عرض مشاركة مفردة
  #4  
قديم 01-08-2006, 02:01 AM
النسري النسري غير متصل
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الأردن
المشاركات: 2,917
إرسال رسالة عبر ICQ إلى النسري
Post

أخوتي في الله ...

لا أُصدِّق, ولا أريد أن أُصدِّق, حتى يأتي القول من صاحبه وهو الأمين العام لـ "حزب الله" حسن نصر الله, والذي أثبت, حتى الآن, وأحسب أنه سيُثبت, مستقبلا, أنَّ السياسة لديه هي قول بوزن الفعل, وفعل يجيء, دائما, مصداقا للقول, على الرغم من السياسة تنطوي على المناورة, وإنْ لا تَعْدلها, فالمستقيم من الخطوط السياسية ليس دائما هو أقصر الطرق إلى الهدف. لا أُصدِّق, ولا أُريد أن أُصدِّق, أنَّ قول "المفوَّض" نبيه بري إنَّ حل مشكلة الجنديين الإسرائيليين الأسيرين لدى "حزب الله" يمكن ويجب أن يقوم على الإفراج عنهما في مقابل إفراج إسرائيل عن أسرى لبنانيين فقط هو ذاته, أو سيكون هو ذاته, قول "المفوِّض", أي حسن نصر الله. قد يُفسَّر قول بري على أنه جهد يبذله "حزب الله" لدرء المخاطر عمَّا يحظى به موقفه السياسي العام من تأييد شعبي لبناني واسع, عابر للطوائف الدينية جميعا, فشعار "لبنان هو الأوَّل والآخِر", مع المواقف السياسية التي يمكن أن يُتَرْجَم بها, يمكن أن يقي "الحزب" شرَّ انقسام لبناني داخلي, يعود بالنفع والفائدة على إسرائيل والمتوفِّرين على خلق "الشرق الأوسط الجديد" من العدم, أي من المقاومة المعدومة. وقد يُفسَّر, أيضا, على أنه دليل على أن "الحزب" يعتقد بقرب التوصُّل إلى حل لمشكلة الجندي الإسرائيلي الأسير لدى الفلسطينيين جلعاد شاليت يقوم على الإفراج عنه في مقابل إفراج إسرائيل عن جزء كبير من الأسرى الفلسطينيين. "حزب الله" لا يضيره إذا ما حُلَّت مشكلة شاليت بما يلبي ولو بعضا من شروط ومطالب آسريه قبل حل مشكلة الجنديين الإسرائيليين الأسيرين لديه; ذلك لأنه يملك من القدرة التفاوضية ما يسمح له بتحرير كل الأسرى اللبنانيين لدى إسرائيل; أما الفلسطينيون فقد يضيرهم أن تُحل مشكلة الأسرى اللبنانيين قبل حل مشكلة أسراهم, ولو حلا جزئيا, فإسرائيل يمكنها, عندئذٍ, أي بعد الإفراج عن جندييها الأسيرين لدى "حزب الله" وقبل الإفراج عن شاليت, أن تتشدَّد في مطلبها "الإفراج الفوري وغير المشروط" عن شاليت. إنَّ "الحزب", وفي سبيل أن يُظْهِر ويؤكِّد شيئا من معاني النصر الذي أحرزه على إسرائيل وأن يحافظ على وزنه الشعبي فلسطينيا وعربيا, ينبغي له أن يناور بما يكفي لمنع حل مشكلة الجنديين الأسيرين لديه قبل حل مشكلة شاليت بما يلبي بعضا من المطالب الفلسطينية.

