عرض مشاركة مفردة
  #43  
قديم 18-09-2007, 04:44 PM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

مصر تحت الاحتلال البريطاني

ظلت مصر تخضع اسميا للسيادة العثمانية نظريا، أما عمليا فقد كانت تخضع لسلطة البريطانيين، والذين أشهروا بوضوح تلك السيادة في 18/12/1914 عندما أعلنت بريطانيا حمايتها على مصر دون (شريك ولو اسمي) ..

ارتفع المد القومي والوطني الذي قاده الحزب الوطني بزعامة (مصطفى كامل) ثم (محمد فريد) وحزب الأمة بقيادة كبار الملاكين و على رأسهم (احمد لطفي السيد) ولكن نشاط الحزب الوطني قد أوقف أثناء الحرب العالمية الأولى. وبعد الحرب ألف (سعد زغلول) حزب (الوفد) من عناصر من الحزبين (الوطني والأمة) ليقوم برفع مطالب المصريين في مؤتمر الصلح (فأخذ اسم الوفد من المهمة التي رسمت له) .. لكن السلطات البريطانية رفضت السماح لسعد زغلول بالسفر وقبضت عليه مع رفاقه، فانفجرت ثورة 1919 التي مهدت لها عوامل اقتصادية واجتماعية وسياسية أثناء الحرب العالمية الأولى ..

وإزاء المقاومة الشعبية، وجدت بريطانيا نفسها مضطرة ومن خلال لجنة (ملنر) الى إصدار تصريح (28/2/1923) الذي يتضمن إسقاط الحماية البريطانية عن مصر، والاعتراف بمصر دولة مستقلة، مع تحفظات أربعة تتيح لبريطانيا التدخل في شؤون مصر الخارجية والداخلية والإبقاء على وجودها بالسودان.. وتكونت لجنة لوضع دستور للبلاد من عناصر انشقت عن حزب الوفد أطلقت على نفسها (حزب الأحرار الدستوريين) ..

جرت في تلك الأثناء انتخابات عامة فاز بها (حزب الوفد) بأغلبية ساحقة، وشكل (سعد زغلول) أول وزارة دستورية .. وفي عهد تلك الوزارة نشطت المفاوضات مع البريطانيين لتحقيق ما سمي (بالأماني المصرية والسودانية) وفشلت مفاوضات (زغلول ـ مكدونالد) في أيلول/سبتمبر 1924. مما دفع العناصر الوطنية لاغتيال (السردار لي سناك) قائد عام الجيش المصري وحاكم السودان، فأنذرت بريطانيا بشدة الحكومة المصرية في نوفمبر/تشرين الثاني 1924، وسقط سعد زغلول .. وانتقلت السلطات الفعلية المصرية الى يد (الملك فؤاد) الذي تألف حوله حزب (الاتحاد) يوم 10/1/1925 وهنا يبدأ الصراع من جديد بين عناصر وطنية وعناصر (أوتوقراطية) تخلله سلسلة من المفاوضات الفاشلة لتبيان الصيغ الوطنية في الحكم وكانت بريطانيا باستمرار طرفا في تلك المفاوضات مثل مفاوضات (ثروت ـ تشمبرلين صيف 1927) و (محمد محمود ـ هندرسون صيف 1929) و (النحاس ـ هندرسون ربيع 1930)..

وفي 20/6/1930 وقع أكبر انقلاب دستوري بزعامة (اسماعيل صدقي) والذي ألف (حزب الشعب) برئاسته ليخوض سلسلة من المفاوضات مع الإنجليز مع (السير جون سايمون) ولكنها باءت بالفشل في 1932. ليتصاعد النضال الشعبي المصري من جديد مجبرا الملك فؤاد بإلغاء دستور (اسماعيل صدقي) والعودة الى دستور (1923) .. واضطرت بريطانيا للدخول في سلسلة جديدة من المفاوضات أسفرت في النهاية الى معاهدة (1936) التي أسقطت التحفظات السابقة لتحقق مصر استقلالها الشكلي الداخلي والخارجي الى حد كبير وتم إلغاء الامتيازات الأجنبية ..

بدأت بتلك المعاهدة مرحلة مهادنة بين مصر وبريطانيا، خصوصا أن بريطانيا كانت منشغلة في مراقبة ما يجري في إيطاليا الفاشية وألمانيا النازية، فتعاون الملك (فاروق) مع الإنجليز في الحرب العالمية الثانية .. وكاد الملك أن يفقد عرشه في حادث 4/2/1942 ..

بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، بدأت حركة وطنية مصرية على جانب كبير من القوة بقيادة حزب الوفد والجماعات الماركسية والأخوان المسلمين والحزب الاشتراكي لمصر الفتاة .. وجرت مفاوضات فاشلة بين (صدقي وبيفن) في أبريل/ نيسان ومايو/أيار 1946، أعقبها عرض فاشل لقضية مصر على مجلس الأمن في شهري آب/أغسطس و أيلول/سبتمبر1947 ثم جرت مفاوضات فاشلة أخرى بين وزارة الوفد والحكومة البريطانية استمرت من يونيو/حزيران الى آب/أغسطس من عام 1951.. انتهت بإعلان (مصطفى النحاس باشا) إلغاء معاهدة 1936 في 15/10/1951.. وتلا ذلك اشتعال المقاومة الوطنية في منطقة قناة السويس التي كانت نتيجتها انقضاض القوات البريطانية على رجال البوليس المصريين وأوقعوا فيهم مذبحة كبيرة .. وانتهت المقاومة بحريق القاهرة يوم 26/1/1952..

على صعيد آخر، كانت القضية الفلسطينية وإعلان دولة الكيان الصهيوني تشكل المهماز الأكبر في التحول الوطني في المنطقة. فقد دخلت القوات المصرية الى جانب الجيوش العربية في حرب مع الصهاينة، إلا أن عجز القيادات وارتباطاتها الخارجية وفساد الأسلحة كانت وراء الهزيمة، مما دفع العناصر الوطنية في الجيش المصري لتكوين تنظيم (الضباط الأحرار) الذي أسفر عن قيام ثورة 23/7/1952 .. ليبدأ عهد جديد ..

انتهى
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس