عرض مشاركة مفردة
  #3  
قديم 05-06-2007, 09:00 PM
redhadjemai redhadjemai غير متصل
عضو مشارك
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2006
الإقامة: أرض الله
المشاركات: 1,036
إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى redhadjemai
إفتراضي

تابع ....
هذا الحدث من أحداث ، وجسيم من جسام ، وطل من غيث ، وغيض من فيض ، ومثل من نماذج عديدة وعدة لما حدث باسم الله والإسلام في حق عباد الله من أهل الإسلام تحت عنوان (الردة) والإسلام بعد في فجره ، بحق مسلمين كان لهم رأي سياسي عارضوا فيه عدم مشورتهم في اختيار خليفتهم ، خالفوا السلطان ولم يخالفوا الديان ، لكنهم بسيف الله ذبحوا وهم أسرى مستسلمين له ، فماذا اليوم عمن هم مثل خالد على راس العباد ، ومن كانوا في الشرف اقل وفي القيمة أدنى؟ هل تأولوا في شأن فرج فودة فأخطئوا فقتلوا؟! وهل سيظل اسم الله بيد النجار سيفاً مسلولاً فوق رؤوس العباد تحت بند الردة وإنكار ما هو معلوم من الدين بالضرورة؟ وما هو رأيك يا ولي الأمر؟ هل سيكون كرأي الخليفة مطلقاً علينا به خوالدك وأزاورتك؟
مرة أخرى لا عبرة هنا مطلقاً بأكاذيب سيف بن عمر التي يلجأ لها سادتنا من السدنة لتقديس الصحابة ، وتبرئتهم من الحدث الهائل ، ومثله كثير من الأحداث الفواجع ، وهي حجج أوهى من بيت العنكبوت ، فسيف يبرئ خالداً بغلطة تاريخية لغوية حيث كانت ليلة الأسر في ديار اليرابعة باردة قارصة ، فقام بحنين قلبه على أسراه الذين صلوا وصاموا وأعلنوا إسلامهم أمامه ينادي رجال جيشه "أدفئوا أسراكم" وكانت في لغة كنانة "اقتلوا أسراكم" فقتلوهم.. هكذا؟! وأن خالد لما عرف الخطأ العظيم قال : "إذا أراد الله أمراً أصابه" كل مصيبة تنسب إلى الله وكل تزوير ينسب إلى الحق تعالى وكل غرض خبيث يتذرعون وراءه بالله وكلماته ، ويخالف الراوي غير المحترم ، لا المخلص للناس ولا الدين ، يخالف الجميع ، ويقول أن خالداً لم يطأ الأرملة الجميلة إلا بعد أن استبرأ رحمها.. ورحماك يا الله … عندما نعلم أن الخطأ قد تم علاجه بأن أرسل الخليفة لأهل القتلى ديات قتلاهم !! وانتهت المشكلة البسيطة الهينة؟!
