الموضوع: جسد بلا روح
عرض مشاركة مفردة
  #69  
قديم 06-04-2004, 09:09 AM
أطياف الأمل أطياف الأمل غير متصل
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2000
الإقامة: على نفحات الأمل
المشاركات: 3,246
إفتراضي

اللحن الأخير!


" لا أقوى أن أودعك فقط سأقول..
أحبك.. "
أودعك.. أحبك.. لا أقوى.. لحنه الأخير؟؟
ما الذي يحصل؟
عندما قرأت رسالته.. ووصلت إلى آخرها.. عندما قال.. يعزف لحنه الأخير.. غشت عيني غشاء رقيق من دموعي.. لم أعي ما بعدها.. لم أفهم ما كتب وراءها.. هل قصد ما قرأت؟ هل قصد الوداع؟ هل سيتركني؟؟ يهجرني ويرحل؟؟
وضعت راحتي على خدي وجمدت في مكاني مصعوقة مقتولة..
وبلا شعور.. دون أدنى حواس.. اخترت ارسال رد للرسالة وأرسلت له..
لا أعلم ماذا كتبت.. أو بم همست.. لم أقرأ ما كتبت.. لأني لم أكن أنا من يكتب.. بل روحي وقلبي اتفقا على الكتابة..فكتبا..
جائتني نورة ضاحكة.. تهمس: بشريني.. ماذا يقول نواف؟؟
التفت إليها وقلت بلا وعي: سيرحل..
فتحت عيناها ذاهلة وقالت: سيرحل؟ إلى أين؟ هل سيسافر؟
صحت: أجل سيرحل و يذهب بعيدا.. يحزم أمتعته ويسافر.. ولكن ليس أي سفر.. سيسافر سفرا نهائيا بعيد عن حياتي..دون العودة اليها أبدا.. سيرحل عني نواف يا نورة..
شهقت نورة وقالت: روز.. وما أدراك؟
وبيد مرتعشه أشرت إلى الجهاز لتقرأ الرسالة..
قرأت نورة الرسالة بينما ظللت أفكر وأفكر.. هل ما قرأته هو الواقع؟ وان كان كذلك فلماذا؟ أريد أن أعرف السبب.. من حقي أن أعرف السبب..
التفتت نورة إلي وقالت: يا حبيبتي يا روز.. ولكن روز.. ربما لا يقصد الوداع.. ربما لا يقصد أنه سيتركك.. قد تكوني فهمت الموضوع بشكل خاطئ..
تنهدت بعمق سالت عبرتي لأجل ذلك وقلت: آه يا نورة.. ليت الأمر كذلك.. ولكني أعرف نواف.. أفهمه أكثر مما أفهم نفسي.. لي معه الآن ما يقارب السنتين.. فهل تعتقدين أني قد أغفل عن قصده أو مراده؟؟ نوره لقد خسرته.. ولن أراه مجددا.. أعلم أنه لن يرد على رسالتي حتى.. فهاهو ودعني.. طبع قبلة الوداع على جبيني ورحل.. وليته لم يفعل.. ليته أطلق رصاصة لقلبي لترديه قتيلا.. بدل أن يقبله ويرحل..
اقتربت مني نورة.. وضعت رأسي على صدرها.. إلا أن دموعي جفت.. أبت أن تنزل.. فحزني وألمي أكبر من أن تعبر عنه الدموع..
وبعد برهه.. نهضت من مكاني..أخذت حجابي.. نظرت إلي نورة باستغراب أي ماذا تفعلين؟
قلت لها: سأنزل.. هل تأتين؟
- روز لا تذهبي للأسفل وأنت بهذه الحالة..
- أرجوك يا نورة.. أتوسل إليك.. دعيني أنزل الآن.. إن بقيت هنا سأنهار.. وأنا لا أريد ذلك..
- حسنا يا أختي.. المهم ما تريدينه..
- ما أريده هو أن أعرف لماذا؟ لماذا هذا القرار المفاجئ.. ماذا فعلت له أنا؟ هل أخطأت بحقه؟ هل جرحته؟ ماذا فعلت؟
- لا تشغلي بالك يا أختي.. ستعلمين قريبا بإذن الله...سيرسل لك ويشرح لك كل الأمور..
- أتمنى هذا يا نورة.. أتمنى..
ابتسمت لي فاغتصبت الإبتسامة لأجلها.. فتحت الباب.. اتجهت ونورة إلى الأسفل..
* * * *
كان وجهي جامدا رغم الابتسامة المرسومة عليه.. وكأني لوحة معروضة في واجة أحد المحلات.. ترتسم الابتسامة على ملامحها رغم كونها جامدة.. لاروح ولا حياة فيها.. لا نبض.. لا قلب.. ولكن.. ابتسامة صفراء باردة..
رآني أحمد فأتي راكضا وحضنني.. قال: روز.. أنا أحبك..
