الموضوع: جسد بلا روح
عرض مشاركة مفردة
  #3  
قديم 07-07-2003, 03:30 PM
أطياف الأمل أطياف الأمل غير متصل
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2000
الإقامة: على نفحات الأمل
المشاركات: 3,246
إفتراضي

اوراق الخريف..


في تلك الحديقة الواسعة .. وفي أحد أيام الخريف .. جلست على ذلك المقعد الحجري.. تحت ظلال الشجرة الكبيرة.. وأوراق الاشجار الصفراء..تناثرت على الأرض من حولي.. فكست الأرض بلونها .. وكان النهار قد شارف بالزوال.. والشمس.. على أهبة الاستعداد النوم .. فلقد ارتدت لباس نومها وشارفت في الذهاب لفراشها.. ليحل محلها القمر..
علقت بنظري في السماء وأخذت أفكر ..أسرح بمخيلتي والأفكار تعصرني وتجول بعقلي.. سألت نفسي .. ألا زال فيصل يذكرني ؟؟ ألازال باقيا على عهدنا؟؟
ويحي وكيف لا أظن ذلك.. أنا خطيبته .. أوينسى المرء خطيبته ؟؟
أحكمت الوشاح الذي كان على كتفي فلقد أحسست برعشة تسري في اوصالي.. لم يكن الجو باردا.. ولكن الرعشة..كانت ناجمة من أفكاري..
تذكرت كل شيء.. كيف كنا أنا وفيصل.. تذكرت الحب الذي بيننا.. تذكرت يوم خطوبتنا.. تذكرت وعودنا.. تذكرت يوم رحيله.. وكيف أخبرني أنه بمجرد عودته من الدراسه سنتزوج..تذكرت الحوار الذي دار بيننا في ذلك اليوم.. ونحن تحت ظلال هذه الشجرة.. هذه الشجرة التي شهدت مولد حبنا..
- فيصل.. أرجوك .. لاتتركني وحدني
- روز عزيزتي.. هوني عليك.. أنا لن أغب كثيرا.. إنها مجرد 5 اعوام
قاطعته بحزن: خمسة أعوام ؟؟أوهذا قليل؟؟
جثا على ركبيته وأمسك بكفي بحنان قائلا: حبيبتي روز .. انت خطيبتي.. وستكونين زوجتي ما أن أعود حاملا شهادتي التي تفخرين بها ..
طفرت دمعة من عيني فقال ناهرا بلطف: روز ..لا تبكي.. ساعود.. لأجلك أنت سأعود ..
قطع شرودي صوت العصافير فرفعت رأسي وقلت بنفسي.. اتراه لازال يذكرني؟؟
وبعد دقائق كثيرة أحسست بشيء يهز كتفي.. نظرت.. فإذا هي نورة ابنة خالتي.. أخت فيصل.. ابتسمت لي وقالت: روز!! أنت هنا؟؟ هيا أدخلي إلى المنزل واستعدي..فيصل في الطريق.. ولاتنسي حجابك..فيوسف معه..
- حسنا حسنا.. سأدخل الآن ..
نهضت من مكاني ..مضيت خطوتين ثم عدت والتفت خلفي ونظرت إلى الشجرة..تنهدت بارتياح وقلت بنفسي .. أجل .. سيعود فيصل ويبدد مخاوفي كلها ..
دخلنا انا ونورة إلى المنزل.. لم يكن المنزل منزلي أنا بل منزل خالتي.. حيث توفيا أمي وأبي وأنا في الثانية من عمري.. فانتقلت إلى السكن معهم حيث لاأحد لي غير أخوة شباب.. سعود وفهد .. سعود الذي يبلغ من العمر 30 سنة محامي ..أما فهد البالغ من العمر 23 فكان يدرس الهندسة بالجامعة .. ولكني لم أحس يوما بأني لست ابنتهم أو بتفرقة في المعاملة ..بالعكس.. الكل كان يعاملني بأفضل معاملة .. وكنت أنا ونورة مقربتان ولكأننا أختان من بطن واحد .. وخالتي الحبيبة كانت تعاملني كما تعامل نورة.. بل إنها في أحيان كثيرة تفضلني عليها ..
إنشغل الجميع في الترتيب.. فاليوم يأتي فيصل .. وأخيرا سيأتي بعد غياب دام 5 سنين!! يالله !! 5 سنين مرت كالدهر علي.. كان فيصل هو الشاب الوحيد الذي أحبه قلبي.. أورأت عيناه غيره؟؟ لا طبعا.. ولكني رغم ذلك لم أحبه لأنه الوحيد..بل لأنه الحبيب..
وبينما أنا أعد عصير الليمون الذي يحبه فيصل.. وكان المطبخ يطل على الصالة.. التي تطل بدورها على الباحة الخارجية.. سمعت الجرس.. هتفت بفرح وكاد العصير أن يقع من يدي: فيصل..
ركض الجميع نحو الباب.. وعدلت انا غطاء رأسي وتأخرت ثوان ثم لحقتهم ..وبالفعل أطل علينا فيصل..الهي لقد تغير كثيرا.. لم يعد ذلك الفتى الصغير الذي أحببته.. لم يعد له ذلك الجسد الأسمر النحيل وتلك العينان الذابلتين التي أعشق.. لم يعد له ذلك الشعر الأسود الطويل الذي يعجبني.. فلقد أصبح رجلا.. بجسده العريض القوي.. وعينيه الحادتين.. وشعرة القصير.. ولكنه يعجبني أيضا.. لكم أتمنى ان يكون هذا التغير مظهريا فقط.. فلا أتمنى ان يتغير فيصل من الداخل.. لا اتمنى أن تكون الغربة قد سلبته خفة ظله ورجولته وحنانه..ولكن يظهر أن ظنوني كانت في محلها..
اقتربت منهم وكنت أجر قدماي جرا خلفي.. لا أدري ولكن من سعادتي التي اجتاحتني لرؤيته لم أستطع الاقتراب..الجميع كانوا يضمونه ويقبلونه..خالتي تبكي..ونورة تضمه بقوة.. وأحمد الصغير يهتف باسمه فرحا.. تشجعت قليلا ثم اقتربت..وليتني لم اقترب.. فما أن حاولت ان اقتربت منه حتى علمت المفاجأة.. المفاجأة التي دمرتني.. زلزلت كياني..فيصل لم يكن وحده.. تنحى عن الباب قليلا وبدى شبحا خلفه.. شبح امرأة.. أجل كانت امرأة.. قال بخفة وكأنه يجيب عن تساؤلات الجميع:أعرفكم على زوجتي ..
زوجته !! قفزت هذه الكلمة في ذهني.. أحسست وكأنها صفعة قوية هوت على صدغي.. هكذا تقولها ببساطة يافيصل؟؟وكأنها لا شيء.. زوجتك؟؟ وأنا؟؟من أنا يافيصل.. أحسست بأن الأرض تدور حولي.. وأني أسقط .. أسقط في حفرة عميقة لا قرار لها ولا قعر.. تعلقت الأبصار عليه ثم التفت الجميع إلي.. ترقرت الدموع في عيني.. وركضت.. خرجت من المنزل واتجهت إلى الشجرة.. جلست على الأرض.. ووضعت رأسي على المقعد الخشبي.. ارض الدمع بحرقة وألم





يتبع ....
__________________


أحـــــــ هو حيــــــــــاتــــــي ــــمـــــــــــــد


الرد مع إقتباس