فإذا كانوا غير مسلمين فماذا الديات؟ وإذا كانت خطأ لسانياً فماذا اعتبرها الخليفة تأولاً خاطئاً ، ولماذا أصر عمر على القصاص؟ وإذا كان الخطأ لنطقه بلغة الكنانة فكيف جاز ذلك و "خالد" محزومي من أسدي ، وكيف فهمها "ابن الأزور" كنانية وهو ثعلبي أسدي ، وكيف تآمرت أسماع وإفهام الجيش كله مع تلك اللغة الكنانية النشاز على الجميع ، وكلهم إما مهاجر قرشي أو أنصاري مدني؟ وإذا كان الأمر خطأ في اللغة ، وأن الزمن قد تآمر فأصيب الجميع بغتة بلغة كنانة في الألسن وفي الإفهام ، فلماذا تم وضع رؤوس القتلى أثافي لقدور طعام اللذة ومتعة الجسد بنار رأس القتيل ونار جسد أرملته؟
هذه نتائج ما سمي بحرب الردة التي أصر عليها الدكتور "رأفت عثمان" كحجة بيده يطلب بها رد أي مختلف اليوم أو أي خارج ، وهي الحروب التي يتم تزويرها على أبنائنا في المدارس وعلى المسلمين في التمثيليات التلفازية وأحاديثه المشيخية اعتماداً على كذب سيف بن عمر أمام منطق واضح وأحداث أوضح ، فيعلمون المسلم الكذب والخداع أو هم يخدعونه من حيث لا يدري أم يخدعون الله؟ وما يخدعون إلا أنفسهم ! دون أن يقدموا مرة على فضيلة الصدق مع الذات ومع الناس ومع التاريخ ومع الدين ومع الله الذي هو تواب وهو أيضاً أعلم العالمين ، ودون أن يتراجعوا أنملة عما هم فيه من غواية التقديس لأشخاص غير مقدسين ، بخطاب متفق يغطي على حقائق واضحة لكل من يملك ضميراً صادق اليقين بدين لا بالسلطان على العباد. وهو ما يشكك في هذا الضمير المراوغ ولغة المخاتلة حتى لو أخطأ السيف مئات المرات بحق عباقرة الأمة منذ هذا التاريخ الأول مروراً بالحسين ابن الحلاج والسهروردي المقتول حتى يومنا هذا ، وحتى لو أخطأ هذا السيف مئات المرات في حروب مذهبية طاحنة علت كل منها آيات الله تتهم الآخر بالردة والخروج عن المعلوم من الدين بالضرورة..
كان منها هذا الموجز المكثف الذي رويناه لحديث عن مسلمين عبروا عن رأيهم السياسي يمنع الزكاة وظلوا مسلمين ، ووصموا في تاريخنا زوراً وبهتاناً بالارتداد عن الدين كله ، ومازلت الوصمة تلاحقهم عبر التاريخ حتى اليوم دون أن يقوم من مشايخنا رجل رشيد يسجل موقفاً يسحبه له الناس والتاريخ ليعلن اعتذاراً واضحاً عما حدث لهم ولغيرهم عبر تاريخنا لتنظيف هذا التاريخ من عاره ووصماته.
مرة أخرى ندقق فيما نشر عن توصية لجنة العقيدة والفلسفة لتمديد مهلة استتابة المرتد من أيام ثلاثة إلى مدى العمر ، نحاول مع القارئ أن نفهم ما نشر في قولهم : "إذا ارتد وفارق الجماعة فإن أمره متروك لولي الأمر.. له أن يستتبه مدى الحياة أما إذا كانت ردته خطراً على الأمن العام وأصول الدين وأصول المجتمع يحق لولي الأمر قتله" ، هذا مع تأكيدهم أنهم بذلك ليسوا مشرعين جدداً بل مرجحين بين الآراء وأنهم لم ينكروا بترجيحهم هذا نصاً معلوماً من الدين بالضرورة. ونذكر أن الدكتور "رأفت عثمان" قد عارض مطالباً بالدم الفوري ، وذلك "لأن تقسيم المرتد إلى مرتد يضر ومرتد لا يضر ليس وارداً في اعتبار العلماء القدامى أصلاً.. إنما تكلموا عن المرتد المحارب الذي يلحق بالدولة المعادية وهذا يقتل ولا يستتاب".
وهنا ملحوظات لابد أن يطرحها أي مسلم على نفسه. ما المقصود هنا بقولهم "فارق الجماعة؟" وما هي الجماعة المقصودة؟ هل هي الجماعة الوطنية التي تضم مواطني الوطن ، وهي المعول عليه اليوم في مفهوم الجماعة المعاصر والتي تشمل مسلمين وغير مسلمين يجمعهم وطن واحد ومصير واحد وتاريخ واحد ولغة واحدة وجيش واحد ويموت في سبيل هذا الوطن الواحد المسلم وغير المسلم وتختلط دماؤهم على ثراه الطاهر؟ أم المقصود هنا لغة طائفية تشف الوطن شقاً فتتحدث فقط عن طائفة المسلمين وتصبح هي الجماعة الواجب الولاء لها وليس الوطن ، وهي طائفة متناثرة في مختلف بلدان العالم تشكل في بعضها أكثرية كما في باكستان مثلاً وفي بعضها أقلية كما في البوسنة أو بلاد تركب الأفيال؟
أليست تلك بلغة طائفية ممجوجة إزاء وطن مأزوم بفضل مثل تلك الأفكار الآتية بريحها من أكفان موتى التاريخ؟ وازدادت أزمته بما فعله السفهاء منا في جريمة سبتمبر 2001 دونما ذنب واضح لبقية المواطنين البسطاء الذين ما عادوا يفهمون لغة هذا الماضي !!
