عرض مشاركة مفردة
  #6  
قديم 27-11-2002, 09:05 AM
خشان خشان خشان خشان غير متصل
عضو قديم
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2000
المشاركات: 300
إفتراضي

الجزء - 2

واستطرادا أقول بقيت النظرة للعروض محكومة بحدود التفعيلة وإن وجدت ميكانيكيات للربط بين التفاعيل المتجاورة في بعض الحالات كما في الحديث عن الاعتماد والتراقب والتعاقب.
وللتمثيل على جزئية النظرة في العروض التفعيلي أنهم تحدثوا عن الخبن في البسيط وقالوا بيته:
لقد خلت دولٌ صروفها عجبٌ......... فأحدثت عبرا وأعقبت دولا
مفاعلن فعلن مفاعلن فعلن ........... 3 3 – 1 3 – 3 3 – 1 3
وتحدثوا عن الطي وقالوا بيته:
ارتحلوا غدوةً فانطلقوا بكَرا ..........في زمرٍ منهمو يتبعها زْمَرُ
مفتعلن فاعلن مفتعلن فعلن ............2 1 3 – 2 3 – 2 1 3 – 1 3

أكرر بأن الخبب لون من لوني الإيقاع في الشعر العربي – ميزتاه أن لا وتد فيه ولا حذف والسببان الخفيف والثقيل فيه يحل كل منهما مكان الآخر.
واللون الثاني هو الإيقاع البحري حيث فيه أوتاد ولا يجتمع فيه عمليا أكثر من سببين إلا في الخفيف.
ولم يتحدث أحد منهم عن البيت الذي يقترن فيه طي مستفعلن مع خبن فاعلن مع أن ذلك أخطر من أي من الزحافين كل على حدة. والذي حال بينهم وبين ذلك هو هذه الحدود الاصطلاحية بين التفاعيل. والتي لا وجود حقيقيا لها وإنما أملتها الضرورة الأكاديمية كالحدود التي نقيمها بين عصور الأدب العربي.
والوزن إذا ذاك
مستعلن فعِلُن مستعِلنْ فعِلن = 2 1 3 – 1 3 – 2 1 3 – 1 3
هذه الشحطة بين الأرقام هي الحدود المصطلح عليها بين التفاعيل والتي وضعتها من منطلق العروض التفعيلي ولكن لا وجود حقيقيا لها كما سأبين.
ولننطلق من بيت الأخطل:
يتصلون بيربوعٍ ورفدهمُ .........عند الشدائد مغمور ومحتقرُ
الصدر = 2 1 3 – 1 3 – 2 2 3 – 1 3 = مستعلن فعلن
ولو عاملت يربوع على أنها ممنوعة من الصرف ولفظها (يربوعَ) بلا تنوين لكان الصدر
يتصلون بيربوعَ ورفدهمو = 2 1 3 – 1 3 - 2 1 3 – 1 3= مستعلن فعلن مستعلن فعلن
ولي أن أقطع الصدر كالتالي
يتْ تَصِ لو نَبِ يرْ بو عَوَ رِفْ دُهُـ مو = 2 11 2 11 2 2 11 2 11 2
وهذه كلها أسباب ثقيلة وخفيفة الأمر الذي يجعل علاقة هذا الشطر بالخبب والبسيط كعلاقة فعِلن التي تقدمت بالخبب والمتدارك. فلو قلنا : يتصلون بيربوعَ ورفدهمو – صفرٌ في البأس ومحتقرُ
لكان ذلك من الخبب
ووزنه (2) = سبب ثقيل = 11 = متحركين......2 = سبب خفيف = 1 ه = متحرك فساكن
= يتْ تَصِ لو نَبِ يرْ بو عَوَ رِفْ دُهُـ مو .......صِفْ رُنْ فِلْ بأْ سِوَ مُحْ تقَ رو
= 2 (2) 2 (2) 2 2 (2) 2 (2) 2 ...........2 2 2 2 (2) 2 (2) 2
ولم يكن في ذلك من عيب إلا اختلال عدد الأسباب بين الشطرين ويضبطه القول في العجز:
صفرٌ أبداً في البأس ومحتقرُ
= يتْ تَصِ لو نَبِ يرْ بو عَوَ رِفْ دُهُـ مو .......صِفْ رُنْ أبَ دنْ فِلْ بأْ سِوَ مُحْ تقَ رو
= 2 (2) 2 (2) 2 2 (2) 2 (2) 2 ...........2 2 (2) 2 2 2 (2) 2 (2) 2
ولا يمكن للعجز أن يكون من البسيط فالتعبير عن وزنه على غرار البسيط هو:
22(2)= مستفعلُ- 22=فعْلُن – 2(2)2= مستعلن – (2)2 = فَعِلُنْ
وهذا ما أسميه خبيب البسيط
وليس من الشعر بحريِّهِ أو خببيِّه قولنا :
يتصلون بيربوعٍ ورفدهمو .......... صفرٌ دوماً في البأس ومحتقرُ
لأن الأول على ثقله من البسيط لاحتوائه وتد والثاني خببي لا مجال لإدراجه في البسيط.
هل أدرك العرب هذا ؟
نعم أدركه قدماؤهم ومحدثوهم فطرة وسليقة وجاء العروض الرقمي ليجلوه
إسمع نقلا عن (نظرية في العروض العربي للأستاذ سليمان أبو ستة ) قول أبي العلاء المعري في بيت المتنبي:
ربّ نجيعٍ بسيف الدولة انسفكا ...... وربّ قافية غاظت به ملكا
حيث قال:" ولم يزاحف أبو الطيب زحافا تنكره الغريزة إلا في هذا الموضع ولا ريب أنه قال على البديه ولو أن لي حكما في البيت لجعلت أوله (كم من نجيعٍ ) لأن رب تدل على القلة ) ..." وهو هنا يلحق بالعروض المعنى من حيث التصحيح.

