عرض مشاركة مفردة
  #3  
قديم 24-09-2003, 07:25 PM
البارجة البارجة غير متصل
دكتوراة -علوم اسلامية
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2003
المشاركات: 228
إفتراضي

ب – ومن شعره :



· فمن ذلك قوله عن ولديه :



إن عليــــــــاً وجعفــــــــــــــــــــــــــــراً ثقتــــــــــــي

عنــــــــــد ملمّ الــــــــــزمــــــان والنـــــــــــــــوب

لا تخــــــــــــــــذلا وانصــــــــرا ابن عمكمـــــــــــــا

أخي لأمـــــــي – من بينـــــــــــــهم – وأبــــــــــي

والله لا أخـــــــــــــــــــــــذل النبـــــــــــــــــــــــي ولا

يخـــــــــــــــذلـــــــه مـن بنــــيّ ذو حســــب (11)




وهنا لا بدّ من الالتفات إلى أن أبا طالب قد ذكر علياَ وجعفراً فقط من بين أبنائه ، والسّر أنهما وحدهما كانا قد أسلما من بين أولاده حتى ذلك الحين . كما نرى أنه اعتراف منه صريح وإقرار بالنبوّة (( لا أخذل النبي )) .



· وقله يهتف لأخيه الحمزة – رضي الله عنه - :



فصبـــــــــــــراً أبا يعلى على ديـــــــــــــــن أحمــــد

وكـــــــــن مظهــــــــــراً للديــــــن وفّقت صابــــراً

وحــــــــــط مـــــــن أتى بالحــــــــق مــــن عند ربّه

بصــــــــــــدق وعـــــــــزم ولا تكن حمز كافـــــراً

فقـــــــــد ســــــــــرّني إذ قـــــــلت إنك مؤمــــــــــن

فكــــــــــن لرســــــــــــول الله فـــــــي الله ناصـراً

ونــــاد قريشـــــــــــــــــاً بالذي قــــــــــــــد أتيتــــــه

جهــــــــاراً ، وقل ما كان أحمـــــــد ساحراً (12)




وهنا اعتراف آخر أصرح بإسلامه ويظهر ذلك جلياً في قوله : (( على دين أحمد وكن مظهراً للدين ...)) ، ونهيه لحمزة : (( ولا تكن حمز كافراً )) وسروره بإسلام حمزة وإيمانه ، ثم في قوله : (( لرسول الله )) اعتراف آخر وإقرار بالرسول والرسالة وكذلك نفي السحر عنه .



· وعندما اشتدّ الصراع مع قريش ، وثبت النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – على موقفه ، ورفض أبو طالب تسليم النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – لقريش ، قال أبو طالب : (( اذهب – يا ابن أخي – فقل ما أحببت ، فوالله لا أسلمك لشيء أبداً ، ثم أنشد يقول :



والله لـــــــــن يصلــــــــــــــــوا إليــــــك بجمعـــــهم

حتــــــــى أوسّـــــــــــد فـــــــي التــــــــراب دفينــا

فاصـــــــــــدع بأمــــــرك ما عليــــــك غضاضـــــة

وابشــــــــــــــر بـــــــذاك وقـــــــرّ منـــــك عيونــا

ودعوتنـــــــــــــي ، وعلمــــــت أنـــــــك ناصحــــي

ولقـــــــــد صــــــــدقت وكنـــــــــت ثــــــــــمّ أمينـا

ولقـــــــــد علمــــــــــت بأن ديـــــــــــــــن محمــــــد

مــــــــن خيـــــــــر أديان البريـــــــــــة دينا (13)




وفي البيت الأخير أجلى البراهين على إقراره بدين محمد – صلى الله عليه وآله وسلم - .