وأحسب أن "حزب الله" يحتاج الآن, أو من الآن وصاعدا, إلى أن يعرف كيف يناور سياسيا بما يقيه شر أن يلبي العدو, أي الولايات المتحدة وإسرائيل, "المُعْلَن" من مطالب "الحزب" وأهدافه, فإفراج إسرائيل عن الأسرى اللبنانيين جميعا, وخروج جيشها من مواقع احتلها في مثلَّث مارون الراس ـ عيترون ـ بنت جبيل, وإنهاء سيطرتها العسكرية على مزارع شبعا وتلال كفر شوبا, يجب ألا يؤدي كل هذا, على أهميته, إلى استخذاء "الحزب" لقرار مجلس الأمن الرقم ,1559 فـ "حزب الله" يجب أن يظل قادرا على تزويد وجوده العسكري والقتالي مزيدا من "الوقود السياسي". إن احتفاظه بسلاحه هو الإنجاز الذي يفوق, في أهميته السياسية ـ الإستراتيجية, كل تلك الإنجازات. وهذا قول "الواقع" في بنت جبيل على وجه الخصوص. وهذا "الواقع" إنَّما يحرِّض "حزب الله" على أن يتبنى شعار رايس عندما تتخلى هي عنه. ألَمْ تَقُل قبل واقعة بنت جبيل: "لا نريد وقفا فوريا لإطلاق النار; لأننا نريد وقفا دائما له"?! وبعد تلك الواقعة, ألا يحق لـ "حزب الله" أن يقول القول ذاته عندما تتخلى رايس عن شعارها, وتَقْبل وقفا فوريا لإطلاق النار?! ألا يحق له, وللبنان, أن يدعوا إلى وقف "دائم" لإطلاق النار, يقوم (حتى يكون دائما) على حل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان, وعلى قرار يُصْدِره مجلس الأمن الدولي, يلتزم فيه منع إسرائيل من خرق السيادة اللبنانية, جوا وبحرا وبرا, وحماية لبنان من كل اعتداء إسرائيلي مستقبلا?! ألا يحق له أن يشترط أن يقوم مدمِّرو البنية التحتية المدنية اللبنانية, ومدمِّرو منازل ومصانع اللبنانيين, بتمويل إعادة بناء ما دمَّروه?! وتعويض المتضررين ؟!

العرب, وإذا ما أرادوا أن يكونوا عربا, في تضامنهم مع لبنان, ينبغي لهم أن يرفضوا, هذه المرَّة, المساهمة ماليا في إعادة بناء ما دمَّرته آلة الحرب الإسرائيلية والولايات المتحدة في لبنان, وأن يقفوا إلى جانب لبنان في حقه أن يقوم المعتدون بتمويل إعادة بناء ما دمَّروه, فإسراعهم في إرسال المال ليس فيه إلا "الظاهر" من التضامن مع لبنان.

لو كفَّ العرب عن ذلك, ولو تحلَّت سورية بشيء من الجنون الحربي الإسرائيلي, أو بشيء من روح "المغامرة غير المحسوبة العواقب", لسمعنا إسرائيل تصرخ أولاً, ولرأينا كيف أن اقتسام العرب اقتساما عادلا للدمار الإسرائيلي قد أفضى إلى تحرير "السلام" من القبضة العسكرية الإسرائيلية!


أما هناك في قانا...
قبلةُ أمٍ لرضيعها عَلِقت بخدّه قبل الموت بدقائق, قصةُ حبٍ انتهت بشهيدةٍ وشهيد, قلقُ الموتى على من تبقى في الملاجىء, قدمٌ صغيرةٌ بين الركام, قميصٌ يلفُّ به الأبُ نتاتيف طفلته التي ماتت قبل العشاء, قنبلة ظلًّ واضحاً عليها اسم الدولة المنتجة, قرابينٌ لا يحملها على كتفيه أحد, قِطافُ موسمٍ من المؤامرات, قتيلٌ يحدّق في القبر الجماعي الذي أُلقي فيه على عجل, قهقهات المسلسل المكسيكي على محطة »ال . بي . سي«, قواتٌ شقيقةٌ تغط في حلم التوازن الإستراتيجي, قذيفةٌ سقطت في قفص عصافير, قانونٌ دولي رمته الدبابات خلف ظهرها, قشعريرة لم تعد تصيب أهل الضحية, قمرٌ عميلٌ لا يضيء حتى طريق النازحين...

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
__________________