عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 22-07-2007, 09:52 PM
كويتي من ذهب كويتي من ذهب غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2007
المشاركات: 40
إفتراضي أسرار وخفايا تكشف نوايا صدام في غزوه الكويت

أولاًً:الوضع الاقتصادي للعراق بعد الحرب:

خرج العراق من حربه مع إيران ، بوضع اقتصادي لا يحسد عليه ، فقد أستنفذ النظام الصدامي كل احتياطيات البلاد من العملة النادرة ، والذهب ، البالغة [36 مليار دولار] ، وكل موارده النفطية خلال سنوات الحرب ، والتي تقدر ب [ 20 مليار دولار سنوياً ]، وفوق كل ذلك خرج العراق بديون كبيرة جداً ، للكويت ، والسعودية ، وفرنسا ، والاتحاد السوفيتي السابق ، والبرازيل ، وغيرها من الدول الأخرى ، وقد جاوزت الديون [90 ملياراً من الدولارات] ، وصار العراق ملزماً بدفع فوائد باهظة لقسم من ديونه بلغت حدود 30 % ، مما جعل تلك الفوائد تتجاوز 7 مليارات دولار سنوياً . (1)
هذا بالإضافة إلى ما تطالب به إيران من تعويضات الحرب ، بعد أن أقرت لجنة خاصة تابعة للأمم المتحدة بأن العراق هو المعتدي في تلك الحرب ، وتطالب إيران مبلغ [160 مليار دولار ] كتعويضات حرب .
لقد أثقلت الديون كاهل الاقتصاد العراقي ، وتوقفت معظم مشاريع التنمية ، هذا بالإضافة إلى ما يتطلبه تعمير ما خربته الحرب من أموال وجهود ، فقد جاء في تقرير أمريكي عن وضع العراق الاقتصادي ما يلي :
{إن الوضع الاقتصادي في العراق لا يبشر بخير ، دخله وصل إلى 25 مليار دولار ، في عام1988 ولكن صورة الاقتصاد العراقي خلال السبعينيات قد تلاشت ، وحل محلها وضع اقتصادي مظلم ، وخراب واسع في أنحاء البلاد ، وفي ظل الحكومة الحاضرة ، وسياستها الاقتصادية ، فإن الاقتصاد يتحول من سيئ إلى أسوأ ، وإن ذلك يمهد لسياسة عراقية متهورة ،في محاولة للخروج من المأزق الاقتصادي الذي يمر به}. (2)
لقد أصبح العراق بعد حربه مع إيران يملك القوة ، ولكنه في الوقت نفسه يعاني من اقتصاد متدهور ، وديون تثقل كاهله ، وجواره بلدان عربية ضعيفة عسكرياً ولكنها غنية جداً ، تغري ثرواتها أصحاب القوة ، وخاصة بالنسبة إلى بلد مثل العراق ، الذي يحكمه نظام دكتاتوري يقوده رجل كصدام حسين ، هذا الرجل الذي أصابه غرور لا حدّ له ، بعد أن أنتصر في حربه ضد إيران وأصبح لديه جيش جرار ، وترسانة هائلة من أسلحة الدمار الشامل ، والأسلحة التقليدية ، ومصانع حربية متطورة ، ولكنه يفتقد إلى المال لسداد ديونه ، وتعمير ما خربته الحرب ، هذا بالإضافة إلى ما يتطلبه لإدامة جيشه ، ومواصلة تسلحه ، ناهيك عن مشاريع التنمية التي تحتاجها البلاد ، والتي توقفت خلال سنوات الحرب .
ولاشك أن هذه الظروف الاقتصادية الصعبة ، التي خلقها النظام العراقي نتيجة تهوره ، واندفاعه لتنفيذ المخططات الإمبريالية ، بشنه الحرب ضد إيران والتي ظنها نزهة قد تدوم بضعة أسابيع ، أو بضعة اشهر على أبعد الاحتمالات، وأراد لها مخططوها أن تدوم سنوات طوال ، وبقوا يغذونها باستمرار ، تارة يقدمون المساعدات للعراق ، وتارة أخرى لإيران .
وقد أكد هذه الحقيقية وزير الخارجية الأمريكية [هنري كيسنجر] في مذكراته حيث تحدث عن تلك الحرب قائلاً : { أنها الحرب التي أردناها أن تستمر أطول مدة ممكنة ، ولا يخرج منها أحداٌ منتصراً } . (3)
وهكذا كان على الولايات المتحدة أن تساعد الطرفين كي يستمر لهيب الحرب بينهما .
