عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 05-06-2007, 09:00 PM
redhadjemai redhadjemai غير متصل
عضو مشارك
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2006
الإقامة: أرض الله
المشاركات: 1,036
إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى redhadjemai
إفتراضي

تابع ...
ونطل من بعيد عبر سجف الزمن على المشهد التاريخي العجيب ، على (مالك) مقيداً ومن ورائه امرأته (أم تميم بنت المنهال) ، يؤكد لخالد ومعه الشهود من مسلمي المدينة الذين فاجأوه في بلاده وصلوا معه ، ولم تزل آثار الوضوء بادية عليه ، يؤكد أنه مسلم لا غير ولا بدل ، ولكن ليأمر خالد رجلة ضرار بن الأزور بضرب عنقه"‍‍‍‍‍ !!؟ ويأتينا السر فصيحاً في روايات أبي الفدا (التاريخ 158 ، وأبن خلكان في الوفيات 5/66 واليعقوبي 2/110).. السر زوجة مالك؟! الموصوفة في المصادر بالجمال العظيم ، وأنه قبل هذه الحملة كان عنده خبرها ووصفها "وكان له فيها هوى". وأنه لما رآها خالج أعجبته وقال : والله ما نلت ما في مثابتك حتى أقتلك". وشعر (مالك) بالغدر بعد أن استسلم لأسر أخوة الدين مطمئناً ، ومن ثم التفت إلى خالد قائلاً : "يا خالد فإنك بعثنا إلى أبي بكر فيمون هو الذي يحكم فينا ، فإنك بعثت إليه غيرنا ممن جرمه أكبر من جرمنا" ، فقال خالد : "لا أقالني الله إن لم أقتلك".. فالتفت مالك إلى زوجته وقال لخالد : "هذه التي قتلتني" وكانت في غاية الجمال ، فقال خالد : "بل الله قتلك برجوعك عن الإسلام" فقال خالد : "يا ضرار أضرب عنقه فضرب عنقه"

4- نتائج حروب الردة
نواصل هنا الحديث عما سمي بحروب الردة. وهو ما نراه حروب "مانعي الزكاة".. وكنت قد توقفت في الأسبوع الماضي عند ما رويته من تفاصيل هذه الحروب وما كان لدور خالد بن الوليد فيها.
في الإصابة 3 / 337 أن ثابت بن قاسم روي في الدلائل ، أن خالداً رأى امرأة مالك ، وكانت فائقة الجمال ، فقال مالك لامرأته : قتلتني ، - يعني سأقتل من أجلك – ومنا لطبيعي كي تثبت ردة الرجل أن يقتل من كان معه من قومه الذين نهضوا عن الصلاة منذ هنيهات ، وقبلوا الاستسلام لإخوانهم في الإسلام حتى يستوثقوا من أمرهم "فضرب عنقه وأعناق أصحابه".
كما روى الطبري عن أبي بكر ، ويؤكد (اليعقوبي) أن خالد لم يستمهل الأرملة الفاتنة أم تميم بنت المنهال لتستبرئ رحمها وتكمل عدتها ، بل إنه امتطاها ودم زوجها لم يجف بعد (2 /110) ، واهتزت مشاعر المسلمين من الحدث البشع حتى قام (أبو نمير السعدي) ينعي مالكاً يحكي ما حدث شعراً برواية (أبي الفدا /158) :
ألا قل لحى أوطأوا بالسنابك
تطاول هذا الليل بعد مالك
قضى خالد بغياً عليه لعرسه
وكان له فيها هوى قبل ذلك
فأمضى هواه خالد غير عاطف
عنان الهوى عنها ولا متمالك
فأصبح ذا أهل وأصبح مالك
إلى غير أهل هالك في الهوالك
وبينما خالد يأمر بالتمثيل بالجثث كان (أبو قتادة) يحث الخطى يدفعه الغضب والألم إلى المدينة "فلحق أبو القتادة بأبي بكر فأخبره الخبر ، وحلف ألا يسير تحت لواء خالد لأنه قتل مالكاً مسلماً".
