الموضوع: حظوظ حماس
عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 21-05-2006, 12:31 AM
يتيم الشعر يتيم الشعر غير متصل
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2001
الإقامة: وأينما ذُكر اسم الله في بلدٍ عدَدْتُ أرجاءه من لُبِّ أوطاني
المشاركات: 5,873
إرسال رسالة عبر MSN إلى يتيم الشعر إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى يتيم الشعر
إفتراضي


ü حين تمسكت حماس بموقفها من عدم الاعتراف بإسرائيل، ومن الحق في مقاومة الاحتلال، فإنها أكدت موقفها المبدئي، وأثبتت أنها محصنة ضد الاستدراج والغواية، الأمر الذي بين للكافة أن حرصها على الالتزام بالمبادئ مقدم على بقائها في السلطة، التي لم تسع إليها يوما، ولكن اختيار الجماهير هو الذي فرض عليها أن تتحمل مسؤولية الحكومة في الظرف الراهن.

ü أعادت حكومة حماس طرح الأسئلة الأساسية في القضية المتعلقة بالانسحاب الإسرائيلي من كل الأراضي المحتلة عام 67 على الأقل، وبوقف الاستيطان وإزالة السور، إلى جانب التمسك بحق العودة، مع رفض الاعتراف بإسرائيل وبالإملاءات التي فرضتها على الفلسطينيين في السابق، والإعلان عن حق مقاومة الاحتلال - ذلك كله حقق ثلاثة أمور مهمة الأول أنه أدى إلى وقف التنازلات التي دأبت السلطة على تقديمها للإسرائيليين بالمجان، والثاني أنه وضع القضية على مسارها الصحيح الذي انحرفت عنه منذ توقيع اتفاقيات اوسلو عام 93، الأمر الثالث أنها كشفت زيف ما سمى بمسار السلام، الذي لم يقدم شيئا حقيقيا لحل أي من أركان القضية، وإنما أخذ من الفلسطينيين اللحم وألقى لهم بالعظم.

ü في حين حددت حركة حماس موقعها وحجمها الحقيقي على الخريطة الفلسطينية، الأمر الذي ينبغي أن يؤخذ في الاعتبار في أي محاولة لإعادة بناء منظمة التحرير، فإن حكومة الحركة كشفت عن حجم الهدر في المال العام، وأزاحت الستار عن صور الفساد والاستغلال التي مورست خلال سنوات احتكار السلطة من جانب شريحة معينة.

ü كشفت تجربة حكومة حماس عن حجم التواطؤ المحلي والإقليمي والدولي ضد القضية الفلسطينية،- وفي الوقت نفسه فإن التعامل معها أحدث نوعا من الفرز الواضح الذي تحددت في ظله مواقع الغيورين على القضية والمتاجرين بها، والساعين إلى عرقلة حلها، بما في ذلك استعداد بعض النخب الفلسطينية للوقوف في المربع الإسرائيلي عند الاختبار الحقيقي في نهاية المطاف.

ü كشفت التجربة عن مدى الهيمنة الأمريكية على القرار العربي، بقدر ما أنها رفعت كثيراً من قدر الشعب العربي الذي سارع إلى احتضان التجربة ومساندتها بكل ما يملك. وهذه المفارقة سلطت ضوءاً قويا على مدى اتساع الهوة بين الحكومات والشعوب في المنطقة.

ü فضحت التجربة مدى النفاق في الموقف الغربي بعامة والأمريكي بوجه أخص، في التعامل مع قضية الديمقراطية، حيث تبين أن المطالبة بالديمقراطية لدى تلك الأطراف لا يراد بها إلا الديمقراطية التي تفرز حكومات موالية للغرب وتابعة له. أما تلك التي تعبر عن ضمائر الشعوب وأحلامها فهي مرفوضة. ليس ذلك فحسب وأنا فضحت التجربة أيضا مدى النفاق الغربي إزاء قضية حقوق الإنسان، منذ توافق الغربيون على حصار الشعب الفلسطيني وتجويعه، عقابا له على اختياره الديمقراطي.

