية الواردة فيه على كل ما استحدث سواء من ذلك ما عارض النصوص والأصول ,ومالم يعارضها ,فقد خلط بين الكلمة حين تستعمل شرعا وحين تستعمل لغةً.