عرض مشاركة مفردة
  #31  
قديم 27-02-2004, 12:56 PM
الصورة الرمزية لـ الوافـــــي
الوافـــــي الوافـــــي غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 24,409
إفتراضي

قال -عليه الصلاة والسلام- هنا: ( يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ) وهذه مائة وعشرون يوماً، يعني: أربعة أشهر.
قال: ( ثم يرسل إليه الملك ) هذا ملك آخر ملَك موكَّل بنفخ الروح أو هو الملك الأول ولكن هذا إرسال آخر، قال: ( فينفخ فيه الروح ويأمر بأربع كلمات: بكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أو سعيد ) .
هنا نظر العلماء في ذلك فقالوا: هذا الحديث يدل على أن نفخ الروح لا يكون إلا بعد أربعة أشهر، وعلى هذا بنى الإمام أحمد وجماعة من أهل العلم قولهم: إن الجنين إذا سقط لأربعة أشهر غُسِّل وصلي عليه؛ لأنه قد نفخ فيه الروح بدلالة هذا الحديث وأحاديث أُخَر دلت على أنه يكتب رزقه وأجله كما ذكرنا وشقي أو سعيد قبل ذلك .
فكيف نوفق بين الأحاديث التي فيها ذكر الكتابة قبل هذه المدة، وذكر الكتابة بعد تمام المائة وعشرين يوماً أي بعد تمام الأربعة أشهر .
للعلماء أقول في ذلك وأفضلها: أن هذا الذي جاء في هذا الحديث على وجه التقديم والتأخير، وذلك أن إدخال الكتابة في أثناء ذكر تدرج الحمل هذا من حيث اللغة غير مناسب، بل المراد أولاً أن يذكر التدرج ثم بعد ذلك ذكر نفخ الروح؛ لتعلقه بما قبله، وأما الكتابة فإنها وإن كانت في أثناء تلك المائة وعشرين يوماً فأخرت لأجل أنه لا يناسب إدخالها لترتيب تلك الأطوار بعضها على بعض .
يعني: أن اللغة يقتضي حسنها أن لا تدخل الكتابة بين هذه الأطوار فالمقصود هنا ذكر هذه الأطوار الثلاثة: النطفة، ثم العلقة، ثم المضغة، فذِكر الكتابة في أثنائها يقطع الوصل، وهذا له نظائر في اللغة، ومنه قول الله -جل وعلا- في سورة السجدة: ( الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ {7} ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ {8} ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ {9}… إلخ الآية .
فهنا كان الترتيب: ( الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ {7} ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ {8} سورة السجدة ، مع أن النسل هذا ليس بأول هنا، يعني: نفخ الروح سبق وجود النسل، بدأ خلق الإنسان من طين ثم نفخت الروح ثم جُعل النسل من ماء مهين.
فهنا أخَّر نفخ الروح مع أنه بينهما؛ لأجل أن يتناسب الطين مع الماء، قال: ( الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ {7} ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ {8}سورة السجدة .
وبهذا تتفق الأحاديث ولا يحسن في مثل هذه المجالس المختصرة أن نعرض اختلاف الرواية في هذا وكثرة الاعتراضات أو الإشكالات فيها لكن هذا هو أولى الأقوال في هذه المسألة وأقربها من حيث اللغة ومن حيث جمع الأحاديث.
إذا تقرر هذا فنفخ الروح هل هو متعلق بالكتابة أو هو بعد المائة والعشرين يوماً ؟ اختلف العلماء -أيضاً -في ذلك فقالت طائفة من أهل العلم: لا يكون نفخ الروح إلا بعد الأربعة أشهر؛ لأنه قال هنا: "ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح" و"ثم" تقتضي التراخي الزمني؛ ولهذا قال طائفة من الصحابة واختاره الإمام أحمد وجماعة: أنه ينفخ فيه الروح في العشرة أيام التي تلي الأربعة أشهر.
وقال آخرون من أهل العلم: إنه ينفخ فيه الروح بعد تمام أربعة أشهر وعشرة الروايات رويت عن الصحابة في ذلك .
وقال آخرون: أن نفخ الروح هنا عُلِّق أو جعل مقترنا به الكتابة، فقال -عليه الصلاة والسلام-: ( ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات ) فجعل الأمر بأربع كلمات تابعا مع نفخ الروح، ونعلم بالأحاديث الأُخَر أن الكتابة -كتابة هذه الكلمات- كانت قبل ذلك، وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم لا تتعارض بل تتفق؛ لأن الحق لا يعارض الحق وكلها يصدق بعضها بعضاً؛ فلهذا قالوا: هذا بناء على الأغلب.
وقد تنفخ الروح وتوجد الحركة قبل ذلك؛ لأنه هنا قرن نفخ الروح بالكتابة، والكتابة دلت أحاديث على سبقها، فمعنى ذلك: أنه يمكن أن يكون نفخ الروح في أثناء المائة وعشرين يوماً . هل تكون الكتابة بعد نفخ الروح ؟ .

.. يتبع ..
__________________


للتواصل .. ( alwafi_248@hotmail.com )

{ موضوعات أدرجها الوافـــــي }