عرض مشاركة مفردة
  #3  
قديم 16-07-2002, 02:49 AM
محمد ب محمد ب غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2001
المشاركات: 1,169
إفتراضي

2- الحجاب "العادة" و "العبادة" ، هل من تناقض بينهما؟

في البرنامج المذكور أعلاه ذكر المشاركون مراراً باحتقار "من ترتدي الحجاب كعادة لا كعبادة"، ووضع العادة في موضع التناقض مع العبادة خطأ شائع فادح يدلني وأقولها بكل أسف عل سطحية مفاهيم كثير من المتدينين في عصرنا.
لأذكر هؤلاء بداية أن أفضل أشكال السلوك الحسن ما انقلب إلى عادة! ومخالفة العادة أصعب بكثير كما هو معلوم من مخالفة ما ليس بعادة!
ومن المفيد للتوضيح هنا ذكر النساء من أمهاتنا وجداتنا اللواتي كان تغيير الزي عندهن بزي غربي أمراً مستحيلاً، لأذكر أن "عادتهن" تلك لم تكن متناقضة مع معتقداتهن الدينية بل كانت تعبر عن أن هذه المعتقدات منغرزة عميقاً في اللاشعور. وفي الحقيقة لا يتحقق نجاح من يدعو المجتمع إلى سلوك معين تحققاً نهائياً حتى يتحول هذا السلوك إلى "عادة" !
"العادة" يا سادة يمكن لنا من الناحية النفسية أن نرى فيها نمط حياة محمياً بروابط انفعالية وعاطفية قوية جداً يصعب قطعها، فليس السؤال الصحيح هو: "كيف نقضي على العادة ونحولها إلى عبادة؟"، وطرح القضية على هذا النحو يحمل رائحة احتقار المجتمع عند بعض الدعاة التي حذر العبد الفقير منها مراراً، ومثلاً أعيد القارئ إلى مقال لي نشر في العدد 1444 من مجلة "المجتمع" الكويتية بعنوان "إجحاف بعض الدعاة بحق المجتمعات الإسلامية"، بل السؤال هو على العكس: "كيف نحصن العادات الإسلامية في المجتمع فكرياً ونفسياً بحيث يضاف إليها عنصر الدفاع الفكري العقدي الشعوري الواعي؟". وما دامت القضية تطرح على هذا النحو فسأقول لهؤلاء الأخوة: إن امرأة "متعودة" على لباسها الإسلامي ومقتنعة به هي أبعد بكثير جداً من إمكانية الارتداد عن هذا اللباس من امرأة مقتنعة به ولكنها غير متعودة عليه!
لقد شنت هجمات كثيرة على العادات والتقاليد في القرن الماضي ولو قرأتم هذه الهجمات بعناية لرأيتم أن معظمها كان يهدف في الحقيقة إلى اجتثاث تلك الروابط العاطفية والانفعالية اللاشعورية المتينة التي "تموضعت" فيها العقيدة الإسلامية و"تجسدت" على شكل مؤسسات اجتماعية وعلاقات بين الأفراد وأنماط سلوكية، ومساهمة الدعاة الإسلاميين المتهورة غير المتبصرة في الهجوم المعمم بلا تحديد وتعيين دقيق على العادات والتقاليد ما كان من شأنها إلا أن تحرم هذه النواة الصلبة للعقيدة الإسلامية المتجسدة من غطائها الفكري ودفاعها النظري! لقد اتخذت بعض العادات والتقاليد المناقضة لنص الشريعة وروحها مقاصدها ذريعة لهجوم شامل على المجتمع الأهلي زلزلت طابع هذا المجتمع المنبني أساساً على قاعدة تاريخية مما أسميته "الإسلام المتموضع أو المتجسد"،ولم يسأل في بعض الحالات من ساهم في الهجوم نفسه عما إذا كان في الحقيقة سيصل إلى الهجوم على الإسلام نفسه بوصفه من "العادات" و"التقاليد"!

3- الحجاب ... أهو "جميل" أم "قبيح"؟

من الأفكار الشائعة، ولكنها هذه المرة مضمرة لا يجرؤ أحد أن يعلن عنها إلا،ربما، بعض خصوم الحجاب، أما أنصاره فهم مقتنعون بها ولكن لا يعلنونها، فكرة تقول: إن الحجاب يقبّح المرأة (بتشديد الباء:أي يجعلها قبيحة) ولكنه فرض من الله عليها أن تمتثل له ولو كان فيه هذه المشقة العظيمة التي هي القبول بزي قبيح كما أن المسلم يقبل بصوم رمضان حتى ولو كان فيه مشقة ما دامت محتملة لا تهدد الحياة أو الصحة!
سأقول بداية أن هذا الاعتقاد يناقض بوضوح نصوصاً ثابتة من القرآن والسنة تؤكد أن جمال المظهر أمر مستحب فهو من الفطرة والإسلام دين الفطرة!
فكيف نقبل عقلاً أن يأتي فرض يتناقض مع هذا التوجه الفطري؟
ولأنتقل الآن إلى تفسير الظاهرة النفسية- الاجتماعية التي ظهرت في العصر الحديث وهي استقباح الأزياء الإسلامية.
إن زياً محدداً بحد ذاته لا يحمل صفات جمالية جوهرية فهذه الصفات يضفيها عليه المجتمع، والثقافة المسيطرة هي التي تقدم النماذج التي ستعد "جمالاً" وتلك التي ستعد "قبحاً".
لو تخيلنا وضعاً تكون فيه المذيعات والممثلات والنساء الناجحات في المجتمع القادرات على إثارة إعجاب المواطنة العادية محجبات فإننا سوف نشهد تحول الحجاب إلى موضة كما أن عدم الحجاب هو الموضة في مجتمع كل النماذج التي تقدم فيه على أنها معيار للجمال غير محجبة.