عرض مشاركة مفردة
  #23  
قديم 07-07-2003, 07:50 AM
lwliki lwliki غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2003
الإقامة: هووون
المشاركات: 85
إفتراضي حتى لا يكون خيار التطرف هو الباب الوحيد المتاح لأبنائنا.

كتب على الدميني :

الغلو و التطرف في التعبير عن الرأي بالكلمة ، أو باستخدام أدوات القتل ظواهر بشرية محايثة للوجود والاجتماع البشري . ويمكن ملاحظة ذلك في محيط العائلة الصغيرة والأسرة الكبيرة و محيط الأصدقاء والعمل والنوادي والملتقيات ، وحتى في اجتماعات مندوبي الدول في الأمم المتحدة. ولذا فالعنف بمعناه المطلق لا يتصف به فريق دون آخر أو مجتمع دون سواه.
ولكن تلك الظاهرة ترتفع وتيرتها وتصبح خيارا وحيدا حين يتم تكريس الثقافة الأحادية الطابع في المجتمع ( العائلة، العمل ، الوطن) وذلك من خلال منح حقوق السيادة لطرف دون الآخر ، كالأخ الأكبر دون الأصغر أو الولد دون البنت ، و المصلح الديني دون المصلح الاجتماعي ، أو هيئة الأمر دون هيئة التربية والـتأهيل، وتشجيع التعليم الديني أكثر من التعليم العام( كمدارس تحفيظ القرآن والمعاهد العلمية الدينية) ، والسماح للجمعيات الدعوية الدينية باحتكار مجالات النشاط التثقيفي دون غيرها من جمعيات المجتمع المدني. وبذلك يتم تكريس فاعلية الاستقطاب الأحادي ، فيصبح المجتمع أكثر انغلاقا و أ قل تسامحا مع الرأي الآخر، سواءً في أساليب الحوار أو في مكونات مواد التثقيف أو في مساحات التعبير المتاحة أمام الجميع للمطالبة بحقوقهم الحياتية الأساسية و الاعلان عن مشاريعهم النهضوية لتطور الوطن .
وبدون الذهاب إلى التفاصيل الطويلة والكثيرة ، يمكن القول بأن ظروف توحيد المملكة قد استدعت الكثير من مركزة النشاط الثقافي والاجتماعي و الدعوي الديني، مع الإعلان عن حق المواطنين في مناطق مختلفة من المملكة بالاستمرار بالعمل وفق تنظيماتهم الدينية والمدنية كالمجالس البلدية في مكة ، ومجلس الشورى ، وتمتع الشيعة بحقهم في ممارسة شعائرهم الدينية حسب ما اعتادوا عليه. ولكن التطورات اللاحقة وعلى مدى سنوات طويلة ألغت تلك الحقوق و فرضت تفرد تيار ديني باحتكار مرجعية الفتوى والرأي ونشر الثقافة الدينية في مختلف أرجاء الوطن. وقد أدى هذا الاحتكار إلى إلغاء الحوار داخل التيار الديني الواسع ، و شرعنة بروز تيار متشدد فرض نفسه كوجه وحيد لصورة الإسلام، ومنحه حق التفرد ورفعه إلى مصاف التقديس الذي لا يقبل رأيا سوى اجتهاده.
وحيث لم تتبلور في بلادنا أشكال المؤسسات الدستورية أو المدنية ، فقد تم رفع شعار الأمن والأمان كشعار بديل للمطالبة بحقوق المواطنة الأساسية ،و كبديل عن تشكيل دولة المؤسسات القانونية التي تنبني على وجود دستور مكتوب ، ومجلس شورى منتخب يجسد المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار وسن القوانين المدنية ومراقبة أداء الحكومة ، و كذلك في قيام سلطة قانونية مستقلة للقضاء.
وقد أدت هذه العوامل إلى تضخم فاعلية المؤسسة الدعوية الدينية ، وتفردها بالعمل نيابة عن كافة جمعيات وفعاليات المجتمع المدني ، بل أنها توجّت هذا الدور بأن وضعت نفسها وسيطاً بين الدولة والمجتمع وذلك لضمانة استمرارية دورها وموقعها ومشاركتها في الحكم.
وقد كان هذا الوضع ممكنا ومقبولا على مضض في فترات ماضية، حين كانت القدرات المالية لبلادنا محدودة أو متضخمة كما حدث بعد طفرة أسعار البترول في 74م مما يسر اقتسام أدوار السلطة على المجتمع بين المؤسسات الدينية والحكومة ، أما بعد منتصف الثمانينات فقد دخلت بلادنا مرحلة من التغيرات المادية والاجتماعية العميقة، نتج عنها بروز ظواهر تمايزات الثراء الفاحش ،و الاختناقات المعيشية البارزة ، في لقمة العيش والوظيفة ومقعد الجامعة ،وتفشي أشكال الفساد الإداري والمالي بشكل كبير، حيث، تزامنت هذه الإشكاليات الاجتماعية العميقة مع غياب مناخ الحريات العامة الفردية و المؤسساتية.
