عرض مشاركة مفردة
  #13  
قديم 13-08-2001, 09:26 AM
ميثلوني في الشتات ميثلوني في الشتات غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2001
المشاركات: 2,111
إرسال رسالة عبر  AIM إلى ميثلوني في الشتات
Post

شرعية العمليات الاستشهادية في فلسطين المحتلة
بقلم الدكتور يوسف القرضاوي

تساءل الكثيرون بعد التفجيرات الأخيرة التي تمت في القدس وتل أبيب وعسقلان، وقتل فيها من قتل من الصهاينة، نتيجة العمليات الاستشهادية التي قام بها شباب من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) .. تساءلوا عن حكم هذه العمليات التي يسمونها (انتحارية) هل تعد جهاداً في سبيل الله أو إرهاباً؟ وهل هؤلاء الشباب الذين يضحون بأنفسهم في هذه العمليات يعتبرون شهداء أو يعتبرون منتحرون، لأنهم قتلوا أنفسهم بأيديهم؟ وهل يعتبر عمل هؤلاء من باب الإلقاء باليد في التهلكة الذي نهى عنه القرآن في قوله تعالى: "ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة" البقرة: 195.

وأود أن أقول هنا: إن هذه العمليات تعد من أعظم أنواع الجهاد في سبيل الله وهي من الإرهاب المشروع الذي أشار إليه القرآن، في قوله تعالى: "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم" الأنفال: 60.

وتسمية هذه العمليات (انتحارية) تسمية خاطئة ومضللة، فهي عمليات فدائية بطولية استشهادية، وهي أبعد ما تكون عن الانتحار، ومن يقوم بها أبعد ما يكون عن نفسية المنتحر.

إن المنتحر يقتل نفسه من أجل نفسهعذأع، وهذا يقدم نفسه ضحية من أجل دينه وأمته، والمنتحر إنسان يائس من نفسه ومن روح الله، وهذا المجاهد إنسان كله أمل في روح الله تعالى ورحمته، المنتحر يتخلص من نفسه ومن همومه بقتل نفسه، والمجاهد يقاتل عدو الله وعدوه بهذا السلاح الجديد، الذي وضعه القدر في يد المستضعفين ليقاوموا به جبروت الأقوياء المستكبرين: أن يصبح المجاهد (قنبلة بشرية) تنفجر في مكان معين وزمان معين في أعداء الله والوطن، الذين يقفون عاجزين أمام هذا البطل الشهيد، الذي باع نفسه لله، ووضع رأسه على كفه مبتغياً الشهادة في سبيل الله.

فهؤلاء الشباب الذين يدافعون عن أرضهم – وهي أرض الإسلام- وعن دينهم وعرضهم وأمتهم ليسوا منتحرين، بل أبعد ما يكونون عن الانتحار، وإنما هم شهداء حقاً، بذلوا أرواحهم – وهم راضون – في سبيل الله، ما دامت نياتهم لله، وما داموا مضطرين لهذا الطريق لإرعاب أعداء الله، المصرين على عدوانهم، المغرورون بقوتهم، وبمساندة القوى الكبرى لهم والأمر كما قال الشاعر قديماً:

إذا لم يكن إلا الأسنة مركب

فما حيلة المضطر إلى ركوبها !



وليسوا بمنتحرين، وليسوا بإرهابيين، فهم يقاومون – مقاومة شرعية – من احتل أرضهم وشردهم وشرد أهلهم، واغتصب حقهم، وصادر مستقبلهم، ولا زال يمارس عدوانه عليهم، ودينهم ويفرض عليهم الدفاع عن أنفسهم، ولا يجيز لهم التنازل باختيارهم عن ديارهم، التي هي جزء من دار الإسلام.

ولا يعد عمل هؤلاء الأبطال من الإلقاء باليد إلى التهلكة، كما يتصور بعض البسطاء من الناس، بل هو عمل من أعمال المخاطرة المشروعة والمحمودة في الجهاد يقصد به النكاية في العدو، وقتل بعض أفراده، وقذف الرعب في قلوب الآخرين، وتجرئة المسلمين عليهم.

والمجتمع الصهيوني مجتمع عسكري، رجاله ونساؤه جنود في الجيش، يمكن استدعاؤهم في أي لحظة. وإذا قتل طفل أو شيخ في هذه العمليات، فهو لم يقصد بالقتل، بل عن طريق الخطأ، وبحكم الضرورات الحربية، والضرورات تبيح المحظورات.

ولا بأس أن أسوق هنا ما ذكره الفقهاء في هذا الجانب وما ذكره المفسرون في آية "ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة" البقرة: 195.



ما قاله الجصاص الحنفي:

قال الإمام الجصاص الحنفي في كتابه (أحكام القرآن) في تفسير هذه الآية: قد قيل فيه وجوه:

أحدهما: ما حدثنا محمد بن أبي بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح قال حدثنا بن وهب عن حيوة بن شريح وابن لهيعة بن يزيد بن أبي حبيب عن أسلم أبي عمر أن قال: غزونا بالقسطنطينية وعلى الجماعة عبد الرحمن بن الوليد، والروم ملصقو ظهورهم بحائط المدينة، فحمل رجل على العدو، فقال الناس: مه مه ‌‍! لا إله إلا الله! يلقي بيديه إلى التهلكة! فقال أبو أيوب: إنما نزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار لما نصر الله نبيه وأظهر دينه الإسلام، فقلنا: هلم نقيم في أموالنا ونصلحها، فأنزل الله تعالى "وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة" البقرة: 195.فالإلقاء بالأيدي إلى التهلكة، أن نقيم في أموالنا فنصلحها وندع الجهاد.

قال أبو عمران: فلم يزل أبو أيوب يجاهد في سبيل الله حتى دفن بالقسطنطينية[1]، فأخبر أبو أيوب أن الإلقاء بالأيدي إلى التهلكة هو ترك الجهاد في سبيل الله، وأن الآية في ذلك نزلت، وروي مثله عن ابن عباس وحذيفة والحسن وقتادة ومجاهد والضحاك.

وروي عن البراء بن عازب وعبيدة السلماني: الإلقاء بالأيدي إلى التهلكة هو اليأس من المغفرة بارتكاب المعاصي.

وقيل: هو الإسراف في الإنفاق حتى لا يجد ما يأكل ويشرب فيتلف.

وقيل: هو أن يقتحم الحرب من غير نكاية في العدو، وهو الذي تأوله القوم الذي أنكر عليهم أبو أيوب وأخبر فيه بالسبب، وليس يمتنع أن يكون جميع هذه المعاني مرادة، بالآية لاحتمال اللفظ لها، وجواز اجتماعهما من غير تضاد ولا تناف..

فأما حمله على الرجل الواحد يحمل على حلبة العدو، فإن محمد بن الحسن ذكر في السير الكبير: أن رجلاً لو حمل على ألف رجل، وهو وحده لم يكن بذلك بأس، إذا يطمع في نجاة، أو نكاية، فإن كان لا يطمع في نجاة ولا نكاية، فإني أكره له ذلك، لأنه عرض نفسه للتلف من غير منفعة للمسلمين، فإن كان لا يطمع في أي نجاة ولا نكاية ولكنه يجرئ المسلمين بذلك، حتى يفعلوا مثل ما فعل، فيقتلون وينكون العدو فلا بأس بذلك إن شاء الله، لأنه لو كان طمع من النكاية في العدو ولا يطمع في النجاة، لم أر بأساً أن يحمل عليهم، فكذلك إذا طمع أن ينكى غيره فيهم بحملته عليهم فلا بأس بذلك، وأرجو أن يكون فيه مأجوراً، وإنما يكره له ذلك: إذا كان لا منفعة فيه على وجه من الوجوه، وإن كان لا يطمع في نجاة ولا نكاية، ولكنه مما يرهب العدو، فلا بأس بذلك لأن هذا أفضل النكاية، وفيه منفعة للمسلمين.

قال الجصاص: والذي قال محمد من هذه الوجوه صحيح لا يجوز غيره، وعلى هذه المعاني يحمل تأويل من تأوَّل في حديث أبي أيوب أنه ألقى بيديه إلى التهلكة يحمله على العدو، إذ لم يكن عندهم في ذلك منفعة، وإذا كان كذلك فلا ينبغي أن يتلف نفسه من غير منفعة على الدين ولا على المسلمين، فأما إذا كان في تلف نفسه منفعة عائدة على الدين، فهذا مقام شريف مدح الله به أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: "إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون" التوبة: 111، وقال "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون" آل عمران: 169، " ومن الناس من يشري[2] نفسه ابتغاء مرضاة الله"البقرة: 207، في نظائر ذلك من الآيات التي مدح الله فيها من بذل نفسه لله.

قال: وعلى ذلك ينبغي أن يكون حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أنه متى رجا نفعاً في الدين، فبذل نفسه فيه حتى قتل كان في أعلى درجات الشهداء قال الله تعالى: "وأمر بالمعروف وانه عن المنكر وصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور" لقمان:17، وقد روى عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أفضل الشهداء حمزة بن عبد المطلب، ورجل تكلم بكلمة حق عند سلطان جائر فقتله"[3]. وروى أبو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر"[4]، وذكر الجصاص هنا حديث أبي هريرة مرفوعاً: "شر ما في الرجل شح هالع وجبن خالع"[5] قال: وذم الجبن يوجب مدح الإقدام والشجاعة فيما يعود نفعه على الدين وإن أيقن فيه بالتلف، والله تعلى أعلم بالصواب.[6]


ما قاله القرطبي المالكي:

وقال الإمام القرطبي المالكي في تفسيره: اختلف العلماء في اقتحام الرجل في الحرب وحمله على العدو وحده، فقال القاسم بن مخيرة والقاسم بن محمد وعبد الملك من علمائنا: لا بأس أن يحمل الرجل وحده على الجيش العظيم إذا كان فيه قوة، وكان لله بنية خالصة، إن لم تكن فيه قوة فذلك من التهلكة.

وقيل: إذا طلب الشهادة وخلصت النية فيحمل، لأن مقصوده واحد منهم، وذلك بيّن في قوله تعالى: "ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله".

وقال ابن خويز منداد: فأما أن يحمل الرجل على مائة، أو على جملة العسكر، أو جماعة اللصوص المحاربين والخوارج، فلذلك حالتان: ن علم وغلب على ظنه أنه سيقتل من حمله عليه وينجو فحسن، وكذلك لو علم أو غلب على ظنه أن يقتل، ولكن سينكي نكاية، أو سيُبلى، أو يؤثر أثراً ينتفع به المسلمون فجائز أيضاً، وقد بلغني أن عسكر المسلمين لما لقي الفرس نفرت خيل المسلمين من الفيلة، فعمد رجل منهم، فصنع فيلاً من طين وأنس به فرسه حتى ألفه، فلما أصبح لم ينفر فرسه من الفيل، فحمل على الفيل الذي كان يقدمها، قيل له: "أنه قاتلك. فقال: لا ضير أن أقتل ويفتح للمسلمين! وكذلك يوم اليمامة لما تحصنت بنو حنيفة بالحديقة، قال رجل من المسلمين: ضعوني في الحجفة[7] وألقوني إليهم، ففعلوا وقاتلهم وحده حتى فتح الباب.

قال القرطبي: ومن هذا ما روي أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم أرأيت إن قتلت في سبيل الله صابراً محتسباً؟ قال: (فلك الجنة) فانغمس في العدو حتى قتل [8]، وفي صحيح مسلم عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفرد يوم أحد في سبعة من الأنصار ورجلين من قريش، فلما رهقوه[9] قال: "من يردهم عنا وله الجنة؟".

فتقدم رجل من الأنصار فقاتل حتى قتل، فلم يزل كذلك حتى قتل السبعة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم " ما أنصفنا أصحابنا" هكذا الرواية (أنصفْنا) بسكون الفاء (أصحابنا) بفتح الباء، أي لم ندلهم للقتال حتى قتلوا، وروي بفتح الفاء ورفع الباء، ووجههما أنها ترجع لمن فر عنه من أصحابه والله أعلم. ثم ذكر القرطبي كلمة محمد بن الحسن: لو حمل رجل واحد على ألف رجل من المشركين وهو وحده، لم يكن بذلك بأس إذا كان يطمع في نجاة أو نكاية في العدو، فإن لم يكن كذلك فهو مكروه، لأنه عرض نفسه للتلف في غر منفعة المسلمين[10]… الخ.



