عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 14-05-2005, 12:48 PM
تيمور111 تيمور111 غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2005
المشاركات: 822
إفتراضي

الأسلوب الثانى: والذى ما زال معمولا به حتى وقت قريب هو منح قروض لكبار عملاء البنوك فى مصر بالنقد الأجنبى، وهو عرف غير معهود فى العمل المصرفى المحترم، حيث تقوم البنوك عادة بتوفير الائتمان بالعملة الأجنبية للعملاء بشرط أما تغطية العميل لقيمتها بالنقد المحلى ووفقا لصفقات معلومة لها أوراقها ومستنداتها غير المشكوك فى صدقها أو تتولى البنوك بنفسها التسديد عن العميل لصالح جهات أخرى وفقا لما يسمى الاعتماد المستندى . وقد أدى الأسلوب الذى كانت تتبعه البنوك المصرية طوال عقدى الثمانينات والتسعينات إلى إهدار جانب كبير من حصيلتها من النقد الأجنبى لصالح عدد من العملاء ولغير المصلحة العامة.
الأسلوب الثالث: ما يسمى مستندات التحصيل لتغطية عمليات استيراد بعض عملاء البنوك لوارداتهم من الخارج، حيث تقوم البنوك فى مصر بسداد فواتير العميل لدى الموردين الأجانب دون السؤال أو المناقشة، وغالبا ما كانت هذه أحدى الوسائل الأكثر شيوعا لتهريب الأموال الأجنبية الى الخارج، حيث غالبا ما يكون هناك أتفاق مسبق بين عميل البنك المصرى وبين بعض الموردين بالخارج على إرسال تلك المستندات والمغالاة فى قيمتها مقابل عمولة يحصل عليها المورد الأجنبى من عميله المصرى، ولعلنا نتذكر أنه حينما أصدر محافظ البنك المركزى السابق د. محمود أبو العيون قرارا فى عام 2001 يقضى بإلغاء هذا النظام والاستعاضة عنه بنظام الاعتماد المستندى قامت الدنيا ولم تقعد، وفى خلال أقل من 24 ساعة ألغى هذا القرار بأمر مباشر من الرئيس مبارك وتحت توصية من رئيس وزرائه عاطف عبيد، وكانت تلك هى أحد الأسباب الجوهرية فى إقالة الرجل الذى لم يستمر فى منصبة سوى أقل من عام، لأنه تجرأ ومس مصالح كبار رجال المال والأعمال وأقدم على سد منفذ لتهريب النقد الأجنبى تحت سمع وبصر السلطات النقدية.
الأسلوب الرابع: حيث كان يجرى ترك المصدرين المصريين يحتفظون بحصيلة صادراتهم بالنقد الأجنبى سواء فى حساباتهم فى بنوك الخارج أو فى البنوك المحلية بحجة السماح لهم بمرونة أكبر فى التعامل بمواردهم من النقد الأجنبى، وكان هذا هو إحدى الوسائل أيضا لتهريب النقد الأجنبى، وقد عدلت الحكومة عن هذا النظام عام 2003 لسنة 2003 الذى ألزم فيه جميع الأفراد والهيئات والوزارات بتحويل 56% من حصيلة تعاملاتهم بالخارج بالنقد الأجنبى إلى البنوك المصرية للمساهمة فى زيادة موارد الدولة من النقد الأجنبى بعد أن انهار الجنية المصرى وفقد أكثر من 001% من قيمته خلال أقل من ثلاث سنوات بسبب سياساته الرعناء تلك والتى كانت تلبى مصالح أصحاب المصالح.
وحتى نتعرف على حجم الكارثة نشير الى حقيقة أن واردات القطاع الخاص المصرى المسجلة رسميا خلال 7 سنوات فحسب 1986 -1993 بلغت 56.1 مليار جنيه، ولكن أثناء أزمة دول جنوب شرق آسيا فى عام 1997 وخلال 3 سنوات فقط 1997 -1999 قفز الرقم الى 80 مليار جنيه، بعضها كانت واردات حقيقية وبعضها الأخر كان مزيفا عبر ما يسمى مستندات التحصيل مما أدى فى النهاية إلى تهريب أكثر من 6 مليار دولار فى أقل من ثلاث سنوات وتدهور بسببها موقف الجنية المصرى وبالتالى ارتفعت الأسعار فى الداخل وأكتوى ملايين الفقراء من جراء تلاعب المسئولين والتحالف الحاكم بمصالح الوطن والمواطنين.
