عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 06-07-2005, 12:26 AM
النسري النسري غير متصل
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الأردن
المشاركات: 2,917
إرسال رسالة عبر ICQ إلى النسري
إفتراضي تابع ( القرآن عزيز مهما فعلوا) :

تابــــع
القرآن عزيز مهما فعلوا

عباد الله، شهد ببلاغة القرآن ومكانته وعلوه القاصي والداني، ولما حاول بعضهم أن يقبل التحدّي بزعمهم في الإتيان فبماذا أتوا؟! قال مسيلمة الكذاب: "يا ضفدع، يا ضفدعين، نِقّي ما تنقّين، نصفك في الماء ونصفك في الطين. الشاة وألوانها، وأعجبها السود وألبانها، والشاة السوداء، واللبن الأبيض، إنه لعجب محض، وقد حرِّم المذق، فما لكم لا تمجعون؟! والمبذرات زرعا، والحاصدات حصدا، والذاريات قمحا، والطاحنات طحنا، والعاجنات عجنا، والخابزات خبزا، والثاردات ثردا، واللاقمات لقما، إهالةً..." إلى آخر الكلام الفارغ بعد قصص الأطفال التي ألفها مسيلمة، ثم تأتي إليه سجاح التي ادعت النبوة ثم تابت بعد ذلك ليقول لها قرآنا نزل عليه: "إنكن معشر النساء خلِقتن أفواجا، وجعلتُن لنا أزواجا، نولجه فيكن إيلاجا..." إلى آخر الكلام من قلة الأدب ليقول: "أرأيتِ إن كنتِ حبلى، وفي بطنك حية تسعى"، وتأتي بعده لتقول: "عليكم باليمامة، ورفوا رفيف الحمامة..." إلى آخر الكلام الفارغ، ليقوم عطارد بن الحاجب مفتضحا بها يقول:

أضحـت نبيّتنـا أنثـى يُطاف بِها وأصبحت أنبيـاء الناس ذكرانا

فلعنـة الله رب النـاس كـلهـم على سجاح ومن بالإفك أغوانا

أعنـي مسيلمة الكذاب لا سُقيت أصداؤه من رعيت حيثمـا كانا

رجعت سجاح عن غيها، وكذلك طليحة الأسدي، وبقي مسيلمة حتى فضحه الله وقتله شر قتلة، وحاولوا وحاولوا بعد ذلك، توالت المحاولات، وعرف الأعداء مكمن قوة هذه الأمة، فجردوا الحملات لأجل القضاء على هذا الدين، وكان قائدهم وهو ذاهب في حملاتهم الصليبية يقول: "أنا ذاهب لسحق الأمة الملعونة لأحارب الديانة الإسلامية، ولأمحو القرآن بكل قوتي"، ولكن ما استطاعوا محوه.

قتل من قتل من المسلمين شهيدا وظلِموا وأخذت ديارهم فترة من الزمن ولكن ما استطاعوا محوه، ولما عوتِب بعض كبرائهم في العصر الحديث: ماذا صنعتم؟! لما استعمرتم البلد الفلاني ما هي النتائج؟! قال: ماذا أصنع إذا كان القرآن أقوى منا؟! وبالرغم من محاولات بعض المستشرقين للطعن في القرآن ووصفه بأنه مملّ ومضطرب ومختلط ومشوّش ويكرّر بلا نهاية ومعقّد، ولكن كل هذه المحاولات ذهبت أدراج الرياح، حاولوا التحريف لفظا ومعنى، ووزعوا مصاحف في هذه السنوات المتأخرة على الجامعات والكليات والمعاهد العلمية في أوربا وأمريكا، ولكن كشِفت محاولاتهم، وكان من أهل الإسلام من لهم بالمرصاد. لقد حاولوا حتى الطعن من خلال الترجمة وهم يفسرون قول الله: الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ [الأعراف:157]، قالوا: نبي العوام، وكشِفت. وامتد جهل الجاهلين وعبث العابثين حتى فسر بعضهم الم: (ALM).

واستمرت هكذا الجهالات تتوالى، وهؤلاء الصوفية يقولون: وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ [الحجر:99] اليقين مرحلة إذا بلغها الإنسان سقت عنه التكاليف، فيقوم لهم أهل السنة والإيمان ليقولوا: إن اليقين بإجماع المفسرين هو الموت، وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ. وهكذا يقوم من يريد أن يحرف القرآن فقول: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً [البقرة:67] عائشة، ونحو ذلك من التراهات، بقرة موسى أين هذا من عائشة رضي الله عنها؟! ويقوم القاديانيون بالتحريف لأنهم يعتقدون أن أحمد القادياني نبي، ويريدون التخلص من قضية أن محمدا عليه الصلاة والسلام خاتم النبيين ليقول قائلهم: وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ [الأحزاب:40] الخاتم يعني الزينة الخاتم في الأصبع. انتبه ـ يا عبد الله ـ للتحريف الذي يريدونه، والنبي عليه الصلاة والسلام فسره وبينه وقال: ((لا نبي بعدي))، فماذا تقول في هذه يا قادياني يا عدو الله؟!