· وليس أصرح من كل ذاك إلاّ ما بعثه من أبيات إلى ملك الحبشة النجاشي وهو يدعوه إلى الإسلام ، ويشكره على حسن ضيافته لابنه جعفر الطيار وسائر المهاجرين حيث يقول :



أتعلــــــــــــم مـــلك الحبـــــــــــــش أن محمـــــــــداً

نبـــــــــي كموســـــى والمسيـــــح ابـــــــــن مريم

أتــــــــى بالهــــــــــدى مثـــــــل الــــــــذي أتيا بـــه

فكــــــل بأمـــــــــــــر الله يهــــــــــدي ويعصـــــــم

وإنـكـــــــم تتلونـــــــــــــــــــه فـــــــــــــي كتابكـــــم

بصــــــــــــــــدق حــــــديثٍ لا حديـــــث الترجّــــــم

فلا تجعلــــــــــــــوا لله نــــــــــــــــــداً وأسلمـــــــوا

فإنّ طريــــــــــــق الحــــــــــــــــــــــق ليس بمظلم

وإنـــــــــك ما تأتيــــــــــــــك منا عصــــابـــــــــــــة

لقصــــــــــــــــدك إلاّ أرجعــــــــــوا بالتكرّم (14)




فمما سبق وغيره كثير يعرف صدق ولاء أبي طالب – رضي الله عنه – لرسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – ومحبته له ونصرته إياه حتى في أحلك الظروف وأخطر المواقف . يقول الشيخ المفيد – رضي الله عنه – في هذا الصدد : (( وذلك ظاهر معروف لا يدفعه إلاّ جاهل ، ولا يجحده إلاّ بهّات معاند ، وفي معناه يقول أبو طالب – رضي الله عنه – في اللامية السائرة المعروفة :



لعمــــــــري لقــــــــــــــد كلّفت وجــــــــــداً بأحمــــد

وأحببتــــــــــه حــــــبّ الحبيــــــــب المواصــــــل

وجـــــــــــدت بنفسي دونـــــــــــــــــــه وحميتــــــــه

ودارأت عنـــــــــــــــــــه بالــــــذرى والكلاكـــــل

فما زال فـــــــــــــي الدنيـــــــــــــــا جمالاً لأهـــــلها

وشينــــــــــا لمـــــــــن عادى وزيـــــــن المحافل

حليـــــــماً رشيـــــــــداً حازماً غيــــــــــــــــر طائش

يوالــــــي إله الخلــــــــــــــق ليــــــــــــس بماحل

فأيــــــــــــــــّده ربّ العبــــــــــــــــــــــاد بنصــــــــرةٍ

وأظهــــــــــــــــر دينــــــــاَ حقّـــــــه غير باطل ))




ويعلّق الشيخ المفيد بقوله : (( ومن تأمل هذا المدح عرف منه صدق ولاء صاحبه لرسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم - ، واعترافه بنبوته ، وإقراره بحقه فيما أتى به ، إذ لا فرق بين أن يقول : محمد نبي صادق وما دعا إليه حق صحيح واجب ، وبين قوله :

فأيــــــــــــــــّده ربّ العبــــــــــــــــــــــاد بنصــــــــرةٍ

وأظهــــــــــــــــر دينــــــــاَ حقّـــــــه غير باطـــــل




وفي هذا البيت إقرار – أيضاً – بالتوحيد صريح ، واعتراف لرسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – بالنبوة صحيح ، وفي الذي قبله مثل ذلك ... )) (15) .



دلائل أخرى



إن إثبات إسلام أبي طالب وإيمانه – رضي الله عنه – لا يحتاج إلى كثير بيان وعناء لكثرة ما ورد تلميحاً وتصريحاً في ذلك .. ولكن ننقل بالنص أيضاً ما ذكره العالم الفاضل الشيخ المفيد المحقق في ذلك ، حيث عقّب على كلام طويل عن أبي طالب – رضي الله عنه – وابنه علي – عليه السلام – فقال :

(( ومما يؤيّد ما ذكرناه من إيمان أبي طالب – رضي الله عنه – ويزيده بياناً : أنه لما قبض – رحمه الله – أتى أمير المؤمنين – عليه السلام – رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – ( فآذنه بموته فتوجّع توجعاً عظيماً ، وحزن حزناً شديداً ) ثم قال : امض يا علي فتول غسله وتكفينه وتحنيطه ، فإذا رفعته على سريره فأعلمني . ففعل ذلك أمير المؤمنين – عليه السلام - ، فلما رفعه على السرير اعترضه النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – فرقّ له وقال : وصلتك رحم ، وجزيت خيراً ، فلقد ربّيت وكفلت صغيراً ، وآزرت ونصرت كبيراً ، ثم أقبل على الناس فقال – صلى الله عليه وآله وسلم - : أما والله لأشفعنّ لعمي شفاعة يتعجّب منها أهل الثقلين )) ( وردت هذه الرواية في الحجة على المذاهب ص 67 ، والدرجات الرفيعة ص 61 ) .

