عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 03-10-2006, 07:05 PM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي كلام في الديمقراطية

كلام في الديمقراطية :

يعتقد الكثير من الناس أن الديمقراطية ، تشكل أسلوبا سحريا لتقدم الشعوب ، وقد يكون هذا الاعتقاد سليما لحد ما ، لكن سيتبعه شروط تتعلق بصناعة أدوات الديمقراطية نفسها ، إضافة لفهم التعامل مع تلك الأدوات .. وستبرز أسئلة فرعية حول استكمال هذا الفهم ، ليكون هناك ملامح تكون كهدف بعيد يقترب الجميع نحوه للوصول الى هذا الحل السحري ..

وقد يقترن مفهوم الديمقراطية بالعدالة ، ويصبح اعتقادا لدى الشعوب النامية ، فتنتقي نخبها و طلائعها النماذج السائدة بالعالم ، لتبشر بها مجرد تبشير ، دون معرفة الحيثيات التي وصلت بها تلك النماذج لما وصلت إليه ، فتصبح الأصوات المنادية تنادي بالمطالبة الى الوصول لعناوين هائمة غير معروفة المعالم ، مستفيدة من حالات البؤس السائدة لتجعل منها فهارس تدعم بها وجهات نظرها المتتالية ..

وبالمقابل ، تجد دعاة الإصلاح على النظم القائمة في دول العالم الثالث ، تحاول التقليل من أهمية السعي للديمقراطية ، بحجة أن الديمقراطية هي في طور الممارسة الفعلية ، ويذكر دعاة الإصلاح النماذج السائدة في أقطارهم أنها نماذج متكاملة ، ولا ينقصها إلا الالتفاف العام حولها ، وإن كان هناك أخطاء ما فهي أخطاء محدودة ، ممكن تجاوزها بسهولة !

ويتحصن هؤلاء الدعاة بالنماذج السائدة ، من مجالس برلمانية ، تصلح أن تكون ( ديكورات) لتزيين وجه النظم الحاكمة ، ويعتبرونها أنها تحقق مطالب الجمهور من المشاركة في صناعة النظام السياسي ..

كما تهاجم أطراف النظام الانتخابي ، باعتباره لعبة ليبرالية غربية ، تكرس السلطة بيد أصحاب المال ، ولا تختلف عن النظم الفردية بشيء ، فالقدرة على التحكم بالأصوات هي في يد من يمتلك المال وليس من يحقق العدالة من الناس ، و تلتقي الأصوات المنادية بتطبيق الشريعة الإسلامية في بلادنا ، مع القوى الراديكالية العلمانية ، في النظرة الى اللعبة الانتخابية الليبرالية ، بأنها نظام فاسد يكرس السلطة بيد طبقة معينة ..

بعد هذه المقدمة سيكون أمامنا الغوص في بداية نشأة نظم الحكم عند الأمم وتلك التي لها علاقة باصطناع نظم يحتكم لها الناس في اختيار حكامهم ، وكيف ظهرت فكرة الديمقراطية عالميا ، وما آلت إليه من نتائج ، استقرت في بعض البلدان ، ولا زالت بلاد مثل بلادنا تتلمس طريقها في إيجاد صيغ لترسيخ أشكال للحكم يرضاها الجميع ..

إذا كانت الديمقراطية ، أو العدالة في أساليب اختيار الحكام ، ستوصل في النهاية الى العدالة فيما بين الناس المحكومين ، فإن البحث عن أشكال حكم قديمة تدلل للباحثين عن بدايات تأسيس النظم العادلة ، سيصطدم بادعاءات مختلفة هنا وهناك ، وسيقفز على صفحات الكتب أن اليونانيين أو الرومان هم أول من أسس لهذا النظام ، وهو ادعاء كاذب لا أساس له من الصحة ، لكن ما جعله أقرب للقبول ، هو المصطلح ( الديمقراطية) الذي أساسه أوروبي قديم ، ويعني ( حكم الشعب ) .. وهذا ما سنتناول دحضه في المقالات القادمة ..
__________________
ابن حوران