وأمر خالد برؤوس بعض القتلى لتنصب أثافي ، ومنها رأس "مالك" ، والأثافي هي صخر (الكونكاريت – الزلط) كانت ثلاثاً متجاورة وتوقد النار بداخلها لتسمح بمرور الهواء فتشتعل النار ، ولتحمل قدور الطعام فوقها ، ونضج طعام (خالد) ليأكله مع أم تميم ولم ينضج رأس زوجها بعد ، والسبب فيما يروى الزبير بن بكار عن شهاب في الإصابة "أن مالك بن نويرة كان كثير شعر الرأس فما قتل أمر خالد برأسه فنضب أثفية فتضج ما فيها قبل أن تخلص النار إلى شئون رأسه "الإصابة 3 / 337 ، وأبن كثير 6 /322 ، وأبو الفدا 158".
هذا ما كان يحدث في مضارب بني يربوع بينما كان يحدث في العاصمة حديث آخر ، فقد علم (عمر بن الخطاب) بالحدث العظيم فذهب ينتفض غضباً إلى الخليفة يهتف به "إن خالداً قد زنى فارجمه" ، قال : ما كنت أغمد سيفاً سله الله عليهم / تاريخ أبي الفداء.. هذا بينما كان متمم بن نويرة شقيق مالك قد تمكن من الهرب واللحوق بالمدينة فصلى وراء أبي بكر صلاة الصبح ، فملا فرغ أبو بكر قام (متمم) وسط مسجد رسول الله يرسل نواحه شعراً يمزق نياط الأكباد والقلوب ، مقارناً بين شرف (مالك) وفروسيته وبين غدر (خالد) قائلاً :
نعم القتيل إذا الرياح تناوحت
خلف البيوت قتلت يا ابن الزور
أدعوته بالله ثم غدرته؟
لو هو دعاك بذمة لم يغدر!
وهنا تبدو المقارنة بين ذمة العرب المرعية المعتبرة التي تلزم أصحابها من فرسان الأشراف إذا دعوتهم بها فلا يغدرون ، وبين دعوة أعلى هي دعوة الله لكن أصحابها رغم دعواهم بها فإنهم قد غدروا ، وهو الأمر المفهوم مع غضب (متمم بن نويرة) وهو يرى الخليفة يصر على عدم محاسبة خالد ولا عزله ، وناسباً ما حدث إلى قرار قدسي جاء على لسان نبيه أن خالداً هو سيفه المسلول ، ومقدماً حجة ليست بحجم الحدث وجسامته بأنه قد تأول فأخطأ.
وبينما يحيل الخليفة استمرار سيف الله إلى الله فإن عمر أبدا لم يقتنع بل أعلن يقينه أن الله من ذلك براء ، ناعتاً خالد بعدو الله قائلاً : "عدو الله عدى على امرئ مسلم فقتله ثم نزا على امرأته – الطبري".
وعاد خالد إلى المدينة مزهواً بفعاله يلبس دروع الحديد ، وعلى رأسه عمامة غرس فيها أسهم المحاربين الأشراف متجهاً إلى مسجد الرسول للقاء الخليقة ، لكن ليلقاه عمر على الباب فينزع الأسهم عن عمامته ويكسرها قائلاً له : "… أي فخر كاذب بأسهم الفرسان الأشراف؟ ثم أستمر يقول له : "قتلت امرءا مسلماً ثم نزوت على امرأته ، والله لأرجمنك بأحجارك" ولم يهتم خالد بعمر بل استمر في سيره ودخل المسجد على الخليفة واعتذر له فقبل الخليفة اعتذاره ، فخرج خالد مزهواً أكثر مما دخل ليمر على فمر فيناجزه القول مستنفراً له مستفزاً قائلاً : "هلم إلى ابن أم شملة". فعلم عمر أن الخليفة قد عفا عنه وأن إصراره على إنزال العقاب به قد ذهب أدراج الرياح ، فلم يرد على استفزاز خالد الشتام وانصرف إلى بيته وأغلقه عليه.
__________________