عباد الله، لم تُجدِ المحاولات، وجاء أصحاب العبث الآخر، تارة تحت تيار الإعجاز العددي والرقم 19، وإعجاز المكتشفات والمخترعات ونحو ذلك ليقولوا: إن القرآن مليء بالمكتشفات والمخترعات، ويكون العبث الذي يقول: أشعة (x) نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة، وحدثني من أثق به أنه سمع ذلك المعمّم على طلابه يقول لهم: إن القرآن قد ذكر المكتشفات الحديثة: التلفون، وتعجبتُ ما هذه الآية التي فيها ذكر التلفون؟! ليقول له: عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ عَنْ النَّبَإِ الْعَظِيمِ الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ [النبأ:1-3]: "مُخْ تلِفُون"، فقلت له: لا مخّ له.

عباد الله، هكذا يقولون: تَرَكوك وكُوكَا، فأين الببسي يا غافل يا جاهل؟! ونحو ذلك من الأشياء الترهات التي نسمعها بين الحين والآخر. يخرج علينا مسيلمات في هذا الزمن ويقولون: نقبل التحدي، وقد أصدرنا قرآنا: "المذ"، عجبا! إذا غيَّر حرفا جاء بسورة جديدة؟! "إنا أرسلناك للعالمين مبشر ونذيرا"، طيب نحن نقول ذلك، قال: "تقضي بما يخطر بفكرك وتدبر الأمور تدبيرا"، إذًا و يريد أن يقول: إنه لا يأتي بوحي من الله، بل بما يخطر بفكره، "فمن عمل بما رأيتَ فلنفسه، ومن لم يعمل فلسوف يلقى على يديك جزاء مريرا"، إذًا "من عمل بما رأيتَ" أين هو هذا الكذاب من قول الله: إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا [النساء:105]؟!

عباد الله، هكذا تتوالى الافتراءات، وبعضهم من نصارى العرب الذين درسوا هذا القرآن، وأرادوا بعربيتهم محاولة تقليده بزعمهم: "إنا أعطينا موسى من قبلك من الوصيات عشرة، ونعطيك عشرة أخرى، إذ ختمنا بك الأنبياء وجعلناك عليهم أميرا، فانسخ ما لك أن تنسخ مما أمرناك به ـ قال: ـ سمحنا لك أن تري على قراراتنا تغييرا"، إذًا المسألة الآن تلاعب، فهو ينسخ ما يرى، ويحذف ويبقي وهكذا ما ذكر الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ، القرآن ما فيه مجاملات في تبليغه، وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ [الحاقة:44-46]، يقوله عن عبده ونبيه محمد، لو فعل ذلك لقطعنا عرق القلب والظهر الذي إذا انقطع مات الإنسان، فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ [الحاقة:47]، ولا يستطيع أحد حين ذلك أن يدافع عنه، ولا أن يمنع عقاب الله النازل فيه، ولكنه عليه الصلاة والسلام بلغه بصدق وأمانة، بلغه عليه الصلاة والسلام ولم يكتم منه شيئا، ولو أراد أن يكتم لكتم مثلا: وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ [الأحزاب:37]، لو كان كاتما شيئا لكتم مثلا: عَبَسَ وَتَوَلَّى [عبس:1]، ولكن أداه عليه الصلاة والسلام كاملا، علمه أصحابَه، فعلموه من بعدهم، وهكذا انتقل غضا طريا كما أنزل، إلى ابن مسعود، وإلى من بعده من طلابه، ولا زالت القراءات بالأسانيد في أجيال الأمة إلى الآن، فهنيئا لمن تلقوا القرآن تلقيا مشافهة من هؤلاء الخبراء في القراءة الذين أخذوه بالسند إلى محمد إلى جبريل إلى الله عز وجل. سلسلة عظيمة في أجيال الأمة، لو قام هؤلاء اليهود والنصارى والكفار بتحريف جميع نسخ القرآن المطبوعة فستبقى هنالك نسخ غير قابلة للتحريف، إنها النسخ في صدور مؤمني هذه الأمة، بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ [العنكبوت:49].

اللهم اجعلنا من حملة كتابك يا رب العالمين، اللهم اجعلنا ممن رزقتهم تدبره يا أرحم الراحمين، اللهم اجعلنا من أهلك أهل القرآن، اللهم إنا نسألك أن تشرح به صدورنا، وتنوّر به قلوبنا، وترفع به شاهدنا، وتثقل به يوم الموازين موازيننا، اللهم علمنا منه ما جهلنا، وذكرنا منه ما نُسِّينا، وارزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار يا أرحم الراحمين.

خطبة لفضيلة الشيخ محمد بن صالح المنجد


وسوف نتطرق بإذن الله تعالى إلى بعض معجزات الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم
__________________