عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 08-03-2007, 06:04 AM
الصديق11 الصديق11 غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2007
المشاركات: 199
Arrow لــبــنــان بين كماشتين (( الامريكيه والفرنسيه ))

ثمّة هجمة دبلوماسيّة شرسة، على لبنان، منذ ما يقارب العامين، وهي هجمة تتجاذب قيادتها دولتان مجرمتان،
ترمي كلٌّ منهما إلى فرض الهيمنة، وإحكام القبضة. إنّ أميركا استطاعت، ابتداءً من مؤتمر "الطّائف"،
أن تكفّ يد فرنسا عن لبنان، وصارت هي تتفرّد بإدارته "من وراء حجاب". ولكنّ فرنسا اغتنمت فرصة انهماك أميركا في "المستنقع العراقيّ"،
وراودتها أحلام الأمس المسلوبة. ولا ريب أن القارئ للتّاريخ اللّبنانيّ، منذ عام 1860م الأسود، يدرك كم تذرّعت الدّول الغربيّة بفتن ومجازر،
كانت هي وراءها، حتّى تنـزل جيوشها.

إنّ فرنسا كانت على مدى قرون، ولا تزال، دولة تحارب المسلمين بالنّار والبارود.
ففي سنة 490هـ /1096م، قصد القدس راهب فرنسيّ يدعى "بيير لرميت"، أي بطرس النّاسك، بغرض الحجّ، وعاد إلى وطنه يحرّض النّاس على القتال،
لإزالة ما صوّره ظلماً بحقّ مسيحيّي فلسطين والشّرق. وقد ساعده البابا أوربان على نشر دعوته، فجمع الرّاهب جيشاً عرمرماً،
خرجت مقدّمته بقيادته من فرنسا وعددها 80 ألف مقاتل. لقد كانت الأمّ الحنون فرنسا، محرِّكة الحروب الصّليبيّة، الّتي جعلت بلاداً إسلاميّة،
ولبنان منها، محتلّة قرابة مائتي عام (1096ـ1291).
وفي سنة 1214هـ، وبعد عام على غزوه مصر، وإحداثه الدّمار فيها، هاجم الجنرال الفرنسيّ نابليون بونابرت بلاد الشّام، بجيش من 12 ألف مقاتل،
وما لبث نابليون أن انسحب من هذه البلاد، إذ ضايقه الجزّار، وفتكت الأمراض بجيشه، وقلّت ذخائره ومؤنه.
وكان لفرنسا دور خطير في المحاولات المتتابعة، لاختراق الدّولة العثمانيّة، عبر إثارة النّعرات الطّائفيّة، واجتذاب قيادات الموارنة إليها.
ثمّ إنّ الفتن الدّمويّة بدأت تغزو لبنان، قدوماً من فرنسا، وسائر دول أوروبا، الّتي اتّخذت حقوق الأقلّيّات في الدّولة العثمانيّة، حجّة للتّدخّل.
من ذلك أنّ هذه الدّول ، وعلى رأسها فرنسا وبريطانيا، عارضت تعيين العثمانيّين عمر باشا المعروف بالنّمساويّ، حاكماً على جبل لبنان،
خوفاً على مصالحها الخاصّة في البلاد، وطالبت بإقالته، فرفع عمر باشا عرائض موقَّعة من الأهالي إلى الباب العالي، وإلى قناصل الدّول الأوروبيّة
في بيروت، تؤكّد القبول بحكمه، والولاء للسّلطنة العثمانيّة. لكنّ القناصل طعنوا بصحّة التّواقيع، واحتجّوا بأنّها لا تمثِّل الرّأي العام في الجبل...
وأدّت هذه البلبلة لاحقاً إلى إقالة السّلطنة العثمانيّة، مُذعِنةً، عمر باشا من منصبه سنة 1842م. وبناءً على اقتراح رئيس وزراء النّمسا مترنيخ،
تمّ الاتّفاق بين الباب العالي والدّول الأوروبّيـّّة، على تقسيم جبل لبنان إلى قائمّقاميّتين، يفصل بينهما طريق بيروت – دمشق، وهكذا جاء
التّقسيم الجديد لجبل لبنان، تكريساً للانقسام الطّائفيّ في البلاد. لقد أوقد شرارته التّدخّل الأوروبيّ المشبوه ـ وليس اليوم إلاّ كذلك ـ
ولم يحسن العمل على إطفائه الحكم العثمانيّ آنذاك!
