عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 29-04-2005, 12:54 PM
فارس الأندلس فارس الأندلس غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2004
المشاركات: 703
إفتراضي

الدولة السعودية الأولى: تساؤلات حول الشرعية؟

(1) لا يجوز للسلطان جمع الأموال إلا من مواردها المأذون بها شرعاً، وكل نظام يسن يخالف ذلك هو نظام كفر يخالف الإسلام، ويجعل نظام الدولة نظام كفر غير شرعي. أما إذا فعلت السلطة ذلك على وجه الإعتداء وممارسة القوة ــ من غير نظام منظّم، أو اتباع عرف سارى له قوة النظام ــ فتلك معصية كبيرة منكرة، وظلم بيِّن ظاهر. وهذا الحكم الشرعي لايتغير بصدور فتوى، أو عدم صدورها، وبسكوت المفتي، أو عدم سكوته.

(2) النظام الوراثي، أو النظام الملكي، يناقض الإسلام كل المناقضة، ويجعل نظام الدولة نظام كفر غير شرعي، وإقراره نظاماً يعنى هدم أحد أركان نظام الحكم في الإسلام، ولا يمكن قبوله بحال من الأحوال.

(3) إلتزام الشيخ بالبقاء تحت راية آل سعود يعنى القضاء على عالمية الدعوة وحصرها إقليمياً، ثم التحول بها تدريجياً إلى دعوة عنصرية، كما حدث لليهودية إبان الأسر البابلي.

(4) اختصاص العلماء بالشؤون الدينية، وآل سعود بالحكم والسلطان، فصل عملي صريح بين الدين والدولة، يناقض نظام الإسلام، ولايختلف كثيراً عن النظم الأوربية التي تفصل بين الدولة أي السلطان المسؤول عن رعاية شؤون الحياة الدنيا، والكنيسة المسؤول عن رعاية الشؤون الروحية واهتمامات الآخرة، ويؤدي هذا بالضرورة إلى نشوء طبقة من رجال الكهنوت (أحبار ورهبان) لا يعرفها الإسلام، بل ينكرها ويحاربها. وهذا يذكرنا بالإتفاق بين امبراطور الروم قسطنطين مع اساقفة النصارى في القرن الرابع الميلادي على جعل الدين (أي شؤون الآخرة والروح) من اختصاص البابا رئيساً للنصارى، والملك (أي شؤون الدنيا) للأمبراطور، وفي مقابل ذلك يدخل النصارى جميعاً تحت طاعة الأمبراطور وينخرطوا في جيشه ويدافعوا عن عرشه.

والواقع أن قبول الشيخ ــ عفا الله عنه ــ لهذه الشروط انحط بدعوته إلى دعوة أقليمية عنصرية، تقتصر على أهل نجد، بحيث أصبحت مطية لأل سعود وبقيت كذلك حتى اليوم، ولم تنجح قط في استقطاب الأغلبية في أي بلد إسلامي، ففقدت معنويا وعمليا القابلية أن تخلص العالم الإسلامي من حضيض التخلف والإنحطاط، وأن تحمـى بلاد المسلمين من غزوات الكفار المستعمرين الذين كان نجمهم صاعدا في ذلك العصر.

وهذه الشروط الباطلة شرعاً ــ وبالأخص وراثة الملك ــ تمنع من انعقاد البيعة، وتجعل هذه البيعة باطلة شرعاً، فاقدة لكل ما يترتب عليها من أثار، بالأضافة إلى كون البيعة إقليمية في ذاتها، ولم يعتبر فيها بقية المسلمين، ولو إسميا، ذلك لأن من المقطوع به أن محمد بن سعود لم يبايع أصلاً إماماً للمسلمين بوصفهم أمة واحدة.

وأعظم من ذلك وأخطر أن تلك البيعة عقدت مع وجود «أمير للمؤمنين» في أسطنبول يجتمع عليه العالم الإسلامي، فالأمر لا يكاد يخرج لذلك عن أحد الاحتمالات التالية:


الاحتمال الأول:

أن تكون شرعية أمير المؤمنين العثماني مطعون فيها من قبل أطراف بيعة الدرعية لبطلان بيعته، وعدم استيفائها اركانها، وحينئد كان الواجب ذكر ذلك ومسوغاته والنص عليه في بيعة الدرعية، ومطالبة المسلمين بخلع مغتصب السلطة في اسطنبول، وبيعة أمير مؤمنين أو إمام جديد. وحسب علمنا فإن أي شيئ من هذا لم يحدث، بل قد أكد علماء الدعوة الوهابية خلاف ذلك، فهذا الشيخ عبد الله أبا بطين يقول عن الشيخ: [...، ولم يلقب في حياته بالإمام، ولا عبد العزيز بن محمد بن سعود، ما كان أحد في حياته منهم يسمَّى إماماً، وإنما حدث تسمية من تولى إماماً بعد موتهما]، (الدرر السنية: 240/7).