(4)

في النصف الفارغ من الكـوب نستطيـع أن نرصد مؤشرات سلبيـة أخـرى، في مقدمتها ما يلي:

ü أثبتت الممارسة أنه من المتعذر الجمع بين السلطة والمقاومة. وهو ما يدعونا إلى القول بأن حماس بتحملها لمسؤولية الحكومة انتقلت من المقاومة إلى الممانعة، وهذه الأخيرة مهمة لا ريب، وضرورية بالتأكيد، إلا أنها تظل أدنى مرتبة من المقاومة بخياراتها الواسعة، في حين أن الممانعة تظل محصورة في حدود الصمود والمقاومة السياسية. وهو ما أدركه الإسرائيليون فلجأوا إلى أمرين، أولهما تكثيف قصف التجمعات الفلسطينية، مطمئنة إلى التزام حماس بالتهدئة والسكون لإنجاح مهمتها السياسية. والأمر الثاني أن إسرائيل كثفت في ضغوطها على حركة الجهاد الإسلامي، فتوسعت في اعتقال كوادرها في الضفة خصوصا، ولم تتردد في اغتيال بعضهم.

ü إن حماس حين اضطرت إلى تشكيل حكومة اللون الواحد، وقعت في كمين استهدافها والتفرد بها. ورغم أن ذلك يحسب في التحليل الأخير على الفصائل الأخرى التي تخلت عنها ورفضت المشاركة في حكومة وحدة وطنية، إلا أن ما ترتب على ذلك سهل مهمة الذين أرادوا عزل الحكومة ومحاصرتها وقطع المعونات والرواتب عنها.

ü بالمقاطعة الدولية التي حركتها إسرائيل وعممتها الولايات المتحدة، رفع الجميع أيديهم عن القضية، بما في ذلك اغلب الأنظمة العربية. وهو ما يسوغ لنا أن نقول بأن القضية صارت بلا صاحب، وانتهى الأمر بعزل حكومة حماس بصورة نسبية عن العالم الخارجي. بما تضمنه ذلك من توحد للموقف الأمريكي مع الأوروبي، الذي تخللته بعض التمايزات في الماضي.

ü أدت المقاطعة الاقتصادية إلى زيادة معاناة الشعب الفلسطيني في الداخل، فضلا عن أنها أصابت دورة الاقتصاد الفلسطيني بالشلل النسبي، وهو ما أربك الحكومة الجديدة، وفرض عليها أن تعطي أولوية لحل مشكلة الرواتب والموارد، التي احتلت رأس جدول أعمالها طيلة الشهرين الماضيين، ولأنها شغلت بذلك فإنها لم تستطع أن تتقدم بشكل محسوس على المسارات الأخرى المهمة، التي من أهمها قضية الإصلاح الداخلي ومسألة إعادة بناء منظمة التحرير.

ü استثمرت إسرائيل بشدة مسألة وصول حماس إلى السلطة، وتذرعت بذلك لكي تبرر خطتها في استكمال بناء السور ورسم الحدود النهائية، التي تلتهم 58% من أراضى الضفة ولأن واشنطن تعتبر حماس منظمة إرهابية، فقد برر لها ذلك تأييد الخطة الإسرائيلية، التي يعرف الجميع أنها معدة سلفا وأن تنفيذها بدأ قبل تولي حكومة حماس.

ü تقليديا كانت العلاقات متوترة بين حماس وبين بعض قيادات فتح في السلطة لأسباب مفهومة، ولكن هزيمة فتح في الانتخابات وحدت صفوفها، وفرضت نوعاً من الاستقطاب في الأرض المحتلة بين الطرفين. الأمر الذي فتح باب "مناكفة" حماس بأساليب عدة، كانت عناصر الأمن الوقائي المحرك الأساسي لها. وهو ما تطور إلى الاشتباك المسلح الذي وقع، واستدعى إلى الإدراك سيناريو الحرب الأهلية.

ما هي خيارات حماس إزاء ذلك الوضع المتفجر؟
__________________
معين بن محمد