ولابد أن أشير هنا إلى أن العراق ، الذي خاض ثمان سنوات من الحرب ،لم يجابه خلالها نقصاً في السلع الغذائية ، وغيرها من السلع الأخرى ، فقد كانت الأسواق تُملأ كل يوم ، بكل ما يحتاجه البلد ، حيث أغرقت الولايات المتحدة وحلفائها الأسواق بالمواد الغذائية ، والألبسة ، والأجهزة المنزلية كافة ، فقد كان على مشعلي الحرب أن يخففوا ما استطاعوا من التذمر الشعبي من تلك الحرب المجرمة ، التي حصدت أرواح نصف مليون من خيرة شباب العراق ، ورملت عشرات الألوف من النساء ، ويتّمت مئات الألوف من الأطفال ، ومزقت قلوب الآباء والأمهات .
وبسبب تلك الظروف الاقتصادية الصعبة التي سببتها الحرب للعراق بات على صدام أن يفكر في تحقيق موارد جديدة للعراق تعوضه عن خسائر الحرب ، وتفتق ذهنه البليد عن مشروع غزو الكويت وضمه إلى العراق حيث يحقق هدفين كبريين، تمثل الهدف الأول بالاستحواذ على موارد نفط الكويت ، وتمثل الهدف الثاني في الحصول على منفذ واسع على الخليج يمكنه من تصدير نفطه بيسر وسهولة بالإضافة إلى توسيع المنافذ التجارية للعراق .
وهكذا دخل النظام العراقي في نزاع مع الحكومة الكويتية متهماً إياها بالعمل على تخفيض أسعار النفط من خلال زيادة الإنتاج مما سبب إضراراً شديداً بالاقتصاد العراقي المنهك أصلاً ، كما طالب الحكومة الكويتية بالتنازل عن ديونها البالغة 10 مليارات دولار ، وقد رفضت الكويت اتهامات العراق ورفضت التنازل عن ديونها ، وطالبت العراق بتخطيط الحدود بين البلدين .
و بدأت العلاقات بين العراق والكويت تأخذ مجرى خطير ، فالكويت أصرت على مواقفها ، والعراق يمارس الضغوط عليها ويصعد من تهديداته .
حاولت كل من السعودية والأردن التوسط بين الطرفين ، لكن المحاولة لم تثمر ، بل على العكس ظهرت أشياء جديدة أخرى على سطح الأحداث ، فقد أخذ صدام حسين يتحدث عن حمايته لأمن الخليج بحربه مع إيران طيلة 8 سنوات !! ، ودفع العراق ثمناً غالياً من دماء مئات الألوف من أبنائه ، وردت الكويت على دعاوى العراق ، بأنها قد ساعدت العراق حيث قدمت له بعد أسابيع من بداية الحرب قرضاً بمبلغ 5 بلايين دولار ، وأنها كانت تصدر لحساب العراق 125 ألف برميل من النفط يومياً للإيفاء بالتزامات العراق المالية المتعاقد عليها مع الدول الأخرى لغرض التسلح .
أما صدام حسين فقد رد على حكام الكويت قائلاً : (4)
[ إن الأموال هي أرخص تكاليف الحرب ، وإن القرض هو دين علينا أن نرده ، وأن العراق خسر مئات البلابين ، ومئات الألوف من أرواح أبنائه دفاعاً عن الخليج] !!.
وردت حكومة الكويت بأنها هي أيضاً تعرضت لنيران الحرب ، حيث جرى قصف منشآتها النفطية وناقلاتها ،واضطرت لشراء الحماية من الدول الكبرى لناقلاتها .وجاء الرد العراقي متهماً الكويت بأنها لم توافق على إعطائه تسهيلات في جزيرتي[ بوربا ، وبوبيان] وأن الكويت لو فعلت ذلك لاستطاع العراق تحرير الفاو منذ زمن طويل .
وردت حكومة الكويت بأنها لو أعطت تلك التسهيلات للعراق ، لتمسك بها ، ورفض الخروج منها ، ولم يكد صدام حسين يسمع الجواب حتى بادر إلى القول أن الجزيرتين عراقيتان ، وسارع حكام الكويت إلى الرد بأن النظام العراقي بدأ يكشف عن أطماعه في الكويت .
وهكذا تصاعدت لهجة حكام البلدين إلى درجة تنذر بعواقب وخيمة ، فقد اتهم العراق حكام الكويت باستغلال انشغال العراق في الحرب ، للزحف داخل الأراضي العراقية ، وتغير الحدود ، وسرقة نفط حقل الرميلة الجنوبي ، وأن الكويت باعت نفطاً من هذا الحقل ما مقداره[ 2000 مليون دولار ] .
وردت حكومة الكويت بأن العراق يرفض تثبيت الحدود بين البلدين ، وأن له أطماع في الكويت ، وأن ادعاء حكام العراق عن زحف مزعوم للحدود الكويتية تجاه العراق ، وسرقة نفط حقل الرميلة الجنوبي لا أساس له من الصحة . (5)
وفي واقع الحال كان العراق يتهرب دائماً من مسألة تثبيت الحدود بين البلدين ، بشتى الوسائل والأعذار ، مدعياً بأن العراق منشغل في حربه مع إيران ، وأن الوقت غير مناسب للبحث في هذا الموضوع .
