[حنظله]

من الواضح أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تحافظ عبثاً على انظمة عربية زجاجية لا تقوى على حذف حجر ، فهي انما ادخرتهم لمثل هذا اليوم .. وعندما يحاول أحدهم إما مخلصاً أو تحت الضغط الشعبي أو في لحظة شهامة وصحوة يقظة ، أقول اذا حاول أحدهم أن يصرح بما يخالف "المصالح الأمريكية" لوحت له بقبضة حديدية ، وأرعبته بما يمكن أن تفعله وذكرته بما فعلت فعلاً ببعض القادة المخلصين .
والمصالح الأمريكية التي نتحدث عنها هي كل يتفق مع اسرائيل ويخالف الصاح العربي.
ونحن عندما نرى الرئيس اليمني يترنح - ليس لنشوة قات- ولكن لصفعة أمريكية جعلته يبادر كيفما استطاع بالاعتذار وكسب ود الأسياد على ما بدر منه في لحظة شجاعة عندما صرح بما لا يوافق الهوى الأمريكي. وهذا هو الأمير عبد الله الذي كان أكثر جدية في التفكير بالانفلات من الهيمنة الأمريكية منذ أن تسلم الحكم فعلياً لم يسلم من التهديد الأمريكي العنيف لما أبدى تصلباً حيال ذات الموضوع .
ويبدو أن حال السعودية هذا أفضل بكثير جداً من الكويت والأردن ومصر والمغرب وسوريا . واذا كان منطق الرئيس المصري السير في طريق المفاوضات طوعاً أو كرهاً فإن بقية الدول العربية يمكنها أن تفعل شيئاً ملموساً -اذا ما وجدت هذه الرغبة فعلاً - عن طريق التكاتف والاصرار على قرارات جريئة يطبقها الجميع في القمة المرتقبة ، أن لا أشك بإمكان حدوث هذا ولا أشك أن هناك ما زال في ضمير بعض حكامنا من الكرامة والعزة ما يجعلهم يرفضون الاستسلام الكلي والعار الأبدي نتيجة للأحداث الأخيرة.

وأعتقد أن هذا هو سبب انعقاد قمة شرم الشيخ في هذا الوقت، ولا أدل من هذا انعقادها في مصر في اشارة واضحة للقمة العربية ثم لأنها أحفظ لوجه عرفات والرئيس المصري من عقدها في دولة غربية.

أهداف قمة شرم الشيخ باختصار وهذا رأيي الشخصي:
التخلص من آثار الانتفاضة الأخيرة وطي صفحتها وخنقها والعمل على ضمان عدم عودتها مستقبلاً عن طريق قمع عرفاتي اسرائيلي أكثر تشدداً من ذي قبل.

- العمل على انهاء ملف القدس للأبد باتفاق حاسم ، ولو أن هذا من أصعب ما ستواجهه القمة ،الا أنه يمكن البدأ في جدولة هذا الموضوع ريثما تهدأ الأمور ، ولا أذيع سراً اذا قلت أن عرفات لا يمانع بنفوذ ولو شكلي على أي جزء بسيط من القدس ولكنه يخشى على كرسيه من الشعب اذا ما تجاوز الخط الأدنى المطلوب شعبياً.

- ستملى على عرفات شروط اسرائيلية مهينة ومذلة ، تتعلق بالأمن الاسرائيلي ونزح سلاح فتح وزج رموز المقاومة بالسجون .

- ستكون النتائج ذات وجهين :
النسخة العربية: ستكون انتصاراً للحق الفلسطيني عن طريق تشكيل لجنة -دولية أو أمريكية- للتحقيق بما جرى ، وتنفيذ الانسحاب الاسرائيلي من مداخل المدن الفلسطينية ،اضافة الى ما يمكن أن يحسب في صالح الفلسطينيين من قضية القدس.
النسخة العبرية: تحقيق أقصى المطالب الاسرائيلية وتحميل الفلسطينيين مسؤلية ما حدث وتعهد الجانب الفلسطيني بالحفاظ على أمن وأمان اسرائيل وعدم تكرار ما حدث.والتأكيد على أن القدس الموحدة هي العاصمة الأبدية لاسرائيل.

النسخة الدولية : تم التوصل الى اتفاق سلام شامل وعادل يرضي جميع الأطراف . ابتسامة مصرية وارتياح أمريكي ويا دار ما دخلك شر.

وبعدها يمكن القول للقادة العرب أنه لا يوجد أي داع لتجمعكم ، والأهم من هذا اعتبار رمي الحجر في وجه الجندي الاسرائيلي جريمة من جرائم أمن الدولة الفلسطينية قد تصل عقوبته الى الاعدام.