وهنا ، وفي مناخ محلي ودولي مواتٍ ، يتبلور دور المؤسسات الدينية في المملكة ، وتبرز داخلها تيارات سياسية تطمح إلى لعب دور أكبر في الشأن المحلي والإسلامي ، وتنجح في ذلك لانفراد الوجه المتشدد فيها بقيادة العمل التوعوي الإسلامي ، وبتوفر إمكانات مالية كبيرة أغدقت عليها لكي تكون الرائدة والمؤثرة في فكر مختلف التيارات الإسلامية المتطرفة في العالم.
وهنا لم تعد الشراكة مع الحكومة كافية فيخرج من بين ظهرانيها من يكفر العلماء والحكماء والحكام، ولا يكتفي بذلك بل يقوم بقيادة تيار التفجيرات والإرهاب من نيويورك إلىغروزني إلى قلب الرياض.
ماذا نعمل الآن؟
هل نطرح القطيعة مع هذا التيار معرفيا واجتماعياً؟
هل نعتمد الحلول الأمنية أسلوبا وحيدا لحل المشكلة؟
هل ندعو إلى الحوار وتعزيز التيارات الدينية والوطنية المتسامحة والمتنامية في بلادنا؟
هل ندعو إلى حرب لا هوادة فيها ضد هذا التيار بشكل مطلق ؟
قد تأتي الإجابة المتسرعة قريبة من التساؤل الأخير، ولكن عين العقل والحكمة والسياسة تدعونا إلى القول بأننا نحتاج إلى معاقبة المذنبين عملاً أو قولاً ، وأننا مدعوون لفتح أبواب حوار واسع ومعمق يكون الوطن فيه مرجعنا وبيتنا في ظل العواصف المقبلة بغض النظر عن المرجعيات الثقافية والفكرية؟
أسئلة وأسئلة لا تلغي إدانتنا لما حدث ومطالبتنا بمعاقبة الجناة، ولكنها أيضاً لا تحجب الحقيقة المنسية التي وجدناها تصرخ قائلة:
إن هؤلاء المارقين - مع كل أسف _ هم فلذات أكبادنا ، وأنهم لم يرتكبوا إلا خطيئتنا.
نحن الذين هيأناهم للمذابح، وزودناهم بالأسلحة العقائدية، وأرسلناهم إلى الخارج للتدريب على الانعزال ، وممارسة تكفير كل ماعداهم، وزودناهم بالمال والسلاح ليقاتلوا في أفغانستان وسواها، يوم كان لأمريكا مصلحة في ذلك.
إنهم أبناؤنا الذين لم يهبطوا من كواكب أخرى، أو ينبتوا من رحم أشجار شيطانية.
إنهم أبناء فراشنا، ونتاج مناهجنا،وبرامجنا الثقافية العتيدة والجديدة.
لنعترف بالأبوة ، والثمرة، ولنقف لكي نتأمل في ما آل إليه حالهم وحالنا.
إنهم أبناء التجييش الديني المتشدد، و الفرو قات المعيشية ، والمعلمين الدعاة، والفرص الجامعية المعدومة، والبطالة المتفشية، والحياة الاجتماعية المغلقة، والفساد الإداري ، والجمعيات الدينية الناقمة على كل شئ، وهم نتاج أوهام هزيمة السوفيت ، وإقامة جنة طالبان في أفغانستان.
إنهم طلبة الولاء و البراء،والعداء للآخر حتى الأبوين،
إنهم مدّعوا حراسة الفضيلة، ومهمة هداية العالم، ونتاج قهر السياسة الأمريكية في المنطقة .
ولهذا أقول ..
تعالوا لكي نتأمل وجوهنا أمام المرآة، حيث سوف لن نرى إلا وجوهنا مختبئة خلف وجوههم ، ومكوناتنا الثقافية مشتبكة مع تطرفهم.
إنهم الوجه الأكثر وضوحاً وصراحة لوجوهنا ومخبوءاتنا المتشظية.
إنني أتألم علينا وعليهم،
وأحزن على مستقبلنا بهم وبدونهم
لقد اشتغلنا معاً على هامش العقيدة ،ونسينا المتن، و أسكتنا العقلاء وفسحنا المجال للوهم، وهيأنا كل طفل لكي يصنع من نفسه داعية ومرجعاً ومفتيا.
أشكو تطرفهم إلى تفريطنا ،
وجنونهم إلى صمتنا،
وأحزان أمهاتهم إلى نخلة الوطن الوقورة.
تعالوا لنجلس إلى ساحة الحوار، وفي الذهن ملاحم من أشباه تفجيرات مساء لاثنين في الرياض
، وتفجيرات العليا والخبر،و من قبلها معارك الأخوان أيام الملك عبد العزيز، وجريمة جهيمان في حرم الله، وسواها وسواها داخل الحدود و خارج الحدود.
تعالوا إلى الحوار،
لأن الحل الأمني ، والتكفيري ، أو الإقصائي ،لن يخرجنا من ليل دامس يترصدنا، ومن عدوٍ يبحث عن مثل هذه المآسي لكي يستبد بنا، ويفرق شملنا ، ويعيد رسم خرائطنا.
تعالوا إلى طاولة الحوار والتسامح ،
ولنبدأ بفتح الأبواب الممكنة والمتاحة …حتى لا يكون خيار باب التطرف هو الخيار الوحيد المتاح أمام أبنائنا.
وهنا وعلى طاولة الحوار والمصارحة أضع أمامكم بعض مقترحات للإسهام في تأمل واقعنا اليوم وطرح الحلول لبعض إشكالياته، وذلك بالدعوة إلى مناقشة المنطلقات الإصلاحية التالية:


أولاً :دولة المؤسسات:


استكمال قيام المؤسسات الدستورية للدولة، وذلك بوضع دستور مكتوب ، وانتخاب مجلس الشورى وتمكينه من القيام بكافة مهامه التشريعية والرقابية، وتحقيق الفصل بين السلطات ، و تمكين الهيئات القضائية المختصة من القيام بدورها بشكل مستقل و كامل.

ثانياً :مواجهة التحديات الراهنة والمستقبلية:


العمل الفوري على وضع برامج محددة بمدد زمنية لحل كافة الإشكاليات التي يعاني منها المواطنون والتي تعيق حركة البناء والتطور في بلادنا ، و الدعوة إلى مؤتمر للحوار الوطني حول ما جاء في وثيقة " رؤية لحاضر الوطن ومستقبله" التي وقع عليها مجموعة من مثقفي بلادنا وقدموها إلى صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبد العزيز، ولي العهد .

يتبع
__________________
( لا تسيئوا فهمه..
ولا تنكروا عليه ان ينقد أو يتهم أو يعارض أو يتمرد أو يبالغ أو يقسو..
انه ليس شريراً ولا عدواً ولا ملحداً.. ولكنه متألم حزين ..
يبذل الحزن والألم بلا تدبير، أو تخطيط..
كما تبذل الزهرة اريجها .. والشمعة نورها ).
وللتاريخ ان يقول ما يشاء.