و يا ليتها لغة طائفية استطاعت التطور والتكيف مع العصر ومبادئه وقيمه. فالفاتيكان مثلاً مؤسسة دينية طائفية بالكامل ، لكنه تمكن من تطوير مفاهيمه فيصبح المدافع الأول عن حقوق الإنسان مطلقاً بغض النظر عن دينه أو عنصره في إعلانات فصيحة ومواقف عديدة ، آخرها احتجاجه على عزم أمريكا حث مجلس الأمن للسماح بضرب العراق لأنه خالف ستة عشر قراراً للأمم المتحدة بينما إسرائيل خالفت ألفا وستمائة قرار دون أن يضربها أحد أو حتى يلومها. هذا رغم أن مواطني العراق ليسوا من أتباع دين الفاتيكان ولا ملته.
أما نحن فلغتنا الطائفية تجعلنا لا نرى سوى طائفتنا فنكيل أمام الدنيا بأكثر من مكيال رديء يقل في ردها علينا بمكاييلها رداءة فنحن نستنكر تدخل أية دولة في شئوننا الداخلية لكننا بالطائفية كنا نتدخل في شئون البوسنة وأفغانستان ، ونحن نستنكر الاستعمار وفي الوقت ذاته نتحدث عن فتوحات آتية نغزو فيها البلاد ونأخذ الأموال ونقتل الرجال ونسبي الزراري والنساء ، ونبكي سنوياً بحرقة على الأندلس التي تحررت من استعمارنا ، ونقوم بالدعوة لديننا في مختلف البلدان ونقيم مدارسنا ومساجدنا فيها بحكم قوانينها الديمقراطية ، ونقبض على من يبشر بدينه بيننا ، ونحن ضد أي تقسيم أو استقلال لأي جزء من الوطن لأية حجج طائفية أو عنصرية لكننا مع استقلال كشمير عن هندها ، ومع حرب الشيشان الاستقلالية عن بلادها.
والمأساة في صياغة لجنة العقيدة والفلسفة أو معارضيها أنها ليست فقط صياغة طائفية إنما صياغة زمن لم تعد صالحة للاستخدام في زماننا ، فالجماعة المتعددة تتفق وظرفها التاريخي إبان تكون الدولة الإسلامية الأولى في جزيرة العرب ، والتي كان الإسلام هو أيديولوجيتها التوحيدية لقبائلها المتشرذمة فكان الإسلام هو عقدتها الجامعة ، زمنها كان يجوز القول بالجماعة ومن يفارقها لأن الجماعة كلها قد وحدتها على دين بعينه لا تقبل بالطبع أية أديان أخرى لأن ذلك كفيل بتمزيق وحدتها ، وهو أمر يبدو في ظاهره أمر دين رغم أنه بهذا المنطق شأن سياسة.
ومما يؤكد أن تلك الصياغة للتوصية الجديدة مكتوبة في كهوف الأسلاف وسراديب الماضي هو أنها تفرق بين نوعين من المرتدين حتى يمكنها أن تقيم اجتهادها الجديد ، فتقول بمرتد لا تمثل ردته خطراً على المجتمع ، وهذا هو الذي يستتاب مدى الحياة بالسجن المؤبد حتى يعود إلى الدين ، ومرتد من نوع آخر يستوجب القتل فوراً وهو من تشكل ردته خطراً على الأمن العام وأصول الدين وأصول المجتمع.