ما قاله الرازي الشافعي:

وقال الإمام الرازي الشافعي في تفسيره: المراد من قوله "ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة"أي لا تقتحموا في الحرب بحيث لا ترجون النفع، ولا يكون لكم فدية إلا قتل أنفسكم، فإن ذلك لا يحل، وإنما يجب أن يقتحم إذا طمع في النكاية، وإن خاف القتل، فأما إذا كان آيساً من النكاية وكان الأغلب أنه مقتول، فليس له أن يقدم عليه، وهذا الوجه منقول عن البراء بن عازب، ونقل عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال في هذه الآية: هو الرجل يستقل بين الصفين، قال الرازي: ومن الناس من طعن في هذا التأويل وقال: هذا القتل غير محرم واحتج عليه بوجوه.

الأول: روي أن رجلاً من المهاجرين حمل على صف العدو فصاح به الناس: ألقى بيده إلى التهلكة! فقال أبو أيوب الأنصاري: نحن أعلم بهذه الآية وإنما نزلت فينا .. وذكر خلاصة ما حكاه الجصاص في سبب نزول الآية.

والثاني: روى الشافعي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر الجنة، فقال له رجل من الأنصار، أرأيت يا رسول الله إن قتلت صابراً محتسباً؟ قال صلى الله عليه وسلم: لك الجنة. فانغمس في جماعة العدو فقتلوه بين يدي رسول الله، وإن رجلاً من الأنصار ألقى درعاً كانت عليه حين ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الجنة ثم انغمس في العدو فقتله.

والثالث: روي أن رجلاً من الأنصار تخلف عن بني معاية، فرأى الطير عطوفاً على من قتل من أصحابه، فقال بعض من معه: سأتقدم إلى العدو فيقتلونني، ولا أتخلف عن مشهد قتل فيه أصحابي، ففعل ذلك فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال فيه قولاً حسناً.

والرابع: روي أن قوماً حاصروا حصناً، فقاتل رجل حتى قتل، فقيل: ألقى بيده إلى التهلكة، فبلغ عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: كذبوا أليس يقول الله تعالى "ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله ولمن نصر ذلك التأويل أن يجيب عن هذه الوجوه فيقول: إنا إنما حرمنا إلقاء النفس في صف العدو إذا لم يتوقع إيقاع نكاية فيهم، فأما إذا توقع فنحن نجوز ذلك[11].

ما قاله ابن كثير والطبري:

روى الحافظ ابن كثير أن رجلاً قال للبراء بن عازب الأنصاري: إن حملت على العدو فقتلوني: أكنت ألقيت بيدي إلى التهلكة؟ قال: لا، قال الله لرسوله "فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلى نفسك" وإنما هذه في النفقة، أي في ترك النفقة في الجهاد[12].

وروى الإمام الطبري بسنده في تفسيره عن أبي اسحق السبيعي قال: قلت للبراء بن عازب (الصحابي): يا أبا عمارة، الرجل يلقى ألفاً من العدو، فيحمل عليهم، وإنما هو وحده (يعني: أنه مقتول في العادة لا محالة) أيكون ممن قال الله تعالى فيهم: "ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة"؟ فقال: لا، ليقاتل حتى يقتل، قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم "فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك" النساء: 84.



ما قاله ابن تيمية:

وذكر نحو ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في فتواه المشهورة في قتال التتار، مستدلاً بما روى مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم من قصة أصحاب الأخدود، وفيها أن الغلام أمر بقتل نفسه، لأجل مصلحة ظهور الدين (حين طلب إليهم أن يرموه بالسهم ويقولوا: باسم الله رب الغلام) قال: ولهذا جوز الأئمة الأربعة أن ينغمس المسلم في صف الكفار، وإن غلب على ظنه أنهم يقتلونه، إذا كان في ذلك مصلحة للمسلمين. وقد بسطنا القول في هذه المسألة في موضع آخر[13].