وكان أن اندلعت الحرب الطّائفيّة في الجبل، منذ نيسان 1845م، بين الدّروز والنّصارى. وحاول العثمانيّون تهدئة الأوضاع من خلال
وزير خارجيّتهم شكيب أفندي، الّذي جمع قناصل الدّول في بيروت، وطلب إليهم الكفّ عن التّدخّل في شؤون الجبل، وسحب رعاياهم منه،.
وإزاء تنامي عجز المسؤولين عن لجم تدخّل قناصل الدّول الأوروبيّة، تفجّرت الحرب الأهليّة أشدّ ضراوةً، في أيّار 1860م، فسارعت
فرنسا إلى المبادرة بدعوة الدّول الأوروبيّة بريطانيا والنّمسا وروسيا وبروسيا، إلى مؤتمر تحضره الدّولة العثمانيّة، في باريس،
بتاريخ 3 آب 1860م. ونجم عنه إقرار إرسال حملة عسكريّة أوروبيّة إلى لبنان، بحجّة حماية النصارى، وإعادة الأمن،
ومساعدة المنكوبين، وأُوكِلت المَهَمَّة إلى فرنسا فعليّاً، فأرسلت 6000 جنديّ!

وقد استمرّت الدّول الأوروبيّة في ممارسة ضغوطها على السّلطنة العثمانيّة، حتّى وُلِد الطّفْل المسْخ: دولة لبنان الصّغير، أو ما سمِّي متصرّفيّة جبل لبنان.
وكان لفرنسا أيضاً، دور خطير في إنشاء الجمعيّات الوطنيّة، أو القوميّة، المطالبة بالانفصال عن الدّولة العثمانيّة، أو الانقلاب عليها.
مثال ذلك جمعيّة النّهضة اللّبنانيّة، وكانت سرّيّة، بدأت في لبنان، وأنشأت فروعاً لها في مصر وباريس، وطالبت بإعادة ما "سلخ عن لبنان عند قيام المتصرّفيّة".
ومثال ذلك أيضاً جمعيّة العربيّة الفتاة الّتي أسّسها في باريس، سنة 1911،
جماعة من الطّلاّب العرب "المسلمين"، وبعد عام نقلت نشاطها إلى بيروت فدمشق. والأدهى أن تستضيف باريس سنة 1913 مؤتمراً عرقيّاً،
احتشدت فيه بعض الأطراف العربيّة المشبوهة، وكان من أخطر مقرّرات المؤتمر منْحُ العرب أنفسَهم حقّ الاستعانة بخبراء أوروبيّين،
لإصلاح الإدارة في ولاياتهم الّتي يرجون أن يكون لهم فيها ما يشبه الحكم الذّاتيّ.
ولمّا قامت الحرب العالميّة الأولى،
جرت مباحثات ثنائيّة بين المندوبين: الفرنسيّ جورج بيكو، وكان قنصلاً في بيروت، والبريطانيّ مارك سايكس، وتمّ الاتّفاق في 16 أيّار 1916،
على تقاسم النّفوذ والسّلطة في المنطقة العربيّة، فكان لبنان وسوريا في يد فرنسا!
ومن أبرز الإشارات على أنّ هذا الانتداب كان احتلالاً غاشماً، بامتياز، أن أطلق الجنرال غورو تحذيرات ضمنيّة إلى الّذين يعارضون الانتداب،
في أوّل أيلول 1920، وهو يعلن ماسمّاه دولة لبنان الكبير، وكان في قصر الصّنوبر ببيروت، وسرعان ما بدأ التّنفيذ، ففي تشرين الأوّل 1919،
قامت ثورة صالح العليّ، في جبل العلويّين، واستمرّت ثلاث سنوات، قبل أن يتمكّن الفرنسيّون من إخمادها. وكان واكبها ثورة إبراهيم هنانو، في حلب
وإدلب والمعرّة, وثورة حوران عام 1920.
