عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 17-10-2003, 12:13 PM
النحلة النحلة غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2003
المشاركات: 89
إفتراضي

متابعة الموضوع


الإن المسلم يا "فندى" سواء كان سُنى أو شيعى أو حتى كردى لا يمكن أن يُسلم ويرضى بالإحتلال ـ قد تسلم دول مثل اليابان أو ألمانيا أو غيرهما إذا وقعت تحت قهر حربى ـ وهذا ما حدث لهما بالفعل ، لكن المسلم فى أى مكان لا يُسلم للإحتلال أبدًا ولا يخضع مواقفه القتالية للحسابات المادية أو المعدات العسكرية ، وانما يؤمن بالوعد الإلهى المتمثل فى النصر أو الشهادة ، ولذلك فإن قضايا الإسلام لا تموت بالتقادم أو القهر أو دوام الإحتلال مهما طال الزمن ومهما اختلفت الموازين ، وها هى فلسطين ماثلة للعيان والشيشان وأفغانستان والعراق ولبنان ... كل قضايانا حاضرة وغير مغيبة ولنا موعد لن يخلفه الله أبدًا ، ولقد أدرك المجاهد صدام حسين ذلك واستطاع بقدرات فائقة أن يتحول من معركة إلى معركة وأن يفرض أسلوبه القتالى على أرض المعركة مما يتناسب مع قدراته وقواته .. لقد استطاع أن ينتقل بسلاسة من حرب فـُرضت عليه إلى حرب خطط لها وفرضها على عدوه تدور رحاها الآن فى كل شوارع العراق بعد أن استطاع تحييد نيران الأسلحة الثقيلة والصواريخ المدمرة والطائرات القاذفة وجعل الحرب حرب فروسية ورجولة وليست حرب الكترونية وزرائر .
إن النظام العراقى سيظل صاحب الفضل بعد الله تعالى فى تلك المقاومة الباسلة التى وفر لها كل عناصر النجاح والتحدى من أسلحة أحسن توزيعها وأحسن تنويعها وجعلها فى متناول كل عراقى ، وستتساند المقاومة العراقية على اختلاف فصائلها ، وسيكون للمقاومة الإسلامية هناك اليد العليا فى تحرير العراق ، ومن الاجحاف وسوء النية والتقدير أن نفصل ما بين مقاومة ومقاومة ، فأفراد القوات المسلحة العراقية من الشعب ، والمقاومة الإسلامية من الشعب ، والسنه والشيعه من الشعب ، والجميع لا يبحث إلا عن اراقة الدم الأمريكى والبريطانى وكل دم يساندهم مهما كانت جنسيته .
ومازال فى الجعبة العراقية الكثير وسوف يشرح الله صدور المؤمنين ، ولسوف يسجل التاريخ أن صدام حسين كان واحدًا من أهم قادة المسلمين الذين واجهوا العلو الأمريكى بعلو الإيمان ، وقابل البطش الأمريكى بثبات ورجولة رغم خيانات الداخل والخارج وكيد العملاء ، والرجل يفعل كل ما فى وسعه ومازال ثابتـًا رغم اشتداد البلاء وسقوط الأعوان من حوله عن طريق الخونه فى الشمال أعضاء الاتحاد الوطنى الكردستانى ممن أوقعوا بالمجاهد طه ياسين رمضان وأسلموه للأمريكان وهو المسلم المجاهد وهم الكفرة الفجرة .
صبرًا يا صدام .. فكلما ضاقت حلقاتها فرجت ، وكلما اشتد سواد الليل اقترب الفجر ، وعلى المؤمن الحق ـ وأنت مؤمن ولا نزكيك على الله ـ أن يفعل ما عليه ولا ينظر للنتائج .. عليه أن يفعل ما يأمره الله به لا ما تأمره أمريكا ، أما النتائج فهى فى علم الله ولا علاقة للإنسان بها .. إنها من تدبير الخالق وتقديره ، وقد يجتهد القائد ويجنى غيره الثمار .. فعلها عبد الناصر وفاز بها السادات ، وحتى لو استشهد صدام فإنه سوف يترك شعبه بين المدفع والصاروخ وليس بين الدف والمزمار ...
عندما قلت فى مقال سابق أن الذى حدث لجمال عبد الناصر فى أعقاب نكسة 67 هو ما يحدث الآن بالضبط للمجاهد صدام حسين من قذف وتشهير وسخرية واستهزاء من سفلة الأمة وأعداء الحرية .. عندما قلت ذلك كنت أقصد توضيح دور العملاء ممن يعيشون بيننا ويأكلون من خيرنا وينهشون فى لحمنا .. قصدت توضيح أن القيادة القوية أمر غير مسموح به على الإطلاق فى منطقتنا العربية ، وقصدت أيضًا أن أمريكا بكل جبروتها واستكبارها تظل عاجزة عن تحقيق أهدافها اذا ما فقدت عملاء الداخل وخونة الأمة .
وحتى تكتمل الصورة أكثر لابد أن نكون منصفين ونعترف بأن ما لاقاه صدام حسين يفوق بكثير ما لاقاه عبد الناصر ، ولا أبالغ إن قلت انه لا يوجد حاكم فى العالم كان بإمكانه أن يحافظ على وحدة بلاده وتماسك شعبه فى ظل تلك الأوضاع المستحيلة التى مرت على صدام وعاشرها العراق .