ما قاله الشوكاني:

وقال الإمام الشوكاني في تفسيره (فتح القدير): والحق أن الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فكل ما صدق عليه أنه تهلكة في الدين أو في الدنيا، فهو داخل في هذا، ومن جملة ما يدخل تحت الآية: أن يقتحم الرجل في الحرب فيحمل على الجيش، مع عدم قدرته على التخلص، وعدم تأثيره لأثر ينفع المجاهدين[14].

ما قاله صاحب تفسير المنار:

وفي عصرنا قال العلامة رشيد رضا في تفسير المنار: "ويدخل في النهي: النطوح في الحرب بغير علم بالطرق الحربية، التي يعرفها العدو، كما يدخل فيه كل مخاطرة غير مشروعة، بأن تكون لاتباع الهوى لا لنصر الحق وتأييده[15]".

ومفهوم هذا أن المخاطرة المشروعة المحسوبة التي يرجى بها إرهاب عدو الله وعدونا، ويُبتغى فيها نصر الحق لا اتباع الهوى، لا تكون من الإلقاء باليد إلى التهلكة.



أعتقد أن الحق قد تبين، وتبين الصبح لذي العينين، وأن هذه الأقوال كلها ترد على أولئك المتطاولين، الذين اتهموا الفتية الذين آمنوا بربهم وزادهم هدى، والذين باعوا أنفسهم لله، وقتلوا في سبيله بأنهم قد انتحروا، وألقوا بأيديهم إلى التهلكة. فهم – إن شاء الله – في طليعة الشهداء عند الله، وهم العنصر الحي المعبر عن حيوية الأمة، وإصرارها على المقاومة وأنها حية لا تموت، باقية لا تزول.

كل ما نطلبه هنا: أن تكون هذه العمليات الاستشهادية بعد دراسة وموازنة لإيجابياتها وسلبياتها، وينبغي ن يتم ذلك عن طريق تفكير جماعي من مسلمين ثقات. فإذا وجدوا الخير في الإقدام أقدموا وتوكلوا على الله "ومن يتوكل على الله فإن الله عزيز حكيم" الأنفال: 49.





--------------------------------------------------------------------------------

[1] الحديث نسبه ابن كثير في تفسير إلى أبي داود والترمذي والنسائي وأبي يعلى وابن حيان في صحيحه والحاكم على شرط الشيخين وغيرهم. أنظر: ابن كثير (228/1،229) ط. الحلبي.

[2] يشري أي يبيع,

[3] رواه الحاكم وصححه في حديث جابر، واعترضه الذهبي، وصححه الألباني من طريق رواها الخطيب في تاريخ، الصحيحة (374) بلفظ: "سيد الشهداء حمزة، ورجل قام إلى إمام جائر، فأمره ونهاه فقتله".

[4] رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه عن عطية العوفي وقال الترمذي: حسن غريب، كما رواه النسائي بإسناد صحيح – كما قال المنذري – عن طارق بن شهاب . المنتقى (1364).

[5] رواه أبو داود (2511) وأحمد (7977) وصححه الشيخ شاكر، وابن حبان في صحيحه.

[6] أحكام القرآن لأبي بكر الجصاص (262/1،263).

[7] الحجفة: الترس يتخذ من الجلود، وقائل هذا هو البراء بن مالك، كما في تاريخ الطبري.

[8] أخرجه مسلم في الجهاد باب غزوة أحد +1415/3) رقم (1789).

[9] رهقه: غشيه وضيق عليه. النهاية (283 /2).

[10] تفسير القرطبي .. (363/ 3) دار الكتب المصرية.

[11] تفسير الفخر الرازي (148/2)

[12] تفسير ابن كثير (229/1) طبعة الحلبي.

[13] أنظر مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (540/28.

[14] فتح القدير للشوكاني (262/1) طبعة دار الوفاء بمصر.

[15] تفسير المنار (213/2).
عن http://www.palestine-info.net/arabic...t/qaradawi.htm
__________________
الشعب الذي يرفض دفع ضريبة عزه من دماء خيرة أبنائه يدفع أضعاف أضعافها ضريبة لذله من دماء كل أبنائه