وفي 24 تمّوز 1920، عبَرَ الفرنسيّون البقاع اللّبنانيّ، إلى دمشق، لإخضاع المناوئين للانتداب، بعد معركة ميسلون، وسحقوا المقاومة.
وكانت حادثة القنيطرة، إذ أطلق أدهم خنجر، ورجاله، النّار على موكب الجنرال غورو. ثمّ لجأ أدهم بعدها، إلى منـزل سلطان باشا الأطرش،
حيث اعتقله الفرنسيّون، وأعدموه في بيروت سنة 1920. وقامت ثورة 1925، وأبرز أسبابها الخلاف بين آل الأطرش، زعماء جبل الدّروز،
والحاكم الفرنسيّ كاربيه، ولا سيّما بعد حادثة أدهم خنجر. وعلى خلفيّة هذه الثّورة، قصف الفرنسيّون لبنان ودمشق، بعنف شديد، بين عامي 1924و1926،
بالمدفعيّة والطّائرات، فسقط في دمشق وحدها آلاف القتلى، وعُلِّق عشرات المجاهدين على أعواد المشانق، في السّاحات العامّة.
ولعلّ ما يوازي الأذى الّذي يلحقه المستعمر بأمّة في أجساد بنيها، وممتلكاتهم، الأذى الّذي يتقصّد قناعاتهم، ويستهدف القضاء على عقيدتهم وهويّتهم،
ويرمي إلى نزع باعث الطّاقة فيهم. نعم، هذا ما عزم الفرنسيّون عليه، حين أرادوا أن يقتلعوا القرآن من خانة التّشريعات، ويفرضوا على المسلمين،
في لبنان وغيره، دستوراً نسجته أهواء الغرب السّقيمة، وإذا بالمستعمر يستقدم من سلّة النّفايات في بلاده أوراقاً عفا عليها الزّمن، وأهملها أهلها،
لقد أحضروا للبنان، عام 1926، دستوراً يستند إلى مسوّدة الجمهوريّة الفرنسيّة الثّالثة الصّادرة عام 1875، أي أنّ على اللّبنانيّين أن يحتكموا
إلى عقليّة فرنسيّة قديمة مضى عليها نصف قرن، وهذا يظهر حرص المستعمر على أن يبقى المنتدَب متخلِّفاً عن المنتدِب، هذا فهمهم ،
أمّا الفهم الصّحيح فأنّ كلّ نتاج البشريّة في حقل التّشريع سيبقى متخلّفاً عن شرع الله الّذي لا يأتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه!؟
يقول الباحث القانونيّ العروف صبحي محمصاني إنّ المجلس التّمثيليّ اللّبنانيّ آنذاك، لم يناقش الدّستور بالقدر الكافي، ووافق بسرعة. ويقول باحث آخر،
هو أنور الخطيب، إنّ هذا الدّستور من صنع الأجنبيّ، ولا يمثّل إرادة الشّعب اللّبنانيّ، بقدر ما يمثّل إرادة واضعيه! ويقول باحث آخر، هو محسن خليل،
إنّه دستور من إنشاء ممثّلي الدّولة المنتدبة الأجنبيّة.
أضف إلى ذلك إدارة الانتداب الفرنسيّ الغاشمة الّتي كذبت، وأخلفت وعودها المعسولة، أو الّتي ظنّ فاقدو البصيرة أنّها معسولة،
ولعلّ في أهل لبنان الآن، من لا يزال يرى أنّها معسولة!
فقد قال الفرنسيّون إنّهم سيجعلون على رأس السّلطة التّنفيذيّة، في لبنان، حاكماً يعيّنه المفوّض السّامي، وقد يكون الحاكم لبنانيّاً،
فقوانين الانتداب لم تحدّد جنسيّته. لكنّ جميع الّذين تعاقبوا على هذا المنصب، حتّى سنة 1926، كانوا فرنسيّين.
وقد منح الفرنسيّون امتيازات واسعة في لبنان، لشركات فرنسيّة، ولا سيّما في قضيّة شركة حصر التّبغ والتّنباك (الرّيجي)، حتّى احتجّ
البطريرك المارونيّ أنطوان عريضة، وانتقد سياسة الانتداب، في عهد رئاسة حبيب باشا السّعد (1934ـ1936).