الاحتمال الثاني:

أن تكون مشروعية دولة الخلافة العثمانية مطعون فيها لحكمها بالكفر، أو لظهور الكفر البواح، مع السكوت عنه، والتمكين له، تحت سلطانها، فتكون الدولة الإسلامية ــ دولة الخلافة ــ معدومة بالفعل، ولا قيمة لمدعيها في أسطنبول. وحينئد كان الواجب ذكر ذلك مع أسبابه الموجبة له مفصلاً ببراهينه وأدلته، والنص عليه صراحة في بيعة الدرعية، ودعوة المسلمين للدخول تحت طاعة الدولة الإسلامية الناشئة.

غير أن الثابت هوأن الدولة العثمانية كانت هي دولة الخلافة الشرعية، وأن الدار كانت دار إسلام. وحسب علمنا لم ينازع الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ولا من يعتد به من تلاميذه في هذه الحقيقة التاريخية الثابتة، ومن أراد نقل واقع عن معهود حاله المعلوم يقيناً فعليه البرهان على ذلك، لأن: [ما ثبت بيقين، لا يزول إلا بيقين].

الاحتمال الثالث:

أن يكون من المظنون لدى أطراف بيعة الدرعية أن الديار النجدية خارجة فعلاً عن سلطان أمير المؤمنين في أسطنبول ويراد إخضاعها لنظام الإسلام، وتطهيرها من البدع والخرافات والشركيات، وإنشاء دولة مستقلة فيها. وهذا لا يجوز لعدم جواز تعدد الأئمة، وتعدد الدول الإسلامية.

كما أن هذه الفرضية لا تستقيم، قطعاً، مع محاولات الدولة السعودية الأولى لبسط سلطانها على الحرمين الواقعين تحت سلطان الخلافة العثمانية آنذاك وعلى غيرهما من الأقاليم الواقعة تحت سيطرة الدولة العثمانية!

الاحتمال الرابع:

كالاحتمال الثالث إلا أن المراد هو القضاء على الشرك والخرافات والفوضى والظلم في الديار النجدية ثم ضمها إلى الدولة الإسلامية، دولة الخلافة في اسطنبول، بعد تطهيرها. وكان الواجب في هذ ه الحالة ذكر ذلك في عقد الدرعية حتى يلتزم به أطرافه، ويعلم به «أمير المؤمنين» في اسطنبول، ويخبر أن الديار النجدية بسبيل التطهير والدخول مع جماعة المسلمين تحت سلطان الخليفة، فلا تنشأ حاجة للقتال مع دولة الخلافة، وسفك الدماء الغزيزة التى سفكت بعد ذلك، والدمار والفناء الذى لحق بالدولة السعودية الأولى، وهذا أمر ممكن ميسور بالنسبة لطلاب الآخرة من الواعين المخلصين، ونحسب أن الشيخ كان منهم، ولا نزكي على الله أحداً. وقد قام بذلك فعلاً، بعد ذلك بزمن قصير، الأمير فيصل بن تركي من الدولة السعودية الثانية.