ثانيا: آلية الخصخصة وعمليات النهب المنظمة للأصول العامة
الآلية الثانية التى أسست وشيدت نظاما كاملا من الفساد المالى والأخلاقى عبر تحالف رجال المال فى الداخل والخارج مع رجال الحكم والإدارة والعسكريين هو ما يسمى برنامج الخصخصة الذى بدأ العمل به عام 1991، فتشكلت على أثره شبكات من المافيا المحلية متعاونة مع جماعات صهيونية لتفكيك القطاع العام الذى تحمل وحده سنوات الجمر ومواجهة العدوان الإسرائيلى فى يونيه عام 1967.
فحكومة بدون أصول إنتاجية تملكها، تصبح أضعف فى مواجهة التحديات الإقليمية والدولية، وقطاع خاص محلى متحالف مع رأس مال دولى متعاطف فى إطاره العام مع إسرائيل يعنى وجود قوى اجتماعية تملك مفاتيح القرار الاقتصادى والسياسى ستكون أحرص على تدعيم أواصر ما يسمى بلغة الولايات المتحدة وإسرائيل بالاستقرار والانكفاء فى الداخل.
وقد جرت عمليات نهب المال العام وإهدار الأصول الإنتاجية الحكومية فى عهد الرئيس مبارك من خلال انتهاج ثلاثة وسائل متكاملة هى:
الأول: تقييم الأصول الإنتاجية بأقل من قيمتها السوقية الحقيقية.
الثانى: تمويل عمليات شراء هذه الأصول من خلال الاقتراض من البنوك المحلية وبضمان عقد البيع والشراء ن حيث تبين أن حوالى 40% إلى 50% من صفقات بيع الشركات العامة تمت بتمويل من البنوك المصرية، أى أنهم لم يجذبوا استثمارات أجنبية جديدة، فالشراء تم من خلال أموال صغار المودعين والبنوك المحلية والأصول انتقلت من يد الدولة الى أيدى الجماعات الجديدة.
الثالثة: تسقيع الأراضى التابعة لهذه الشركات وبيعها أو البناء فوقها لأبراج وفنادق، مقابل عمولات وسمسرة ورشاوى لكبار رجالات الدولة وأبنائهم والوسطاء.
ومن يراجع الأصول الثابتة لكثير من الشركات العامة التى بيعت بأرخص الأثمان، يجد من بينها أراضى تقع فى مناطق داخل المدن، بما مكن المشترين من الحصول على ثمن الصفقة أو معظمها من خلال وضع اليد على تلك الأراضى الفضاء التابعة لتلك الشركات.
أعطيكم بعض الأرقام الرسمية التى تكشف جرائم عمليات البيع تلك، فحينما شرعوا فى تقييم أصول شركات القطاع العام الثلاثمائة والثمانين فى عام 1991 وبمعرفة مكاتب وشركات تقييم أمريكية وغربية قدروا أصولها بنحو 100 مليار جنيه، وبعد مرور أكثر من عشر سنوات على تطبيق برنامج الخصخصة، باعوا نصف هذه الشركات 194 شركة بمبلغ لا يزيد على 16.6 مليار جنية، أى أن إجمالى عمليات البيع بعد اكتمالها لن تتجاوز 35 مليار جنية.. فأين ذهب الباقى؟ ولمصلحة من؟ وما علاقتهم برجال الحكم وأبنائهم؟
كل هذه السياسات _ يا سيدى _ قد أدت الى نتائج وخيمة على البلاد والعباد وعلى مستقبل الأجيال الجديدة التى فقدت الأمل بالمستقبل ونذكر هنا على سبيل المثال لا الحصر:
1- تقديرات الدخل القومى والناتج المحلى الأجمالى والبالغة حوالى 390 مليار جنيه لم تعد تعبر عن حقيقة هذا الدخل أو الناتج، حيث لا تشكل فى الحقيقة سوى نصف أو ثلث الدخل الحقيقى بسبب انتشار الأنشطة السوداء أو ما يسمى الاقتصاد الخفى والأنشطة غير المشروعة التقليدية مثل تجارة المخدرات والسلع المهربة وتجارة البغاء والدعارة مرورا بتعاطى الرشاوى فى معظم الخدمات الحكومية الصحية والتعليمية الدروس الخصوصية وخدمات الشرطة وأقسام البوليس، وانتهاء بدخول الظل shadow income للموظفين الذين يعملون أثناء وبعد مواعيد العمل الرسمية.
