عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 04-09-2003, 05:01 PM
تمساح بري تمساح بري غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2003
الإقامة: شبه جزيرة التماسيح
المشاركات: 202
إفتراضي السعودية تقترن بروسيا قبل قضاء العدّة !

سمير عبيد



( أتعجب حقاً من بعض الأقلام والتي تمر على الأنتصارات العربية مرور الكرام، خصوصااذا كانت خليجية، ومنها هذا الأنتصار الذي نعيشه هذه الأيام، وهو أنتصار الديبلوماسية السعودية في عملية هندسة علاقة سعودية روسية والتي سيعم خيرها على جميع الدول العربية كونها ستخلق قطبا جديدا ولكنه أقتصاديا للوقوف بوجة القطب القوي عسكريا، والذي يريد أن يخلق شرقاً أوسطيا بزعامة أسرائيل!)



لماذا روسيا؟

لقد تمكنت العربية السعودية في هذين اليومين أن تُمسك بمقود الشرق الأوسط، والمنطقة العربية، وذلك من خلال روسيا الأتحادية، خصوصا بعد أن تنبهت المملكة أنها ربما ستكون الهدف القادم لسيناريو تشكيل الشرق الأوسط الجديد، والذي يعتمد على تكسير الجبروت الوطني أولا، ثم مرحلة التفتيت وصعود ملفات مثل الطائفية، وحقوق الأنسان، والأرهاب كما حاصل الآن في العراق ثانيا، ثم مسلسل الأملاءات ثالثا، وبعدها يأتي مسلسل تثبيت الأشخاص ( البصّامة) في مطبخ الدولة السياسي والأقتصادي، وبالتالي سيستمر تعينات ( السكرتيرات) كما حصل في العراق من خلال تعيين مجلس الحكم وغيره. والعربية السعودية من أكثر الدول العربية شطارة في فهم السياسة الأمريكية، وذلك من خلال العلاقات الوطيدة والمتشعبة بين هاتين الدولتين، والتي يمتد تاريخها لعشرات السنين. لقد حرصت المملكة أن لا تدمر هذه العلاقة وحتى لا تهتز، ومن أجل ذلك قدمت المملكة كثير من التنازلات ومنها ( مبادرة الأمير عبد الله) حول قضية الشرق الأوسط ( الصراع الفلسطيني الأسرائيلي) ولكن هذه المبادرة قوبلت بأجتياح أسرائيلي لمناطق السلطة الفلسطينية، ومحاصرة ياسر عرفات ولا زال، وتدمير البنية التحتية للمدن، ناهيك عن المجازر والأعتقالات بحق المواطنين هناك، مما ولد موتاً سريريا لهذه المبادره، وزادت الضغوط على المملكة والتي يقودها اليمين المتطرف في الأدارة الأمريكية، وخصوصا في مسألة ملف الأرهاب، وتصعيد وتيرة تدويل (مكة والمدينة)، وملف حقوق الأنسان، والمرأة، وأرصدة المواطنين والشركات السعودية، وآخرها (19) صفحة محجوبة من ملف الأرهاب في العالم والتي تخص الممكلة العربية السعودية، لهذا تنبهت المملكة أنها أصبحت في حالة (طلاق خلعي) ولم يبقى لديها من المناوره الا الأقتران بقوة أقتصادية كبيرة، وخصوصا في مجال النفط، لأنها مدركة أن مسألة القوة العسكرية لا تخدمها أطلاقا مع قوة تعرف كل صغيرة وكبيرة عن القوة العسكرية السعودية وغيرها. فسارعت المملكة للأقتران بروسيا الأتحادية وحتى قبل أن تنتهي (العدّة) مع الولايات المتحدة الأمريكية، وتحت شعار (خير البرعاجله)، والمثير أن هذا الأقتران سيتم اسلاميا من خلال دخول روسيا الأتحادية عضوا في منظمة المؤتمر الأسلامي، وبذلك سيتكوّن (لوبي) أقتصادي نفطي عالمي قوي جدا، خصوصا وأن المملكة وروسيا هما من أكبر الدول المصدرة للنفط في العالم.. كل هذا ولا نفرح لشطارة أهلنا... لماذا لا نفرح؟.. ألم تكن السياسة فن الممكن؟



هل هي زيارة متسرعه؟

عند تحليل الزيارة التي يقوم بها ولي العهد السعودي الأمير ( عبد الله بن عبد العزيز) الى روسيا الأتحادية، ولقاءه مع الرئيس الروسي ( فلاديمير بوتين) وكبار المسؤولين هناك، نجدها هي الزيارة الأولى لمسؤول سعودي رفيع منذ (72) عاما، مع العلم أن أول المعترفين بالمملكة العربية السعودية في حينها هو ( الأتحاد السوفيتي السابق)،لكن العلاقات بقيت مقتصرة على متابعة شؤون المسلمين الروس، وبعض البروتوكولات، لأن السعودية لم تكن بحاجة الى الأتحاد السوفيتي المريض، والذي تأسست على أنقاضه روسيا الأتحادية، لأنها كانت في علاقات ذهبية مع الولايات المتحدة الأمريكية.