ثمّ يضيف الشيخ المفيد بعد نقله الرواية فيقول :

(( وفي هذا الحديث دليلان على إيمان أبي طالب – رضي الله عنه - :

أحدهما : أمر رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – علياً بغسله وتكفينه دون الحاضرين من أولاده ، إذ كان من حضر منهم سوى أمير المؤمنين – عليه السلام – إذ ذاك على الجاهلية ، لأن جعفراً – رحمه الله – كان يومئذٍ ببلاد الحبشة .. وفي حكم رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – لعلي – عليه السلام - .. – بأمره إياه بإجراء أحكام المسلمين عليه من الغسل والتطهير والتحنيط والتكفين والمواراة – شاهد صدق في إيمانه على ما بيّناه .

والدليل الآخر : دعاء النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – بالخيرات ووعد أمّته فيه بالشفاعة إلى الله ، وإتباعه بالثناء والحمد والدعاء ... ولو كان أبو طالب مات كافراً لما وسع رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – الثناء عليه بعد الموت والدعاء له بشيء من الخير .. قال تعالى : { ولا تصلّ على أحد منهم مات أبداً ولا تقم على قبره } .. وإذا كان الأمر على ما وصفناه ثبت أن أبا طالب – رضي الله عنه – مات مؤمناً ، بدلالة فعله ومقاله ، وفعل نبي الله – صلى الله عليه وآله وسلم – ومقاله حسبما شرحناه )) .

ثم يقول الشيخ المفيد – رضي الله عنه – في المكان نفسه :

(( ويؤكد ذلك ما أجمع عليه أهل النقل من العامة والخاصة ، ورواه أصحاب الحديث عن رجالهم الثقاة ، من أن رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – سئل فقيل له : ما تقول في عمك أبي طالب يا رسول الله وترجو له ؟ فقال – صلى الله عليه وآله وسلم - : أرجو له كل خير من ربي .

فلولا أنه – رحمه الله – مات على الإيمان لما جاز من رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – رجاء الخيرات له من الله عزّ وجل مع ما قطع تعالى به في القرآن وعلى لسان نبيّه – صلى الله عليه وآله وسلم – من خلود الكفار في النار ، وحرمان الله لهم من سائر الخيرات ، وتأبيدهم في العذاب على وجه الاستحقاق والهوان )) (16) .

وهكذا يثبت أن أبا طالب – رضي الله عنه – قد أسلم وحسن إسلامه ، وإن كان يذكر أنه ظلّ يتكتم في إيمانه أمام قريش حتى يبقي على إمكانية الحوار معهم والوساطة بينهم وبين رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – وإلاّ لكانت قريش استطاعت أن تحاربه علناً ، وتسحب بساط الزعامة من تحت قدميه لأنه يصبح شريكاً مع النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – في تسفيه أحلامهم والاستهزاء بآلهتهم .

وبهذا – كما بغيره من الدلائل – يبطل ادّعاء تكفير أبي طالب – رضي الله عنه – كما دأب عليه البعض دون حجة وبرهان .

_____________________________________

(1) شيخ الأبطح أو أبو طالب / السيد محمد علي شرف الدين / دار الأرقم – صور / مقدمة العلاّمة الشيخ محمد مهدي شمس الدين .

(2) إيمان أبي طالب والشذرات الذهبية / لبيب بيضون / مقدمة المحقق الشيخ محمد حسن آل ياسين لرسالة الشيخ المفيد (ره) .

(3) شيخ الأبطح / م . س / ص 17 .

(4) م . ن . ص 19 .