وتدل مراسلات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وكذلك أمراء الدولة السعودية الأوائل، إلى الأشراف في مكة، وإلى الخلفاء في اسطنبول، على إقرارهم بشرعية هؤلاء، وأن لهم ولاية أمر شرعية، وقد جاء في رسالة الشيخ محمد بن عبد الوهاب إلى الشريف أحمد: (المعروض لديك، دام الله فضل نعمه عليك، حضرة الشريف أحمد بن الشريف سعد أعزه الله في الدارين، وأعز به دين جده سيد الثقلين، أن الكتاب لما وصل إلى الخادم وتأمل ما فيه من الكلام الحسن، رفع يديه بالدعاء إلى الله بتأييد الشريف لما كان قصده نصر الشريعة المحمدية ومن تبعها، وعداوة من خرج، وهذا هو الواجب على ولاة الأمور...) ثم يستمر قائلاً: (فإذا كان الله سبحانه قد أخذ ميثاق الأنبياء إن أدركوا محمد صلى الله عليه وسلم، على الإيمان به ونصرته، كيف بنا يا أمته؟ فلا بد من الإيمان به، ولا بد من نصرته، لا يكفي أحدهما عن الآخر، وأحق الناس بذلك وأولاهم أهل البيت الذي بعثه الله منهم، وشرّفهم على أهل الأرض به، وأحق أهل البيت بذلك من كان من ذريته صلى الله عليه وسلم. وغير ذلك يعلم الشريف أعزه الله أن غلمانك من جملة الخدام. ثم أنتم في حفظ الله وحسن رعايته) «حياة محمد بن عبد الوهاب ص 322».

كما كتب الأمير عبد الله بن سعود بن عبد العزيز بن محمد آل سعود إلى الخليفة العثماني السلطان محمد الغازي: (...وبعد: فإن أطوف حول الكعبة آمال العبيد، التي هي أعتاب دولة مولانا قطب دائرة الوجود، وروح جسد العالم الموجود، وملاذ الحاضر والبادي، ومحط رحال آمال رحال الرائح والغادي، علم الأعلام، إنسان عين أعيان الأنام، من نام في ظل عدله كل خائف، ولجأ إلى حماه كل عاقل عارف. ذي الأخلاق هي أرق من نسيم الصبا، مع الهيبة التي تحل من أجله الحبا، سلطان البرين، وخاقان البحرين، الذي برز بطلعته طالع السعود، السلطان بن السلطان سيدنا السلطان محمود الغازي، أقدم عريضتي هذه المشتملة على الضراعة، وهي أنه لما كان عبدكم هذا من المسلمين الذين لا ينفكون عن شروط الإسلام التي هي إعلاء كلمة الشهادة، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، وحج بيت الله الحرام، ومنع الظلمة من الإضرار بالناس، وكف أيديهم) ثم يستمر بعد ذلك عارضاً لإفتراءات الأشراف عليه، وسعيهم عند السلطان لقتاله، وأنهم يزوّرون العرائض باسم والده الأمير سعود بن عبد العزيز التي تعلن العصيان ومنع الحجاج، ثم يتابع قائلاً: (...وعلى العموم، فإن كل ما نسب إلى عبدك من أمور الطغيان والخروج كلها ناشئ عن خدعة الشريف المشار إليه...)، ثم يختم قائلاً: (قدمت عريضتي هذه التي أشهر من المثل السائر، مصداقاً لصداقتي على أن لا أنفك عن قيد الإطاعة، وأن أعد من عبيدكم القائمين بجميع خدمات الدولة العلية، فهي برهان قاطع يشهد بالدعوات في الأعياد والمحافل وعلى المنابر بدوام عمركم ودولتكم ) راجع هذا كله وغيره في كتاب: الدولة السعودية الأولى لعبد الرحيم العبد الرحيم ص392 وما بعدها.

وقد حاول بعض الإسلاميين المعاصرين مثل الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق في كتابه (فصول من السياسة الشرعية في الدعوة إلى الله) الدفاع عن الدولة السعودية الأولى، وتصنيف ما دار بينها وبين الأشراف في مكة ومحمد علي والي الدولة العثمانية في مصر من قتال، بأنه كان من جنس الدفاع عن النفس. وهذا الإدعاء ينطلق من شرعية كيان الدولة السعودية الأولى، وهو أمر غير مسلم كما أسلفنا. فإذا كانت الدولة السعودية الأولى من حيث كيانها غير شرعية، فإزالتها واجبة، وليس لها حق الدفاع عن النفس. والأمر في مثل هذه الحالة مثل من اغتصب أرضاً وأقام عليها منزلاً ثم امتنع عن الخروج منه ومانع في إزالته رغم حكم القضاء الشرعي، أو مثل من امتنع عن تسليم الزكاة للأمير الشرعي، فمن المعروف أن هؤلاء معتدون ابتداءاً وأنه يجوز قتالهم وحملهم بالقوة على الإلتزام بالحكم الشرعي، ولا حق لهم في الدفاع عن النفس، لأن ذلك في تلك الحالة دفاع عن العدوان والمخالفة الشرعية. لذلك حكم الفقهاء، بحق، في ذلك العصر على الدولة السعودية الأولى بأنها دولة خوارج، لا سيما وأنه فد اشتهر عنها تكفير العوام، وقتالهم قتال كفار، وأخذ أموالهم غنيمة، وسبي نسائهم، كما هو مفصل في كتاب ابن بشر آنف الذكر: «عنوان المجد، في تاريخ نجد»، وغيره مثل عند ابن غنام!