استغربت لقوله فقلت: وأنا أيضا يا حبيبي.. ولكن لماذا تقول لي أنك تحبني؟ أنا أعلم أنك تفعل..
تخلص من ذراعي.. فكر قليلا ثم هز ذراعيه وقال: لا أدري.. أيزعجك هذا؟
سحبته مجددا وضممته بقوة وقلت: أبدا يا حبيبي أبدا.. قل ما تريد ووقت ما تريد..
قال لي: روز.. أنا رجل.. لا تضميني هكذا كأني طفل..
ضحك الجميع الذين كانوا يستمعون إلى محادثتنا الصغيرة وقالت أمي: كم تبلغ من العمر يا رجل؟
قال: احدى عشر مليون سنة وربع..
قال فهد: وما فائدة هذا الربع يا أحمد؟
التفت أحمد إليه وقال بحنق: أيها الغبي.. ألا تعلم أن الربع أكبر من الصفر؟
- بلى أعرف..
- إذا الاحدى عشر وربع أكبر من الإحدى عشر.. أليس كذلك؟؟
ضحك فهد بعمق وقال لأحمد: غلبتني أيها الصغير!!
قالت أمي: أحمد..اعتذر لفهد..
- ولماذا أعتذر له؟ ما الذي فعلته؟
- أليس من العيب أن نخاطب الكبار بهذه الطريقة؟ هيا اعتذر من أخيك..
تدخل فهد وقال: لا داعي يا أمي..
- بلى يا بني.. يجب أن يعتاد الاعتذار إذا أخطأ في حق احد.. هيا يا أحمد.. اعتذر له..
تأفف أحمد وقال: أنا آسف يا فهد..
ابتسم له فهد وقال: لا عليك يا رجل..
سألت نورة أحمد: أحمد.. متى تنوي الذهاب للمدرسة؟ أنت الآن في السادسه من عمرك.. ويجب أن تذهب للمدرسة..
فتح عينيه بذهول وقال: المدرسه؟
- أجل المدرسه وما بالك هكذا؟
وبنفس اللكنة الذاهلة قال: ولماذا أذهب للمدرسة؟
- تذهب للمدرسة يا أستاذ فهمان لتتعلم..
- ألست أتعلم في البيت؟ ألا تعلمني أمي الأدب؟ والأخت روز ألا تقتلني بالدروس؟ وكأنها تطبق ما درسته في الجامعة؟
قلت ضاحكة: أنا يا أحمد؟؟
نظر إلي بنصف عين وقال: أجل أنت.. ومن يمارس علي دور المدرس القاسي غيرك؟
قالت أمي: لا نفعل ذلك إلا لمصلحتك.. وبإذن الله ستدخل المدرسة في السنة المقبلة..
صاح أحمد: يا قوم.. افهموني.. حسوا بما بي.. أنا لا أريد أن أذهب إلى المدرسة.. التعليم ليس بإجباري يا اخوان!!
قال فهد: ولكن يا أحمد.. ستصبح بلا قيمة إن لم تتعلم..
قال بتحد: أنا أريد أن أصبح عامل من عمال التنظيف.. ولا أعتقد أن هذه الوظيفة تحتاج إلى تعلم!! ولا تحاولوا أن تثنوني عن رأيي..
ضحكنا جميعا بعمق حتى كادت تدمع أعيينا..وأنا أيضا ضحكت.. وكأني بضحكي أهرب من واقعي المر..أهرب من دموعي..ولكن إلام يطول الهرب؟نظرت إلي نورة مطولا وهمست لنفسها:
- آه يا أختي.. تضحكين وتتكلمين وكأنك بأروع حالاتك.. كم أنت قوية يا روز.. ليت لدي نصف قوتك.. أي نصف أريد؟ لو كان لدي ربعها لكنت طرت فرحا.. أراح الله قلبك يا أختي.. أراح الله ذلك القلب الذي يعتصر ألما.. ذلك القلب الذي تعصفه الأحزان وتصفعه الآلام.. أراح الله قلبك الكبير المحب..
ضحكنا كلنا على قصص أحمد وأحاديثه المضحكه.. إلا فيصل.. لم يضحك.. بل لم يشاركنا الحديث.. كان صامتا واجما.. لا يتحدث ولا يهمس.. عيناه سارحه وكأنه يفكر بحمل كبير أثقل كاهله وعذبه..
ولكنه علم بما أفكر فاستطرد قائلا: نورة.. هل لك أن تساعديني في أمر في الكمبيوتر؟
نظرت إليه بذهول وقالت: أنا؟ وما أدراني أنا بالكمبيوتر؟؟ خذ معك روز!
وقف قلبي عندما قالت ذلك فنظرت إليها أي اصمتي.. ولكنه قال: لا أريد روز.. أريدك أنت..ثم أ الموضوع لا يحتاج عبقرية.. الموضوع أنك ستملين علي بعض المعلومات وسأكتبها أنا على الجهاز.. لكن إذا كنت لا تعرفين العربية فهذه مشكلة.. ووقتها سأستدعي روز أستاذه العربية..