2- تفشى حالات البطالة بين الشباب، حيث يزيد عدد العاطلين لدينا حاليا على 6 ملايين شاب وفتاة يلجأ الكثيرون منهم الى العمل فى الشوارع كمندوبى مبيعات لسلع رديئة ويجلس مئات الآلاف منهم على المقاهى، بما يخلقه كل هذا من بيئة مواتية للانحراف الأخلاقى لدى الفتيات والشباب.
3- من نتائج سياستكم كذلك خلق لغم مالى داخل الاقتصاد المصرى، يهدد فى كل لحظة بانهيار النظام المالى كله إلا وهو الدين المحلى الذى قارب على 420 مليار جنية أى ما يعادل 106% من الناتج المحلى الإجمالى يستقطع بدوره نحو 25% من إجمالى استخدامات الموازنة العامة سنويا، هذا بخلاف الدين الأجنبى الذى زاد على 28 مليار دولار أى نحو 172 مليار جنيه مصرى .
4- انتشار الفساد والرشاوى والمحسوبية فى عهد الرئيس مبارك، بحيث أصبح حديث كل إنسان فى مصر وخارجها، وعادت راية أهل الثقة على حساب أهل الخبرة والعلم تطل بوضوح فى شغل المناصب العامة والوزارية، خاصة مع صعود وتنامى نفوذ نجلكم جمال وما تسمى لجنة السياسات ومعظم الوزراء الذين جرى تعيينهم فى التشكيل الوزارى الأخير كشفت تجربة الشهور المنصرمة عن ضعف كفاءتهم وقلة خبراتهم. 5- تحول البلاد الى معسكر اعتقال رهيب، وتوحشت فيه أجهزة الأمن، يكفى أن نشير الى أنه خلال الأحد عشر عاما الماضية 91/1992 _ 2001/2002 حصلت وزارة الداخلية وحدها على أكثر من 35 مليار جنيه، وإذا أضفنا إليها وزارة الدفاع التى حصلت بدورها على نحو 100 مليار جنيه فان الصورة تبدو واضحة بشأن نمط الأوليات، فماذا يبقى للتعليم والصحة، ناهيك عن عمليات التعذيب الإجرامية التى تجرى على مرأى ومسمع من الجميع فى أقسام الشرطة والسجون والمعتقلات.
6- والأهم أن هذه السياسات التى أنتهجها الرئيس مبارك طوال ربع القرن الماضى قد فرطت فى أمننا القومى، حينما لم تحرك ساكنا عندما نجحت إسرائيل فى إطلاق أول قمر صناعى للتجسس عام 1988 أفق واحد 9 واستتبعتها بإطلاق أكثر من 6 أقمار صناعية للتجسس طوال السنوات الخمسة عشر اللاحقة ترصد كل شاردة وواردة فى المنطقة فلم يتحرك هذا الرئيس ومؤسسته العسكرية التى أصبحت فعليا رهينة المعونة السنوية الأمريكية والسلاح الأمريكى الأقل إمكانية مما لدى إسرائيل والمحكوم فى قطع غياره وخدمات صيانته بكل اعتبارات السياسة الأمريكية وأمن إسرائى بالتالى.
7- ثم أخيرا وليس آخرا، لقد حولت سياسات الرئيس مبارك مصر الى مجرد سمسار إقليمى تؤدى أدوار الخدم المطلوبة منها أمريكيا _ ومن ثم إسرائيليا _ حدث هذا فى موضوع أمن غزة وفى العراق وفى استجواب الأسرى العرب والمسلمين لدى الأمريكيين الذى تتولى بعقود وكالة من الباطن أجهزة أمن الدولة والمخابرات العامة، وانتهاء باتفاقية الكويز.
هذا بعض من ملامح نتائج الرئيس مبارك.. فهل يبقى لدى مصرى واحد مخلص لهذا الوطن فلا شك فى ضرورة القول للرجل.. كفاية.