والمعلوم أن الخطر على المجتمع والأمن العام اليوم لا يأتي من انتماء مواطن لدين بعينه بالذات من عدمه ، إنما يكون ذلك بالخروج على قوانين هذا المجتمع ، ولو أخذنا مصر نموذجاً مع حساب الاحتفالات اعتبار فارق النسبة العددية بين المسلمين والمسيحيين ، فإن النتيجة المترتبة على ذلك أن يكون عدد من يشكلون خطراً على المجتمع والأمن العام من المسلمين أكثر بكثير من المسيحيين أو المرتدين "إن وجدوا أصلاً".
ولا أظن هذه التفرقة إلا مقصودة قصداً لإعمال النص القانوني الغريب المتعلق بازدراء الأديان ، والذي يحاكم بموجبه بعض المفكرين المجتهدين وينسب إليهم هذا الازدارء ويكونون بذلك المعنى مرتدين ، يشكلون خطراً على المجتمع وعلى الأمن العام ، وهو ما يفسره استطرادهم حول هذا المرتد الذي يجب قتله إذا شكل خطراً على أصول الدين وقواعده ، وهو أمر لا يمكن فهمه إلا في ضوء تفسيرنا هذا ، لأن قواعد الدين ليست منشأة عسكرية قابلة للقصف بالقنابل ، إنما هي أمور منشورة معلنة ، معلومة ليس بها أسرار يمكن أن يشي بها من يوصم بالردة للأعداء.
المقصود بالضبط هو أية محاولة فكرية خارج كهوفهم بشأن أي أمر في هذا الدين ، ليظل فهمهم وحدهم هو الأوحد الصحيح المنتشر ، والذي تحول مع مرور الوقت ليصبح هو ما يقولونه في تفاسيرهم وفتواهم وقراراتهم السيادية على الناس ، وكما لو كانوا وحدهم مع أسلافهم من علماء وقدامى من اطلعوا وحدهم على المقصد الإلهي من نصوصها المقدسة في خطاب مخادع مخاتل ، أنه لو كانت هذه النصوص تنطق بذاتها والمراد منها ما انقسم المسلمون فرقاً وشيعاً وطوائف حول فهم هذه النصوص وتطبيقها ، لأن قراء النصوص المقدسة لهم عقول مختلفة ومفاهيم متباعدة بحسب الأوضاع الاجتماعية للقارئين ، واختلاف البيئات والفروق الزمنية والمعرفية ، ولأن كل قارئ يفهم النص بإعادة تشكليه وفق زمنه وبحسب لغته ومستوى ثقافته ، وتاريخ المسلمين يحدثنا عن الاختلافات الحادة حول النصوص المقدسة بعدد المدارس الكلامية من معتزلة إلى أشاعرة إلى ماتريدية إلى مجسمة إلى مشبهة إلى منزهة إلى معطلة إلى مرجئة إلى صفانية ، كما اختلفت المذاهب في القراءة والفهم والتفسير والتطبيق والتأويل باختلاف المذاهب الفقهية ، بل هناك إسلامات معلنة لها أتباع كثر تتباعد رؤيتها وفهمها لدرجة النقيض إزاء النص الواحد ، فهناك السني والإثنا عشري والإسماعيلي والإباضي والزيدي ، مما يعني أنه من حق أي مسلم أن يفهم النص أو أن يطور هذا المفهم بلغة العصر ومطاليبه ، ولكنه إن فعل يصبح ممن يزدرون الدين أو من المنكرين لمعلوم من الدين بالضرورة وحسب هذا الاجتهاد الجديد يجب قتله. ولا يبقى سوى أن المقصود بوصف المرتد الخطر على أصول الدين هو صاحب أي رأي مخالف لسدنة شئون التقديس ، بينما سيكون تجريم هذا الزمان وقياساً على اختلاف المذاهب بمقاييس هذا الزمان وقياساً على اختلاف المذاهب والمدارس عبر التاريخ هو الجريمة عينها ، لأن فعله لا يتعدى القول وإبداء الرأي ، الذي يجب أن يقابل بالقول والرأي وليس بالإعدام...


انتهى
__________________