وهكذا أخذت الأزمة بين العراق تتعمق ، والمخاطر تتصاعد ، ولاسيما وأن صدام يتميز بالتهور، ويعشق الحروب ، وقد ظهرت أطماعه في الكويت بادية للعيان ورصدت المخابرات الأمريكية تحركات عسكرية عراقية بالقرب من حدود الكويت .
أما الولايات المتحدة فقد كانت تنتظر بفارغ الصبر أن يقدم صدام حسين على مغامرته ، وأوعزت لسفيرتها السيدة[ كلاسبي] لمقابلة صدام ،وكان الهدف من المقابلة إبلاغه بأن الولايات المتحدة لا تنوي التدخل في الخلافات العربية ، وأن على الحكام العرب أن يحلوا مشاكلهم بأنفسهم ، وأرادت الولايات المتحدة بذلك ، أن توصل الإشارة لصدام بأنه حر اليدين في التعامل مع الكويت .
طلبت السفيرة الأمريكية [ كلاسبي ]المقابلة ، وتمت الموافقة عليها في اليوم التالي ، 25 تموز990، وكان لدى صدام حسين شيئاً يريد أن يقوله للرئيس الأمريكي [جورج بوش ] ، قبل إقدامه على غزو الكويت .
لقد أراد أن يبلغ الرئيس بوش ، أن العراق لا ينوي التعرض للمصالح الأمريكية في الخليج ، وبصورة خاصة ، مصالحها النفطية ، لكي يضمن حيادها !!! .
وتمت المقابلة في 25 تموز ، وبدأ صدام حسين الحديث مع السفيرة ، مستعرضاً تطور العلاقات بين العراق ، والولايات المتحدة ، منذُ أن قطعها العراق إثر حرب 5 حزيران عام 1967 ، وحتى إعادتها عام 1980، قبل قيامه بالعدوان على إيران بحوالي الشهرين، وكان صدام حسين خلال حديثه الذي أستغرق 45 دقيقة يعمل جاهداً لتوضيح موقف العراق من الولايات المتحدة ، وضرورة تفهم بعضهم للبعض الأخر ، وداعياً إلى إقامة علاقات جديدة من التعاون ، والثقة المتبادلة والمصالح المشتركة .
كما تحدث صدام حسين عن حربه ضد إيران ، مذكراً الولايات المتحدة أن النظام العراقي هو الذي وقف بوجه المطامع الإيرانية ، ولولا العراق لما استطاعت الولايات المتحدة إيقاف اندفاع حكام إيران نحو دول الخليج !! ، فالولايات المتحدة لا تستطيع تقديم عشرة آلاف قتيل ، في معركة واحدة !! ، لكن العراق قدم أضعاف مضاعفة لهذا الرقم لحماية المصالح الأمريكية في الخليج .(6)
كان لسان حال صدام حسين يقول للسفيرة ، ألم نحارب 8 سنوات نيابة عنكم ، وخدمة لمصالحكم ؟مضحين بأرواح نصف مليون مواطن عراقي ، ذلك أن قيمة الإنسان لدى هذا الدكتاتور المتوحش ، لا تساوي شيئاً .
وبعد استعراض العلاقة الأمريكية العراقية ، أنتقل صدام حسين في حديثه مع السفيرة إلى الوضع الاقتصادي في العراق ، بعد حربه مع إيران قائلاً :
[ إن العراق يواجه اليوم حرباً اقتصادية ، وأن الكويت والإمارات هما أدوات هذه الحرب ، فالدولتان تجاوزتا حصص الإنتاج ، وأغرقتا الأسواق العالمية بالنفط ، بحيث سبب ذلك في تدهور أسعاره ، وبالتالي خسر العراق ما يزيد على [7 بليون دولار سنوياً] ، في وقت هو أحوج ما يكون لها لإعادة إعمار ما خربته الحرب ، والنهوض بمشاريع التنمية ، التي توقفت خلال الحرب ، وأخيراً الديون التي تراكمت على العراق ، أوجبت أن عليه أن يدفع فوائد لتلك الديون بما يتجاوز 7 مليارات دولار سنوياً ، وإن العراق لا يمكن أن يرضى بهذا الوضع ، إنهم يهدفون إلى إذلال شعب العراق . (7)
لقد تناسى صدام أنه قد أذل شعب العراق ،منذ جاء إلى الحكم بانقلاب عسكري ، وجعل من نفسه دكتاتوراً ليس له مثيل في عالم اليوم ،وأشعل الحروب ، وسبب المآسي والويلات لشعبه .