ربْ بَنَ جي عِنْ بسيف الدولة انسفكا = 2 (2) 2 2 – 3 4 3 1 3 ......(4=22)
أرايت إنه هذا الرهق الخببي الذي انتقده المعري المتمثل في أربعة اسباب متتالية.

واسمع للدكتور أحمد كشك يقول في كتابه الزحاف والعلة :" ومن النادر أيضا البدء بطي هذا البحر أي بمستعلن لأننا نكون قد قبلنا هذا التتالي /ه ///ه ///ه أي وحدتين من الفاصلة الصغرى وحين تكون المحافظة على التفعيلة الثالثة مستفعلن فلعل ذلك تعويض لنقص وارد وراءها."
كل (1 2 = 3)
وبلغة الأرقام فإن /ه ///ه ///ه = 2 11 2 11 2 = 2 1 3 1 3
إن مستعلن فعلُن ثقيلة ونادرة.
ثم انظر لأثر النظرة الكلية للعروض الرقمي وتناولها للظاهرة في عمومها في كل البحور.
يقول العروضيون إن كف مفاعيلن= 3 2 2= 43 أي مجيئها على مفاعيلُ = 3 2 1 قبيح عند الخليل حسن عند الأخفش. للعروض الرقمي هنا وقفتان
الأول خذ الوزن
فعولن مفاعيلُ فعولن مفاعلُ
3 2 3 ( 2 1 3 2= 2 11 2 2) 3 3 = فعولن مفا (عي لُفَ عو لنْ) مفا علن
أرأيت الأسباب الأربعة التي سببت القبح الذي أورده الخليل وهو شبيه الثقل الذي شخصناه في مستعلن فعلن = 2 2 11 2 11 2 في البسيط.
ولو كان الوزن فعولُ مفاعيلُ فعولُ مفاعلن
= 3 (1 3 2 1 3 1 3 ) 3 = فعو( لُمَ فا عي لُفَ عو لُمَ فا ) علن
لتتالت سبعة أسباب ولنجم عن هذا الخلط بين الإيقاعين البحري والخببي رهقٌ أي رهق.
ولعل تفاوت الجرعة الخببية وما ينجم هن ذلك من تفاوت الرهق الخببي هو الذي أدى إلى اختلاف الحكم على كف مفاعيلن بين الخليل والأخفش.
ما تقدم جانب مهم أبرزه في كلّيّته العروض الرقمي مستنتجا إياه منطق الخليل. وهناك جوانب أخرى منها.
الروابط والوشائج بين البحور بما قد يؤدي إلى رسم شجرة لنسبها
خذ مثلا هذا الوزن
22 3 – 1 3 – 3 11 – 2 3 = مستفعلن فعِلُنْ متفعلُ فاعلن
قد يتبادر للذهن أن هذا وزن مختل من البسيط ولكننا لو جمعنا كل 21 = 3 لأعطانا
2 2 3 1 3 3 1 3 3 = 2 2 3 – 1 3 3 – 1 3 3 = متْفاعلن متَفاعلن متَفاعلن
وهكذا
الوزن فعولُ مفاعلن فَعُلُن فعولن = مفاعلتن مفاعلتن فعولن
ويقود هذا إلى القول بأن هناك زحافات تخرج من البحر ولا تخرج من الشعر.
أتمنى أن يكتسب هذا المنحى اهتمام المختصين ليتسنى إدارة حوار بنّاء أتوقع له أن يثمر. وأتمنى أن تكون أخي محمد مع أخي عمر مطر من أول من يهتم به مؤكدا لك أن ما يحول بينك وبينه ستار خفيف ما أجدرك بإزاحته.
كلمة أخيرة عن العروض الرقمي هي أن الأرقام تتيح التخلص من عبء المصطلحات التي أثقلت ظهر العروض. بما يمكّن من تقديم مبادئه الأساسية بشكل مختصر يُمْكِن لطالب الابتدائي أن يستوعبه في حصة أسبوعية واحدة في أحد فصول السنة الدراسية.
أتمنى أن يطلع المسؤولون في وزارات التعليم العربية أو بعضهم فيقررون تدريس هذا العلم الجميل الحافز للتفكير والذوق في صيغته هذه الرقمية المبسطة.
جريدة الرياض كانت الجريدة الوحيدة على حد علمي التي نشرت عن كتاب العروض رقميا مرتين سأحاول نشر هذا المقال فيها.
الرد مع إقتباس