عرض مشاركة مفردة
  #14  
قديم 26-06-2000, 01:32 PM
صوفي صوفي غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2000
المشاركات: 58
Post

الأخ الفاضل : جمال حمدان :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
وبعد :
لا أدري في الحقيقة إن كان كلامي سيقع منك موقع القبول أو الرفض، ولكن ( المستشار مؤتمن ) لذلك فإني مضطر أن أكتب إليك رأيي بصراحة حول قصيدتكم (( ارفعي العتابا )) ...
لا شك أن شعر الغزل والحب كان موجودا عند العرب ، بل إن العرب قد برعوا فيه وسبقوا الأمم ، وظهرت شخصيات مولهة فيه ، حتى أصبح يضرب بها المثل ؛ كجميل بثينة ، وقيس ليلى ، وكثير عزة ، وعبد الله بن قيس الرقيات ، وغيرهم . وقد اهتم بهذا النوع من الشعر العالم الفقيه ابن حزم الأندلسي .
وقد اتسم شعر الغزل العربي - سواء كان تشبيبا بمحبوبة ، أو كان لمحبوبة في خيال الشاعر - اتسم بالعفة ، والعذرية ، ومخاطبة الروح ، مع جميل المعاني ، ورقيق المباني .
وقد صدمت حقا - يا أخي الفاضل - حينما قرأت قصيدتك ، بهذه المعاني التي ما تصلح أبدا - في نظري - أن توجه إلى محبوبة ، أو خطيبة ، وإن صلح أن توجه إلى زوجة ، فإن مكانها الخلوات ، لا على رؤوس الأشهاد ، في حوار الخيمة الأدبية .
والآن فلننظر لأبيات القصيدة على التفصيل :
1) في البيت الأول :
أين العجب في رجل يتهالك ويتخاذل أمام امرأة ؟ إن أكثر شبابنا اليوم كذلك . ولم تبق الفضائيات مزيد شرح لشارح ، أو جهد نصيحة لكادح ، وصار الكل في ذلك سواء ، الصغير والبالغ العاقل ومن بلغ أرذل العمر ، لا مفاضلة . وسأصدقك أنك ستفتدي بقلبك ، حيث علقت الأمر على الطلب ، والآن يطلب ما في الجيوب ، لا القلوب، فبت قرير العين يا أخ جمال .
2) في البيت الثاني :
الهوى أصبح القصد والسبب ! ما شاء الله ! .
3) في البيت الثالث :
إن جاء - يعني في الغالب لا يأتي . الحمد لله . وأخشى أن يكون طربك من باب :
لا تحسبوا رقصي بينكم طربا === فالطير يرقص مذبوحا من الألم
4) في البيت الرابع :
تشعلين : ينبغي أن يكون مجزوماً لأنه معطوف على مجزوم . فلو قلت : أو تشعلي النيران . لكان أقوم .
وقلبي : اللام ساكنة - وحقها أن تكون كسوابقها متحركة .
فأطفي : الهمزة هنا همزة قطع ، وإذا نطقناها بالقطع انكسر الوزن .
5) في البيت الخامس :
بأي دين أم بأي قانون وجب على المرأة أن تضيف من يزعم هواها من ريقها ؟!
6) في البيت السادس :
وارفعي العتبا : ما موضع هذا الانهيار في زمن تنهار فيه الأمة .
7) في البيت السابع :
يا من لها العينان رانية : ( معلهش ) اسمح لي أن أذكر لك قصة ذكرها الدينوري في عيون الأخبار ، ملخصها : أن أعرابيا طلب ماء من عجوز ، فجاءته ابنتها بالماء ، فشرب ، وجلس يحاور العجوز ويطيل الكلام ، يديم النظر إلى الفتاة ، فقالت له العجوز : مهلا يا بني ، فقد حملت منك . مع الاعتذار مقدما .
لا تبخلي : البخل هنا هو المطلوب ، وهو الذي يعني عفة المرأة وسموها وتعاليها فوق الغرائز الشيطانية .
8) في البيت التاسع :
لو قيل هذا البيت بعد القضاء على إسرائيل وصلاح أمر العرب لما كان مقبولا ؛ فكيف الآن ؟!
9) وفي البيت الأخير :
لا يجوز استعمال الأسلوب القرآني في مثل هذه القصيدة الغزلية ، المغرقة ، فشأن هذا الأسلوب أعلى وأرفع من امتهانه .
أخي الفاضل : جمال حمدان :
عفوا : هذا رأيي قد كتبته بصراحة ، وأرجو ألا تحمل كلماتي فوق ما تحتمل ، أو تأخذها على غير محملها ، ولولا طلبك ورغبتك في أن أنقد قصيدتك ما فعلت ، فعلم الله ضيق وقتي وكثرة مشاغلي ، ولم أقصد أبدا بمشاركتي في هذه الخيمة أن أكون ناقدا ، إنما قصدت أن أجعلها مستجم وقتي ، ومراح نفسي ، وروض روحي ، لذا فاقبلوني على علاتي .
ومع ذلك فإنك قد أحسنت سبك الصورة ، قلب محترق ، يطفى بماء الوصل ، وماء الوصل خمر للشفاه الظامئة من حر النار ، لولا أن الخمر تزيد العطش .
وعلى العموم : قرأت قصيدتك الطيبة ( وجهة نظر ) ، حتى أنني شعرت أن كاتب ( وجهة نظر ) غير كاتب ( ارفعي العتبا ) ...
تحياتي لك ، وعفوا .
الرد مع إقتباس