عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 24-12-2006, 01:33 AM
جروان جروان غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2006
المشاركات: 83
إفتراضي رداً على ( ســلمان العودة ) حول الخطاب الديني

رداً على ( ســلمان العودة ) حول الخطاب الديني

بل الخطاب الديني ليس مفككاً

بقلم : علي بن فهد أبابطين .. .. .. عضو هيئة التدريس في الكلية التقنية ببريدة

تعقيبا على المقال المنشور في عدد يوم 15 / 11 / 1427 هـ حول محاضرة تجديد الخطاب الديني للدكتور سلمان العودة في إحدى أكاديميات الرياض الأهلية ، حيث نص على أن الخطاب الديني الحالي مفكك وفردي ، وأن الأمة تعيش في تيه ودوران تدور فيه حول نفسها، وفي نظره أن علاج هذا التفكك والتيه الذي يزعمه هو تجديد الخطاب الديني .. أقول :

لقد أخطأت في قولك ولم يصب اجتهادك ؛ فالخطاب الديني الذي عمدت إلى تجديده ـ وتقصد به بيان العلماء والدعاة أحكام الدين للناس ودعوتهم إلى الله ـ أقول هذا الخطاب ليس مفككا كما قلت ، وكيف يكون مفككا وقد تكاتف العلماء والدعاة والمصلحون وتضافرت جهودهم في الدعوة إلى الله ومخاطبة الناس لبيان أحكام دينهم بالخطاب والأسلوب الشرعي الذي أمرهم الله به ، فدعوا إلى الله وخاطبوا الناس بالحكمة والموعظة والمجادلة الحسنة ، امتثالا لأمره سبحانه ( ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) ، وتدرجوا في دعوة الناس إلى الله ، وفي مخاطبتهم بأحكام دينهم مراعين في ذلك أحوالهم وأزمانهم اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في دعوته، حيث بقي في مكة أكثر من عشر سنين يقرر العقيدة في نفوس الصحابة ، فلما استقرت هذه العقيدة شرع في مخاطبتهم ببقية شرائع الدين، بعدما هاجر إلى المدينة .

فهذا هو الأسلوب الشرعي والخطاب الديني الذي أمر الله به نبيه صلى الله عليه وسلم وامتثله المصطفى عليه الصلاة والسلام ، وسار عليه صحابته الكرام وورثه من بعدهم العلماء والدعاة والمصلحون ، وسار على ذلك القرون المتوالية والأزمان المتطاولة إلى يومنا هذا، فهل نحتاج الآن إلى تجديده ؟ .

لقد جرى على الأمة من المحن والمصائب والفتن ، ومر بها فترات من الضعف والهزيمة وتسلط الأعداء ، ولم ينقل عن أحد من علمائها التكلف في تجديد خطابها الديني لمقابلة عدوها أو لدفع تلك المحن والفتن والمصائب عنها ، بل وجهوا الأمة إلى ضرورة التمسك بمصادرها الأصيلة ( الكتاب والسنة ) ؛ لئلا تضلها الفتن وتغرقها في بحور الظلمات ، فهذا هو العلاج الأمثل الذي ينجي الله به الأمة حال وقوع الفتن وتسلط الأعداء ، ويعيد لها به مجدها وعزها حين تضعف وتهون ، ويجمع به شملها ويوحد به صفها ، ويتم لها به الأمن والاستقرار ورغد العيش .

فالأمة الآن ليست بحاجة إلى شيء قدر حاجتها إلى تمسكها بمصادرها الأصيلة ( الكتاب والسنة ) ، قولا وعملا ، وكلما تخلفت عن هذين المصدرين حصل لها من الضعف والهزيمة وتسلط الأعداء بقدر تخلفها عن مصادرها، والواقع يشهد لذلك .

ثانيا : استدل د. العودة لتجديد الخطاب الديني بحديث : ( إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها ) والمتأمل لمعنى الحديث يتضح له ضعف الاستدلال به في هذا المقام ، فالحديث يدل على أنه حين يندثر الدين وتتغير معالمه ويطبق الجهل والشرك والبدع على عامة الناس فإن الله يقيض لدينه من يجدده لعباده ، لتظهر شعائره وآثاره وترتفع معالمه ، كما هو الحال في هذه الجزيرة حين اندثرت معالم الدين فيها وعمّ الشرك وراجت البدع ، فقيض الله الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله لتجديد معالم الدين فيها ، فارتفعت بدعوته راية التوحيد واعتلت معالم الإسلام وسانده في ذلك الإمام القائد محمد بن سعود رحمه الله ، فنفع الله بهذه الدعوة المباركة أهل الجزيرة وغيرهم ، ولا يزال أثرها ونفعها يعم هذا البلد وغيره من بلاد المسلمين .

فهل يقال بعد هذه الدعوة وهذا التجديد الذي قام به الإمامان المجددان محمد بن عبد الوهاب ومحمد بن سعود رحمهما الله ، ونحن نعيش الآن آثار هذه الدعوة المباركة في رغد عيش واستقرار وأمن ورخاء ونعمة، هل يقال بعد هذا إننا بحاجة إلى تجديد خطابنا الديني ؟ .

إن الذي يجب أن يقال لنحفظ مجتمعنا من التفكك والتفرق والاختلاف هو لزوم المنهج الذي سار عليه النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام ، وأمر أمته بلزومه والسير عليه بقوله ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضو عليها بالنواجذ ) ، وقد نهجته هذه الدولة الموفقة منذ تأسيسها تسير عليه بخطى ثابتة .