لكنّ المسلمين، في لبنان، كانوا أكثر وضوحاً في فهم الانتداب، فقد انعقدت مؤتمرات عُرِفتْ بمؤتمرات السّاحل، سنة 1928، ثمّ في آذار 1936،
حضرها مندوبون من كلّ الطّوائف، وكان معظم الحاضرين من السّنّة. واتّخذ المجتمعون مقرّرات، أبرزها المطالبة بإنهاء الانتداب، والسّعي
أوّلاً إلى وحدة مع سوريا، ثمّ إلى وحدة عربيّة شاملة. وطالبت دار الفتوى في آب 1936، بالوحدة مع سوريا، وإجراء استفتاء حول هذه الوحدة،
وحول الوجود الفرنسيّ في لبنان.
على أنّ الزّمن قاد كثيرين من غير المسلمين، إلى إدراك أنّ الفرنسيّ هو مستعمر. فلقد استمرّت مماطلة الفرنسيّ في شأن خروجه، عقوداً.
وبعد نهاية الحرب العالميّة الثّانية، وتحديداً في صيف 1941، زار الجنرال ديغول لبنان، وجدّد الوعد بالاستقلال، ولكنّه قال إنّ القرار مرتبط بفرنسا،
وهي تمنحه في الوقت المناسب، أي بعد أن تتأمّن مصالحها! وظلّ المفوّض السّامي يتنامى نفوذه، ويمارس صلاحيّات واسعة، حتّى صار يشترط
توقيعه على أيّ مرسوم، بجانب توقيع رئيس الجمهوريّة في لبنان، وتوقيع الوزير المختصّ. وكان أن جاء الانتقاد الواضح من بكركي،
مقرّ البطريركيّة المارونيّة، الّتي كان الانتداب يعتبرها من أبرز مؤيّديه. وكان الفرنسيّون لا يريدون الانسحاب، قبل توقيع معاهدة، والحصول على مركز ممتاز،
كما فعل البريطانيّون في العراق ومصر وشرق الأردن. ومن محاولات المماطلة الّتي اتّبعوها، أنّهم استغلّوا فرصة انتخاب النّائب يوسف بك كرم،
ونزوله إلى البرلمان، يوم 27 نيسان 1944، فجرت مظاهرات ووقعت أحداث دامية، سبّبها أنصار الفرنسيّين! على أيّ حال، لم تخرج فرنسا،
إلاّ وقد سلّمت الحكم إلى أطراف تدين لها بالولاء.
وقبيل الحرب الأهليّة في لبنان، ظهرت خيوط تدخّلات فرنسيّة فيه، فقد أعلنت الصّحف صباح 25/4/1974، أنّ الدّولة اللّبنانيّة تحقّق
مع فرنسيّين متّهمين بالتّجسّس، والاشتراك في اغتيال مجموعة إسرائيليّة لقادة المقاومة الفلسطينيّة، ومنهم كامل ناصر، يوم 10/4/1974.
ولعلّ موقف فرنسا المؤيّد لبعض أطراف الصّراع الأهليّ، أدّى إلى تلقّي سفارتها في لبنان تهديداً بالنّسف، الأمر الّذي دفع السّفير إلى تبليغ السّلطة اللّبنانيّة،
ليل 5/7/1975.
ومن قبيل هذا التّدخّل، أنّ وفداً فرنسيّاً التقى أركان الحركة الوطنيّة، والجبهة اللّبنانيّة، يوم 15/1/1982، أيّ قبل الاجتياح الإسرائيليّ بأشهر.
وقد صدر، في 18/9/1982، بيان أميركيّ فرنسيّ إيطاليّ، بعد مجازر صبرا وشاتيلا، يطالب بإرسال مراقبين دوليّين إلى لبنان, وبعد أربعة أيّام
وصلت طلائع قوّات من هذه البلاد.

http://www.alokab.com/politicals/det...id=911_0_8_0_M
الرابط


الصديق11

تتمه .. يتبع
__________________