عبد الناصر بعد السقوط فى 67 وجد العرب جميعًا معه ، وفى مؤتمر الخرطوم الذى أعقب النكسة تبنى الوطن العربى كله اللاءات الثلاث الشهيرة ( لا صلح ولا تفاوض ولا اعتراف بإسرائيل ) أى أنه لا مكاسب لإسرائيل فى ظل أى انتصار ... عبد الناصر أيضًا وجد الشعب كله بعد النكسة يلتف من حوله ويردد فى صوت واحد ( قم واسمعها من أعماقى فا أنا الشعب .. قم واسمعها فا أنت الباقى لمنى الشعب .. قم للشعب وجدد أمله .. قم للشعب وبدد يأسه ..... ) عبد الناصر أيضًا وجد من يمده بالسلاح ويدربه عليه وينقله إليه ويأخذ بيده من الهزيمة إلى الصمود والتحدى والمقاومة والردع ثم القدرة على القتال والمناورة ، وفى بضع سنين أزيلت آثار النكسة وانتصر الجيش المصرى فى معركة العبور ورد الاعتبار فى أقل من ست سنوات ... عبد الناصر كان له إعلام رائد وعلى أعلى مستويات الوطنية ووزراء عمالقة كانوا على أعلى درجات تحمل المسئولية ، وكان له صوت مسموع يخلو معه الطريق من الماره ، ويجلس له العدو ـ قبل الصديق ـ ليسمعه ألف مرة ...
أما صدام حسين فكلنا نعلم الحصار الذى ضرب عليه قبل النزال وبعد النزال وخيانات الداخل والخارج وحكام العرب وحرمانه من المساعدة والمساندة وحصاره وتهميشه ورفضه واستنكاره .. ورغم كل ذلك صبر واحتسب وقاوم وجاهد ومازال فى الميدان حتى الآن ...
عبدا الناصر لم يفقد أولاده فى حرب 67 .. صدام قدمهم شهداء على أرض الرافدين ... هى ليست مقارنة ، وإن كانت فهى مقارنة بين العظماء تفوق فيها صدام حسين على أفضل حكام العرب على الاطلاق وأكثرهم وطنية واستقلالية ورجولة وشهامة رغم تحفظنا على بعض مواقفه .
تلك كانت ولازالت منزلة ومكانة صدام حسين .. صدام الذى أعجز أمريكا حاكمًا وأعجزها مجاهدًا وأعجزها وهى بعيدة عنه بقدر ما أعجزها وهى قريبة منه ..
اليوم يلقنها كل صباح درسًا من دروس المقاومة ويتركها بعد كل عملية لتخلى بالهليكوبتر بقايا نكستها وآثار وكستها .. لتنتظر من جديد درس جديد فى صباح يوم جديد .
هذا هو صدام حسين ، وهذا هو العراق الذى سيظل هَم كل مؤمن وغاية كل مجاهد .. العراق البلد العظيم الذى ظلمناه كثيرًا قبل الاحتلال وبعد الاحتلال .. هذا الجزء الغالى من الجسد العربى والإسلامى الذى حرمناه كثيرًا من الدواء والغذاء وحسن التحاور والتواصل من أجل حفنة أوباش يتزعمها شيطان أفسد علينا الحياة وأنسانا حق الجوار ونعمة التراحم وتعاليم الإسلام .
لم ينجو حاكم عربى من سقوطه فى الفخ الأمريكى .. سقطوا جميعًا وابتعدوا عن الصراط المستقيم واقتربوا من المغضوب عليهم والضالين وعاشوا مذبذبين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ، فأمريكا رغم كل خدماتهم لها تعتبرهم خونه وعملاء لا يمكن الوثوق فيهم ، وشعوبهم بعد كل ما فعلوه تعلم أنهم ليسوا أكثر من جواسيس وخونه .
جافينا العراق طويلاً وصافينا اليهود كثيرًا .. ساعدنا الظالم وضربنا على يد المظلوم ... ظلمنا العراق ظلمًا لم يعرفه أحد فى العالمين ، ونافقنا أمراء البترول كما لم ينافقهم أحد فى الأولين والآخرين .. أمراء الكويت الذين جلبوا إلينا العار وآتوا بالعدو حتى الديار .. ينام الخائن منهم مليًا .. ويطعم الخونه خير الكويت ، والمجاهدون فى العراق وفلسطين لا يجدوا القتات :
تموت الأسد فى الغابات جوعًا ولحم الضأن يُرمى للكـلاب
وذو جهل ينام على حريـــــــر وذو علم ينام على التـــراب
إن الخيانة هى أحط صفة يمكن أن يوصف بها الإنسان ، والخيانة هى الشئ الوحيد الذى لم يكن فى حساب القيادة العراقية ... خيانة الأنظمة العربية الحاكمة التى توغلت فى الخيانة إلى أبعد مدى ، وخيانة عملاء أمريكا من العراقيين المغتربين ، وخيانة الأكراد المسلمين ، وخيانة بعض القادة العسكريين ... وكلها كما نرى ظلمات تراكم بعضها فوق بعض وشكلت أكبر تحدى يواجه كل شرفاء الأمة ..
إن لم تبكى الشعوب العربية على صدام فلسوف يأتى اليوم الذى يبكى عليه الحكام دماء ، بعد أن يشربوا من الذل الأمريكى والبول الإسرائيلى ما يكفيهم ، ويلعقوا أحذية المستعمر الذى ساعدوه على تدمير قوة العراق .. تلك القوة التى كانت ذخيرة للعرب والمسلمين .

بقلـم : محمـود شنب
mahmoud.sh@islamway.net
mahmoudshanap@hotmail.com


(القدس تبكى يامسلمين)