ضحك بصمت فقالت نورة: أتسخر مني يا فيصل؟ لن آتي..
قلت لها: نورة.. أتتعللين؟ اذهبي.. أم أنك تخافين أن تكتشفي أنك جاهلة بالعربية فلا تسلمي من لساني وفهد طوال عمرك؟؟
- سأريك يا روز.. ما أن أنتهي من عملي مع فيصل..
- حسنا ننتظر..
أمسكت الوسادة وضربتني فيها وقالت لفيصل: هيا تعال وسأريك فنون العربية..
اغتصب ضحكة وقال: سنرى..
ذهبا معا ولحقتهما بعيني.. ترى.. ماذا يريد منها؟ ليس من عادة فيصل أن يطلب مساعدة أحد.. وخصوصا في عمله.. فهل حقا يريدها في عمل؟؟
انتبهت من شرودي على صوت أمي تسألني: روز.. هل أنت معي؟
التفت إليها ببلاهة وقلت: نعم يا أمي؟
قالت: لم تكوني معي فأين كنت؟
- لا لا أنا معك يا أمي.. ولكني سرحت قليلا..
- بم سرحت يا ابنتي؟
- لا شيء يا أماه.. ولكن أخبريني ماذا كنت تقولين؟
- كنت أقول يا صغيرتي هل ستنامين عندي اليوم؟
- آه لا يا أمي.. سأنام في منزلي اليوم وغدا أحضر إلى هنا.. نورة ستنام هنا وفهد في منزلنا.. وغدا ننام كلنا هنا بإذن الله..
- ولم لا تنامين هنا اليوم؟
- لا أدري يا أمي.. لدي بعض الأعمال.. أكملها وغدا سأكون عندك بإذن الله..
- بيتك يا صغيرتي..
سكتت أمي ثم أردفت: روز..
- أجل يا أمي..
- ما بك ؟
- أنا؟
- أجل أنت.. ما بك؟
- لا شيء يا أمي..
- لا تكذبي يا روز.. أحس بقلب الأم أن هناك ما يقلقك.. بل ما يشغلك لدرجة أنك تحاولين أن تتناسيه بالضحك والحديث..
- لا شيء يا أمي.. أبدا..كل مافي الأمر أني بدأت أبحث عن عمل.. وقد قدمت في إحدى المدارس.. وها أنا أنتظر الرد..
هتفت أمي بفرح: حقا يا صغيرتي؟
- أجل.. قدمت إليها قبل يومين أو ثلاثة..
- ولماذا لم تخبريني؟؟ ألست أمك؟؟
- بلى يا أمي لم تقولين هذا؟
- لأني لو لم أسألك ما أخبرتيني..
- آه يا أمي اعذريني.. لقد اعتقدت أني أخبرتك.. أقسم أني لم أقصد عدم إخبارك.. ولكني نسيت..
- معذورة يا ابنتي.. ولكن هل المدرسة قريبة من منزلكم؟؟
- أجل تقريبا.. تبعد مسافة عشر دقائق بالسيارة..
- ليست قريبة جدا ولكنها جيدة..إن شاء الله ستحصلين على الوظيفة.. فأنت طيبة وتستحقين كل الخير..
نهضت من مكاني.. قبلت رأسها وقلت: حفظك الله لي يا ست الحبايب..
عادت أمي وقالت: رغم أن ما قلته أقنعني ولكن ليس تماما.. أحس بأن هناك ما تخفيه عني..
- لا يا عزيزتي.. لا شيء.. فقط هذا الأمر.. صدقيني..
- أصدقك يا حبيبتي.. أصدقك.. فقط سألت لأتأكد..
آه يا أمي.. صدقتي وصدق حدسك.. مابي بحر ألام وأمواج من الحزن.. وبحري لا ساحل له.. وأمواج جزنه عاتية لا تهدأ ولا تستكين.. فأواه يا أمي من حزني أواه.. لكن ما يشغلني الآن.. ويسلب فكري ليس حزني وألمي.. بل فيصل.. ماذا يريد من نورة؟؟
أعلم أن الموضوع لا يتعلق بالعمل.. ولا أي شيء..فيصل يريدها لأمر آخر.. هل حصل أمر بينه وبين جولي؟؟ أجل أين جولي؟ ولماذا لم تنزل إلينا؟ العادة تنزل لتراقب الوضع خوفا من أن أضحك مع فيصل أو أكلمه أو حتى يكلمني.. وأين الصغيرة؟ ليس من العادة أن لا تكون مع فيصل... غريب هو الأمر..
ترى..ما الذي يحصل بين أسوار تلك الغرفة؟


يتبع...
الرد مع إقتباس