(5) م . ن . ص 22 .

(6) فاطمة بنت أسد / الد . الشيخ محمد هادي الأميني / نشر مؤسسة البلاغ – بيروت / ط‍ 1 / 1990/ ص 18 / نقلاً عن عدة مصادر ومراجع .

(7) أبو طالب مؤمن قريش / عبد الله الخنيزي/ دار التعارف للمطبوعات – بيروت /ط 4 – 1978/ص 145 / نقلا عن عدة مصادر مهمة .

(8) م . ن . ص 148 .

(9) م . ن . ص 153 نقلاً عن عدة مصادر كالطبري والإصابة والسيرة الهشامية والنبوية والحلبية وغيرها كثير ...

(10) م . ن . ص 210 – 211 نقلاً عن السيرة النبوية والحلبية وثمرات الأوراق ، وأضيفت في كتاب شيخ الأبطح ص 39 جملة (( غير أني أشهد بشهادته ، وأعظّم مقالته )) ، وذكرها ( أي الجملة ) مع كامل الوصية صاحب أعيان الشيعة السيد محسن الأمين (رض) في موسوعته . وكذلك صاحب الغدير وغيره .

(11) و (12) م . ن . نقلاً عن عدة مصادر مهمة .

(13) القول وألأبيات نقلها الخنيزي في الكتاب نفسه عن عدة مصادر وأسانيد خصوصاً مصادر أهل السنة ص 161 .

(14) م .ن . ص 183 عن عدة مصادر ومراجع .

(15) رسالة في إيمان أبي طالب / الشيخ المفيد / راجع في ذلك إيمان أبي طالب .../ لبيب بيضون / م . س / ص 5 . وقد نقل القصيدة عن عدة مراجع ومصادر مهمة .

(17) م . ن . ص 13 .
__________________
البارجة هي استاذة فلسفة علوم اسلامية ,
إلى الكتاب و الباحثين
1- نرجو من الكاتب الإسلامي أن يحاسب نفسه قبل أن يخط أي كلمة، و أن يتصور أمامه حالة المسلمين و ما هم عليه من تفرق أدى بهم إلى حضيض البؤس و الشقاء، و ما نتج عن تسمم الأفكار من آثار تساعد على انتشار اللادينية و الإلحاد.

2- و نرجو من الباحث المحقق- إن شاء الكتابة عن أية طائفة من الطوائف الإسلامية – أن يتحري الحقيقة في الكلام عن عقائدها – و ألا يعتمد إلا على المراجع المعتبرة عندها، و أن يتجنب الأخذ بالشائعات و تحميل وزرها لمن تبرأ منها، و ألا يأخذ معتقداتها من مخالفيها.

3- و نرجو من الذين يحبون أن يجادلوا عن آرائهم أو مذاهبهم أن يكون جدالهم بالتي هى أحسن، و ألا يجرحوا شعور غيرهم، حتى يمهدوا لهم سبيل الاطلاع على ما يكتبون، فإن ذلك أولى بهم، و أجدى عليهم، و أحفظ للمودة بينهم و بين إخوانهم.

4-من المعروف أن (سياسة الحكم و الحكام) كثيرا ما تدخلت قديما في الشئون الدينية، فأفسدت الدين و أثارت الخلافات لا لشىء إلا لصالح الحاكمين و تثبيتا لأقدامهم، و أنهم سخروا – مع الأسف – بعض الأقلام في هذه الأغراض، و قد ذهب الحكام و انقرضوا، بيد أن آثار الأقلام لا تزال باقية، تؤثر في العقول أثرها، و تعمل عملها، فعلينا أن نقدر ذلك، و أن نأخذ الأمر فيه بمنتهى الحذر و الحيطة.

و على الجملة نرجو ألا يأخذ أحد القلم، إلا و هو يحسب حساب العقول المستنيرة، و يقدم مصلحة الإسلام و المسلمين على كل اعتبار.

6- العمل على جمع كلمة أرباب المذاهب الإسلامية (الطوائف الإسلامية) الذين باعدت بينهم آراء لا تمس العقائد التي يجب الإيمان