نتمكن القول أن هذه الزيارة، وهذه العلاقة كونتها الظروف، وفرضتها الظروف، كما فرضها الخطر الذي حلّ بالعراق والذي سيستمر لا محال نحو الدول العربية، وذلك لتكوين شرق أوسط جديد تكون أسرائيل فيه هي صاحبة اليد الطولى، لهذا فتحت المملكة قناة حوار منذ شهور مع روسيا حول الأنضمام الى منظمة المؤتمر الأسلامي، كي يكون التعامل عن قرب، وبطريقة تصب في مصلحة الدول الأسلامية كلها، لكن الهدف الرئيسي هو تكوين قوة أقتصادية كبيرة مقابل القوة العسكرية الكبيرة والتي تمتلكها أمريكا، ولهذا سافر في تموز 2003 وفد سعودي أقتصادي الى روسيا من أجل التباحث في مجال الأستثمار، تبعها زيارة وزير الخارجية السعودي الأمير (سعود الفيصل) الى موسكو والتي مهدّت لزيارة ولي العهد الأمير (عبد الله) وذلك من اجل تأسيس علاقة جديدة، أنبثق عنها لحد الآن، أتفاقات عملاقه في مجال قطاع النفط، والتجارة، والأقتصاد، كما تم التباحث في ملفات ساخنة مثل ملف الشرق الأوسط وخارطة الطريق، وملف العراق، ولبنان وسوريا، والأرهاب، والملف الأسلامي والشيشاني، ناهيك عن مسألة التوسع في المجال السياسي والذي يصب في عملية أنضمام روسيا الى منظمة المؤتمر الأسلامي.

لكن السؤال الكبير: هل سنرى جيشيا روسيا في المدى القريب أو المتوسط في العربية السعودية؟

وهل ستسكت الولايات المتحدة الأمريكية وهي ترى نجاحا سعوديا روسيا..أم أن أمريكا غارقة وستغرق أكثر في المستنقع العراقي.. ولا مجال لها للتفكير في الوقت الراهن؟.

لكن حسب التحليل المنطقي للزيارة، انها زيارة غير متسرعه وناجحة، وجاءت في توقيت سليم ومهم للعربية السعودية والعالم العربي كله، وكذلك لروسيا التي تبحث عن موطأ قدم بعد أن طُردت من العراق.



الفوائد الروسية من الزيارة!

روسيا الأتحادية من جانبها ستستفيد كثيرا كونها أصبحت على الملف العالمي الأعلامي والأقتصادي، وحتى السياسي، كذلك أن روسيا ستستفيد جدا من عملية دخولها الى منظمة المؤتمر الأسلامي، علما أن نشاطها سيقتصر فقط على دعم أعمال وأنشطة المنظمة، لكنها ستقوي علاقتها من خلال هذه الخطوة مع الدول الأسلامية،ومن ثم ستنشط منظمة المؤتمر الأسلامي لكي يكون موقفها أقوى وأنشط، وبالتالي هي سوف ترتاح من الملف الخطير الذي يقلقها دائما هو ( الملف الشيشاني) الأسلامي حيث ستؤثر الدول الأسلامية على المقاتلين الشيشان، وخصوصا المملكة العربية السعودية، والتي ترغب موسكو أن تغلق هذا الملف الشائك من خلال منظمة المؤتمر الأسلامي.

أذن العلاقة ماسة للطرفين وليس لطرف واحد، لكي يتم التعاون من أجل الثبات وأيجاد الهوية، وبالتالي ستهرب الرياض من ضغوط واشنطن الكثيرة. ونتوقع أن يكون أقترانا ناجحا خصوصا للزمن المتوسط القادم، وأذا أراد السعوديون الأستمرار في النجاج لمستقبل أبعد، هو العودة الى الدار لترميمها من ملفات عالقه جدا، أهمها ملف المرأة، والشباب، والمصالحة الفورية مع ماتبقى من متشددين بوسائل الحنو والترغيب، ومن ثم تحصين البيت بأهله هذه المره، من خلال أعطاء الثقة بالمواطن السعودي، من خلال دعمه بوسائل الراحة، والحوار، والنقابات، والشفافية، ومراكز الحوار والتي لابد من أنتشارها في جميع المدن السعودية.مبروك للسعودية والسعوديين!.


كاتب ومحلل سياسي

samiroff@hotmail.com

http://www.elaph.com.:9090/elaph/arabic/index.html
__________________
لطيف جداً مع التمساحات