ولذلك أفتوا بجواز قتالها بالطريقة الشرعية المعتبرة في قتال الخوارج ونحوهم، كما نص عليه ابن عابدين في حاشيته مثلاً!!

وعلى فرض التسليم جدلاً بشرعية كيان الدولة السعودية الأولى، فإن مخرج «الدفاع عن النفس» يحتاج البرهان عليه إلى دراسة مستفيضة للوثائق التاريخية، ولكن يستشكل عليه محاولة الدولة السعودية بسط نفوذها على العراق والشام، فمن المعلوم أنها وصلت إلى ضواحي حلب، فأي علاقة لهذا بالدفاع عن النفس، أو بمؤامرات الشريف ودسائسه؟!

كما يستشكل عليه نشوء علاقات مريبة بين الدولة السعودية الأولى بدايةً من آواخر عهد الأمير عبد العزيز بن محمد بن سعود مع السلطات البريطانية في الهند التي كانت المزود الرئيسي بالسلاح، كما يستشكل عليه أن حروب الدولة السعودية الأولى كانت كلها في نهاية الأمر لمصلحة بريطانيا، حيث وقعت أكثر أمارات الخليج تحت الإستعمار البريطاني وجرى إضعاف الدولة العثمانية إلى الحد الذي أسقطها عن مرتبة الدولة الأولى في الموقف الأوروبي ثم إلى سقوطها فيما بعد. ومن أراد الإستزادة فعليه بالرجوع إلى الكتاب المعنون بـ (علاقة الدولة السعودية الأولى ببريطانيا) للدكتور محمد بن عبد الله السلمان، وكذلك كتاب (صراع الأمراء: علاقة نجد بالقوى السياسية في الخليج العربي، دراسة وثائقية ) لعبد العزيز عبد الغني ابراهيم.

على أن العدل والإنصاف يقتضى التنبيه على أمور مهمة منها:
**********
يتبع
__________________
فارس الأندلس
***************
اللهم يا منزل الكتاب,ويا مجري السحاب, ويا سريع الحساب, وياهازم الأحزاب إهزم النصارى واليهود والعلمانيين والمنافقين المحاربين للأسلام والمسلمين. اللهم اهزمهم وزلزلهم, اللهم اقذف الرعب في قلوبهم, اللهم فرق جمعهم, اللهم شتت شملهم, اللهم خالف بين أرائهم, اللهم اجعل بأسهم بينهم, اللهم ارنا بهم عجائب قدرتك. ياقوي يا قادر اللهم أذل الدول الكافرة المحاربة للإسلام والمسلمين, اللهم ارسل عليهم الرياح العاتية, والأعاصير الفتاكة, والقوارع المدمرة, والأمراض المتنوعة, اللهم اشغلهم بأنفسهم عن المؤمنين, اللهم أتبعهم بأصحاب الفيل, وجعل كيدهم في تضليل, اللهم أرسل عليهم طير الأبابيل, ترميهم بحجارة من سجيل,اللهم خذهم بالصيحة, وارسل عليهم حاصبا, اللهم صب عليهم العذاب صبا,اللهم اخسف بهم الأرض وأنزل عليهم كسفا من السماء, اللهم اقلب البحر عليهم نارا, الجو شهبا وإعصارا, اللهم أسقط طائراتهم,اللهم دمر مدمراتهم, واجعل قوتهم عليهم دمارا. ياذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم. اللهم عليك برؤس الكفر, اللهم عليك ببوش,اللهم عليك ببلير, اللهم عليك بشارون اللهم عليك بهم كل الظالمين. اللهم طال ليل الظالمين, اللهم سلط عليهم يدا من الحق حاصدة. اللهم إن بالمسلمين من الجهد والضنك والضيق والظلم مالا نشكوه إلا إليك. لا إله إلا الله العظيم الحليم, لا إله إلا الله رب العرش الكريم, لا إله إلا الله رب السموات والأرض ورب العرش الكريم. اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
****************************